اللهم (إجعله خير ).!:
صفحة من كتاب ( ألف نيلة ونيلة )

آحمد صبحي منصور Ýí 2013-09-03


 

 أولا : ( ولما كانت الليلة السابعة والسبعون بعد المائة السابعة ، أقبلت شهرزاد، فى نفس الميعاد ، وبحُسنها المعتاد ، فاستقبلها الملك شهريار ، بإعجاب وإنبهار ، وطلب منها بكل إصرار ، تكملة قصة ملك مصر ، إعجوبة كل عصر ، السلطان العتيد ، العنيد ، الحائر بين التوريث والتمديد ، الملك الهالك محمد حسنى مبارك . وتنهدت شهرزاد بكل حسرة ، وهى تحكى ما حلّ بمصر فى هذه الفترة .

قالت شهرزاد : بلغنى ايها الملك السعيد ، ذو الرأى الرشيد ، والعمر المديد ، أن ذلك الملك العنيد ، قد حكم مصر ثلاثين عاما أو يزيد . ثم وصل فى نهاية عمره ، الى الحيرة فى أمره .  بين التوريث لابنه المترف الرعديد ، أو التمديد ، لحكمه الفاسد التليد . وكان الشعب يئن من القهر والتعذيب ، بفعل كبير البصاصين  العادلى حبيب . وكانت أخبار الفساد تنتشر فى كل البلاد ، وتصل لكل العباد . وكان الجيش بقيادة طنطاوى وعنان ، وعمر سليمان ،  يواجه خطر الاخوان . ثم برزت حركة ( كفاية ) ، لتعلن للسلطان أنه ( كفاية ) . ولم يتعظ السلطان المخبول ، وصمم على منعهم من النزول . ثم جاء قتل الشاب خالد سعيد ، ليقضى على مشروع التوريث والتمديد ، فانفجر السّخط الشديد ، وعزم المصريون على المواجهة بعزم شديد .  وإنطلقت المظاهرات السلمية ، فى كل المدن والقرى المصرية ، وبصورة كاسحة قوية ، وعارمة ومدوية ، فعجز السفاح وزير الداخلية ، عن وقفها بكل أساليبه الوحشية .فأيقن رءوس العسكر أنه لا حلّ هنالك ، إلا بعزل الهالك ، محمد حسنى مبارك . خصوصا وقد دخل الاخوان ، الى الميدان . وانضموا للثورة ، طمعا فى السلطة والثروة . والاخوان هم أعدى أعداء العسكر ، وهم لهم الخصم الأكبر . فالصراع قائم ، ودائم . بين العمامة والكاب ، أو الميرى والجلباب . وهدّد الاخوان ، اللواء عمر سليمان ، بحرق مصر وكل السكان . وبذبح المسيحيين ، للوصول الى التمكين ، وعرش مصر المكين . وتفاديا لتهديد الاخوان ، إضطر العسكر وعمر سليمان .  لخلع الهالك ، حسنى مبارك ، ووضع عمر سليمان خطة للتخلص من الاخوان . وشاركه فيها مساعده الرئيسى، اللواء السيسى .

كانت خطة شديدة التعقيد، للخلاص من خطر الاخوان الشديد . قوّة الاخوان أنهم يتمتعون بعطف الملايين ، من عموم المصريين  . إذ يظهر الاخوان دائما بمظهر الضحية ، الذين عانوا من القوانين العرفية ، والأحكام القاسية الاستثنائية ، وتاجروا بقصص درامية عاطفية ، عن تعذيبهم فى السجون المصرية ، وبعضها مصنوع بمهارة وحرفية ، وأشاعوا أنهم أصحاب الهمم العلية ، والاستقامة الفردية ، والقادرون على تطبيق الشريعة الاسلامية . وأنهم لو تولّوا حكم مصر ، فسيجعلونها جوهرة العصر . وزعيمة للعالم الاسلامى ، القاصى منه والدانى . وأن حكمهم سيجلب الرخاء ، وستهبط لهم البركات من السماء . وسينعم بها كل العباد ، فى كل القرى والبلاد .  من الاسكندرية الى إسوان، ومن رفح الى حدود السودان.  ومن حلايب وشلاتين ، الى العلمين وراس التين ، وصدقهم معظم  المصريين ، الغلابة المساكين . والواقع إنهم محترفو نصب وإحتيال ، وهم فى فنون الكذب عال العال ،  ولكن الحقيقة أغرب من الخيال ، فليس كل من ركب الخيل خيال ، ونجاحهم فى حكم مصر من المُحال . فمصر دولة عتيقة ، وعريقة ، وعميقة ، واصبحت على شفا المهالك ، بسبب فساد الهالك ، حسنى مبارك ، فكيف يقوم بحلها شيوخ السلفية والاخوان ، وهم لا يعرفون سوى فى الكذب والبهتان ؟ هم فى حقيقة الأمر ، يجهلون فى كل أمر . فقد أنفقوا ثمانين من السنين ، فى التآمر للوصول الى التمكين . ، دون أن يفكروا فى كيفية حكم مصر ، وفقا لمستجدات العصر . إذ لا يصلح هنا فقه ابن تيميه ولا آراء ابن القيم الجوزية . رأى عمر سليمان  إن القضاء على الاخوان ليس بالسجون والتعذيب ، كما كان يفعل العادلى حبيب ، بل بتمكينهم من حكم مصر لفترة قصيرة ، لفضحهم فى كل حارة وجيرة ، حتى يعرف الناس جهلهم ،وحمقهم ، وغباءهم ، وفسادهم . وبهذا يضيع كل ما أذاعوه ، وكل ما أشاعوه . عن أنفسهم من أخلاق وكرامات ، وأساطير وخرافات ، وأقاصيص وخزعبلات . بوصولهم الى الحكم والتمكين سينفضحون أمام ملايين المصريين ، لأنهم سيفشلون بالتأكيد ، وسيعود العسكر للحكم من جديد ، بتأييد الملايين ، من الشعب المصرى المسكين ، وعندها تنتهى الى الأبد اسطورة الاخوان . وهذه خطة عمر سليمان ، ومعه مساعده الرئيسى ، اللواء السيسى .

وكان لا بد من تنفيذ خطة عمر سليمان ، بكل دقة وإتقان ، ولحمايته من تقلبات الزمان ، وإنتقام الاخوان ، إختفى عمر سليمان عن الأنظار ، والأبصار .  وأشاعوا أنه لاقته المنية ، فى تفجير هائل فى سورية ، ونشروا صورة له مقتولا فى حالة مزرية ، بينما هو فى مكان أمين ، بعيد عن الناظرين ، والأعداء المتربصين ،  يتابع تنفيذ الخطة ، بكل ما عُرف عنه من دقة.  

وفعلا ، أصبح الاخوانى محمد مرسى رئيسا لمصر ، فى واقعة فريدة فى العصر ، وخلال عدة شهور، تحكّم مرسى فى كل الأمور ، وأتاح لعشيرته التمكين ، فى كل الوزارات والميادين . وظهر فشله وعجزه ، وخيانته وجبنه . إذ مكّن لعشيرته ، وخان مصريته . لصالح كل الناس ، من امريكا واسرائيل وتركيا وحتى قطر وحماس . بل حاول تقسيم مصر غير القابلة للتقسيم ، طوال تاريخها العتيد التليد القديم . فلما إنكشف المستور ، وظهرت عظائم الأمور . هاج الشعب ، وماج ، وأصبح عدوا للاخوان ، فى كل مكان . وعندها بدأ السيسى ، المساعد الرئيسى . لعمر سليمان ، فى تنفيذ القضاء النهائى على الاخوان . فاستعان بالمصريين ، الغاضبين ، الناقمين ، على الاخوان المسلمين ، واعوانهم من السلفيين ، فخرجت مظاهرات المصريين بالملايين .  تؤيد السيسى ، بل تعلن السيسى ، هو رئيسى .!.

وعاد العسكر بالتدريج للظهور ، الى السيطرة على مقاليد الأمور ، وعادت بالتدريج مظاهر الدولة البوليسية العسكرية ، من أمن الدولة الى الأحكام العرفية ، وصار الاعتقال على الهوية ، وباتهامات جزافية ، بحجة القضاء على الاخوان ، وبالتناقض مع حقوق الانسان . ويمكن بها تكريس الاستبداد ، وظلم العباد .

وفى مصر الآن إزدهرت التهم المطاطية ، الشائعة فى الدول العسكرية البوليسية ، مثل " تكدير السلم العام " و" التحبيذ على كراهية السلطان " ، و" الانضمام الى المحظورة ضد الفرقة الحاكمة المنصورة .  وهى تُهم تنطبق على الملايين من المصريين ، وليس فقط الاخوان والسلفيين .  وبهذا التهم سجنوا عشرات المظلومين ، ليس لهم فى ( الطور ولا فى الطحين ) ، هم فقط شاركوا فى المظاهرات لإثبات الذات ، وإكتفوا بالصراخ والصياح ، دون حمل السلاح ، وقد قيل لهم أن المظاهرات مسموح بها فى مصر الديمقراطية لابداء الرأى بكل حرية . وهم قد تعلموا فى المساجد الرسمية والمدارس الحكومية والقنوات التليفزيزنية كل المفاهيم الوهابية ، فأمنوا أن الاخوان المسلمين على الطريق المستقيم ، فآزروهم ، ونصروهم ، فأصبحوا ضحايا فيما تشربوه وتعلموه ، وضحايا لما صدقوه من شرعية المظاهرات . وانتهى بهم الحال الى غياهب السجون ، وهذا لا يرضى العاقل ولا المجنون .

وللتغطية على هذا الظلم المأفون ، فقد بالغ حكم العسكر فى التخويف من خطر الارهاب المخيف ، ليجعلوا النفسية الشعبية تقبل التفريط فى الحرية ، لصالح السلطة المستبدة العسكرية ، ودولتها البوليسية .  وبالتالى يعود عصر التعذيب ، وسيرة العادلى حبيب ، ويعود للحكم أمثال الهالك ، محمد حسنى مبارك . وتعود مصر ، الى نقطة الصفر .  ويعود  الاخوان ، بكل عزم وإيمان  ، الى العمل السرى بتنظيم وإحكام ، وتعود دورة الزمان ، ومصر فريسة لا أكثر ، بين الاخوان والعسكر ، بينما الثوار الأطهار ، والضحايا الأغرار ، فى سجون التعذيب ليل نهار .

هذا ، مع إن التمسك بالحرية وحقوق الانسان ، هو الضمان ، للأمن والأمان . وبدلا من الاتهامات الجاهزة الجزافية ، يجب إطلاق سراح الأبرياء ، بدون إبطاء ، مع البدء بإصلاح المنظومة التشريعية ، لتؤكّد كل الحقوق الشرعية ، لكل مصرى ومصرية . فهذا هو الكفيل بفضح الاخوان ، وإنقاذ مصر من أى طغيان . ولكن العسكر فى وقت الأحكام العرفية ، يضعون دستورا سيكون ساقط الشرعية. العسكر الآن يشغلون الناس ، بوضع دستور على المقاس ، بزعم أنه يُرضى رغبات ، وتطلعات ، وطموحات . جميع الأطراف ، من مختلف الأطياف ، وهذا لعمرى من رابع المستحيلات ، فكيف تتوافق طلبات ، كل الفئات ، ويتفق الصوفى والسُّنى مع العلمانى والمدنى والقبطى ؟ .

إن مصدرية الدستور، ليست من أهواء وثقافة الجمهور ، بل من القيم العليا الانسانية ، فى العدل والمساواة والحرية، وهذا لا يستلزم ممثلين للجماهير ، بل  أساتذة مشاهير ، متخصصين فى صناعة الدساتير . وفق المواثيق الدولية للحقوق الانسانية ، والتى يجب أن تعمّ جميع المصريين ، من أقباط ومسلمين . بلا تمييز ، بين جرجس وعبد العزيز . ومن خلال قيم العدل والحرية تتم مراجعة كل المواد الدستورية ، بلا حاجة لممثلين للفئات التى تتنازع حول الفتات، بعد أن يلتهم أصحاب السّلطة معظم الكعة . ولكن ماذا تقول يا مولاى الملك السعيد ، فهذا هو حال مصر العتيد ، حائرة بين العمامة والكاب ، والميرى والجلباب ـ يحكمها بكباشى أو فريق ، أو أى ضابط حليق ، ليعقبه شيخ إخوانى مفجوع ، مثل مرسى المخلوع .  فمتى تستريح مصر من أمثال المخلوع والمعزول، ليخدمها أبناء الأصول ؟ )

أخيرا  : اللهم إجعله ( خير ).!

إستيقظت مرعوبا ، بعد أن رأيت فى المنام ، أننى أقرأ هذا الكلام ، فاستعذت بالله جل وعلا العظيم ، من كيد الشيطان الرجيم .. 

اجمالي القراءات 11899

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   Brahim إبراهيم Daddi دادي     في   الخميس ٠٥ - سبتمبر - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[72899]

ألف ليلة وليلة من تأليف الدكتور المهوب أحمد صبحي منصور.

ألف ليلة وليلة من تأليف الدكتور المهوب أحمد صبحي منصور.

تحياتي لأخي الحبيب الدكتور أحمد، وبارك الله في قلمه السيال.


 


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5111
اجمالي القراءات : 56,690,426
تعليقات له : 5,445
تعليقات عليه : 14,818
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي