العلويون في سوريا وحلم "الدولة".. من الانتداب إلى سقوط الأسد

اضيف الخبر في يوم الأحد ٠٩ - مارس - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الحرة


العلويون في سوريا وحلم "الدولة".. من الانتداب إلى سقوط الأسد

تشهد سوريا منذ الخميس المعارك الأعنف منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، مع بروز فصائل ومجموعات مسلحة في مناطق بالساحل السوري.

وأعلنت السلطات في سوريا السبت تعزيز انتشار قوات الأمن في منطقة الساحل بغرب البلاد وفرض "السيطرة" على مناطق شهدت مواجهات إثر مقتل مئات المدنيين العلويين على يد قوات الأمن ومجموعات رديفة لها منذ الخميس، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

يشكل العلويون في سوريا قرابة تسعة في المئة من سكان البلاد، بحوالي 1.7 مليون نسمة. وهم يسكنون في محافظتي اللاذقية وطرطوس، إضافة إلى مناطق في حمص وحماة وريف دمشق.

ارتبطوا خلال السنوات الماضية بحكم عائلة الأسد، وكانت لهم الحظوة في اختيارهم لمناصب قيادية في الدولة والجيش، ولكن أيضا تأثرت كل عائلة علوية بالحرب، حيث لقي العديد منهم حتفهم في المعارك، ما دفع الكثير من الشباب للبحث عن طرق لتجنب التجنيد الإجباري.

الدولة العلوية
ويرتبط العلويون بمناطق الساحل حيث كانت "دولة جبل العلويين" أو "إقليم العلويين" والتي أسسها الانتداب الفرنسي في عام 1920 واستمرت حتى 1936.

كانت في البداية تتمتع بالحكم الذاتي تحت الحكم الفرنسي، وفي أواخر 1923 تم إعلانها دولة، وعاصمتها اللاذقية.

في عام 1925 تم إعلان الاسم الرسمي لها لتصبح "الدولة العلوية"، ولكنها في أواخر 1936 تم دمجها بشكل كامل لتصبح جزءا من الدولة السورية.

من النصيريين إلى العلوييين
يصنف البعض الطائفة العلوية على أنها "نسخة مبتكرة" من الإسلام الشيعي، خاصة مع اعتقادهم الأساسي بعقيدة "التناسخ" أي انتقال الأرواح التي ترفضها العقيدة الإسلامية في الطائفتين الشيعية الاثني عشرية والسنية، وفقا للأكاديمي والباحث في معهد واشنطن، فابريس بالونش.

ويوضح في ورقة بحثية أن "معظم العقيدة العلوية تتألف من مزيج مستمد من الديانات التوحيدية الكبرى بما فيها الإسلام والزرادشتية، إضافة إلى أن الكثير من طقوسها سرية وغامضة".

عالم الدين الإسلامي الشهير ابن تيمية دعا إلى القضاء على هذه الطائفة.

وكان يطلق عليهم "النصيريين" وهي الطائفة التي أسسها محمد بن نصير البكري النميري "ابن نصير" الذي توفي في 868، ويزعم أنه كان من تلامذة الإمامين العاشر والحادي عشر عند الشيعة، وأعلن نفسه "بوابة الحقيقة".ومع ذلك نشأة الطائفة تبقى غامضة.

الفرنسيون هم من غيروا اسمهم من "النصيريين" إلى "العلويين" من أجل إبراز التشابه بينهم وبين المسلمين الشيعة.

ولم يعترف بالعلويين كمسلمين رسميا حتى عام 1932، عندما أصدر مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني فتوى تهدف إلى تقويض النفوذ الاستعماري الفرنسي في سوريا، وذلك بعد نشأت "الدولة العلوية".

ووفرت فتوى الحسيني للعلويين ضمانات بالمساواة في سوريا المستقلة التي يهيمن عليها السنة. لكن هذا الحكم الظرفي فشل في إقناع الكثيرين من الأغلبية السنية بأن العلويين ليسوا "زنادقة"، بحسب بالونش.

ولم تتحسن الظروف الاجتماعية لهذه الطائفة لتصبح كيانا موحدا بشكل حقيقي إلا مع صعود "حزب البعث" في عام 1963وتولي حافظ الأسد السلطة في عام 1970 وتعيينهم بشكل منهجي في مناصب رئيسية في الجيش والمخابرات ووزارات الدولة.

الدولة العلوية.. ملاذ الأسد
وخلال سنوات الثورة السورية، لطالما طرح خيار "الملاذ" لبشار الأسد، للانسحاب إلى تلك المناطق وإمكانية منحه حكما ذاتيا للمناطق العلوية، وتكرار تجربة أجداده.

والجبال التي تطوق الحافة الشرقية للبحر المتوسط قدمت تاريخيا ملاذا لأقليات أخرى في سوريا.

ولكن الأسد المهزوم كان مدركا أنه لن يستطيع اقتطاع دولة لها مقومات البقاء في الأراضي العلوية التي هي أيضا موطن لكثير من السنة.

تحديات عودة الدولة العلوية
ومن الناحية الاقتصادية لن يكتب لهذه الدولة الاستمرار إذ أنها ستكون تحت حصار القوى السنية التي تسيطر على بقية البلاد.

كما أن هذه الدولة تفتقر إلى وجود أي صناعة فيها، ولا تحتوي على أي من احتياطيات النفط المتواضعة في سوريا التي تقع في الشرق ولن يكون لها حليف يذكر في الخارج.

وستكون القوى الإقليمية التي تتصارع هي نفسها مع الأقليات التي لديها كارهة للسماح بقيام كيان انفصالي.

وقال شاشانك جوشي من المعهد الملكي للدراسات الدفاعية والأمنية في لندن لرويترز "تركيا ستعارض بشدة إقامة دولة علوية. إنها قلقة بشأن شكاوى العلويين على أراضيها".

كما أن روسيا التي لديها منشأة صيانة بحرية في ميناء طرطوس دعمت الأسد سترى أن أي شراكة مع العلويين تمثل عبئا أكثر منه شيئا نافعا عندما لم تعد لهم السيطرة على دمشق.

ولكن في الوقت ذاته، قد تشكل فرصة لموسكو لترسيخ وجودها في تلك المنطقة الاستراتيجية، وهو ما قد يكون على حساب علاقتها مع دمشق.وإيران وحزب الله اللبناني سيعيدان التفكير في علاقتهما بالعلويين، أيضا.

وبالنسبة للصين، رغم أهمية إيجاد موطئ قدم لها في البحر الأبيض المتوسط، إلا أن غياب وجود بعد داخلي واسع لها، قد يقلل من جاذبيتها لدعم هذا الإقليم.

ويرى الباحث في مؤسسة "سنتشوري انترناشونال" آرون لوند أن "المسلحين العلويين لا يشكلون تهديدا لسلطة دمشق، لكنهم يمثلون تحديا محليا خطيرا"، مبديا خشيته من أن يطلق التصعيد الأخير "العنان لتوترات من شأنها أن تزعزع الاستقرار بشكل كبير".

ويضيف لفرانس برس "يشعر الطرفان بأنهما تحت الهجوم، وكلاهما تعرض لفظائع مروعة على يد الآخر".

وحذر أن الوضع في المناطق الساحلية يشبه "قنبلة موقوتة".
اجمالي القراءات 173
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق