مرسي يشيد بأطروحات سيد قطب ويدافع عنه

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٠٦ - مايو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً.


مرسي يشيد بأطروحات سيد قطب ويدافع عنه

أفكار قطب تستمر مع جماعة الإخوان ووضعتها داخل قضبان التشدد والغلو

عبد الجليل معالي 

لئن تعتبر جماعة الإخوان وحدة فكرية وتنظيمية صمّاء تقوم على الثوابت والمنطلقات نفسها، إلا أن عديد القراءات –حتى من داخل البيت الإخواني- تجمعُ على أن التيار القطبي مثلَ انحرافا خطيرا على المنطلقات التي كرّسها حسن البنا عند بنائه للجماعة.

التدليل على خطورة الانحراف القطبي (إشارة لسيّد قطب) مقارنة بمنطلقات حسن البنّا في تأسيسه للجامعة، جاء في صيغة صيحة فزع أطلقتها قيادات إخوانية عديدة، تجرأت على فتح «باب المعبد» الإخواني، وعلى كشف أسرار الجماعة. وهذا لا يعني أن إسهام حسن البنا كان نقيّا بالدرجة التي يمكنُ معها تنزيه الجماعة –بمنطلقاتها وأعمالها ومواقفها السياسية والميدانية من كلّ مسؤولياتها- لكن يبدو أن البونَ بين سلوك وأداء الجماعة زمن البنا، ازداد اتساعا عن مثيله عند ارتفاع سطوة سيد قطب.

يكفي أن نشيرَ إلى كتابات المحامي ثروت الخرباوي، وتصريحات الإخواني السابق كمال الهلباوي، فضلا عن كتابات أخرى كان آخرها كتاب «الإخوان المسلمون: قراءة في الملفات السرية» للكاتب عبد الرحيم علي، وهو نفسه صاحب كتاب «كشف البهتان وقائع العنف وفتاوى التكفير» الذي صدر عام 2010.

المهم أن كلّ تلك المتون الصادرة أخيرا، اتفقت على كشف جماعة الإخوان وارتباطها بالعنف وتلبسها بالتنظيمات السرية، واتفقت كذلك على تأثير تيار سيد قطب الذي أحدث نقلة في نظر الجماعة للعمل السياسي، وهو من تولّى قيادة الإخوان المسلمين بعد وفاة حسن البنا، وأعاد بلورة أفكارها وثوابتها حيث قدّمَ نظرية جديدة للحركة الإسلامية ضمّنها في كتابيه: في ظلال القرآن، ومعالم في الطريق. تتركزُ أفكار المدرسة القطبيّة أساسا على أن المجتمعات المعاصرة هي «مجتمعات جاهليّة» بما في ذلك المجتمعات الإسلامية، ولذلك كفّرَ الحكومات القائمة في بلاد المسلمين وأكّدَ على «عدم جواز المشاركة في الحكم أو ممارسة العمل السياسي في ظلّ الحكومات الكافرة». ولا تزال أفكار سيّد قطب مسيطرة على غالبية شباب العالم الإسلامي، ويعتبر بذلك المرجع الأول لفكر تكفير الحكام وإحياء الجهاد في هذا العصر.

الملاحظُ أيضا أن أفكار قطب مثلما تشربت بالمنطلقات الفكرية السلفيّة، إلا أنها «تسربت» أيضا إلى بعض التيارات السلفية وحصل ذلك خاصة أثناء الزواج الفكري بين الإخوان والجماعة الإسلامية في الجامعات المصرية أثناء حقبة السبعينيات، حيث حصلت عملية تأثير وتأثر واسعة بين الطرفين.

ما يهمنا في هذا المبحث أن الرئيس المصري محمد مرسي صرّح خلال برنامج تلفزيوني من تقديم الإعلامي ضياء رشوان بُثّ على قناة «الفراعيـن» المصرية عام 2009 بما يفيدُ دفاعه وإشادته بسيّد قطب. وقال مرسي خلال تدخله التلفزيوني أن «سيد قطب يقول كلاما يحرّكُ الوجدان ويمس القلب، ويتحدى العقل ويوجد صورة حقيقية لهذا الإسلام الذي نبحث عنه، وليست الصورة المجتزئة في اتجاهات كثيرة نعرفها، وكنا نقرأ أيضا عنها لأن العاطفة الإسلامية جياشة في السن المبكّرة، والباحث في ذلك الوقت يبحث بعقل وإدراك، لكن توجد بعض الكلمات والمصطلحات التي تحتملها اللغة العربية يجب أن يفهمها الناس قبل القراءة. وكنت أقول لأولادي وللشباب، من يريد أن يقرأ سيد قطب فعليه أن يصبر، فهو يكتب مقدمة لسورة طولها 50 صفحة من القطع الكبير، وهذا ما يجعل المرء يحسّ بأن هذا هو الإسلام الذي نبحث عنه دون تكفير للمجتمع، ونحن لا نرضى بذلك ولا يمكن أن يقبل هذا الكلام على الإطلاق، ونحن لا نقبل به». وأضاف مرسي قائلا: «أنا أقرأ بعقلية مفتوحة وأنا بصدد البحث عن الإسلام وقد وجدته في ما كتبه سيد قطب واضحا جليا، تحريت وسألت الكبار وسمعت منهم كلاما كثيرا، مع أن البعض يختلف عن البعض الآخر لأن كل واحد رآه من زاوية… لكنني عندما جمّعت كل هذا وتوصلت إلى أن الرجل كان مسلما، فالرجل يريد أن يعرض هذا الإسلام بالصورة التي يجب أن يكون عليها المنهج الذي يوجدُ مسلمين حقيقيين».

يشارُ إلى أن البرنامج المشار إليه شهدَ حضور محمود عزت (الأمين العام للجماعة آنذاك) صحبة مرسي كما تضمن تدخلا هاتفيا من محمد بديع المرشد الحالي لجماعة الإخوان، وأجمعوا على أن فكر سيّد قطب لا يهمّ جماعة الإخوان المسلمين فقط، بل إنها أفكار الإسلام نفسها.

لم يكن مثيرا أن يدافع مرسي باستماتة عن سيد قطب وأفكاره، لكن المثير هو أنه نفى عنه صفة التكفير وتقسيم المجتمعات إلى قسم مسلم، وقسم كافر. والحال أن هذه الصفة (التكفيرية) أكدها لدى قطب عديد شيوخ وأقطاب التيار الإخواني لعلّ أشهرهم وأبرزهم، يوسف القرضاوي الذي قال صراحة وبشكل لا يقبلُ التأويل أن «سيّـد قطب خرج عن منهج أهل السنّة والجماعة» بسبب التكفير العام أي التكفير لعامة الناس والنظم السياسية الحاكمة معا، ذلك أن أهل السنة والجماعة كانوا يحتاطون في الحكم بالتكفير على أحد إلا بعد تحقق شروط وموانع في غاية التعقيد والصعوبة». وحذر القرضاوي من الذين يؤمنون بأفكار سيد قطب داخل جماعة الإخوان وقال أنهم يسيرون عكس «الحركة الصحيحة لجماعة الإخوان المسلمين».

السؤال الجدير بالإثارة في هذا الباب هو، إلى أي حد يمثل المكون القطبي في العقيدة والتفكير والرؤية، جزءا من عالم الإخوان الفكري؟ وهل يمثل الملمح القطبي مكونا أصيلا على غرار ما مثّله حسن البنا؟ أم أنه يعدّ تهجينا في روح الجماعة قام به من يعرفون بتيار التنظيم الخاص الذي برز داخلها خاصة انطلاقا من عام 1965؟

قد تختلف الإجابات حسب زوايا النظر، لكن الثابت أن أغلبَ ما يسود اليوم من سلوك الإخوان ونظرهم لغيرهم من «الأجسام السياسية» المجاورة، وتأثيمهم للجميع حتى من حالفهم في وقت قريب، كلّ ذلك يعدّ امتدادا لسطوة القطبيين داخل الجماعة. ولعل إشادة الرئيس الحالي مرسي بسيد قطب ومحاولته سحب «تهمة» التكفيرية» عنه، رغم اتفاق أغلب الإخوان على ذلك، يعدّ ضربا من هضم واستيعاب لأفكاره إن لم يكن تشبعا واقتناعا بها، وهو ما سمح لثروت الخرباوي بالقول أن سلوك إخوان مصر اليوم يساسُ ويُدارُ بعقلية قطبية تكفيرية ملغية للغير.

اجمالي القراءات 5285
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق