القرآن يقول إن مصر ليست بلاد القبط ,فهل من مكذب؟ ج9
زيف اليهود الأحداث التوراتية العشائرية ,فضخَّموها جغرافيا, فبدلا من منطقة عسير في شبه الجزيرة العربية (مسرح الأحداث الحقيقي) (ويبدو أن الاسم التوراتي (سعير أو جبل سعير)(سفر التكوين 14 :6 ,36 :8 , هو الصيغة السامية القديمة لاسم عسير الحالي بالذات : انظر : د. كمال الصليبي – التوراة جاءت من جزيرة العرب :ص 73- 75 ) .....حولوها إلى إمبراطوريات ودول كبيرة وشعوب هائلة تغطي مساحة سوريا كلها , وأحداث أخرى في بلاد القبط (بلاد النيل), وهي مزاعم لم يؤكدها أي دليل أثري واحد ."ولا يوجد أي ذكر لاسم إسرائيل في أي من النقوش أو الوثائق المرتبطة بفترة الهكسوس , ولا ذِكر لإسرائيل في النقوش المصرية التالية , ولا في الأرشيف المسماري الذي يعود إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد , والذي تم اكتشافه في تل العمارنة في مصر , والذي تصف 400 رسالة فيه بالتفصيل الظروف السكانية والسياسية والاجتماعية في كنعان في ذلك الوقت , وبدأ ظهور الإسرائيليين كمجموعات متميزة في كنعان في نهاية القرن الثالث عشر قبل الميلاد فقط . وليس هناك أي دليل أثري مقبول يثبت حضور الإسرائيليين في مصر مباشرة قبل ذلك الوقت ( المرجع : التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها. ولما كانت شهادة كبار علماء اليهود المتخصصين تفند المزاعم اليهودية الموروثة والسائدة , لذا نرى سوْق رأيهم إذ يقولون: "إن من الصعب جدا تقبل فكرة هروب مجموعة كبيرة من العبيد- يقصد خروج بني إسرائيل- من مصر-يقصدان مصر القبط- عبر التحصينات الحدودية الشديدة إلى الصحراء , وبعد ذلك إلى كنعان أثناء هذا الحضور المصري الهائل . إن مجموعة تحاول الهروب من مصر ضد إرادة ملكها كانت ستتعقب بسهولة ليست فقط بواسطة جيش مصري يطاردها من الدلتا , بل أيضا من قِبل الجنود المصريين المتمركزين في الحصون المصرية في شمال سيناء وفي كنعان ."وما يفند الرأي القائل بأن الوحي نزل على موسى في القسم الغربي من شبه جزيرة سيناء , وأن في هذا القسم تاه بنو إسرائيل , هو أن هذا القسم من شبه الجزيرة كان في عهد الخروج مقاطعة مصرية, فيها جنود مصريون لحماية الموظفين والعمال الذين كانوا يعملون هناك في مناجم النحاس , وقد ورد في البردية القيمة المعروفة ببردية "هاريس" , قصة الهدايا الثمينة التي كان يرسلها فرعون إلى معبد المعبودة (هاتور) في سيناء . فذهاب بني إسرائيل إلى ذلك المكان يعني ذهابهم إلى أرض مصرية أكثر تحصينا من الدلتا وأشد عداء للقبائل الآسيوية المتجولة من أهل الدلتا أنفسهم"المرجع: ويليام ويلكوكس – من جنة عدن إلى عبور نهر الأردن – ترجمة الدكتور محمد الهاشمي– ص 151 - بتصرف . وطبقا للقصة التوراتية , هام بنو إسرائيل في صحراء وجبال شبه جزيرة سيناء وأقاموا المخيمات في أماكن مختلفة لمدة أربعين سنة , وحتى لو كان عدد الهاربين من بني إسرائيل (وهو 650 ألف نسمة بحسب الرواية التوراتية ) مبالغا فيه , فإن النص التوراتي يصف بقاء عدد هائل من الناس أحياء تحت أكثر الظروف الحياتية صعوبة ,لابد أن تظهر هناك البقايا الأثرية لتجوالهم على مدى جيل كامل في سيناء , ولكن ما عدا الحصون المصرية على طول الساحل الشمالي ,لم يتم أبدا التعرف على أي أثر لأي تخييم مميز في سيناء أو لأي إشارة ولو واحدة لاحتلال أي منطقة من صحرائها في عهد رعمسيس الثاني وأسلافه المباشرين , أو خلفائه , وليس هذا ناجما عن نقص في محاولة كشف مثل هذه الآثار, بل إن الاستطلاعات الأثرية المتكررة في كل مناطق شبه جزيرة سيناء بما في ذلك المنطقة الجبلية حول الموقع التقليدي لجبل سيناء وقرب دير القديسة كاترين, لم تؤد إلا إلى نتيجة سلبية فحسب , فليس هناك حتى شقفة فخارية وحيدة , ولا بناء ولا بيت واحد , ولا أثر لمعسكر قديم , وقد يجادل البعض بأنه لا يمكن أن يُتوقع من فرقة صغيرة نسبية من الإسرائيليين التائهين أن يتركوا خلفهم بقايا مادية هامة تبقى عبر القرون , لكن التقنيات الآثارية الحديثة قادرة تماما على اقتفاء آثار حتى أدنى البقايا الضئيلة جدا لمجموعة من الصيادين أو البدو الرعاة في أي بقعة من العالم( المرجع: التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها ). يقول الله تعالى : {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ }52 فأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ{53} إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ{54} وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ{55} وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ{56} فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{57} وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ{58} كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ{59}سورة الشعراء ,وفي سورة الدخان: (كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{25} وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ{26} وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ{27} كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ{28}.
وهو دليل قرآني دامغ على أن خروج بني إسرائيل لم يكن من مصر بلاد النيل , لأنه لم يثبت ولم يزعم زاعم أن بني إسرائيل بعد الخروج تمكنوا من حكم مصر بلاد النيل "فأورثناها "- أي مصر النيل- قوما آخرين . لذا فالمعنى الأوحد هو أن الخروج لم يكن من مصر النيل وإنما من مصر أخرى عاد واستولى عليها فيما بعد بنو إسرائيل بعد خروجهم منها. ويقول الله تعالى: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ }الأعراف137 . انتهى المقال التاسع ويتبعه العاشر بإذن الله . بتصرف من كتابنا ......بين القرآن والتراث - نبيل هلال هلال
اجمالي القراءات
11823