مصر كلها حلال له.. طريق الصندوق السيادي محفوف بالمخاطر، فهل يورط البلاد بالديون أم يسير على نهج الخل

اضيف الخبر في يوم الإثنين ١٨ - نوفمبر - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: عربى بوست


مصر كلها حلال له.. طريق الصندوق السيادي محفوف بالمخاطر، فهل يورط البلاد بالديون أم يسير على نهج الخل

مصر كلها حلال له.. طريق الصندوق السيادي محفوف بالمخاطر، فهل يورط البلاد بالديون أم يسير على نهج الخليج؟

هل يكون مصير صندوق مصر السيادي على غرار صندوق «تحيا مصر»؟، أم تنجح القاهرة في الانضمام إلى نادي الصناديق السيادية العملاقة؟، والأهم من أين سيأتي تمويل صندوق مصر السيادي الذي يفترض أن يكون بالمليارات؟

فلأول مرة في تاريخ مصر، اقتحمت الحكومة عالم الصناديق السيادية، الذي يُقَدر حجمه بتريليونات الدولارات.

وبالنظر إلى حجم الصناديق السيادية العالمية، فإن أكبر صندوق هو صندوق التقاعد الحكومي النرويجي بقيمة تبلغ نحو 1072 تريليون دولار، بينما أصغر الصناديق السيادية الكبرى والعاشر من حيث الحجم هو صندوق الاستثمارات العامة السعودية بقيمة نحو 320 مليار دولار.

وتمتلك دول الخليج العربي صناديق عملاقة بأكثر من 2.7 تريليون دولار، وتضم أربعة صناديق سيادية من بين أكبر عشرة صناديق في العالم، من بينها صندوق أبو ظبي للاستثمار بقيمة 828 مليار دولار، إلى جانب صناديق أخرى، وفق مؤسسة سويف إنستتيوت swif institute.

بالتالي حتى الآن لا يمكن مقارنة صندوق مصر السيادي، الذي أطلق عليه «ثراء» بالصناديق الدولية، إذ إن الصندوق أشبه «بالمحفظة» الاستثمارية التي تمتلكها بعض البنوك وشركات الاستثمار، نظراً لحجمه المتواضع نسبياً.

ويبلغ رأس مال الصندوق 200 مليار جنيه (12.5) مليار دولار، والمدفوع 5 مليارات جنيه (312 مليون دولار) فقط، ولا تملك مصر أي فوائض مالية لاستغلالها لصالح الصندوق.

من أين سيأتي تمويل صندوق مصر السيادي؟

من أين سيأتي تمويل صندوق مصر السيادي الذي أطلق في وقت تسجل فيه مصر ديوناً هي الأعلى في تاريخها.

 إذ تعاني البلاد من ارتفاع الدين الخارجي إلى 108.7 مليار دولار بنهاية يونيو/حزيران 2019، وتمتد آجال سداد الديون لأربعين عاماً، وفق بيانات البنك المركزي المصري، فيما أصبح جزء كبير من الميزانية مخصصاً لخدمة الدين.

وتزامن مع تدشين الصندوق مع خروج استثمارات أجنبية مباشرة خلال العام المالي 2018-2019، بقيمة 7.8 مليارات دولار، وهي الأعلى خلال السنوات السبع الأخيرة، علماً بأنه يفترض أن نشاط الصندوق سوف يتضمن بشكل أساسي الشراكة مع مؤسسات أجنبية.

واللافت أنه رغم الإشادة الدولية الكبيرة بالإصلاحات الاقتصادية في مصر، فإن معظم الاستثمارات المتدفقة فهي إما استثمارات في مجال الطاقة أو استثمارات غير مباشرة تدفق للاستفادة من سعر الفائدة العالي في مصر فيما يعرف باسم الأموال الساخنة.

كلمة السر في الصندوق.. المصدر الأول للتمويل

المصدر الأول لتمويل صندوق مصر السيادي وكلمة السر وراء إطلاقه «هو نقل ملكية أصول وأملاك الدولة غير المستغلة إليه، والتي تُقدر بمليارات الدولارات، وإداراتها، وفق عضو مجلس إدارة صندوق مصر السيادي، المصرفي، محمد عباس فايد».

وقال فايد لـ»عربي بوست»: «مصر لديها أصول كثيرة تقدر بأرقام كبيرة، سواء كانت أراضي أو مباني، أو أماكن تاريخية، ولا يشترط أن يكون التمويل نقدياً»، مشيراً إلى وجود أصول غير مستغلة، ولا تدر أي عوائد مالية».

وأوضح أن «الصندوق بدأ عمله بالفعل، وأنهم في طور إعداد دراسات خاصة باستراتيجيات الصندوق، وحصر الأصول غير المستغلة في الدولة، ووضع الرئيس السيسي أول باكورة تعامل الصندوق مع الإمارات من خلال إطلاق منصة استثمارية بقيمة 20 مليار دولار، تستطيع من خلالها المساهمة في مشروعات بالمشاركة مع الصندوق السيادي».

 وتوقع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن يصل حجم الصندوق لأرقام غير مسبوقة، وقال إن هذا ليس من فراغ بل يعكس القدرات الحقيقية لاقتصاد وأصول الدولة المصرية، دون أن يوضح طبيعة وحجم تلك الأصول.

 وأضاف السيسي في كلمته على هامش افتتاح مصنعين تابعين لشركة النصر للكيماويات، في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن أرقام الصندوق ستبلغ عدة تريليونات جنيه.

ماذا يعني نقل أصول وأملاك الدولة للصندوق؟

 في يوليو/تموز 2018، أقر البرلمان المصري مشروع قانون إنشاء الصندوق السيادي، الذي أعلنت عنه الحكومة المصرية في أبريل/نيسان 2018؛ بهدف استغلال أصول الدولة، والتعاون مع المؤسسات والصناديق العربية والدولية.

 وكشف عضو مجلس إدارة الصندوق لـ»عربي بوست» أن «القانون يتيح للصندوق شراء وبيع وتأجير، واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها، بعد عمل الدراسات الاقتصادية والفنية والمالية اللازمة، وجذب المستثمرين إليها للمشاركة فيها».

 وهناك مخاوف من أن تشكل هذه الخطوة تهديداً بشأن مستقبل أصول وممتلكات الشعب، التي ستنقل للصندوق بهدف تصفيتها، وفق بعض خبراء الاقتصاد.

الرئيس هو صاحب اليد الطولى في قرار نقل أملاك الشعب 

 وتعد الكلمة العليا في نقل أصول وأملاك الدولة لرئيس الجمهورية، عبدالفتاح السيسي، إذ ينص القانون على أن نقل ملكية أي من الأصول غير المستغلة المملوكة للدولة إلى الصندوق أو أي من الصناديق التي يؤسسها، يكون بقرار من الرئيس.

 ويخضع الصندوق السيادي منذ قرار إنشائه مروراً بتشكيل مجلس إدارته، وصولاً إلى العرض النهائي لمراجعة حسابات الصندوق لسلطة رئيس الجمهورية.

وانتقد أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأميركية، مصطفى شاهين السلطات الواسعة الممنوحة لرئيس الجمهورية، قائلاً: «السيسي هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في الصندوق»، ولا توجد دولة في العالم تجعل شخصاً واحداً مسؤولاً عن كل شيء في دولته».

وحذر من تكرار سيناريو تصفية القطاع العام، قائلاً: «ما يجري هو السيطرة على كل مصادر الاقتصاد المصري كما حدث في عهد الرئيس الأسبق، حسني مبارك، حيث باعت الدولة القطاع العام في تسعينيات القرن الماضي بدعوى الاستثمار، ما تسبب في خسائر فادحة بالمليارات».

رهن أصول البلاد

وأعرب أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأميركية، مصطفى شاهين، عن تخوفه من مآلات هذا الانتقال المشوب بالكثير من الشكوك حول الهدف الرئيسي من الصندوق، وأن يلقى مصير غيره من الصناديق على غرار «تحيا مصر»، و»دعم مصر» القائمة على التبرع.

وقال لـ»عربي بوست»: «في ظل عدم وجود فوائض مالية كبيرة، الصندوق السيادي هو فكرة وهمية (ستار) لإيهام الشعب المصري أن الدولة تنشئ صندوقاً سيادياً بهدف الاستثمارات، لكن في حقيقة الأمر فإن الغرض منه هو تصفية الاقتصاد المصري بمساعدة الإمارات والسعودية»، حسب قوله.

محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر/رويترز

وحذر من أن «بيع القطاع العام بما يملكه من أصول ضخمة وإيداعها في صندوق مصر السيادي يخدم المشروع الإماراتي بالدرجة الأولى التي تسعى للاستحواذ على قطاعات مهمة في مصر كقطاع الصحة بعد استحواذها على العديد من المعامل والمستشفيات».

في المقابل فقد رد عضو مجلس إدارة الصندوق على المخاوف بشأن نقل أصول الدولة غير المستغلة قائلاً: «ماذا نفعل بالأصول الراكدة كدولة، فعلى سبيل المثال هناك مصانع متعثرة ولا تحقق أرباحاً فمن واجب الدولة هنا الدخول في المصنع بالشراكة مع القطاع الخاص سواء كان مستثمراً محلياً أو أجنبياً».

 هل يُغرق مصر في الديون؟ 

ينص قانون الصندوق على إيجاد كيان اقتصادي كبير في إطار خطة الدولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وفقاً لرؤية مصر 2030، من خلال الشراكة مع شركات ومؤسسات محلية وعالمية لزيادة الاستثمار والاستغلال الأمثل لأصول وموارد الدولة.

تتكون موارد الصندوق من رأسماله والأصول التي تنتقل ملكيتها إليه، والعائد من استثمار أمواله واستغلال أصوله، والقروض والتسهيلات التي يحصل عليها، وحصيلة إصدارات السندات والأدوات المالية الأخرى، وفق قانون تأسيس الصندوق.

ويعني هذا أن الصندوق من حقه الحصول على قروض لتمويل مشروعاته وزيادة رأسماله.

وبشأن موارد الصندوق الأخرى، قال عضو مجلس إدارة صندوق مصر السيادي، المصرفي، محمد عباس فايد إن «قانون الصندوق يسمح بطرح سندات، واقتراض من الداخل والخارج بحيث يتم تحويل الأصول إلى مشروعات، والتي يتم إعداد الهيكل التمويلي لها للاستثمار فيها»، مشيراً إلى أن العائد «سيذهب إما لخزانة الدولة، أو إعادة استثماره في مشاريع أخرى».

ووفق تقرير الوضع الخارجي للاقتصاد المصري الصادر عن البنك المركزي المصري، من المقرر أن تسدد مصر 17.51 مليار دولار خدمة الدين الخارجي للعام المالي الحالي 2019-2020، منها 14.8 مليار دولار أقساط، ونحو 2.7 مليار دولار فوائد.

وبالتالي فإن المورد الثاني المفترض للصندوق هو الاقتراض، وهو أمر قد يكون له خطورة في ظل تزايد ديون البلاد لمستوى غير مسبوق.

هل يكون مصير صندوق مصر السيادي على غرار صندوق «تحيا مصر»؟

في تموز/يوليو 2015، صدر قرار جمهوري بإنشاء صندوق «تحيا مصر» برعاية رئيس الجمهورية، تكون له الشخصية الاعتبارية ويتمتع بالاستقلال المالي والإداري.

 كانت رئاسة الجمهورية أعلنت في تموز/يوليو 2014، عن تدشين الصندوق تفعيلاً للمبادرة التي أعلنها السيسي بإنشاء صندوق «لدعم الاقتصاد».

 في حزيران/يونيو 2014، أعلن السيسي تنازله عن نصف راتبه البالغ 42 ألف جنيه، وكذلك عن نصف ما يمتلكه من ثروة لصالح مصر.

 وطالب السيسي في أكثر من تصريح متلفز بضرورة جمع 100 مليار جنيه (على جنب) نحو 13 مليار دولار بأسعار تلك الفترة؛ من أجل الإنفاق على المشروعات الاستثمارية

ومارست السلطات حملة إعلامية واسعة لتشجيع التبرع لصندوق تحيا مصر، حتى أن البعض تحدث عن أنها وصلت للضغط على بعض المشاهير للتبرع. 

 

لكن بعد مرور نحو أربع سنوات، أقر السيسي في يناير/كانون الثاني 2018، بأن الصندوق لم يبلغ المستهدف منه 100 مليار جنيه، وأن كل ما جمعه هو 7 مليارات فقط (440 مليون دولار).

إلا أن عضو مجلس إدارة الصندوق السيادي يقول إن «صندوق تحيا مصر، يختلف عن صندوق مصر السيادي، فالأول هو وعاء لجمع التبرعات، وليست لديه أصول، تنفق منه الدولة على أولوياتها، أما الآخر فهو صندوق يمتلك أصولاً بهدف الاستثمار».

اجمالي القراءات 1975
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق




مقالات من الارشيف
more