مصر: القبض على عاملين في "البترول" لمطالبتهم بالحد الأدنى للأجور

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٠١ - ديسمبر - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العربى الجديد


مصر: القبض على عاملين في "البترول" لمطالبتهم بالحد الأدنى للأجور

أعربت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، اليوم الاثنين، عن تضامنها الكامل مع إضراب عمال الشركة الحديثة للغاز الطبيعي (مودرن جاس) التابعة لوزارة البترول في محافظتي سوهاج وقنا (جنوب مصر)، والذي بدأ قبل أسبوع للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور على جميع العاملين بقيمة سبعة آلاف جنيه (147 دولاراً) شهرياً، إضافة إلى إلغاء عقود العمل من الباطن والتعيين المباشر.
مقالات متعلقة :


وألقت أجهزة الأمن المصرية القبض على 16 عاملاً من الشركة في سوهاج وقنا، على خلفية الاحتجاجات المطالبة بالتعيين وإلغاء عقود العمل من الباطن، بواقع سبعة عمال من سوهاج وتسعة من قنا. وتُعد الشركة مساهمة عامة تأسست باندماج ثلاث شركات هي غاز الأقاليم، وغاز سيناء، وغاز القاهرة، وتعمل في توصيل الغاز الطبيعي للمنازل والمنشآت الصناعية والتجارية، كما نفذت العديد من المشروعات في العاصمة الإدارية ومدينة العلمين الجديدة.

وقالت المفوضية في بيانها إن مطالب عمال الشركة مشروعة ومتسقة مع أحكام الدستور والقانون والالتزامات الدولية لمصر، مشيرةً إلى أن عدد العاملين المؤقتين في الشركة يبلغ نحو 2500 عامل موزعين على عدد من المحافظات، ويمثلون ما يقارب 75% من قوة العمل. وأضافت أن هؤلاء العمال ما زالوا يعملون بعقود من الباطن عبر شركة المؤسسة العربية للتوريدات والمقاولات، رغم أن طبيعة عملهم دائمة ومرتبطة بالنشاط الرئيسي للشركة.

وأوضحت المفوضية أن العديد من العمال يعملون بعقود من الباطن منذ أكثر من عشر سنوات من دون ضمانات وظيفية، مثل التأمينات الاجتماعية وغيرها، ويعانون من اقتطاع المقاول نحو 30% من أجورهم المتدنية التي تتراوح بين أربعة وخمسة آلاف جنيه شهرياً (الدولار = 47.57 جنيهاً). وأكدت أن إضراب العمال يأتي ضمن موجة أوسع من الاحتجاجات التي طاولت مرافق عامة حيوية مملوكة للدولة وقطاع الأعمال العام في الفترة الأخيرة، مثل شركات الكهرباء ومياه الشرب والغاز الطبيعي، ما يعكس نمط إدارة قائم على تقليص الكلفة بدلاً من احترام الحقوق.

وانتقدت المفوضية تغاضي الحكومة عن تطبيق القوانين والمعايير الخاصة بالحد الأدنى للأجور، معتبرةً أن ذلك "يشجع أصحاب الأعمال في القطاع الخاص على التحايل على القانون وانتهاك حقوق العمال من دون رادع، في مخالفةٍ للأحكام الدستورية والقانونية التي تنص على أن العمل حق تكفله الدولة، وأن عليها حماية حقوق العمال وضمان الأجر العادل والحق في الإضراب السلمي". وأضافت المفوضية أن "استخدام عقود محددة المدة ومتجددة على مدى عشر سنوات أو أكثر في أعمال دائمة متصلة بالنشاط الرئيسي للشركة، يحول العلاقة القانونية إلى علاقة عمل غير محددة المدة، ويُحرم العامل من ضمانات الاستقرار الوظيفي، فضلاً عن مخالفة القواعد المنظمة للحد الأدنى للأجور، بسبب الاستقطاعات الكبيرة التي تهبط بالأجر عن الحد المقرر".

واتهمت الحكومة بـ"انتهاك أحد المبادئ الأساسية في القانون الدولي، وهو حظر تقاضي أي مبالغ من العامل أو اقتطاع جزء من أجره مقابل تشغيله أو استمرار تشغيله"، معتبرةً أن استمرار الاقتطاع من أجر العمال عبر المقاول يمثل مخالفة دولية واضحة، وليس مجرد نزاع تعاقدي داخلي. وطالبت المفوضية وزارة العمل بـ"فتح تحقيق عاجل في عقود العمال المتعاقدين عبر شركة "المؤسسة العربية للتوريدات والمقاولات"، للتحقق من خصم نسب كبيرة من الأجر مقابل استمرار التعاقد، وضمان عدم التعرض للعمال المشاركين في الإضراب لأي إجراءات انتقامية أو تعسفية". كما دعت وزارة البترول إلى "وقف الاعتماد على عقود العمل من الباطن في الوظائف الدائمة، ووضع خطة زمنية واضحة لتثبيت العمال الذين تجاوزت مدة عملهم عبر المقاول ثلاث سنوات، مع أولوية لمن تجاوزت خدمتهم عشر سنوات".

ودعت المفوضية المجلس القومي للأجور إلى مراجعة مدى التزام شركة "مودرن جاس" والشركات المشابهة بتطبيق الحد الأدنى للأجور، بما في ذلك العمالة التي تعمل عبر مقاولين من الباطن، واتخاذ إجراءات رقابية معلنة ضد الكيانات التي تتحايل على الحد الأدنى للأجر عبر العقود غير المباشرة أو الاستقطاعات غير القانونية. كما طالبت المفوضية مجلس النواب المصري بتعديل قانون العمل رقم 14 لسنة 2025 لسد الثغرات التي تسمح باستمرار العقود المؤقتة لعشرات السنين، والنص صراحةً على مسؤولية صاحب العمل الأصلي عن حقوق العمال الذين يعملون لحسابه عبر المقاولين، وعلى الحظر الصريح لأي خصم من أجر العامل مقابل تشغيله أو استمراره في العمل.

يُذكر أن الحكومة المصرية رفعت الحد الأدنى للأجور للعاملين في الدولة والقطاع الخاص من ستة إلى سبعة آلاف جنيه بدايةً من شهر مارس/ آذار الماضي، بدعوى احتواء آثار ارتفاع الأسعار والتضخم. لكن القيمة الفعلية للحد الأدنى تراجعت بنحو 47 دولاراً، إذ كان يبلغ 194 دولاراً عند رفعه من أربعة إلى ستة آلاف جنيه في مارس 2024، عندما كان الدولار يساوي 30.85 جنيهاً.

ويعاني المصريون حالياً من تداعيات برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، والذي يُلزم الحكومة بتحرير أسعار السلع والخدمات الأساسية، وفي مقدمتها الوقود والكهرباء والغاز الطبيعي، وتطبيق سعر صرف مرن للعملة، مقابل الحصول على قرض بقيمة إجمالية تبلغ ثمانية مليارات دولار.
اجمالي القراءات 88
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق