فوائد تجنيها من الاعتذار.. القوة السرية في جملة «أنا آسف»

اضيف الخبر في يوم السبت ٢٤ - يونيو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


فوائد تجنيها من الاعتذار.. القوة السرية في جملة «أنا آسف»

منذ 11 ساعة، 24 يونيو,2017

لا تشعر بالأسف على نفسك إذا ما اضطررت للاعتذار لشخص ما عن شيء ما، هذا الأمر يمكن أن يمنحك شعورًا وقوة أكثر مما كنت تتوقع. قيل لنا بشكل متكرر أن الاعتذار كثيرًا ما يقوض سلطتنا ويضر احترام الذات لدينا، ولكن قول أنك آسف يقدم لك بعض المفاجآت المذهلة، التي غالبًا لم تكن تتوقعها.

الندم والأسف ليسا سيئين كما نعتقد

في أحدث طبعة من مجلة «نيو ساينتيست» العلمية، جرى تجميع العديد من القطع الحديثة من الأبحاث التي تتحدث عن مدى فعالية قول أنا آسف، وحللت هذه الأبحاث كيف أن بعضًا من التأسف اللائق النابع من القلب يمكنه أن يؤثر على المزاج واحترام الذات الخاصين بمقدم الاعتذار نفسه.

وتشير الصحافية مويا سارنر إلى أن الدراسات تتناقض مع الاعتقاد السائد بين الناس أن الاعتذار يقوض سلطتنا الشخصية. يقول المدربون الذين يعلمونك العمل ويطورون مستقبلك المهني، وليس بشكل غير معقول، إن عليك إزالة كل أثر متعلق بالندم من رسائل البريد الإلكتروني الخاص بك؛ فإنه ليس خطأك أنك كنت مضطرًا لمطاردة شيء وعدت به قبل ثلاثة أيام، لذلك توقف عن افتراض خلاف ذلك.

ولكن يبدو أن البحوث تشير إلى أننا نبالغ في تقدير تكاليف الندم مع التقليل من شأن فوائده؛ فإن الاعتذار يزيد من تقدير الناس للذات ويجعل المعتذرين يشعرون بمزيد من القوة، غير أنه من المحبط بالنسبة لبعض الأخلاقيين أن رفض الاعتذار أيضًا كان له نفس النتائج.

هناك أمانة مقدسة في الرفض المبدئي لتقديم الاعتذار. نلاحظ أن الحدائق والمتنزهات مليئة بالأبوين الذين يصرخون دائمًا في أولادهم قائلين «قولوا أنا آسف لفلان»، لكن هؤلاء الأطفال الذين يبلغون من العمر أربع أو خمس سنوات لن يستجيبوا لك ويمتثلوا لهذه الأوامر، لأنهم أرواح صغيرة حرفيًا، دائمًا ما قيل لهم «لا تكذبوا»، ولأن، وبصراحة، هم يستمتعون بضرب أو دفع الطفل الآخر، هذا يثير حماستهم كثيرًا فلماذا عليهم الاعتذار؟

باعتبارك شخصًا بالغًا، فإن اتخاذك قرارًا واعيًا بعدم الاعتذار يمكن أن يشعرك بقوة لا تصدق، خصوصًا إذا ما كان من أمامك هو المخطئ وليس أنت. ولكن الاعتذار الحقيقي عن مخالفة كنت تعلم أنه لا يمكنك أن تبررها، سوف ترفع عن كاهلك ثقلًا عملاقًا، وسيعطيك راحة نفسية لا تتوقعها.

ألم تسأل نفسك، لماذا تفقد النوم وتحمل شعورًا بالمرض والتعب عندما تقرر عدم الاعتذار، بدلًا من ذلك يمكنك حمل الهاتف وتقول: «هل تعرف ماذا؟ لدي شعور بأنني كنت غبيًا». حتى لو أخبرك الطرف الآخر بأنك يائس، فإن العبء قد انتهى. أولئك الذين يبحثون في الاعتذارات يعتقدون أن هذا الإحساس بالراحة نابع من شعورنا أننا قد بقينا أوفياء لقيمنا، وأننا دعمنا أفكارنا الجميلة التي نعتقدها عن أنفسنا.

من الزواج وحتى الرياضة.. الاعتذار يزيد شعبيتك

صحيفة الديلي ميل البريطانية ضربت المثل بهذه القصة لتوضيح الفكرة. تطلقت ريبيكا منذ ما يقرب من خمس سنوات، ولكن يبدو وكأن الأمر حدث بالأمس فقط، فلا يزال الألم مشتعلًا لا يندمل. عندما يصل زوجها السابق لأخذ طفليهما الصغار كل يوم جمعة، ينتظر هو في السيارة في حين تختبئ هي خلف باب المنزل الرئيسي لتقبيل ووداع أطفالها، وذلك حتى لا ترى زوجها السابق.

وقالت إنها لا يمكن أن تواجهه، لدرجة أن المناقشات حول الصيانة والعطلات والتعليم تجري من خلال المحامين. في يوم سيء، مجرد ذكر اسمه يمكن أن يجعلها قريبة من البكاء.

هذه القصة ليست غير معتادة، إذ توجد سيناريوهات مماثلة في جميع أنحاء البلاد، حيث يبدو أن العلاقات بين الأزواج السابقين تفاقمت بشكل لا رجعة فيه من خلال المظالم بينهما التي لم تحل، لكن ما هو غير اعتيادي هو أن الأمر لن يستغرق إلا القليل جدًا لتحسين الوضع بينهما. كلمة واحدة، في الواقع، هي التي ستفعل هذا، وهي ما فعلته في هذه القصة، كلمة أنا آسف.

لاعب كرة المضرب، والمصنف الأول عالميًا، الصربي نوفاك ديوكوفيتش، ارتكب أمرًا لم يضف إلى سمعته أي شيء عندما قام بالصراخ على إحدى فتيات جمع الكرات خلال بطولة ويمبلدون عام 2015، وأتبع الصراخ بابتسامة بسيطة دون أي اعتذار على ما فعله. هذا السلوك الغريب هو ما برر في ذلك اليوم لماذا كان الحشد الجماهيري في غالبيته يقف في صف منافسه في المباراة النهائية، السويسري روجير فيدرير.

على النقيض من ذلك مع اللاعب تيم هنمان في ويمبلدون عام 1995، عندما ضرب عن غير قصد فتاة الكرة على خدها بالكرة في لحظة غضب منه. اعتذر علنًا، وقدم الزهور للفتاة وقال إنه كان مسؤولًا تمامًا عن أفعاله، وهو ما أظهر صورته بمظهر الرجل اللطيف أكثر فأكثر.

وقد استلهمت الطبيبة النفسية بيفرلي إنجل لاستكشاف بالضبط ما الذي يجعل الاعتذار جيدًا، وذلك بعد أن تلقت هي نفسها اعتذارًا غير مجرى حياتها كلها.

عندما كانت في سن الـ35 عامًا، قالت إنها اتخذت قرارًا صعبًا لقطع الاتصال مع والدتها بعد طفولة مسيئة عاطفيًا تدهورت إلى علاقة صعبة في سن البلوغ. بعد ثلاث سنوات، رن هاتفها، وعندما التقطت سماعة الهاتف، وجدت صوت والدتها يقول: «أنا آسفة».

تأثير هذه الكلمة عليها كان مذهلًا إلى حد لا يوصف، حسب تعبيرها في ذلك الوقت، «موجات من الراحة ملأت كل جزء من روحي وجسدي». وأضافت أن الاستياء، والألم، والغضب كلها طردت منها كما لو أن شخصًا كان في النهاية قادرًا، مع بعض الشراب السحري، على إزالة تراكمات حوض الغسيل التي بقيت لسنوات، لتجد الحوض وهو لامع براق.

عاشت والدتها بعد ذلك لمدة ثلاث سنوات فقط. تقول: «ولكن لأنها كانت قادرة على الاعتذار، أصبحنا أقرب مما كنا عليه من أي وقت مضى، وكان لدينا الوقت المتبقي معًا لتجري عملية الشفاء والتئام الجراح التي كانت بيننا».

ووفقًا لإنجل، التي قامت لاحقًا بتأليف كتاب بعنوان «قوة الاعتذار»، فأن تقول أنك آسف يمكن أن يكون شيئًا أقرب إلى معجزة صغيرة في تأثيره عليك وعلى الآخرين. وأضافت: «لا يمكن للاعتذار تغيير ما حدث، ولكن من المفارقات، أنك إذا فعلت ذلك بصدق، فإن هذه الكلمة قادرة على فعل هذا الشيء المهم: التراجع عن الآثار السلبية للفعل السيئ الذي قمت به».

أهمية الاعتذار ومدى صعوبته

إن الاعتذار النابع من القلب عن السلوك السيئ يظهر التعاطف واحترام الطرف الآخر، فأنت تعترف بمشاعرهم وتؤيد التجربة السيئة التي يمرون بها بسبب أفعالك أو أقوالك. الاعتذار يظهر أنك تهتم بما فيه الكفاية لكي تقلل من ذاتك وتظهر بوصفك شخصًا متواضعًا، مما يقربك أكثر من الآخرين.

عندما لا تعتذر – حتى لو لم تكرر السلوك – لا يمكن للطرف المظلوم أن يكون متأكدًا من أنك تفهم خطأك، أو تندم على أفعالك أو تهتم بألمهم، ويزداد الشعور بالاستياء وعدم الثقة وتتباعد المسافة بينكما دون أن تشعر.

السؤال هنا، لماذا نجد أنه من الصعب جدًا القيام بهذا الأمر؟

يعتقد الطبيب المعالج أندرو مارشال، مؤلف كتاب «Wake Up and Change Your Life»، أننا نكافح مع فكرة الاعتذار أكثر مما كانت تفعله الأجيال السابقة، «إنه بالتأكيد يصبح من الصعب الاعتذار»، كما يقول.

وأوضح أننا باعتبارنا مجتمعًا، نحن مهووسون جدًا باحترام الذات للدرجة التي تجعلنا لا نقر ونعترف بأننا لسنا بهذه الدرجة من الكمال، «بمجرد الاعتراف بأنك ارتكبت أخطاء، فهذا جزء من كونك إنسانًا، وهو أمر لا مشكلة فيه ولا يقلل من شأنك كما تعتقد، وبالتالي يمكنك أن تكون قادرًا على الاعتذار لأنك لست هذا الشخص المثالي الذي تحاول تصويره لنفسك».

كيف تقدم اعتذارًا له معنى؟

إذا كان لديك صعوبات في الاعتذار، فإن الخطوات التالية تعلمك أنجع وسيلة لهذا الأمر. الاعتذار الهادف يتمثل في ثلاث كلمات: الندم والمسؤولية والعلاج.

1- الندم والأسف

أنت بحاجة إلى إعلان أسفك لأنك تسببت في إلحاق الأذى أو الضرر. على الرغم من أن نيتك قد لا تكون إلحاق الضرر، فإنك تقر بأن عملك أو تقاعسك قد أضر هذا الشخص. وهذا أمر يدعو إلى الأسف. وهذا يتضمن تعبيرًا عن التعاطف مع الإقرار بالظلم الذي سببته.

2- المسؤولية

قبول المسؤولية عن أفعالك. وهذا يعني عدم إلقاء اللوم على أي شخص آخر وعدم تقديم أعذار لما فعلته. ولكي يكون الاعتذار فعالًا، يجب أن يكون واضحًا أنك تقبل المسؤولية الكاملة عن فعلك أو عدم اتخاذ إجراء ما. لذلك، يجب أن يتضمن اعتذارك بيانًا بالمسؤولية.

3- العلاج

الإعلان عن الرغبة في معالجة الوضع، بينما لا يمكنك التراجع عن الماضي، يمكنك إصلاح الضرر الذي تسببت فيه، لذلك، يجب أن يتضمن الاعتذار المجدي بيانًا تقدم فيه الرد، أو وعدًا باتخاذ إجراء حتى لا تكرر السلوك.

ما لم تكن جميع هذه العناصر الثلاثة موجودة، فإن الشخص الآخر سوف يشعر أن هناك شيئًا مفقودًا في اعتذارك.

اجمالي القراءات 3602
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق