الجن والتوراة

الجمعة ٢٦ - يناير - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
أسئلة من الأستاذ ميلود حُميده عن ( الجن والتوراة وصحف ابراهيم وموسى ) السلام عليك يا دكتور / أحمد صبحي منصور. يقول الله تعالي (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنْ الْجِنِّ) ما معنى كلمة وإذ صرفنا؟ بمعنى ما هى الطريقة الذي تم إرشادهم بها للذهاب للإستماع للقرآن، وما سبب ذِكر إستماع الجن للتوراة والقرآن دون باقي الكتب السماوية الزبور والإنجيل وصحف إبراهيم وموسى، وهل المذكور في صحف موسى ليس ضِمن كتاب التوراة ؟
آحمد صبحي منصور :

أولا :

قال رب العزة جل وعلا فى سورتى ( الأحقاف ) و ( الجن ). :

1 ـ ( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِي اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِي اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (32)  الأحقاف )

2 ـ ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً (2) وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً (4) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً (5) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً (6) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً (7) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعْ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً (9) وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً (10) وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً (11) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً (12) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً (13) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً (15)  الجن ) .

بعض تدبر :

1 ـ  ( صرف ) يتغير معناها حسب حرف الجر بعدها . مثلا : (صرف الى) تعنى : توجه نحو

 وجاء هذا فى  قول الله  جل وعلا : ( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ ) (29) الاحقاف ) يعنى وجهناهم اليك . ويقول جل وعلا ( وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ) (47) الاعراف ) يعنى توجهت ابصارهم نحو أهل النار .

2 ـ ما لم يأت فى القرآن يكون غيبا ، لا يجوز لنا أن نتكلم فيه . عن موضوع الجن هنا : لا نعلم طريقة الكلام ولا طريقة الاستماع ، ولا كيف كان اللقاء بين مخلوق مادى ومخلوقات برزخية . لكن المستفاد أن فى الجن قوما مؤمنين وكافرين ، وأن القرآن الكريم ليس فقط للعالمين من البشر بل للجن والانس معا .

ثانيا :

عن التوراة

1 ـ ( التوراة ) هى الكتاب أو الصحف أو الألواح التى تلقاها موسى عليه السلام فى لقاء ربه فى جبل الطور . قال جل وعلا : ( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا ) (145) ، (  وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154)   ) الاعراف)،

2 ـ يحتل كتاب موسى موقعا هاما فى تاريخ الرسالات الالهية :

2 / 1 : إذ نزل بعد إنتهاء عصر التدخل الالهى فى إهلاك الكافرين بدءا بإغراق قوم نوح الى إغراق قوم فرعون . قال جل وعلا : (  فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ (41) وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنْ الْمَقْبُوحِينَ (42) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (43) وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنْ الشَّاهِدِينَ (44) القصص ).

2 / 2 : الله جل وعلا يصف التوراة الحقيقية بنفس أوصاف القرآن الكريم ، قال جل وعلا :

2 / 2 / 1 : ( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ) ( المائدة 44 )

2 / 2 / 2 : ( قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ) ( المائدة 91 )

القرآن الكريم بصائر (  هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (20)  الجاثية ) وكذلك التوراة الحقيقية : ( القصص 43 )

3 ـ وما نزل على بنى إسرائيل بعد التوراة من كتب إلاهية كانت تابعة للتوراة ، وآخرها الانجيل الذى نزل مصدقا للتوراة ، وقد تعلمهما عيسى عليه السلام . قال جل وعلا :

3 / 1 : ( وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (48)  آل عمران )

3 / 2 : ( وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنْ التَّوْرَاةِ )  (50) آل عمران )

 3 / 3 : (  وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) المائدة )

4 ـ أما صحف ابراهيم فهى الأصل ، وفيها ملة ابراهيم ، والتى أمر الله جل وعلا أهل الكتاب وأهل القرآن والأنبياء بإتّباعها حنفاء ، أى بدون الوقوع فى الشرك ، أى مخلصين له جل وعلا الدين . وفى عصر نزول القرآن الكريم كانت صحف ابراهيم وموسى موجودة معلومة ، قال جل وعلا :

4 / 1 :  ( وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمْ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ )   (43) المائدة )

 4 / 2 :  (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93)  آل عمران )

4 / 3 : ( وَقَالُوا لَوْلا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الأُولَى (133) طه ) .

5 ـ

وجاء فى القرآن الكريم آيات منهما . قال جل وعلا :

5 / 1 :( أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى (41) وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (46) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى (47) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى (48) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى (49) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الأُولَى (50) وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى (51) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (52) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (53) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (54) النجم )

5 / 2 : ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19) الأعلى ) 



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 2442
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   حمد حمد     في   السبت ٢٧ - يناير - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً
[95053]

تحريف التوراة والإنجيل.


أدعوا الله تبارك وتعالى أن يبارك في عمرك وعلمك ، دكتور أحمد المحترم لدي سؤال متى تم تحريف التوراة والإنجيل مع إن القرآن العظيم وحسب ماذكرت إن في وقت نزول القرآن كانت تلك الكتب معلومة ومعروفة. وجزاك الله خيرا. 



2   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   السبت ٢٧ - يناير - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً
[95054]

جزاك الله جل وعلا خيرا استاذ حمد ، واقول :


بدأ التحريف مع الخلاف حول طبيعة المسيح وتأسيس الكنيسة . وكان بإخفاء التوراة الحقيقية والانجيل الحقيقى . وحدث هذا فى القسطنطينية ، بينما ظلت نسخ التوراة الحقيقية والانجيل الحقيقى فى  الجزيرة العربية ، مع أهل الكتاب فيها . ثم قام عمر بن الخطاء بإجلائهم من الجزيرة العربية ، فغادروا ومعهم أسفارهم ، الصحيح منها والمزيف .

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5203
اجمالي القراءات : 59,998,794
تعليقات له : 5,492
تعليقات عليه : 14,891
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


واسع: لو سمحت أريد معنى كلمة ( واسع ) التى جاءت فى...

الحلف بالله جل وعلا : كنت اسنتم ع الى ترتيل سورة النحل بصوت...

إقرأ لنا لو سمحت: سؤال عن بنى إسرائ يل أو اليهو د تكلم عنهم...

رجال وذكور: قال تعالى " {إِنّ كُمْ لَتَأ ْتُون َ ...

الطلاق: ذكر الطلا ق في القرا ن في قوله تعالى الطلا ق ...

التدخين لا يفطر: انا سوف اذهب للتدخ ين لأكن هذا الشي في ذمتكم...

أربعة أسئلة: السؤ ال الأول : عندي سؤال ان سمحت لي ، في...

ثلاثة أسئلة: السؤ ال الأول : يتك ر فى القرآ ن كلمة...

المس والملامسة : هل مجرد لمس النسا ء يستلز م حتما الغسو ل أو...

لعنة التجويد : معضم المسا جد السني ين تلاوت هم للقرآ ن في...

لماذا العرب بالذات؟ : الشيخ الأست اذ الدكت ور أحمد صبحي منصور...

مكر قريش: السلا م عليكم حاولت ان انضم الى موقعك م ...

عن ابنى والحسين .؟: هذا ما كتبته أنت عن إبنك "فى شجاعة نادرة تتفق...

لا تجنيد فى الاسلام: ما حكم الإسل ام في التجن يد الإجب اري ...

لجوء سياسى: أريد أن أقدم على لجوء سياسى هنا فى أمريك ا على...

more