حبذا لو قاربنا "القضية الفلسطينية" لمرة واحدة وإلى الأبد، بشجاعة وصدق ووضوح، دون تضليل وتزييف ومزايدة ومتاجرة. . هذا هو الأمل الباقي لشعوب المنطقة. للذين يهدمون الآن مدنهم وقراهم فوق رؤوسهم، وللذين يتطاير إليهم شرر الخراب والدمار من الجوار. هو الأمل أن نرفع عن كاهلنا جميعا عبء هذه القضية اللعينة. على العرب أن يثبتوا للعالم أنهم كسائر البشر، شعوب قابلة وراغبة ومحبة للسلام.
حكاية "الدور الريادي لمصر" دودة تلعب منذ ستينات القرن الماضي، في جماجم صفوة مصرية تافهة كقشرة البطيخ، فهم يقصدون الدور التخريبي الذي لعبه الزعيم الخالد عبد الناصر بالمنطقة، وجعل منا محط سخرية وازدراء العالم
. لكن لمصر بالفعل دوراً ريادياً، لعبه السادات بمبادرة السلام، وسار خلفه بعد حين كل الذين رجموه حينها بالأحجار. الآن يلعب السيسي ذات الدور الريادي، ليحتمي خلفه الذين يرون أن السلام هو المهرب لهم من جرائمهم ضد أنفسهم وضد الإنسانية، لكنهم لا يمتكلون شجاعة التقدم للسلام منفردين، كما سبق وأن فعلها الزعيم السادات الخالد بحق وبجدارة
. نعم لا بأس أن يتقدم السيسي رافعاً راية السلام، ليسير في ظله طابور المرتعبين، الذين ندموا على تمويل داعش والقاعدة حين جاء وقت الحساب
!!. . هكذا ستذهب السعودية وأتباعها مستعينين بمصر باتجاه السلام مع إسرائيل، ليقوا أنفسهم شر العقاب الذي سينالهم لدورهم في غزوة 11 سبتمبر 2001
.
رائع أن يقدم السيسي نفسه للعالم ومعه الشعب المصري كصانعي سلام، فرؤية الرجل دوماً في السياسة الخارجية كانت واعية وعقلانية، كما كان رائعاً ومقنعاً في حديثه ودعوته لسلام شامل بالمنطقة. لكن عليه أن يعي أن الطريق غير مفروش بالورود، وأن كلماته الإنسانية الرائعة تكاد لا تعني شيئاً عند كثيرين. فمن المستحيل أن يتوحد الفلسطينيون، وبالأخص على طريق السلام
. كما أن الإسرائيليين ليسوا من السذاجة أو البلاهة، ليصدقوا أن الفلسطينيين المعجونين بالكراهية والعداء والإرهاب يمكن أن يتحولوا يوماً إلى حمائم سلام. فالحقيقة المرة التي علينا الاعتراف بها ومواجهتها، أنه أياً كانت الأسباب التاريخية، فقد تحول الفلسطينيون إلى شعب غير قابل للسلام مدمن للكراهية واللاإنسانية
. أيضاً على السيسي أن يتوقع ازدياد نباح العروبجية عليه، هؤلاء الأشاوس ذوي الحناجر العظيمة والشعارات الديموجاجية الرائعة، والذين يتعيشون طول الوقت بالمتاجرة بشعب بائس منطرح في المخيمات هنا وهناك.
المطروح الحقيقي الممكن الآن ليس فرض السلام على الفلسطينيين، لكن تركهم وشأنهم يجاهدون ويناضلون كيفما يريدون وحدهم، وإلا سيكون ما بادر به السيسي مجرد جولة فاشلة، شأنها شأن عشرات الجولات التي سبقتها
. وربما يرتدع الفلسطينيون ويرضخون للسلام، إذا قامت كل الدول العربية بإقامة علاقات سلام رسمية مع إسرائيل، فعندها سيكون الخيار واضحاً وحاسماً أمامهم، إما أن يلتحقوا صاغرين بموكب السلام، أو يستمروا في التحريض والكراهية وطعن السكاكين وتفجير شبابهم بالأحزمة الناسفة، دون أن يجدوا من أحد دولاراً أو نظرة تعاطف
.
معاً يا سيسي نرفع أغصان الزيتون، ونطلق حمام السلام، براءة من الكراهية والعداء الأبدي
!!
اجمالي القراءات
7043