بسم الله الرحمن الرحيم
موضوع البحث
ماهية الجنة التى كان فيها آدم وزوجه؟
(( مقدمة البحث))
لقد ذكر لنا القرآن الكريم بأنه ( أنه) يوجد أنواع مختلفة من الجنان وهما ( وهم) ، جنة الآخرة أو جنة الخلد، وجنة البرزخ ، وجنة الأرض، وسأشرح بالتفصيل ماهية تلك الجنان وطبيعتها التى خلقها الله عليها.
أولاً:جنة الآخرة هى دار النعيم التى أعدها الله لعباده المؤمنين المتقين الذين عملوا الصالحات فى الدنيا يقول الله جل وعلا(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ)(يونس:9)،ويقول أيضاً جل وعلا فى كتابه العزيز(الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ)(الحج:56)،ويقول الله جل وعلا عن المؤمنين المتقين الذين يدخلون الجنة بأنهم هم الفائزون(لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ)(الحشر:20)،ويقول جل وعلا أيضاً عن كل مؤمن متق يدخل الجنة(كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ)(آل عمران :185)،والفائز الذى تتكلم عنه تلك الآية الكريمة هو من يطع الله والرسول،يقول جل وعلا(يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)(الأحزاب:71).
ثانياً:الجنة هى المقر الدائم لعباد الله المتقين المؤمنين الذين عملوا الصالحات فى الدنياولا موت فيها أبداً(أى أنهم خالدين ( خالدون) فيها)، يقول الله جل وعلا (الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)(الأعراف :42)،ويقول الله جل وعلا أيضا ( أيضاً) (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)(يونس :26)،ويقول الله جل وعلا أيضاً(قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاء وَمَصِيرًا)(الفرقان:15).
ثالثاً:قال الله جل وعلا عن الجنة بأن عرضها كعرض السماوات والأرض،وهذا الوصف ليبين لنا جل وعلا مدى اتساع الجنة ومدى حجمها ،قال الله جل وعلا(وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)(آل عمران :133)،ويقول الله جل وعلا أيضاً(سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)(الحديد:21).
رابعاً:أنواع النعيم فى الجنة
يغرض ( يعرض) لنا ربنا عز وجل بعض المشاهد الموجودة فى الجنة من الحرير والإستبرق والذهب والفضة والحور العين والأزواج المطهرة وأنهار العسل وأنهار الخمر وأنهار اللبن،والكئوس التى مزاجها كافور،والمساكن الطيبة فى جنات عدن والغرف التى فوقها غرف مبنية،قال الله جل وعلا عن أنواع النعيم فى الجنة:
1:أصحاب الجنة يحلون بأساور من ذهب ولؤلؤ،قال الله تعالى ( إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ)(الحج:23).
2:الثياب السندس الخضر والإستبرق ( وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا)(الأنسان :15)،ويقول جل وعلا أيضاً(عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا)(الأنسان :21).
3:الحور العين، قال الله تعالى(وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ)(الصافات:48)،وقال الله جل وعلا أيضا ( أيضاً) (كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ)(الدخان:54)،( مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ)(الطور:20).
4:الأزواج المطهرة(وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)(البقرة:25).
5:أنهار العسل وأنهار اللبن وأنهار الخمر(مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ)(محمد:15).
6:وصف شامل لأنواع النعيم الموجود فى الآخرة توصفه ( تصفه) لنا سورة الواقعة،يقول الله عز وجل(وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ،أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ،فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ،ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ،وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ،عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ،مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ،يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ،بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ،لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ،وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ،وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ،وَحُورٌ عِينٌ،كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ،جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ،لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا،إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا،وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ،فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ،وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ،وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ،وَمَاء مَّسْكُوبٍ،لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ ،وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ،إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء،فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا،عُرُبًا أَتْرَابًا،لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ)(الواقعة38:10).
وبالرغم من كل هذه المشاهد المتتعددة ( المتعددة) فى الجنة وألوان النعيم فى الجنة والعذاب فى النار إلا أن الجنة والنار من حيث حقيقتهما وحقيقة مايجرى فيهما وكيفيات النعيم وكيفيات العذاب هما غيب لانعلم به ولايعلم به إلا الله عز وجل..وقصارى مانعلمه بيقين أن الجنة هى دار النعيم وأن النار هى دار العذاب وأن النعيم حق وأن العذاب حق ولكن الكيفيات والتفاصيل غيب.. (،) ولكن من المعروف لنا بأن الجنة هى دار الخلود والنعيم للمتقين ..(،) كما يقول الله عز وجل عن النار بأنها دار الخلد والعذاب للكافرين والمتجبرين يقول الله عز وجل عن ذلك )َفلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ, ذَلِكَ جَزَاء أَعْدَاء اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاء بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ).
وماجاء عن الجنة فى القرآن الكريم أنها من أنهار من لبن وأنهار من عسل وأنهار من خمر هى ضرب مثال مما نعلم فى حياتنا.. (،) يقول ربنا عز وجل فى بداية الآية الكريمة(مثل الجنة التى وعد المتقون)..(،) فالله جل وعلا يضرب مثالاً..(،) وهذا كله تصوير إلهى فى حدود مانفهم وباللغة التى نفهما والمفردات التى نألفها..(،) ونار الآخرة نفس الشئ..(،) ففيها السلسلة السبعون ذراعا ( ذراعاً) التى يوثق بها المجرمون وسرابيل القطران وفيها أيضاً شجرة الزقوم التى تنبت من اصل الجحيم..(،) والكفار يتلاعنون ويختصمون فى النار ويقول ربنا عز وجل(إنه لحق تخاصم أهل النار)ولانعلم فى مفهومنا شجرة تنبت فى النار ولانستطيع أن نتصور بشراً يتكلمون وهم جلوس فى النار..(،) فجنة الله غيب وناره أيضاً غيب.
وإذا دققنا النظر فى كلمة الجنة فى آيات القرآن الكريم سنلاحظ أنها تكررت كثيرا وسنجد أيضا أنها فى كل مرة تقدم لنا شيئاً جديداً ومختلفاً، فهى مرة يقول الله عز وجل عنها أنها جنات وعيون، ومرة أخرى جنات ونهر، ومرة أخرى جنات من نخيل وعنب.
وبعد عرض المشاهد وأنواع النعيم من الحرير والذهب والفضة واللؤلؤ والإستبرق والحور العين، والأزواج المطهرة وأنهار العسل وأنهار الخمر وأنهار الماء وأنهاراللبن والكئوس التى مزاجها كافور، والمساكن الطيبة فى جنات عدن والغرف من فوقها غرف مبنية، بعد كل تلك المشاهد المشوقة والمتتعدة للجنة يفاجئنا القرآن بعوالم أخرى من الأسرار، فيقول الله جل وعلا مشيراً إلى الجانب الغيبى من الجنة(فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(السجدة:17)،وفى مكان آخر يقول عز وجل(فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ)(القمر:55)،وفى مكان ثالث يقول جل وعلا(نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(التحريم:8).
وكل هذه المشاهد أسرار.
ثم يأتى بعد ذلك ربنا جل وعلا بعد أن يضمن كل هذه المشتهيات فى عالم المادة وعالم الغيب يعود فيقول(لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ)(ق:35)،ويقول أيضاً(وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)(التوبة:72).
وما تعج به كتب التفاسير التى تستشهد بالأحاديث الملفقة للنبى محمد عليه الصلاة والسلام لاتمت للحقيقة بصلة لامن قريب ولا من بعيد ولاتغنى ولاتسمن من جوع، فالله جل وعلا يقول فى صريح الآية الكريمة(مثل الجنة التى وعد المتقون)،ويقول جل وعلا أيضا(فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ)،ويقول جل وعلا أيضاً (ولدينا مزيد).
فبعد كل هذه الآيات الكريمة التى تؤكد أن كيفيات النعيم والعذاب كلها فى عالم الغيب نستشهد بالأحاديث الملفقة للنبى محمد عليه السلام والتى تتكلم عن الغيب بالرغم من أن الله عز وجل نفى معرفة الغيب عن النبى محمد صلى الله عليه وسلم فى أكثر من موضع وأكثر من آية(الأنعام:50)(الأعراف :188)(الأحقاف:9).
وبعد كل تلك الآيات الكريمة لأبد أن أعرض للقارئ جزء ( جزءاً) من تفسير بن ( إبن) كثير الذى يتكلم عن كيفيات النعيم فى الجنة مستشهدا ( مستشهداً) بالأحاديث الملفقة للنبى محمد عليه السلام.
يقول بن كثير فى تفسير قول الله تعالى(مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ)(محمد:15)، يقول "مثل الجنة التي وعد المتقون" قال عكرمة "مثل الجنة" أي نعتها "فيها أنهار من ماء غير آسن" قال ابن عباس رضي الله عنهما والحسن وقتادة يعني غر متغير وقال قتادة والضحاك وعطاء الخراساني غير منتن والعرب تقول أسن الماء إذا تغير ريحه وفي حديث مرفوع أورده ابن أبي حاتم غير آسن يعني الصافي الذي لا كدر فيه وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا وكيع عن الأعمش عن عبدالله بن مره عن مسروق قال: قال عبد الله رضي الله عنه أنهار الجنة تفجر من جبل من مسك "وأنهار من لبن لم يتغير طعمه" أي بل في غاية البياض والحلاوة والدسومة وفي حديث مرفوع "لم يخرج من ضروع الماشية" "وأنهار من خمر لذة للشاربين" أي ليست كريهة الطعم والرائحة كخمر الدنيا بل حسنة المنظر والطعم والرائحة والفعل "لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون" "لا يصدعون عنها ولا ينزفون" "بيضاء لذة للشاربين" وفي حديث مرفوع "لم يعصرها الرجال بأقدامهم" "وأنهار من عسل مصفى" أي وهو في غاية الصفاء وحسن اللون والطعم والريح وفي حديث مرفوع "لم يخرج من بطون النحل" وقال الإمام أحمد حدثنا يزيد بن هارون اخبرنا الجريري عن حكيم بن معاوية عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "في الجنة بحر اللبن وبحر الماء وبحر العسل وبحر الخمر ثم تشقق الأنهار منها بعد" ورواه الترمذي في صفة الجنة عن محمد بن يسار عن يزيد بن هارون عن سعيد بن أبي إياس الجريري وقال حسن صحيح قال أبو بكر بن مردويه حدثنا أحمد بن محمد بن عاصم حدثنا عبدالله بن محمد بن النعمان حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا الحارت بن عبيد أبو قدامة الأيادي حدثنا أبو عمران الجوني عن أبي بكر بن عبدالله بن قيس عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "هذه الأنهار تشخب من جنة عدن في جوبة ثم تصدع بعد أنهارا" وفي الصحيح "إذا سألتم الله تعالى فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة وفوقه عرش الرحمن" وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني حدثنا مصعب بن إبراهيم بن حمزة الزبيري وعبدالله بن الصفر السكري قالا حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثنا عبدالرحمن بن المغيرة حدثني عبدالرحمن بن عياش عن دلهم بن الأسود قال دلهم وحدثنيه أيضا أبو الأسود عن عاصم بن لقيط قال إن لقيط بن عامر خرج وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت يا رسول الله فعلى ما نطلع من الجنة؟ قال صلى الله عليه وسلم "على أنهار عسل مصفى وأنهار من خمر ما بها صداع ولا ندامة وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وماء غير آسن وفاكهة لعمر إلهك ما تعلمون وخير من مثله وأزواج مطهرة" قلت يا رسول الله أولنا فيها أزواج مصلحات؟ قال "الصالحات للصالحين تلذونهن مثل لذاتكم في الدنيا ويلذونكم غير أن لا توالد" وقال أبو بكر عبدالله بن محمد بن أبي الدنيا حدثنا يعقوب بن عبيد عن يزيد بن هارون أخبرني الجريري عن معاوية بن قرة عن أبيه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لعلكم تظنون أن أنهار الجنة تجرى في أخدود في الأرض والله إنها لتجري سائحة على وجه الأرض حافاتها قباب اللؤلؤ وطينها المسك الأذفر وقد رواه أبو بكر بن مردويه من حديث مهدي بن حكيم عن يزيد بن هارون به مرفوعا وقوله تعالى "ولهم فيها من كل الثمرات" كقوله عز وجل "يدعون فيها بكل فاكهة آمنين" وقوله تبارك وتعالى "فيهما من كل فاكهة زوجان" وقوله سبحانه وتعالى "ومغفرة من ربهم" أي مع ذلك كله وقوله سبحانه وتعالى "كمن هو خالد في النار" أي أهؤلاء الذين ذكرنا منزلتهم من الجنة كمن هو خالد في النار؟ ليس هؤلاء كهؤلاء وليس من هو في الدرجات كمن هو في الدركات "وسقوا ماء حميما" أي حارا شديد الحر لا يستطاع "فقطع أمعاءهم" أي قطع ما في بطونهم من الأمعاء والأحشاء ـ عياذا بالله تعالى من ذلك) .(تفسير بن كثير).
واترك المجال لعزيزى القارئ لكى يتمعن ويتدبر ويكتشف الفرق بين كتاب الله عز وجل الذى جاء بالحق وأحسن تفسيراً وبين كتب التفسير التى تستشهد بالأحاديث الملفقة لنبى ( للنبى) محمد عليه السلام بالرغم من أن الله تبارك وتعالى ذكر فى أكثر من موضع أن النبى محمد عليه السلام لايعلم الغيب،فتدبر أخى القارئ لكى تعرف الفرق بين القرآن الذى جاء بالحق وأحسن تفسيراً وبين كتب التفسير للأهل السلف.
ويعتقد أكثر المفسرين أيضاً أنه بدخول المؤمنين الفائزين الجنة ينتهى الكفاح ولايوجد عمل للمؤمنين سوى الاستمتاع بالطعام والحور العين ،وعندما نقرأ فى التراث عن كلام أهل السلف بأن أهل الجنة لاشاغل لهم سوى فض الأبكار وأكل الثمار على ضفاف الأنهار..
ولكن عندما نقرأ ونتدبر كتاب الله عز وجل سنجد الحقيقة عكس ذلك تماماً.
يقول الله تبارك وتعالى عن المؤمنين(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(التحريم :8).
فالحقيقة هنا أن أهل الجنة يشعرون أنهم لم يبلغوا الكمال بعد ولم يكتمل نورهم وهم يدعون ربهم قائلين:ربنا أتمم لنا نورنا وأغفر لنا).
والمعنى واضح فى هذه الآية وليس كما يعتقد أهل السلف بأن الحساب أنتهى وأن أهل الجنة قد بلغوا الكمال والرضا والبركة،نعم أنهم قد وصلوا إلى ذلك ولكن مازال هناك سعى وترقى فى المنازل وتكامل فى النور ومازال هناك نقص،لذلك فالنفوس تسأل ربها المغفرة،وتدرك ذلك النقص الذاتى فى نورها وأنه لاخلاص منه إلا بالمغفرة.
وليس صحيحاً مايقوله السلف وأهل التفسير أن حياة أهل الجنة هى فض الأبكار وأكل الثمار على شواطئ الأنهار..الجنة أرفع من ذلك بكثير.
أن الحياة فى الجنة هى معارج من الترقى والصعود إلى الله وهى أمور أعلى وأشرف مما جرى للأهل ( لأهل) النار الذين انتهوا إلى أسفل سافلين.
إذاً هناك أسرار وغيوب لايعلمها إلا الله جل وعلا..(،) وليست الجنة هذا المفهوم السلبى لإنسان كسلان لاعمل له سوى لبس الحرير وفض الأبكار وأكل الثمار على صفاف الأنهار.
الجنة فيها اللذائذ الحسية ولاشك ولكن فيها أيضاً ترقى لآفاق معرفية لانهائية وفيها تكامل وتطهير واستنارة وقربى.
والقربى إلى الله لامكان فيها ولازمان ولاحيث ولا أين وأنما هى اقتراب نهائى من مطلق لانهائى ومن كمال لانهائى.
وهنا العظمة الحقيقية فى موضوع الجنة وهذه هى السعادة الحقيقة.
لقد استقر أهل الجنة فى الجنة وقد استقر أهل النار فى النار..(،) وقد سمع الكل نداء الملائكة..(،) ياأهل الجنة نعيم ولاموت وياأهل النار عذاب ولاموت.
إذا كان أهل الجنة قد استقروا فى الجنة، فما طلب أهل الجنة للمغفرة هنا؟!!..(،) إلا أن يكون إدراكاً للنقص وشوقاً إلى كمال لاسبيل إليه إلا بعون الله ومغفرته.
أن أهل الجنة قد ادركوا أن نورهم ناقص ولم يكتمل بعد فقالوا لربهم(أتتمم ( أتمم) لنا نورنا)(الطلب هنا صريح وواضح).
أن (إن) الكلمات قليلة ولكنها واضحة وكاشفة على أنهم مقبلون على رحلة وأن فى النفوس شوقاً وتطلعات ونقصاً تتمنى أن تتخلص منه وأثقالاً تتمنى أن تخفف عنها وأنها تريد أن تكون سابحة فى الملكوت لتتعرف أكثر وتتنور أكثر،فهل بعد ذلك سعادة؟
أما الذين يسيل لعابهم على بنات الحور وعلى كؤوس الخمر والسلسبيل سيجدون ذلك ولاشك ولكن ستتفتح شهيتهم إلى ماهو أعظم..(،) أن الفاكهة والثمار لن تكون آخر تطلعهم..(،) فالرضى ( فالرضا) ليس له شاطئ أو مستقر والطموح ليس له حدود.
إذا فليذهب أهل السلف وأهل التفسير بتفسيرهم وبكلامهم وبأحاديثهم الملفقة وليتركوا لنا كتاب الله لنتدبره ونقرأه بقلب مفتوح وبصيرةً واعيةً ( بصيرة واعية) ومردنا إلى الله لنعلم من هم أضعف قولاً وأكثر كذباً.
ثانياً:جنة البرزخ
يوجد لبعض القواعد الأساسية استثناءات ( إستثناءات) والشهداء الذين يشهدون على أقوامهم بتبليغ الحق والذين يموتون قتلى فى سبيل الله عز وجل هم استثناء ( إستثناء) من القاعدة الأساسية وهى موضوع البرزخ.
ومفهوم البرزخ من خلال السياق القرآنى هو المكان الذى يجتمع ( تجتمع) فيه الأنفس بعد الموت يقول الله تعالى(حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ،َعَلِّي ( لعلى) أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)(المؤمنون100:99)،والبرزخ معدوم فيه الزمن والشعور بالزمن ونفهم ذلك من خلال قول الله تعالى (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(البقرة:259).
والشهداء الذين ماتوا قتلى فى سبيله عز وجل ينهانا الله تبارك وتعالى أن نقول أنهم موتى،يقول عز وجل(وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ)البقرة:154)،فهم أحياء لأنهم وهبوا حياتهم لله عز وجل فمنحهم الله الحياة الأبدية الخالدة بعد الحياة الدنيا التى فقدوها أبتغاء مرضات ( مرضاة) الله عز وجل.
ولأن حياتهم فى مستوى آخر لأنعرفه ( لا نعرفه) لأنه غيبى بالنسبة لنا فالله تعالى يقول ويؤكد بأنهم أحياء(بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ)،وإن كان ( كنا) لانشعر بهم لأنهم فى مستوى آخر فهم يشعرون بنا،فالله عز وجل يقول (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، َرِحِينَ ( فرحين) بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)(آل عمران170:169)،فالله تبارك وتعالى يؤكد على النهى بأن نحسبهم أمواتاً بل أحياء يتمنون نفس النعيم لرفاقهم فى الحياة الدنيا،أى أنهم يشعرون بهم،ولكى نتأكد أن النعيم الذين يعيشون فيه هو الجنة(جنة البرزخ)نتأكد من ذلك من خلال قصة الرجل المؤمن فى قصة القرية المذكورة فى سورة(يس)يقول الله تعالى(وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ، اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ، وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ، إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ، إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ، قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ، بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ)(يس27:21)أى أنه عندما دخل الجنة قال يا ليت قومى يعلمون أى انه شعر بهم وتمنى لهم الخير،والجنة المذكورة هنا هى جنة البرزخ التى أعدها الله تبارك وتعالى لعباده الشهداء،ومن المعروف هنا أن ذلك الرجل المؤمن فى تلك القصة كان من الشهداء وكوفئ بالجنة من أجل ذلك.
ولكن لم يذكر لنا القرآن شئ ( شيئاً) عن تلك الجنة ولم يذكر لنا ماهيتها ولاأنواع النعيم فيها سوى أنه قال أن الشهداء فيها أحياء ويشعرون ويرزقون ويستبشرون برفقائهم الذين لم يلحقوا بهم، لكن كيفيات النعيم فيها هو غيب الغيب.
ثالثاً:جنة فى الأرض
الحديقة ذات النخل والشجر يسميها القرآن جنة،ولفظ الجنة فى غير موضع من القرآن يراد به بستان فى الأرض .
1:يقول الله تعالى(إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ)(القلم:17).
2:ويقول الله تعالى أيضاً(وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ،أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ)(البقرة266:265).
3:ويذكر لناالقرآن قول الكافرين لنبى (للنبى) محمد عليه السلام(أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا)(الأسراء:91)،( أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا)(الفرقان :8).
4:ويقول الله تعالى(وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا.........إلى قول الله تعالى وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا)(الكهف35:32).
5:ويقول الله تعالى أيضاً(َقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ،فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ)(سبأ16:15)،وقوله تعالى أيضا (كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)(الدخان:25).
ونرجع إلى موضوعنا الأساسى وهو ماهية الجنة التى كان فيها آدم وزوجه؟
أى جنة من كل تلك الجنان كان فيها آدم وزوجه؟
ولكى نعرف ذلك لابد أن نذكر الآيات المحكمة والمتشابهة فى سياق ذلك الموضوع،يقول الله تبارك وتعالى:
1:( َإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ،وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ،قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ،قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ،وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ،وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ،فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ،فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ،قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)(البقرة38:30).
الآيات المتشابهة،يقول تبارك وتعالى:
2:( وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ،فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ،وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ،فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ،قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ،َقالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ،قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ،يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ،َيا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ)(الأعراف27:19).
3:الآيات المتشابهة،يقول تبارك وتعالى:
3:( َلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا،وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى،فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى،إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى،وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى،فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى،فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى،ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى،قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى)(طه123:116).
يتضح لنا من خلال الآيات القرآنية الكريمة أن جنة آدم عليه السلام لم تكن أبداً جنة الخلد التى وعد الله بها عباده المؤمنين المتقين ولذلك ( وذلك) لعدة اسباب هى:
1:لأن الله تبارك وتعال أخبرنا فى كتابه العزيز الذى ينطق بالحق أنه لادخول جنة الآخرة إلا بعد الحياة الدنيا لأنها جزاء للمؤمنين المتقين الذين يعملون الصالحات،يقول عز وجل(قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاء وَمَصِيرًا)(الفرقان :15)،ويقول عز وجل أيضاً(أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(الأحقاف :14).
2:القرآن الكريم لم يقل لنا بأن جنة الآخرة فيها شجرة محرمة على أهلها أو ممنوعة ،يقول عز وجل(لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ)(الزمر:34)،ويقول أيضاً جل وعلا مؤكداً بأن جنة الآخرة ليس فيها ثمار ممنوعة فيقول جل وعلا(وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ،لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ)(الواقعة33:32)،ويقول جل وعلا أيضاً(لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ)(ق:35)،ويقول أيضا جل وعلا عن عطائه(وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ)(هود:108).
3:جنة الآخرة لاخروج منها أبداً فهى دار الخلود للمؤمنين المتفين ( المتقين) ،يقول الله عز وجل(لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللّهِ وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ)(آل عمران:198)،ويقول أيضاً جل وعلا(لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ)(الحجر:48)،فكيف يخرج منها آدم وزوجه عليهما السلام؟؟؟؟؟؟
4:أنه فى العقيدة الأسلامية أن أبليس لايمكن أبداً أن يدخل جنة الآخرة نهائياً،وأن الجنة دار قدس وجزاء للمتقين فلا تقع فيها خطيئة أبداً،فكيف يمكن لأبليس أن يوقع آدم وزوجه فى المعصية؟
5:جنة الخلد لايوجد بها لغو ولاتأثيما ( تأثيم) ،يقول عز وجل عن ذلك(يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ)(الطور:23)،ويقول جل وعلا أيضاً(لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا)(النبأ:35)،ويقول تبارك وتعالى أيضاً(لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا،إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا)(الواقعة26:25)،وأى لغو أشد من الدعوة إلى معصية الله عز وجل،يقول تبارك وتعال عن لغو إبليس(فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ،وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ)،وقال أيضاً عز وجل(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى؟)،اعتقد أنه لايوجد لغواً ( لغو) أكثر من ذلك!!
6:جنة الآخرة ليست محل ( محلاً) للتكليف فهى دار جزاء للمؤمنين المتقين،أما جنة آدم فكان بها تكليف ونهى،يقول تعالى(وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ).
7:خلق الله عز وجل آدم من الأرض وأخرجه منها ،قال تعالى(سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ)(يس:36)،ويقول جل وعلا أيضاً(الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ)السجدة:7)،لذلك قال الله تبارك وتعالى أنه خلق آدم من صلصال من حمأ مسنون أى ان حياة الآنسان ( الإنسان) على الآرض ( الأرض) قائمة على ماتنبت الآرض وهو الطين أو الصلصال،معنى هذا أن آدم عليه السلام خلق من الآرض وبذلك لاتكون جنته الدنيا إلا جنة فى الآرض،يقول جل وعلا (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى)(طه:55).
8:سيقول البعض بأن جنة آدم جاءت معرفة(بال)التعريف وهذا يعنى أنها جنة الخلد أو جنة البرزخ،وأقول بأن تعريف الجنة ليس دليلاً قاطعاً على أنها جنة الخلد فقد قال الله تبارك وتعالى(إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ)(القلم:17)،وهذه جنة فى الارض وجاءت معرفة بال التعريف فليس هذا دليلاً قاطعاً.
وبالجملة نقول أن الأوصاف التى وصفت بها جنة الآخرة لاتنطبق على جنة آدم وزوجه،إذا ماهية جنة آدم عليه السلام؟
أولاً:لابد أن أقول أن الاختلاف فى مسأله جنة آدم عليه السلام لايؤثر فى مسأله العقيدة لامن قريب ولا من بعيد،ولكن هو اجتهاد شخصى قد يخطئ صاحبه (و) قد يصيب ولاأحد معصوم من الخطا والذلل إلا وجه ربنا عز وجل الكريم.
واعتقد أنه من خلال اجتهادى فى الآيات الكريمة أن جنة آدم عليه السلام وزوجه كانت فى الأرض،استنتجت ( إستنتجت) ذلك لعدة أسباب هى:
1:الله سبحانه وتعالى يقول فى أسلوب تقريرى قطعى فى سورة البقرة(إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)،ومراد الآية بأن الله قد أقر بأن يجعل فى الآرض خليفة..(،) فكيف يقول الله عز وجل للملائكة أنى جاعل فى الأرض خليفة ثم يجعله فى جنة فى السماء ثم يأتى إبليس ويكون هو السبب فى خروج آدم من الجنة وينزل إلى الأرض؟؟؟؟؟
الله يقول :أنى جاعل فى الأرض خليفة أى أن الله عز وجل خلق آدم ليكون على الأرض،وخلق آدم من أجل الأرض..(،) فكيف ينسب خروج آدم من الجنة إلى إبليس إذا كان يعقتد البعض أن جنة آدم فى السماء؟
أجلاً أم عاجلاً آدم عليه السلام سيكون فى الأرض وأنه خُلق للأرض سواء تدخل أبليس أم لم يتدخل..(،) لأن الله قال فى الآية المحكمة (أنى جاعل فى الأرض خليفة).
لايعقل أبداً أن نقول أن آدم عليه السلام كان فى السماء أو مكان ما على غير الأرض وأن أبليس كان السبب فى خروجه لأن ذلك يتنافى مع الأية الكريمة التى تقول(أنى (إنى) جاعل فى الأرض خليفة)،فالله قد أقر وكتب أن آدم خلق للأرض سواء تدخل أبليس فى أغواء آدم عليه السلام أم لم يتدخل..(،) وطالما قال الله عز وجل انى جاعل فى الاض خليفة فلابد أن ينفذ أمره(مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ)(ق:29).
2:قول الله تعالى(وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ)،وقوله أيضاً(قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)،وقوله ايضاً(قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ).
هذا دليل على أن الجنة كانت فى الارض وليست فى السماء كما يعتقد البعض..(،) فقوله اهبطوا ليس دليلاً على ان الجنة كانت فى السماء،فالهبوط يأتى على نوعين.
النوع الأول هبوط مكانى ..(،) أى هبوط من اعلى ( أعلى) إلى أسفل..(،) يقال هبط الحجر أى وقع من اعلى إلى أسفل.
والنوع الثانى هبوط مقامى أى من الأفضل إلا الأقل فى الدرجة أو إلى الدون أو الأدون( الأدنى) ،وهذا ماتقصده تلك الآيات الكريمة،والدليل على ذلك قول الله تعالى(وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ)البقرة:61.
والمقصود بالهبوط فى هذه الاية أى من الأفضل إلى الدون،فقوم موسى كانوا يأكلون المن والسلوى الذى ينزل عليهم من السماء وطلبوا من موسى ان ( أن) يدعو ربه أن يخرج لهم مماتنبت الأرض من بصل وعدس وثوم..الخ،فالله عز وجل يقول لهم فى أسلوب استنكارى (قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْر؟ٌ)وبعد ذلك جاء قوله تعالى(اهْبِطُواْ مِصْراً).
فالمقصود بمعنى الهبوط هنا هبوط مقامى وليس هبوط مكانى،أى من الأفضل إلى الدون.(،) أى أن المكان الذى كان ينزل فيه على بنى أسرائيل المن والسلوى كان على الآرض( الأرض) ،ومصر كانت على الأرض إذاً معنى الهبوط هنا هبوط مقامى وليس مكانى،والدليل على انه ( أنه) هبوط مقامى قول الله جل وعلا(وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ)البقرة:61.
3:لم يقل لنا القرآن بان جنة آدم كانت جنة برزخية لامن قريب أو بعيد،والذى يثبت لنا ذلك أن جنة آدم عليها السلام كان فيها حياة وموت بدليل قول الشيطان له(وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ)،وقال أيضاً(،فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى)،فآدم عليه السلام كان يخشى مسألة الموت لذلك سمع كلام أبليس وأكل من الشجرة..(،) أما فى البرزخ تكون الأنفس فيها موتى وهو مرحلة انتقال ( إنتقال) من الدنيا إلى الآخرة ولايوجد استثناء ( إستثناء) فى البرزخ إلا الشهداء الذين يحيون حياة أبدية أى لاموت أبداً.
ثانياً:موضوع عالم البرزخ غيب بالنسبة لنا ولانعرف مكانه ولاماهيته ولانعلم إذا كان موجود ( موجوداً) بالأرض أم لا؟
وأنما الحقيقة المؤكدة التى قالها لنا ربنا تبارك وتعالى إنى جاعل فى الارض خليفة..(،) أى فى الأرض،وإذا هبط من الجنة سيكون هبوط مقامى أى من الأفضل إلى الدون كما قال تعالى(:( َلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا،وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى،فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى،إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى،وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى)،أى أنه ذكر الشقاء إذا خرج آدم وزوجه من الجنة،فحالة أن يبقى آدم وزوجه فى الجنة وهذا(الأفضل)أما كون خروجهما منها فهذاهو(الدون)أو الأدون.
4:أن كلمة( جنة فى القرآن) لايقصد به ( بها) إطلاقاً الجنة فى السماء وكما قلت سابقاً فى صدر البحث أن الحديقة المليئة بالنخل والشجر أو البستان الذى يوجد به زرع وشجر يقصد به جنة كما ذكرت من قبل.
5:إذا كان كما يعتقد البعض أن جنة آدم عليه السلام فى(الآخرة أو فى البرزخ)فمعنى هذا أنه سيوجد اختلاف ( إختلاف) كبير فى مسأله الدارين،بمعنى نحن نعلم بأن الحياة على الأرض هى الدار الدنيا،والبرزح مرحلة انتقال بين الدارين(الأولى والآخرة)،واليوم الذى نحاسب فيه يوم القيامه وأما خلود فى نعيم او (أو) عذاب فى جهنم هو يوم (الآخرة).
والسؤال إذا كان قد أقر الله فى كثير من آياته بأن الدنيا (الحياة على الأرض)هى الحياة الدنيا ،فكيف يخلق آدم ويجعل جنته فى البررزخ ( البرزخ) أوفى جنة المأوى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أقصد بذلك إذا كان الله عز وجل خلق آدم وأسكنه الجنة (فى الآخرة أو فى البرزخ)معنى هذا أن دار الآخرة أو البرزخ هما الدار الأولى وهذا محال على الإطلاق،لأن الدار الأولى كما نعلم هى الحياة الدنيا التى نعيش فيها على الأرض.
أن ( إن) الادلة ( الأدلة) والآيات القرآنية شاهدة بأن آدم خلق للأرض وعاش فى الأرض وسيخرج من الأرض،وبالتالى سنستنتج بان ( بأن) جنته كانت على الأرض.
بعض الدروس المستفادة من تلك الأيات الكريمة التى تتحدث عن موضوع جنة آدم عليه السلام.
1:الآيات الكريمة تؤكد وتبين أن آدم عليه السلام هو منشأ عداوة الشيطان لحسده،ثم أتبع بذكر زوجه لأن عداوته إياها تتبع لعداوته آدم زوجها،وهى حسده إياهما على ماوهبهما الله من علم الأسماء الذى هو عنوان الفكر الموصل للهدى وعنوان التعبير عن الضمير الموصل للإرشاد،وكل ذلك يبطل عمل الشيطان ويشق عليه فى أستهوائهما وإستهواء ذريتهما.
2:قال تعالى(فلا يجرجنكما ( يخرجنكما) من الجنة فتشقى):نهى تحذير عن أن يتسبب إبليس فى خروجهما من الجنة،لأن العدو لايروقه صلاح حال عدوه.وقد قال الله تعالى (فلا يخرجنكما)وقال فى آخر الآية(فتشقى)لأن شقاء أحد الزوجين شقلاء ( شقاء) للآخر لتلازمهما معاً إلى ( إلا) أن شقاء الرجل أصل شقاء المرأة.
3:نهى الله تعالى آدم عليه السلام الأكل من الشجرة،وإثبات العصيان لآدم دون زوجه يدل على ان ( أن) آدم كان قدوة للزوجه_( وليس على العكس كما يقوله بعض السلف ان ( أن) حواء السبب فى خروج آدم من الجنة)_فلما اكل من الشجرة تبعته زوجته..وفى هذا المعنى يقول الله تعالى(ياأيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا).
4:فى الآيات الكريمة يقول الله تعالى(يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ،َيا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ)،فى هذه الآية إشارة إلى أن الشيطان يهتم دائماً بكشف سوأة ابن آدم لأنه يسره أن يراه فى حالة سوء وفظاعة.
5:قوله تعالى( بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ )هذا أول مظهر من مظاهر الحضارة أنشأه الله فى عقلى أصلى البشر،فأنهما ( فإنهما) لما شعرا بسوآتهما بكلا المعنين،عرف بعض جزئياتهما،وهى العورة وحدث فى نفوسهما الشعور بقبح بروزها،فشرعا يخفيانها عن أنظارهما استبشاعاً ( إستبشاعاً) وكراهية،وهذا يدل على ان ( أن) كشف العورة قبيح فى الفطرة،وان ( إن) كان هذا يدل فإنما يدل على انه ( أنه) وهم فطرى متأصل،فلذلك جاء دين الفطرة بتقرير ستر العورة.
6:الكفر دائماً لابد ان ( أن) يكون مصحوبا ًبالتكبر والعناد ويظهر ذلك من خلال أفعال الشيطان(فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)،(قال ربى خلقتنى من نار وخلقته من طين)(؟)،(أأسجد لمن خلقت طينا)،(فبعذتك لأغوينهم اجمعين).
7:إذا كان ( كانت) نفوس الشياطين داعية إلى الشر بالجبلة تعين أن عقل الإنسان منصرف إلى الخير بجبلته،ولكنه معرض لوسوسة الشياطين،فيقع فى شذوذ عن أصل فطرته،وفى هذا مايكون مفتاحاً لمعنى كون الناس يولدون على الفطرة،وكون الأسلام دين الفطرة،وكون الأصل فى الناس الخير،أما كون الوقوع فى الخطأ والعصيان فأن ذلك شذوذ على القاعدة الأساسية وهى الفطرة.
وأختم بحثى بقول الله تعالى(رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ).
(رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).
أنتهى البحث والحمد لله رب العالمين
صلاح النجار
الجنة برأي والله أعلم تختلف كلياً عن جنة الخلد ،هي جنة على الارض . اعدت بشكل استثنائي ليعيش بها آدم مرحلته الاولى ،وكما ذكرت في مقالتك كانت مرحلة التدريب على الحياة الارضية . تدرب وتعلم ، كونه مخلوق ناقص ... سيتعرض في الارض الى مشاكل من نوع أخر ..عليه ، فيها أن يختار مابين الخير والشر ، عليه أن يستخدم قدراته ليستطيع أن يبقى على قيد الحياة ..وهكذا . وتعلم في الجنة الارضية ، أنه إذا وقع في الشر والخطيئة والاثم ، نتيجة وساوس الشيطان ،فانه يستطيع العودةالسريعة الىالله عز وجل تائبا ليعفو عنه .... وهكذا.
المهم في هذا البحث ،هو أن لانتصور أن ادم كان يرى الملائكة.. أو انه رأى إبليس. الحوار كان يتم عبر نقطة مركزية هي الله عز وجل. هو المحاور ،والاجابات كانت تصعد إليه ومنه تعود الاوامر. الملائكة كانت ترى آدم ،وكانت الجن أيضا تراه ،لكنه هو بإمكانياته البشرية كان لايرى هذه المخلوقات. لهذا إبليس وسوس له .ولم يجتمع معه علىطاولة مستديرة ليعلمه بماهية شجرة الخلد .فالقصة كانت تدور مابين الارض والسماء. لهذا أعتقد أن جنة آدم كانت على الارض
لا ادري في الحقيقة أين أخطات ،فتعليقي هذا يخص الأخ خالد الحسن . وعلى كل حال الموضوع واحد ،وسوف اقرأ مقالتكم واعلق عليها إن شاء الله.
السلام عليكم
إن تكليفي بالبحث ليس أني عالم بهذا الامر فقواعد هذه القاعة ( قاعة البحث القرآني ) هو التكليف , أي أن الدكتور أحمد هو من يجبر الطلاب على المواضيع فلا يكون للطلبة إختيار وهذا رائع لأنهم يضعون مالديهم ويستزيدوا من التعليقات ومن الاخوة الآخرين .
أنا شخصيا لا أحب الدخول في الغيبيات , أنا أؤمن مباشرة لأن كل التفسيرات هي نظرية وليست يقينية , فمهما وصلت درجة الاثبات والتأويل فلا يصل الى اليقين و لا يعلم تأويله إلا الله ,
أنا وضعت كل ما أعرف في البحث ثم بدأت بالتساؤلات التي تزيدني بهذا الموضوع .
أما تفسيراتك يا أخ قوطرش فهي أيضا ظنية وتأويلية ولكن ليست يقينية , ولكنها بالطبع أقرب للصدق لأنه تتبع القرآن اليقيني وتبقى المسألة معلقة وتقترب للحق وبر الأمان كلما تتدبرنا القرآن وسرنا خلفه .
يبقى يوم واحد لبحث صلاح النجار ، ثم سيحل محله ـ غدا إن شاء الله جل وعلا ـ بحث الاستاذ يوسف المصرى عن ( لفظة محمد فى القرآن الكريم ) .
أرجو أهل القرآن النظر فى بحث صلاح النجار اليوم قبيل رفعه.
وكل عام وانتم بخير
أحمد
ملاحظات على بحث (ماهية جنة آدم)
الأستاذان الكريمان – صلاح النجار –و- خالد حسن – احييكما على على بحثكما القيم عن (ماهية جنة آدم ) .وإن كنت أرى أن تعقيبات الأستاذ –خالد حسن – اقوى من بحثه المختصر هذا عن هذا الموضوع .. وعلى الجانب الآخر – تحسن ملحوظ وتقدم فى إسلوب الأستاذ صلاح النجار البحثى عن ذى قبل .(وهذا لا يقلل من جهدكما .وإنما هى ملاحظة أخ لإخويه الكريمين ) .—ولندخل فى الموضوع .
بداية هناك بعض الملاحظات التى نريد ان نناقشها سريعا حول بحثكما .
1- فى الحديث عن ماهية الشيطان . فمن خلال تتبعى للأيات القرآنية الكريمة عن الملائكة والشيطان ،فهمت منها أن الشيطان كان من الملائكة واصبح من الجن بعد أن عصى أمر ربه جل جلاله فى السجود لآدم ، ولا يعنى أنه خًلق من النار أنه ليس من الملائكة ،لأننا لا نعلم ماهية خلق الملائكة ،هل خلقن من النار أم من غيرها ؟ إذن فخلق الشيطان من النار ليس دليلا على أنه من الملائكة. هذا من ناحية ، ومن ناحية آخرى فإن قول الله تعالى (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [البقرة : 34] لديليل كاف على أن أمر الله كان للملائكة وحدهم بالسجود لآدم ،وأن إبليس كان من الملائكة , وعلى أنه لم تأتى ولا مرة واحدة أن كان أمر الله بالسجود لآدم للملائكة ومن حولهم من المخلوقات الآخرى ..أما عن قوله تعالى (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً [الكهف : 50].فهى تتشابه فى معناها فى أنه (أى إبليس) اصبح أو صار من الجن فى كلمة كان (أى ان كلمة كان هنا تعنى اصبح ، مثل قوله تعالى فى آية الصيام (أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة : 184]. أى من اصبح منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر. فإذن إبليس كان من الملائكة ،وبعد أن عصى أمر ربه فى السجود لآدم أصبح من الجن .
2—فى الحديث عن جنة الخلد ودار المقامة (جنة الآخرة) فمن وجهة نظرى نومن فهمى لآيات القرآن الكريم المتحدثة عنها ،انها لم تخلق بعد ،أو على الأقل انها لم تفتح أبوابها بعد لآى من خلق الله ...إذن فليست هى جنة آدم عليه السلام ،اى ليست هى الجنة التى سكنها آدم وزوجه عليهما السلام قبل أن يهبطا إلى الأرض لإعمارها.
3--- ومن تتبعى لأيات القرآن الكريم عن الآرض وما فيها وما فوقها ،فلم أجد فيها ما يدل عن أن جنة أدم عليه السلام كانت على ظهر الكوكب الأرضى .
4- من تتبعى أيضا لآيات القرآن الكريم عن آدم وزوجه عليه السلام قبل هبوطهما إلى الأرض ،وجدت أنهما كانا فى جنة المأوى التى أعدها الله لهما ،ولمن يقتل فى سبيل الله من بعدهما الذين قال الله عنهما (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران : 169]..وهى جنة خاصة تعتبر برزخا للفترة التى بين الموت وقيام الساعة والنشر والبعث والحساب .
5—إذا وخلاصة للقول .نقول أن ما هية جنة آدم عليه السلام تختلف عن جنة الخلد ودار المقامة ،وأنها ليست على الكوكب الأرضى ،ولم تكن يوما ما عليه وانها جنة خاصة خلقت خصيصا لهذا الغرض ،ولتكن موطنا لأنفس الذين يقتلون فى سبيل الله يتنعمون فيها حتى تقوم الساعة ،وانها ما بين السماوات والأرض ....
--كانت هذه وجهة نظرى المختصرة عن بحثكما القيم ،وتبقى التفاصيل فى ثنايا الأبحاث الخاصة المنفصلة عن الموضوعات ذات الصلة ببحثكما ..
أستاذى العزيز زهير قوطرش
بعد التحية
أشكر سيادتك شكرا جزيلا لتعليقك على البحث وكل عام وانتم بخير
وآسف على التأخير فى الرد ولذلك بسبب ظروف مرضيه منعتنى من متابعته الموقع
صلاح
أخى العزيز خالد حسن
أشكرك على مرورك الكريم
وكل عام وانتم بخير ومعذرة على التأخير فى الرد
أخوك صلاح
أشكرك شكرا جزيلا على مداخلتك الرائعة
وكل عام وانتم بخير
أخوك صلاح
الأخ العزيز الدكتور عثمان محمد على
أشكرك على مداخلتك وكل عام وانتم بخير
صلاح
بحث أيمن اللمع عن لفظ محمد فى القرآن
إعلان إفتتاح قاعة البحث القرآنى
فقه الهداية ـ صلاح النجار
بحث ناصر العبد (هل يغفر الله تعالى لمن
حث يوسف المصرى ( لفظ محمد فى القرآن )
دعوة للتبرع
أولى به : ما معنى أولى بشىء . هذا جاء فى القرآ ن ان النبى...
الجحش الشيعى : ساعطي ك ايه قراني ه تثبت امامه امير...
الزانية والسارق : لماذا تقدمت ( الزان ية ) عن الزان ى فى قوله جل...
شكرا لك: دائما الحمد لله رب العال مين السلا م عليكم...
القيم العليا و الدين: هلى يمكن للانس ان ان يصل الى حقيقه العدل او...
more
اشكر الأخ خالد حسين على بحثه القيم هذا ،واشكره على المحاور التي عالجها .وباعتقادي أن ما ذكرت في البداية والنهاية، بان سياق الايات المذكورة التي تحكي لنا قصة الخلق هي من الغيبيات وأؤكد على قولك" فهذه الآيات والكلمات التي تتكلم عن الغيبيات تكون بمعنى المجاز ليتقبلها العقل البشري ،فهي ليست وصفاً حرفياً لتلك الغيبيات" . لكن قصة الخلق وما ذهبت إليه في مقالتك ، وأردت من ذلك ،البحث عن جواب لسؤال هام . أين كانت جنة أدم . هل هي في السماء ،أم في الارض أم بينهما؟ وحاولت من خلال الآيات الكريمة التوصل الى جواب مقارب. وكوني قرأت لك التعليق على الأخ سنان. فعندها استطعت أن أدرك أنك في حيرة من امرك ،وأنك تطرح الاسئلة التي لم تستطع الاجابة عليها من خلال البحث بشكل مفصل ، لهذا سأنقد دراستك من خلال اسئلتك هذه .ولا يعني نقدي استخفاف بالبحث أبدا .كلنا يحاول ،وكلنا يجاهد لكي يتعلم.
سؤالك الاول : إذا كان هناك بشر قبل أدم ،فما فائدة وجود الايات التي تبين خلق أدم ؟
براي والله اعلم ،أنه كانت هناك مخلوقات بشرية قبل آدم ،وسكنت الارض ،وكانت لاتتمتع بمواصفات الانسان العاقل ،المخير القادر على التطور .وإلا ما معنى تأكيد الملائكة في اجابتهم على ما قاله لهم الله عز وجل ،أني جاعل في الارض خليفة . ردهم كان اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء. من أين لهم هذا العلم ،إلا بالمشاهدة .على الارض حيث عاشت قبل آدم مخلوقات بشرية ،وحيوانات، ونباتات ،وتقريباً كل شيء كا نت معدة ومسخرة لاستقبال هذا الانسان. اما ما معنى وجود الآيات التي تبين لنا خلق آدم . نعم معك كل الحق في هذا التساؤل . فالله عز وجل عندما أراد أن يخبرنا عن خلق آدم ..ذكر لنا خلقه كونه بشراً ...من طين ... وتسلل الخلق خلال مدة زمنية طويلة بمقياسنا البشري ،الى أن وصل الى مرحلة نفخ الروح ،حيث اكتملت الصورة الانسانية .وأقول اكتملت الصفة الانسانية ايضاً والتي فيها من صفات الخالق ،لأنه مخلوق متفرد بصفاته .كامل ،ليس بكمال الخالق ولكن بالمقارنة مع بقية المخلوقات . له صفة الخلق ، كما ههي صفة الخالق الذي يخلق من لا شيء فهو يخلق من الشيء. الانسان هذا قادر على التجريد ،وقادر على أن يعمر الارض بقدراته التي أودعها الخلق فيه . لهذا امر الله ابليس بالسجود لآدم ،كونه أطلق عليه خليفة على الارض .وعلى مابيدوا أن أبليس كان ومازال هو وجنده يعيشون على الارض. واعتراض إبليس على جعل الانسان خليفة كون هذا الانسان خلق من البداية مكرما عند الله . لم يعترض ابليس على المخلوقات البشرية لأنها لم تكن على هذه الصفات الانسانية العالية ،وكان إبليس أكثر منها رقياً وكمالاً والله أعلم. وكونها أيضاً لايمكن لها أن تلعب دور الخليفة على الارض