لطفية سعيد Ýí 2014-07-28
قد استمره نوح عليه السلام ، في دعوة قومه زمنا طويلا ، لم يمل ،ولم ييأس من دعوته لهم ، متبعا في إقناعهم ما وسعه إلى ذلك سبيلا . لكنهم استمروا في عنادهم فاستحقوا الإغراق .. عقابا لعصيانهم وكفرهم وظلمهم، فتعالوا بنا نقرأ معا بداية سورة نوح وقد بدأت الآيات الكريمة بتكليف رب العزة لنوح بإنذار قومه، قبل أن يحق عليهم العذاب :
إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1)
و يأتي تنفيذ نوح عليه السلام لتكليف ربه بإنذار قومه ، وتذكيرهم بعبادة الإله الواحد وان يتقوه..ويطيعوه
َقالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3)
ما ضرورة الطاعة لله الواحد .. ؟ فهي مهمة جدا لغفران الذنوب ، وقت الحساب الذي لا يؤخر :
يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (4)
والآيات التالية تبرز إخلاص نوح عليه السلام في دعوة قومه ، وعدم تقصيره ، و لكن لم يزدهم دعاءه إلا بعدا وفرارا وعصيانا:
قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلاَّ فِرَاراً (6)
وقد بالغوا في البعد عنه عند دعوتهم ، والملل مما يقول وسلكوا بعض الطرق البشرية المعروفة لنا حتى الآن من قفل لآذانهم بأصابعهم ، وحجب لوجوههم بالثياب .. في إصرار وعناد :
وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً(7
وقد نوع نوح عليه السلام في طريقة دعوتهم، وإنذارهم .. فلم يستمر في دعائه على وتيرة واحدة ، حتى لا يصابوا بالملل ، كما بدا من تصرفاتهم السابقة ، (في أنهم يملون سريعا) فقد دعاهم بكل الطرق ،فقد دعاهم جهرا وبصوت عال، وعلانية وفي بعض الأحيان كان يدعوهم سرا ....
(ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً(9
وقد نصحهم أيضا بأن يستغفروا الله سبحانه فهو واسع المغفرة ، وذكرهم بنعمه عليهم من إرسال للامطار، وزينة الحياة الدنيا: من أموال وبنين ، وما تسلزمه الحياة الرغدة من جنات وأنهار:
فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10) يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً (12)
و يتعجب نوح من قومه ومن عنادهم وكفرهم إذ كيف لا يوقرون الله سبحانه مع أنه أسبغ عليهم كل هذه النعم .. فقد خلقهم أطوارا،ويدعوهم للنظر لرؤية بديع خلق الله للسموات السبع ، وما فيهن من قمر وشمس ، منفعة لحياتهم ومعيشتهم ، في نور القمر ليلا، وضوء الشمس نهارا:
مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً (14) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً (16)
ويستمر نوح دون ملل في دعوة قومه إلى الهداية، بسرد حقائق يرونها بأعينهم لا سبيل إلى تكذيبها ، فقد كشف لهم عن علاقتهم بالأرض في أسلوب يقنعهم بسهولة ، فقد أنبتهم الله سبحانه من الأرض مثل النبات ، ثم ستكون مقر عودتهم عند موتهم،وهي مكان إخراجهم مرة أخرى.. وقد جعلها رب العزة مناسبة لمعيشتهم قادرة على استيعاب كل احتياجاتهم فهي مبسوطة ،وبها طرق تتخللها ليسير فيها الناس :
وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنْ الأَرْضِ نَبَاتاً (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً (18
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ بِسَاطاً (19) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً (20)
لكن ومع كل هذا الإقناع ، وكل الأدلة التي لا تقبل الشك ، كان عصيانهم هو الجواب لكل ما قيل، وبدل من اتباعهم لله الخالق .. اتبعوا بشرا مثلهم واغتروا فيما يملكون من مال وولد، وسوف تكون وبالا عليهم و سببا في خسارة أكابرهم وسادتهم
قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَارا21)
وقد مكر قوم نوح وأصروا على ألا يتركوا أصنامهم التي يعبدونها من دون الله :
ً
وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (22) وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (23)
· ثم يصل نوح إلى حقيقة عدم استجابة قومه مهما دعاهم، ولأنهم قد زاد ضلالهم ،لذا يدعو الله أن يزيدهم ضلالا ،لأنهم من اختارهذا المصير، فكان غرقهم وإدخالهم النار نتيجة مباشرة لخطيئاتهم فلم يجدوا لهم أنصارا:
وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدْ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً (24) مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَاراً (25)
و يدعو ربه بإهلاك الكافرين، وتنظيف الأرض منهم، مع بيان سبب طلبه ذلك ، بأن لو ظل منهم أحد ، لكان سببا مباشرا في إضلال المؤمنين ، وسوف يلدوا فاجراأو كافرا :
وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً (27)
وفي نهاية دعاء نوح لربه ،يطلب من ربه أن يغفر له ،ولمن دخل بيته مؤمنا، كما يطلب الغفران لوالديه ،ويعيد نوح عليه السلام الدعاء على الظالمين بالهلاك :
رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدْ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً (28)
وبعد لكل منا مثالا وقدوة يقتدي، ويسير على طريقه ..وصدقا يعد نوح عليه السلام قدوة لكل مصلح أو داعية يرجو ثواب ربه ، لا يمل من رفض قومه ،بل يسلك في إقناعهم ما وسعه إلى ذلك سبيلا ..فقد قام نوح بالرسالة خير قيام، لكن رفض قومه، وعنادهم ،كان السبب في إغراقهم ..فاستحقوا هذه النهاية ..
فهل نقتدي بنوح عليه السلام في إصراره ، وطول صبره ، على أن نجاهد في سبيل وصول الحق القرآني ، فيدمغ كل ما يحيط بنا من باطل ..
بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمْ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18) وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ (19)
ودائما صدق الله العظيم
دعوة للتبرع
تكفيرى: يقولو ن عن الاره ابيين إسم ( تكفير يين ) ، هل...
يتخطفكم الناس: الآية 26 من سورة الأنف ال تتكلم عن ان الناس...
الوهّاب / وهب / يهب: نريد لمحة عن إسم ( الوهّ اب ) فى القرآ ن ...
القاتل والمقتول فى : ما رايك فى حديث اذا التقى المسل مان ...
ضد التعذيب من زمان: من أروع ما قرأته لك هو مقالا ن ضد التعذ يب فى...
more