حديث القرآن بالقرآن

اضيف الخبر في يوم الجمعة ٢١ - أكتوبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الفجر


حديث القرآن بالقرآن

حديث القرآن بالقرآن

10/22/2011   1:47 AM

حديث القرآن بالقرآن


 

 
إن حديث القرآن عن القرآن فيه بيان لهدايته ومقاصده ، ودعوة إلى حسن تدبره والعمل به ، وهو حق يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم .
 
ومن حديث القرآن عن القرآن ما جاء في قوله تعالى من سورة البقرة .
 
﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [ البقرة:1،2] وفي البدء بهـذه الأحرف " الم " إعلام للمخاطبين بأن هذا القرآن الكريم منتظم من جنس ما تنظمون منه كلامكم من الحروف المعهودة للناطقين بهذه اللغة لم يخرج عنها أو يزد عليها . ومن غير المستطاع لإنسٍ أو جنٍّ أن يأتوا بمثل هذا القرآن ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً .
 
وفي ذلك ما فيه من توجيه القلوب إليه وهي تري تَفَرُّدَهُ ، مع أن الحروف التي انتظم منها هى الأحرف التي يعرفها الناس وينطقون بها .
 
ولكن رفعة شأنه وبعد مكانته لا تجعل للخلق مطمعاً في الإتيان بمثله أو بسورة من مثله . ولذا جاءت الإشارة إليه بقوله ﴿ ذلك الكتاب ﴾ للدلالة على بعد المشار إليه . فإن ما في الإشارة من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإيذان بعلو مكانته وكونه في الغاية القاصية من الفضل والشرف .
 
وكذلك القرآن المجيد بعيد في شرفه وعلو مكانته قريب في تبصرته وهدايته .
 
﴿ ذلك الكتاب ﴾ إشارة دالة على التعظيم .
 
والكتاب في الأصل مصدر . وقد يراد به المكتوب .
 
وأصل هذه المادة الدلالة على الجمع ومنه كتيبة الجيش . والكتاب عُرفاً ضم بعض حروف الهجاء إلى بعض . وتسمية القرآن بالكتاب هكذا بالتعريف فيه أيضاً تنويه بمكانته، وأنه الجدير بأن يُخَصَّ بإطلاق هذا الاسم عليه من بين الكتب المنزلة ؛ لأنه المهيمن الحافظ لمقاصدها وهدايتها، الشاهدُ المؤتمن على ما جاء فيها ، وبه ينقطع كل ادّعاءٍ على الكتب المنزلة قبـله، ويبطل كل باطل ينسـب زوراً إليها ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ﴾ ( سورة المائدة : 48 )
 
فلا سبيل مع هذا الكتاب لتَقَوُّل على الله أو ادعاء على رسله . ونور الحق الذي جاء به ساطعٌ يبطل كل باطل ﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ ( سورة فصلت : 41 ، 42 ) وقد حفظه الله وأبقاه .
 
وفي حفظ الله له مخاطبة للخلق بكلمة الحق التي بعث بها الأنبياء جميعاً وجاء خاتَمُهم صلى الله عليه وسلم ليبلغها للناس أجمعين ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ ( سورة الأعراف : 158 )
 
فقد نُزِّل الكتاب المحفوظ بحفظ الله على النبي الأمي خاتم النبيين بلاغاً للعالمين فليس بعد هذا الكتاب كتاب ولا بعد الرسول المنزل عليه رسول . ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً ﴾ ( سورة الفرقان : 1 )
 
﴿ ذلك الكتاب لا ريب فيه ﴾
 
فإن قيل قد وجد الريب من كثير من الناس في القرآن ، وقوله ﴿ لا ريب فيه ﴾ ينفي ذلك .
 
فالجواب أن المنفي كونه متعلَّقاً للريب ومَحلاًّ له . بمعنى أن معه من الأدلة ما لو تأمله المنصف المحق لم يَرْتَب فيه ، ولا اعتبار بريب يكون من مرتاب لم ينظر حق النظر ومعرض لم يرد أن يتدبر .
 
﴿ هدي للمتقين ﴾ أي رشاد وبيان . وتخصيص الهدى بالمتقين يدعونا إلى وقفة متأنية نرى فيها لماذا خصهم مع أن هداية القرآن عامة شاملة وقد جاءت الهداية مطلقة في قوله تعالى : ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ ﴾ [البقرة: الآية185] فلماذا خَصَّ وعَمَّ وأطلق وقيد ؟ لماذا خَصَّ في موضع وعَمَّ في آخر ؟
 
إن القرآن من حيث هو نور وهدى للناس أجمعين . ومن حيث الانتفاع به والفوز بهدايته لا يكون إلا لمن اتبعه وأخضع هواه لما جاء به ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ﴾ [ طه 123 – 127 ]
 
فتخصيص الهدى بالمتقين لما أنهم المقتبسون من أنواره المنتفعون بهدايته ، وإن كانت هدايته شاملة لكل ناظر من مؤمن أو كافر ولكن لا يظفر بنتائجه إلا من اتبعه واهتدى بهداه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه .
 
والآثار التي تترتب على التقوى في حياة الناس لا تخفى .
 
فإن من اتقى كف شرّه عن غيره وقدَّم خيره . وردّته تقواه عن ظلمه لنفسه في الإعراض عن الذكر أو الإساءة لغيره .
 
وأما في الآخرة فالدار دارهم ونعم دار المتقين ﴿ وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ ﴾ ( سورة النحل : 30 ، 31 )
 
ومن رحمة الله بالخلق أن جعل للتقوى شرعة ومنهاجا .
 
ومنهاج المتقين قرآن . وأهل التقوى في جميع أحوالهم متبعون لا مبتدعون ، يخضعون أنفسهم للحق ولا يتبعون الأهواء . فإن اتباع الهوى جهل وضلال واتباع الهدى هدى ونور ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ * هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ ( سورة الجاثية : 18 ـ 20 )
 
إن موقف الناس من الحق الذي أنزل هو الذي يحدد مصائرهم .
 
والقرآن الكريم يبين الجزاء ويذكر النتائج ﴿ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ﴾ (لأنفال: الآية42) فلا يدع الناس يتيهون دون تحديد للمعالم والصفات ، بل يبين صفات الناجين المفلحين ليتبع الناس سبيلهم، ويذكر صفات الهالكين الخاسرين ليجتنب الناس سبلهم ، ويفيض في ذلك إفاضة بالغة حتى لا تبقى لأحد من الناس حجة أو معذرة .
 
القرآن هدى للمتقين لأنهم المنتفعون بنوره . فمن هم المتقون الذين خصهم القرآن بهدايته وشملهم الرحمن برحمته ؟
 
نقرأ في القرآن المجيد تحديداً لصفاتهم وبيانا لأعمالهم .
 
وإذا تدبرنا آثار هذه الأعمال وتلك الصفات رأيناها أمنا لدنيا الناس وسلاما لحياتهم وتراحما فيما بينهم والراحمون يرحمهم الرحمن ، ومن لا يرحم لا يرحم .
 
﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (2) )الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) ﴾ ( سورة البقرة : 2 ـ4 )
 
هؤلاء هم الذين انتفعوا بهداية القرآن فعَلموا وعمِلوا وبَّروا وصدقوا وآمنوا برسل الله جميعا ولم يفرقوا وأيقنوا بلقاء الله فسارعوا إلى الخيرات وكفوا عن السيئات . أرأيت أخي المسلم أن هداية القرآن رحمة للناس في دنياهم وأخراهم .
 
فمن اهتدى بالقرآن استقام وأصلح وأفلح ، ومن أعرض عنه ضل وشقي وأفسد وندم على التفريط فيه يوم لا ينفع الندم . وفي القرآن إنذار لهؤلاء وبشرى لأولئك ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ﴾ [ سورة الإسراء : 9 ، 10 ]
اجمالي القراءات 5822
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   عبدالمجيد سالم     في   السبت ٢٢ - أكتوبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[61013]


يستكثر البعض القول بإن أهل القرآن أثروا في العقلية العربية والإسلامية والشرقية ..
ألى كل هؤلاء عليهم أن يقرأوا المقال السابق .. 
الشكر لأهل القرآن على ما قاموا به من جهد تنويري ..

2   تعليق بواسطة   رضا عبد الرحمن على     في   السبت ٢٢ - أكتوبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[61020]

هناك صحوة حقيقية والسبب فيها الفكر القرآني هذا كلام منطقي وواقعي وملموس

الاستاذ عبد المجيد سالم

ما قلته صحيح ولا غبار عليه فعلا هناك صحوة حقيقة ونظر غير معتادة للقرآن الكريم من قبل كثير من المسلميمن واعتقد انه لا سبب آخر فجر هذه الصحوة غير الصدمات التي حدثت بسبب الفكر القرآني وانتشاره هنا وهناك كثير من المسلمين علماء وباحثين وأشخاص عاديين بداوا في البحث من جديد وفي قراءة القرآن بطريقتنا والتعامل معه بأسلوبنا ومنهجنا وحسب ما تقوم به مدرسة أهل القرآن ، ومن منهم يبحث ويتعامل مع القرآن بنفس الطريقة فهو يريد الهدى والله جل وعلا يقول والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وهذا وعد من الله لكل من يصدق ويتعامل مع القرآن بهدف الهداية والبحث عن الحقيقية ، وأعتقد أنه منذ ثلاثة عقود لم يخرج من أي مؤسسة دينية أو تعليمية أو دعوية منهج وفكر يدعو الناس للرجوع للقرآن وحده والتعامل معه بطريقتنا ، لم يفعل هذا الا رواد اهل القرآن وقد تحملوا الكثير والكثير  ولكن بفضل الله جل وعلا النتائج بدأت تظهر والهداية من عند الله إنه يهدي من يشاء ويضل من يشاء

3   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   السبت ٢٢ - أكتوبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[61026]

" ذلك الكتاب لا ريب فيه " ، وما خلافه من كتب فيه ريب

فعلا لا ينكر منصف او عاقل تاثير موقع اهل القرآن على غيره والله سبحانه يجعله في ميزان حسناتهم ، وهذا أفضل من أي تكريم دنيوي لا فائدة منه ، لكن عند قراءة قوله تعالى " ذلك الكتاب لا ريب فيه "  تاكيدا على ان القرآن  هو فقط الكتاب الذي لا ريب فيه ، أما الكتب الثانية او الأخرى فهي فيها ريب ، وهذه خضوضية لكتاب الله فقط تخرج باقي الكتب البشرية زائد أنه كلمة الكتاب معرفة ومشار لها للتأكيد على انه الكتاب المعروف لنا جميعا وهو كتاب الله القرآن الكريم . ودائما صدق الله العظيم

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق