اللغة العربية على ألسنة المسؤولين:
مهينو لغتنا، لماذا يكرهونها؟
محمد عبد المجيد
Ýí
2014-03-09
لو كنت مكان صاحب الأمر والنهي في مصر لأمرت بمرور أي مسؤول سيُلقي بيانا أو يصدر حُكما تاريخيا أو يفتتح مهرجانا فنيا على لجنة من المتخصصين في الإدارة واللغة والأسلوب وذلك لمعرفة قدرات الرجل قبل أن يؤذي آذاننا وأعيننا!
كان المستشار أحمد رفعت صاحب الحُكم التاريخي بتبرئة علاء وجمال مبارك صاحب اللغة الأكثر انحدارا وانحطاطا وضعفا واعوجاجا وتخلفا حتى حسبته لم يمسك كتابا بعد ...الثانية الابتدائية.
كان رئيس وزراء مرسي الدكتور هشام قنديل صاحب اللغة الهشة والفكر الهزلي واللسان الأعجمي.
كان الرجلان اللذان افتتحا مهرجان الاسكندرية السنوي (2013)للسينما كأنهما لم يمرا على مُدرس لغة عربية منذ الروضة ثم هربا من المدرسة الابتدائية و.. لم يعودا إليها قط.
وأخيرا جاء من يقرأ بيان لجنة تقصّي الحقائق عن فضّ اعتصام رابعة. فوضىَ في الحديث، وبهرجة في الأسلوب، وضوضاء من أحاديث جانبية، وأخطاء لغوية مخجلة، وتاه الرجل في البيان فلم يستطع الخروج منه.
لماذا لا تأمر الدولة بوقف هذا الزحف الفوضوي من لغة المقاهي، وأسلوب الغــُــرز، ومفردات الأزقة، وأحاديث الشوارع، وبيانات الحواري؟
عاتب الجنرال ديجول وزير ماليته، آنئذ، جيسكار ديستان لأنه لم يتحدث الفرنسية مع المستشار الألماني، وقال له: من لا يفتخر بلغته، لا يعتز بوطنه.
وقف الرئيس حافظ الأسد ( رغم اختلافي الشديد معه) ليصحح لمصطفى طلاس وزير الدفاع والشاعر قصيدة ألقاها، فأحرجه الرئيس أمام الجميع.
كنت في ضيافة الأستاذ علي الشاعر وزير الإعلام السعودي السابق في بيته الأنيق بالعاصمة الرياض. وكان يتألم معي لانحدار لغتنا وحكى لي أنه كان يجلس مستمعا لمسؤول سعودي كبير أخطأ في نطق كل كلمة تقريباً، فأمسك جاره في المقعد المجاور بيده وقال له مازحا: أخشى عليك مما تسمعه. وعلي الشاعر مثقف وشاعر وابن شاعر وكاتب وأديب وإعلامي ومستشار سابق للملك.
في مؤتمر لوزراء التعليم العالي في الدول الإسلامية المنعقد بالكويت، استمعت إلى ممثل مصر .. رئيس جامعة حلوان، وكدت أختبيء تحت المقعد، ثم جريت إلى الزميل الإعلامي الكبير رفعت فياض ووزير الصناعة المصري السابق ابراهيم فوزي أسألهما أن يشدا من عزمي، فالفضيحة اللغوية كبيرة. ثم توجهت إلى سفير السنغال وعميد السلك الدبلوماسي في الكويت عبد الأحد إمباكي، وهو صاحب لسان عربي مبين رغم أن لغتــه الأم هي الفرنسية، وصديق عزيز لي. قلت له: سعادة السفير، أعتذر لك باسم كل مصري، فأنت الأفريقي أقرب إليّ من أي مصري يهين لغتنا.
في مؤتمر الإعلام الأفريقي/ العربي بمدينة أصيلة المغربية في 16 يوليو 2011، قلت لوزير الخارجية المغربي السابق محمد بن عيسى: معالي الوزير، لقد جلست استمع إليك وأبحث عن خطأ لغوي واحد ففشلت! ردّ قائلا: كنت أنظر إليك وأعرف أنك تبحث عن خطأ لغوي في لساني، فأخذت حذري.
لغتنا الجميلة، هل تقبلينني عاشقا لكِ؟
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 7 مارس 2014
اجمالي القراءات
12577
تحياتي وأشكركم جزيلا لتطرقكم لهذا الموضوع الذي طالما اتخذ ( طابوها ) محاطا بما تحاط به (الطابوهات). وأنا أتوقع أن لغتنا الجميلة قد سارعت وفتحت لكم ذراعيها مرحبة ومعبرة عن سعادتها .
أما عن الرد لتساؤلكم ( لماذا يهين لغتنا مهينوها ، لاسيما وهم ليسوا كأي غافل بل هم رؤساء ومسؤولون ) ؟ فلعل الرد يكون : تعبيرا منهم عن خوفهم من البحر وجهلهم فن العوم . وأما عن آخر شعر يكونون التفتوا إليه فهو إقرار الراحل حافظ إبراهيم:
أنا البحر في أحشائه الدر كامـــن
فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي