المرأة المصرية في مراتب متدنية من التعليم والصحة وصفر في الأجور والتوظيف
يشير واقع النساء في مصر إلى العديد من التحديات التي تقف أمام تحقيق المساواة الكاملة لهنّ، واستمرار وضعهنّ في مراتب دنيا في التوظيف والتعليم والأجور والصحة وغيرها. وبالتزامن مع يوم المرأة المصرية الموافق 16 مارس/آذار من كل عام، وعيد الأم الموافق 21 من الشهر نفسه، ومن خلال واقع الأرقام التي جاءت في تقرير البنك الدولي السنوي لعام 2024، يبدو أن الوضع الراهن للمرأة المصرية في مراحل متدنية على أصعدة عدّة.
وطبقاً لتقرير البنك الدولي 2024، فقد جاء أسوأ مؤشرات مصر القانونية في المساواة في الأجور والزواج بـ(صفر%) من المساواة القانونية، يليه المؤشر الذي يقيس أثر الأمومة على أمان عمل النساء والمساواة في مكان العمل، أما أحد أكثر المؤشرات قتامة، فهو الحماية من التمييز في الأجر الذي وصل فيه مؤشر المساواة إلى (صفر%) في القوانين، و(صفر%) في الآليات العملية، ويقيس المؤشر المساواة في الأجر بين النساء والرجال، والآليات التطبيقية لتحقيق المساواة في الأجر والمساواة في فرص الوصول العملية إلى العمل عالي الأجر.
كما جاء ترتيب مصر في المركز 175 من أصل 190 دولة في ملف "المرأة وأنشطة الأعمال والقانون"، كما كشف التقرير فجوة هائلة بين الجنسين في المشاركة الاقتصادية للنساء على مستوى العالم، بما في ذلك مصر، وفي مؤشر العوائق القانونية أمام النساء، حصلت مصر على 50.6% بينما المتوسط العالمي 77%، وفي مؤشر الحماية القانونية ضدّ العنف ورعاية الأطفال في مصر 37.5%، بينما المتوسط العالمي 64%، وفي مؤشر تطبيق القوانين في مصر وصل إلى أقل من 27%، بينما المتوسط العالمي 40%.
وبشأن التفاوت بين القوانين والتطبيق، أشار التقرير إلى أنّه على الرغم من رفع العقبات القانونية التي تسمح بالتفاوت بين الجنسين، إلّا إنه لا توفّر سياسات عملية لضمان تنفيذ المساواة في الواقع، كما أظهر التقرير أبرز العوائق المتعلقة بالمساواة في الأجور والحماية من التمييز، إذ بلغ المؤشر صفراً في كليهما.
وبشأن الواقع الاقتصادي للنساء في مصر، فقد كشف التقرير أنّ نسبة النساء العاملات في مصر 15.3% فحسب، بينما نسبة النساء العاطلات عن العمل 47.6%، كما كشف أن هناك فجوة مستمرة بين النساء والرجال في نسبة التشغيل منذ 2012.
وفي ما يتعلق بالأجور والملكية، كشف التقرير أن متوسط أجور النساء في القطاع الخاص أقل من الحد الأدنى للأجور، وأن أقل من 5% من النساء يمتلكن مسكناً بمفردهنّ أو بالمشاركة، وأقل من 2% يمتلكن أرضاً، وعن التفاوت بين السياسات الحكومية والواقع، فأشار التقرير إلى أن الحكومة تروّج لسياسات تمكين النساء، لكن الواقع يشير إلى فجوة كبيرة بين القوانين والآليات التنفيذية، كما لم تلتفت الحكومة بشكل كافٍ لمشاكل المساواة في الأجور والفرص. وحول أزمة التوظيف، فقد أظهر التقرير أنّ استبعاد النساء الناجحات في مسابقة 30 ألف معلم بسبب الوزن أو الحمل يبرز التمييز في التوظيف، ما يؤثر على سوق العمل للنساء.
المرأة المصرية.. أجور أقل من الرجال
في السياق ذاته استعرض المؤتمر الدائم للمرأة المصرية، عدداً من الدراسات التي تشير إلى أن المرأة المصرية تحصل على أجور أقل بنسبة تتراوح بين 25% إلى 40% مقارنة بالرجال، رغم أداء نفس المهام والوظائف في كثير من الحالات. على سبيل المثال، في قطاع التعليم والرعاية الصحية، هناك النساء يمثلن الجزء الأكبر من القوى العاملة، ومع ذلك، لا يحصلن على الأجر المناسب مقارنة بالرجال في نفس المجالات، وفي سوق العمل تبلغ نسبة مشاركتها حوالى 22.5% فحسب وفقاً لآخر إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2023، مقابل أكثر من 70% للرجال.
كما أن العديد من النساء العاملات في مصر يعملن في قطاعات غير رسمية أو في وظائف غير ثابتة (مثل العمل في المنازل، أو في القطاعات الصغيرة)، ما يضعهنّ في وضع هشّ للغاية من حيث الأمان الوظيفي والحقوق الاجتماعية، إذ يُقدر أنّ أكثر من 50% من النساء العاملات في مصر يعملن في القطاع غير الرسمي، وهنّ يفتقرن إلى التأمينات الاجتماعية أو الصحية، حسب التقرير.
إلى جانب ذلك، فإنه على الرغم من التعليم العالي الذي تحققه النساء في مصر، إلا أن معدل البطالة بين النساء لا يزال مرتفعاً مقارنة بالرجال، وفقاً لأحدث إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (2023)، تصل نسبة البطالة بين النساء إلى 24.6% مقارنة بـ 6.4% بين الرجال، وهي فجوة تشير إلى تحديات كبيرة في قدرة النساء على الاندماج في سوق العمل بفعالية.
على الرغم من التعليم العالي الذي تحققه النساء في مصر، إلا أن معدل البطالة بين النساء لا يزال مرتفعاً مقارنة بالرجال
ويبقى العنف ضد النساء، يمثل مشكلة مجتمعية عميقة تؤثر على النساء في مختلف الفئات العمرية والاجتماعية، إذ تشير الإحصاءات إلى أن ما يقارب 37% من النساء المصريات تعرضن لشكلٍ من أشكال العنف الجسدي أو الجنسي وفقاً لمسح العنف ضد المرأة لعام 2023، وهو أمر يعوق قدرة المرأة على العيش بحرية وأمان.
وكذلك، لا تزال هناك فجوات كبيرة في مستويات التعليم بين المدن والريف، إذ تصل نسبة تسرب الفتيات من التعليم في الريف إلى 12% مقارنة بـ 6% في المدن، وفقاً لتقرير وزارة التربية والتعليم لعام 2024. كما لا تتجاوز نسبة تمثيل النساء في مجلس النواب 30%، ما يعكس التحديات في الوصول إلى المناصب القيادية السياسية.
وأيضاً تعاني النساء في مصر من مشاكل في الحصول على الرعاية الصحية، خصوصاً في المناطق النائية، وفيما يتعلق بالحقوق الإنجابية، فإنّ نسبة وفيات الأمهات أثناء الولادة في مصر تقدر بحوالى 42 حالة لكل 100,000 ولادة وفقاً لمنظمة الصحة العالمية لعام 2023، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالدول ذات الدخل المتوسط، كما تواجه الفتيات في الريف مشكلات جسيمة تتعلق بالزواج المبكر، إذ بلغ معدل الزواج المبكر 17% من إجمالي الفتيات تحت سن الـ 18.ورغم الجهود التي بذلتها النساء النقابيات في العمل النقابي إلا أنهنّ لا يزلن غائبات عن المناصب القيادية في النقابات، إذ تمثل النساء حوالى 10% فحسب من أعضاء النقابات في بعض القطاعات، ما يعني أن القضايا التي تهم النساء العاملات غالباً ما تكون مهمشة في قرارات النقابات، كذلك نقص الدعم النقابي للنساء، إذ يواجهن صعوبة كبيرة في الحصول على الدعم النقابي في حالات مثل التحرش الجنسي أو التمييز في العمل، وتتعامل النقابات حتى الآن مع قضايا المرأة بضعف، ولا توفّر آليات فعالة لتمثيل حقوقهنّ في هذه القضايا.
وبشأن التحديات الاجتماعية والثقافية، أشار التقرير إلى أنّ النساء العاملات في مصر يواجهن ضغوطاً اجتماعية كبيرة بسبب التركيبة الثقافية التقليدية التي تضع عبئاً مزدوجاً على المرأة بين العمل داخل المنزل وخارجه، إذ يُتوقع من المرأة أن تظل مسؤولة عن رعاية الأسرة بينما تعمل خارج المنزل، ما يعرضها لضغوط نفسية وعملية.
اجمالي القراءات
31