التنظيمات السرية التى ترشح الرئيس القادم لمصر

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٢١ - سبتمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الفجر


التنظيمات السرية التى ترشح الرئيس القادم لمصر

 

التنظيمات السرية التى ترشح الرئيس القادم لمصر

 الصفحة رقم   7


 
 
قام الحزب الوطنى بتعديل نظامه ونص على وجود انتخابات داخلية لاختيار مرشح الرئاسة فلماذا تم ترشيح جمال من خارج رحم الحزب الحاكم؟ من الصعب الوصول للشخصيات الحقيقية التى تقف وراء إطلاق المرشحين وبالمثل أهداف كل حملة فى لقطات كثيرة تظهر وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون بجوار الرئيس الأمريكى أوباما دون أن نتوقف الآن عند مغزى الصورة، ولكن فى بداية فترته الرئاسية كان أوباما يطلق النكات الموحية على علاقته بوزيرة خارجيته والتى كانت منافسته اللدودة فى الانتخابات الداخلية للحزب الديمقراطى على الترشح للفوز بفرصة الترشح لرئاسة الجمهورية، وفى احتفال بمناسبة مرور يوماً على رئاسته وصف اوباما علاقته بهيلارى بالطيبة واضاف ساخرا عندما عادت هيلارى من رحلة المكسيك قبلتنى بحماس، وضحك الحاضرون فقد توفى احد اعضاء الوفد اللامريكى بإنفلونزا الخنازير أثناء زيارة هيلارى للمكسيك
ففى أمريكا والدول المتقدمة والديمقراطية بحق وحقيق المنافسة على منصب سياسى ليست عداوة بما فى ذلك منصب الرئيس، البحث عن مرشح رئاسى يجرى بمنتهى العلانية والشفافية، والمهتمين والمعنيين يعلنون ميلاً للمرشح الفلانى أو القيادى العلانى بمنتهى الوضوح يمكن أن تعرف المتحمس للدفع باوباما فى انتخابات الرئاسة الأمريكية بالاسم وبل بالمبالغ التى مولوا بها حملات الدعاية
ويعمل المتصارعون على الرئاسة فى فريق واحد، ولكن فى مصر اتخذت حملات التأييد والتدعيم شكلا مختلفا تماما، وابتعدت عن الاحزاب، واقتربت كثيرا من التنظيمات السرية، مجموعات تظهر فجأة وتختفى هوية مطلقى الحملة، ويحيط الغموض بمصادر تمويلها، وأهداف مطلقى هذه الحملات، ويترفع المرشحون من قبل هذه التنظيمات السرية عن إعلان رغبتهم فى الترشح، يبدو الامر كأن المواطنين هم الذين يدفعون بهم الى تحمل شرف المسئولية، يتساوى فى هذه النقطة المهمة معظم مرشحى التنظيمات السرية من جمال مبارك الى الدكتور محمد البرادعى مرورا بالامين العام للجامعة العربية عمرو موسى، وإن كان الاخير قد ألمح ذات مرة الى احتمال التفكير فى الأمر
وقد انطلقت فكرة هذه التجمعات من خلال شبكة الإنترنت، وصفحات الفيس بوك وهى بداية تناسب طبيعة التنظيمات السرية، فالشبكة العنكبوتية تزيح الغموض، وتمنح مستخدميها ميزة التخفى وراء أسماء مستعارة، وهى تشبه الاسماء الحركية فى التنظيمات السرية، وقد بدأت الحملات الرئاسية تظهر على استحياء على شبكة الإنترنت قبل ظهور الدكتور محمد البرادعى فى المعادلة السياسية، وبدأت مجموعات من النشطاء يخصصون صفحات على الفيس كمنتديات لترشيح عمرو موسى، وايمن نور، حمدين صباحى وبنسبة أقل احمد زويل، ودخلت مجموعات مؤيدة لجمال مبارك على الشبكة للتصريح للمرة الاولى منذ نحو عامين الى الدعوة لترشيحه للرئاسة بشكل صريح، وعندما وصل الأمر الى هذه الدرجة من الوضوح ورغم تزايد هذه المواقع والمنتديات الرئاسية لم تحدث هذه الترشيحات آثارا مباشرة على اصحابها باستثناء أن الحزب الوطنى، أو بالاحرى مجموعة جمال مبارك قد أبدت اهتماما خاصا بتكثيف التواجد الاعلامى على شبكة الإنترت، وقدم جمال مبارك فى اكثر من مناسبة حوارات تفاعلية مع الشباب، وتم بثها مباشرة على شبكة الإنترنت من خلال رابط خاص بموقع الحزب الوطنى
ولكن الامور اشتعلت بدخول الدكتور محمد البرادعى فى المعادلة السياسية والتركيز على ترشيحه فى الانتخابات الرئاسية القادمة عبر الإنترنت وقد لفت الاقبال على ترشيح البرادعى الكترونيا الأنظار، وبما فى ذلك انظار البرادعى نفسه، فقد توقف البرادعى بنوع من الفخر عن تضخم عدد مؤيديه على شبكة الإنترنت
ولكن الواقع الافتراضى يختلف كثيرا عن أرض الواقع، والتسامح أو ربما التهاون الذى ابداه الكثيرون مع حملات الإنترنت سرعان ما اختفى مع حملات التأييد على ارض الواقع فقد قوبلت حملة البرادعى لجمع توقيعات بالهجوم العنيف من قبل اعلام الحكومة وسياسييها، وتعرض بعض اعضاء هذه الحملة الى مضايقات امنية وخصصت صحيفة يومية قومية بابا ثابتا فى صدر صفحتها الاولى للهجوم على حملة التوقيعات واثبات عدم شرعيتها وتكرر الامر على الجانب الاخر فما أن ظهرت حملة ترشيح جمال مبارك فى شوارع القاهرة حتى انفجرت اتهامات المعارضة بان الحملة مقدمة لتوريث جمال مبارك، ورغم نفى الحزب الوطنى صلته بالحملة فإن التسامح الحكومى الذى قوبلت به الحملة ومنظموها اوحى للمعارضين بثمة قبول من احد اجنحة الحزب بالحملة ورغم إعلان أسماء منظمة الحملة فقد بقيت جوانب كثيرة تحيطها الغموض مثل التمويل والتوقيت، وهناك حملات اخرى مماثلة يحيطها الغموض الكامل
وبعيدا عن الحملات أو بالاحرى التنظيمات السرية لترشيح الرئيس القادم فان الامر اللافت للنظر والمشترك هو بعد كل الحملات عن الاحزاب السياسية بل إن معظم المرشحين الرئاسيين فى هذه الحملات لا يرتبطون باحزاب، الدكتور البرادعى يرفض الانضمام لحزب معارض، وحمدين صباحى رئيس لحزب لايزال تحت التأسيس، وايمن نور يواجهه قانونا حظر على ترشيحه ومبعد من حزب الغد الذى أسسه
فنحن امام حالة ميلاد خارح رحم الاحزاب حالة من الحراك السياسى ترفض العمل الحزبى ولا تؤمن بالاحزاب، تزايد هذه الحملات خارج عباءة الاحزاب يؤكد أن الحراك السياسى قد تجاوز الاحزاب، وان التغييرات والاصلاحات التى تتبناها الاحزاب لاتسطيع الصمود على ارض الواقع الاحزاب المعارضة والحزب الوطنى على حد سواء
لقد اجرى الحزب الوطنى تعديلات على نظامه الاساسى، وعاير الاحزاب المعارضة باصلاحاته الهيكلية، وكان من بين هذه الاصلاحات النص على نظام جديد لاختيار مرشح الحزب فى الانتخابات الرئاسية، وطبقا لهذا النظام فقد اصبح من حق كل عضو فى الحزب التقدم لانتخابات داخلية فى الحزب على منصب المرشح للرئاسة، ولكن حملة ترشيح جمال جاءت ظاهريا على الاقل من خارج رحم الحزب وتعددت التفسيرات حول حملة جمال، البعض قال إن الحزب تحرج من اطلاق الحملة من داخل البيت منعا لشائعات التوريث، وانه اراد أن يطرح جمال من الشارع كبديل، واخرون استنكروا من حيث المبدأ من طرح ترشيحات قبل أن يبدى الرئيس مبارك رأيه النهائى فى عملية الترشح وكل اسم من داخل النظام طرح اسمه فى الترشيحات تعامل مع هذه الترشيحات كوباء يجب التخلص منه، وجريمة لابد من نفيها، وقد نسى الجميع التعديلات للتشبه بالأنظمة الديمقراطية ربما لأن طريق الديمقراطية الحقيقى يحتاج الى مجهود شاق وطويل وجاد ربما لأن تعديلات الورق لاتكفى لمواجهة المورثات السياسية التى نشأت فى ظلها كل الاحزاب فالمنافسة السياسية ليست عداوة ولا قلة أدب، والتغيير الحقيقى هو قبول فكرة المنافسة داخل اطار الشفافية بدلا من مخاطر التنظيمات السرية التى تظهر من حين لآخر دون أن يظهر منظموها أو نعرف أهدافها الحقيقية، وبدون ثقافة المنافسة السياسية لم تتوقف مثل هذه الحملات الغامضة مجهولة النسب والهوية، فليس من المقبول أن يتحمس مواطنون لترشيح شخص ما لأعلى منصب فى الدولة دون أن تكون لديهم الجرأة أو الشجاعة لإعلان اسمائهم واختيار طريق الشفافية لاختيار مرشح ما فى اهم انتخابات فى مصر
 
اجمالي القراءات 3038
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق