محمد عبد المجيد Ýí 2011-12-09
التقيا عن غير قصدٍ، فهما يقفان في نفس الصف الطويل أمام أحد المحلات الكبرى في ثاني أيام الأوكازيون الشهير. إذا نظرت إليهما من بعيدٍ ظننتَ أنهما من عالــَمين مختلفيـّن، وإذا اقتربت منهما وتخيـّلت أنَّ السلفي حلق لحيـَتـَه وارتدى بدلةً أنيقة فوق قميص أبيض وربطــة عنق زاهية الألوان، والقبطــي وقد أطلق لحيتـَه، وكحــَّل عينيه، وقصَّ ذيـل جلبابـِه لعدة سنتيمترات شرعية، لا تزيد ولا تنقص، حينئذ ستكتشف أنَّ الإنسان مـَظــهر خارجي قبل أن ترسم كلماتـُه شخصيتــَه، وصفاته، وأولوياته في الحياة.
جرى بينهما حوارٌ في محاولة لطرد مـَلل الوقوف أمام المحل، والتقطنا نحواً منه، فكان كالآتي...
القبطــي: هل تظن أننا سنقف هنا طويلا، فأنا لدي موعد لأصطحب ابنتي الصغرى من المدرسة الابتدائية الملاصقة لتلك الساحة المواجهة للبرج المنتصب هناك؟
السلفي: أليست تلك هي المدرسة المختلطــة بين بنين وبنات، وناظرها قبطــي لا يكترث لحرمة الاختلاط بين الذكور والإناث؟ كيف لمسلم مثلك أن يبعث ابنته إلى مكان موبوء لا تزوره الملائكة، ولا تحيط به بركات اللــه؟
القبطــي: إنها واحدة من أفضل مدارس المدينة، وناظرها ترَبـَتّ على يديه أجيال مسلمة وقبطية خدمت الوطن أكثر من غيرها، وابنتي في التاسعة من عمرها، أي طـفلة صغيرة، ولا أظن أن أطفال التاسعة مهووسون بالجنس! وأنا مواطن قبطــي مصري، أرجو أن لا يكون لديك أي تحفظ على وقوفي معك في نفس الصف!
السلفي: العبرة ليست بسنوات العمر، فقد تكون هناك طــفلة في العاشرة من عمرها، وقد ماثل جسدها جسد فتاة ناضجة، وتكور نهداها كتفاحتين ملامستين لصدرها، وانتصب خصرها فبدت كأنها حورية روسية وصلت لتوها إلى مسابقة اختيار أجمل موديل في الحفل السنوي بميلانو الإيطالية!
ليس لدي أي تحفظ على وجودك معي، فأنا متسامح إلى أبعد الحدود، وآكل مما تأكل، ولا أخشى الجلوس بجوارك في المواصلات العامة رغم أن مصر بلدي، وأنت تنتمي إلى الأقلية التي من المفترض أن تدفع الجزية بالدينار الإسلامي، ولا تتساوى مع الأكثرية، لكنني لا أرد على تحيتك بمثلها فنحن نتبع السلف الصالح، ونرد على الكفار بما لا يوقعنا في شبهات الشرك!
لقد حسم صندوق الانتخاب في ديمقراطيتكم الكافرة التي لا نؤمن بها، ونجحنا بفضل اللــه، فالملائكة كانت تحرس أوراق التصويت قبل أن تختطف الشياطين بعض الأوراق وتقوم بتسليمها إلى هالة سرحان، ونحن أصبحنا سادة الأمة، ولن يمر وقت طويل حتى تأتينا أمم الأرض خاضعة، ذليلة، صاغرة، فنفرض شرع اللــه، ويتعلم سكان الأرض اللغة العربية، ويعترف أطباء الغرب أن اللحية تطرد الميكروبات عن الوجه، وتزيد الخصوبة، ويتضاعف احتمال انجاب الزوجة للذكور إذا كانت لحية زوجها أطول من شبرين.
القبطــي: أنا لست من الأقلية، ومصر بلدي، ولي فيها مثل الذي لكَ، وأنا لست مهووساً بقضايا الاختلاط والجنس لدىَ أطــفال كانوا إلى عهد قريب في بطون أمهاتهم.
كان طبيعيا حصولكم على تلك النسبة المرتفعة، فقد رفضتم الانضمام إلى شباب الثورة رغم أنهم هم الذين حرروكم من منتهكِ أعراضكم، وكنتم في عهد المخلوع أرانب تمشي على أطرافها الأربعة بحذر شديد، وتؤيدون قاتل أولادكم، وتعتبرون اللصوص أولي الأمر والخروج عليهم معصية.
فجأة ظــهرتم كفافيش الظلــلام، توزعون الفتاوى معجونة بالكراهية، وتبيعون أماكن وهمية في الجنة مع صكوك غفران نبذناها نحن منذ قرون عندما كانت الكنيسة تلعب دور السماء على الأرض.
لقد فرض عليكم المتسلط الطاغية قهراً متعنتاً، فتقوقعتم، وأنكفأتم على الذات وغرقتم في بؤس الطاعة العمياء، وحبستم أنفسكم في الماضي خشية مواجهة الحاضر وتحدياته، وخوفاً من انكشاف تهافتكم وسطحيتكم إذا اضطررتم لاستخدام العقل.
كلنا، نحن الأقباط، نحمل بدرجات متفاوتة ذكريات جميلة مع اخواننا المسلمين، ومعارك بعض متعصبينا رغم ظلمها الشديد للإسلام، دين الأغلبية، وعقيدة من تربينا معهم، وشربنا سويا من مياه النيل، وتعرضنا دون تفرقة لاعتداء قوى الاحتلال والغزو على مدى مئات الأعوام، هي معارك خرجت من رحم عالم الكراهية الذي بثته فتاويكم العفنة التي تؤكد بأننا نجس، وأن ردَّ السلام علينا ينبغي وضعه في كلمات لا تحمل المودة أو الرحمة، وأننا أقل منكم درجات عند اللــه.
لا أنكر سوادَ قلوب بعض الأقباط في منتديات ومواقع وفضائيات، لكن صدّقني فهؤلاء كان من الممكن جذب نصفهم على الأقل لو نزعتم من قلوبكم الغـِلَّ والمقتَ والبغضاء.
السلفي: قبطــي وحكيم أيضا؟ تناقض عجيب، فأنتم أيضا كنتم صامتين أمام مبارك، وأعطيتم له أصواتكم في الانتخابات المزيفة، وصرح البابا شنودة بتأييده لتوريث جمال مبارك، ولم تدافعوا عن معتقلينا رغم أمكانياتكم الهائلة في الوطن والمهجر، ولم نسمع أنكم تظـاهرتم أمام البيت الأبيض مطالبين بالافراج عن اخوانكم المصريين السلفيين والإخوان المسلمين!
أكثركم يعتبرون أنفسهم شعب الكنيسة وليس شعب مصر، وتطيعون البابا كما نطيع نحن مرشدنا الروحي وأمير الجماعة .. الشاة والراعي
وأنتم تميلون إلى الغرب، ولا تكترثون للعدو اليهودي، وتكرهون الإسلام، وتتبرج نساؤكم في الشوارع والجامعات والأسواق، وتعملون في هدم قيم أمتنا الإسلامية بانتاج أفلام فيها قبلات ساخنة، وتوجيه أولادكم إلى نشاطــات فنية وموسيقية وأوبرالية، وتصنعون أصناما في كنائسكم التي جاء الإسلام وقام بتحريمها.
لقد جاء دين الحق وقــُضي الأمر وما عليكم إلا الاذعان لحــُكم اللــه، والقبول بأنكم أقل درجة من المسلمين، وأن قتلاكم ليسوا شهداء، وأننا مهما فعلنا من آثام وذنوب فإن نبينا، صلوات اللــه وسلامه عليه، شفيعــُنا يوم القيامة.
القبطــي: لن أصل معك إلى نتيجة فأنت تقف في الصف وقد تركت جمجمتك في المنزل يعبث بها أطفالك. نحن نشارك في الحركة الثقافية مشاركة فاعلة، ومثمرة، وتاريخ أقباطنا مكتظ بالحكماء والعلماء والأدباء ولكن ظلم مناهج التعليم هي التي حجبت العصور المشرقة لأقباط مصر.
أنت جاهل بتاريخ شركاء وطنك، ولا تعرف اسم واحد فقط من أسماء قديسينا، وشهدائنا، وفرسان معاركنا ضد الغزو الأجنبي لمصر التي تزعم أنت أنها بلدكم فقط، فنحن قمنا بحماية مصر كاخواننا المسلمين تماما.
نطلق اسم شعب الكنيسة عندما غابت الدولة، وانحاز الأمن إلى المسلمين، واستكثرتم اعتبارنا ضحايا الكشح ونجع حمادي والزاوية وإمبابة وماسبيرو شهداء عند ربهم يرزقون، ولو كان هناك عدل ومواطنة ومساواة كاملة لخجل أي قبطــي من اللجوء إلى الكنيسة أو الاحتماء بها.
تقول العدو اليهودي فتعطــي بغبائك الفرصة لاسرائيل للادعاء أنها محاصرة من أعداء اليهود، وليس اسرائيل المغتصبة لأرض فلسطين.
لست متعاطفا مع الدولة العبرية، وقداسة البابا منعنا من زيارة بيت المقدس حتى تتحرر كنيسة القيامة مع المسجد الأقصى في الوقت الذي برر الأزهر معاهدة السلام مع اسرائيل كأنها صلح الحديبية.
قل لي بربك: هل تعرف جاسوساً قبطيا واحداً من بين كل الجواسيس الذين يعملون لصالح إسرائيل من مصر الإسلامية، وفقا لمسمياتك المغرضة؟ كلهم كانوا مسلمين، أليس كذلك؟
نحن لا نصنع أصناما في كنائسنا لكي يعبدها المسلمون، وتعاليم عمر بن الخطاب كانت دائما تأمر قادة الفتوحات الاسلامية أن لا يقتربوا من صوامع وكنائس ومعابد غير المسلمين، وأنا لست هنا مطـالـَبا بالدفاع عن ديني، وأنت تعلم جيدا أن حوار المقارنة بين أي دينين في العالم ينتهي بخسارة أتباع الاثنين، فكثير من تعاليم الأديان يفهمها المؤمنون بها فقط، فإذا شـَرَحـْتــَها فقد شـَرَّحْتــَها، وإذا بسطتها فقد عقــَّدَتها، وإذا عقلنتها فقد أحكمت لنفسك العقدة التي لا حل لها!
السلفي: إن معركتي ليست معك فقط لكنها ضد الليبراليين والعلمانيين واليساريين والشيوعيين والقرآنيين والناصريين والبهائيين والزاعمين أنهم معتدلون، وأيضا ضد الذين يــُعطون أولوية العقل على النقل.
نعم، نحن رفضنا الخروج على الحاكم حتى بدا سقوط مبارك حتمياً فأخذنا نصيبــَنا من نجاح الثورة التي جل شبابها من المطالبين باصلاحات جذرية قد تخالف عقيدة السلف الصالح، فهم يطلقون على قتلاكم الأقباط شهداء الميدان، وكانوا يدخلون الكنائس المجاورة للوضوء فيأثمون وتزداد سيئاتهم أضعافا مضاعفة.
شباب الثورة حمقى، وساذجون، ومتأثرون بأفكار غربية عن حقوق الإنسان، والافراج عن المعتقلين، واسترداد مليارات ولي الأمر التي وضعها في مصارف الكفار لأنها أكثر أمنا، فيستعيدها في الخطط الخمسية ومشروعات بناء مساكن للشباب الناكر للجميل، والثائر ضد بطل الضربة الجوية الأولى.
نحن رفضا الخروج لأن من يحكمنا بالسوط نـُعرّي له ظــهورنا، فنحن سلفيون، نرجع إلى الماضي ليردّ موتانا على تساؤلاتنا، وتجيب كتبهم العتيقة المتربة على كل ما يحيرنا، فلديهم أجوبة جاهزة على كل ما يدور بذهن المسلم السلفي، فالأرض ليست كروية، وغزو الفضاء حرام لأن المركبة الفضائية تتحدى اللــه وتخترق حُجُبَ السماء، وعلاج العقم مكروه لأنه اعتراض على قضاء اللــه وقدره، وتحديد النسل حرام حتى لو أنجب المتسول خمسين طفلا، فاللــه يرزقهم بغير حساب، فينامون تحت الكباري ويأتي فاعلو الخير فيعطوهم من رزق اللـه.
إن قضايانا ليست دنيوية ساذجة مثل البحوث العلمية، واحترام الشرعة العالمية لحقوق الإنسان، ومساواة المسلم الذي تنتظره اثنتان وسبعون من الحور العين بالقبطــي المؤمن بحكاية صلب المسيح.
إننا لا نضيع دقيقة واحدة في هموم العلمانيين الهابطــة مثل حرية التظــاهر ضد الحاكم الظــالم، ومساواة الرجل والمرأة في الأجور والخدمات، فالمرأة من ضلع أعوج، ومكانها البيت، والتعليم ليس ضروريا لها ولكن لا مانع من معرفة كيفية طــهي ما يحب الزوج.
سيأتي الوقت الذي تعم الفضيلة مصر كلها، ولا يرى مصري واحد وجه امرأة مسلمة حتى لو كانت ابنة عمه التي تربت معه طفولتهما، وسنحـَرّم كل الألوان على النساء ما عدا الأسود، وسنلغي قانون الفارق العُمري بين الزوجين فيمكن لرجل في التسعين أن يتزوج فتاة في الثانية عشرة من عمرها شريطـة أن يكون جسدها هيفائياً وعجرمياً، وأن يعدل بينها وبين زوجاته الأخريات، حتى في الفراش.
القبطــي: هذه دعوة لتهجير المصريين جماعات، أقباطـا ومسلمين، على زوارق متهالكة تغرق بهم في مناطق يرتع فيها سمك القرش، فهو أرحم علينا منكم.
إن معرفتك بالإسلام ليست أفضل من معلوماتي عن شركائنا في الوطن الواحد. وأنا أعرف أن القرآن الكريم يـَـحــُث المسلم على التَـفَكـُرّ، والتدبر، والتعقل، والتأمل، ويطلب منه أن لا يكون سلفياً" بل نتبع ما ألفينا عليها آباءنا"، والقردة فقط هي التي تــُقــَلد، والإنسان الذي كرّمه اللــه يستخدم رخصة العقل لتظل كرامة خليفة اللــه في الأرض ثابتة.
أنتم حصدتم في الانتخابات أصوات الناخبين الطيبين، والساذجين، وأيضا كثير من الأميين والجهلة الذين يظنون أن البسملة هي المعرفة، وأن الأدعية هي مختصر العلوم الفقهية.
لو قضت أيّ حكومة على الأمية، وارتفعت نسبة التعليم، وارتقى المواطن بثقافته، واحتل الكِـتابُ مكانته في صدور وعقول المصريين لما حصلتم على صوت واحد في الانتخابات إلا أن يكون صاحبه واقعاً تحت تأثير حبوب مغيــِّبة أو .. هلوسة.
أنتم تقودون مصرَنا الحبيبة إلى كارثة وحروب طائفية وأهلية لا تــُبقي ولا تذر!
عبقرية الحياة في مصر هي ألوان الطيف في الفنون والآداب والعقيدة والجنسيات، فتختلط لتنير أرضَ الكنانة، فكان القبطــي ينصت بشغف إلىَ تلاوة ميسرة بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، ويحتفل المسلم مع أشقائه الأقباط بأعياد الميلاد المجيدة، وتنطلق أصوات غنائية لا تعرف إذا كانت مسلمة أو مسيحية أو يهودية.
وكانت مصر هوى من لا هوى له، فغنــَّى لها جورج موستاكي وداليدا ونانا موسكوري وكلود فرانسوا، ولا يزال اليونانيون يقصّون على مسامع زائريهم المصريين في أثينا وقبرص وكريت ورودس حكايات جميلة عن مصر حفظوها عن آبائهم عندما كانوا صغارا!
أنتم دعاة لتنفير الناس من الإسلام، وساديون يحرككم الانتقام، ولو قرأ أحدكم ثلاثة كتب في العلوم الإنسانية وحقوق البشر لغادر بعدها مقر الجماعة إلى غير رجعة.
السلفي: هذه أول مرة يــُلقي قبطــى على مسامعي قداس الأحد في طابور الأوكازيون. عندما ننتهي من المعركة معكم سننشغل في معركة مع الشيعة، وًسنمنع أي بهائي أن يــُطل برأسه في الدولة الإسلامية الكبرى، وسنتمكن من اقناع الإخوان المسلمين بأننا وإياهم على نفس النهج، غير أننا اكتشفنا عظمة السلف قبلهم، وهم يلعبون على ملعبين في نفس الوقت، تماما كما كان جورباتشوف في العام الأول لــِحــُكْـمِه!
معركتنا الأهم هي إعادة المرأة إلى مكانها الطبيعي.. ملكة متوجة في بيتها، لا تختلط بالرجال، ولا تعمل أعمالا خشنة، ولا تقود سيارة وسنستورد لها سائقي سيارات آسيويين و.. محرومين جنسياً.
سنراقب كل جملة وكلمة وحرف في الفنون والآداب، أما كلمات الأغاني الفاسقة فسنلقيها في مقالب الزبالة كما كانت أجهزة الأمن تــُلقي بجثث أولادكم .. شهداء الثورة، قبيل أن تقفوا في صفوف طويلة أمام مصيدة الانتخابات.
التحريم والتحليل ليس لكل من هب ودب، فأم كلثوم تقول في أغنيتها الفاجرة( يا ليلة العيد آنستينا ) حرام النوم في ليلة العيد، رغم أن السلف الصالح لم يقولوا بتحريم النوم في ليلة العيد!
في عهدنا ستصبح مصر الإسلامية قوة ضاربة، لا سياحة فيها إلا للرجال والأطفال، وحتى لو توقفت السياحة نهائياً فإننا سنجد عملاً لكل شاب كان يعمل في هذا المجال، فيصبح داعية أو مقيماً للشعائر أو بائعاً للأعشاب الطبية المباركة!
سنقوم بإنشاء جيش من المستجابة أدعيتهم، فإذا حاولت دولة كبرى غزو مصر وليس لدينا أسلحة كافية، فسيقوم هذا الجيش بالدعاء عليهم أن يشل اللــه أيديهم، ويجمد الدماء في عروقهم!
الأزمة الاقتصادية حلها بسيط ، كما قال المرحوم أحمد الصباحي رئيس حزب الأمة، وهي الاستغناء عن مليارات من أموال الضرائب، والاكتفاء بأموال الزكاة فهي قليلة، لكنها أكثر بركة من الأخرى.
سيقوم نظامنا بتأسيس إمارة إسلامية أفضل من الحــُكم في إيران وغزة والسودان وحزب اللــه وأفغانستان و.. الإمارات الكثيرة المتناثرة في العراق.
القبطــي: إن برنامجك يُخفف العبءَ عن إبليس، وسيندم كل مصري أعطاكم صوته لأنه أصبح مشتركا معكم في جريمة اغتيال وطنه.
الآن يمكن لأعداء مصر أن يتهيأوا لتفتيت دولة ظلت كياناً متماسكاً لآلاف السنوات، فأنتم بغبائكم، تمنحون الاستعمار تأشيرة عودة لحماية كل من يصرخ لينقذه المجتمع الدولي.
ولا يزال هناك حمقى وبلهاء وأغبياء ومعاقون ذهنياً ومصاصو دماء يؤيدونكم، فإذا استيقظت مصر لطموا وجوههم كما فعل الملايين الذين أعطوا أقفيتهم لمبارك ليصفعها، فلما تم خلعه، ظــاهرياً، قفزوا فوق الكعكة معكم لينالوا نصيبــَهم.
من أين جئتم بكل هذه الكراهية ضد الوطن؟
ترى هل ستقدم استجوابا للحكومة باستدعاء المشير للتحقيق في واقعة الغازات السامة والكيماوية التي أحرقت ألفاً ونيفاً من شباب مصر، وأحرقت معهم قلوب أمهات فرحن بربيع الوطن فجاء الخريف مرتدياً بدلة عسكرية، وهبط الشتاء ملتحياً ومــُنقباً، وعاد المخلوع أكثر قسوة ودموية مرتدياً عدة أقنعة تجمعها كلها أنياب ذئب!
السلفي: أنا لا أعترف بالوطن فهو قطــعة أرض فيها الفــُجّار، والراقصات، والسافرات، والعرايا على الشواطــيء، ومعازف الشيطــان في فرقة أم كلثوم، وفرقة البحيرة، والفرقة القومية للفنون الشعبية وغيرها.
إن جنسية المسلم عقيدته، ونحن نفكر في عمل جواز سفر إسلامي يستقبل صاحبــَه العاملون في مطارات طشقند وسمرقند وتورا بورا بالهتاف الشرعي، ويختمه بتأشيرة ليس فيها صورة لذوات الأرواح!
أما الاستجواب فهو للأمور الجادة وليس للصدام مع ولي أمرنا وأمير المؤمنين مـُشيرنا الواجب طــاعته ما دام يقيم فينا صلاة العيدين و .. الجمعة.
لماذا وقف الشباب الأهوج أمام الغازات السامة والكيماوية، أم أنكم فقط تريدون تعطيل عجلة الانتاج واضعاف دولتنا الإسلامية الفتية؟
الاستجوابات كثيرة ولا نسمح أن يشغلنا عنها أحد بعباطــات وهبالات مثل آلاف المفقودين والشهداء ومحاكمة قناصي العيون الذين كانوا يؤدون واجبهم لكي لا يتم تأجيل الانتخابات التي اكتسحنا فيها مقاعد الحصانة البرلمانية مع اخواننا المسلمين.
سنقدم استجوابا عن الاختلاط في الجامعة، وعن امكانية السماح للجن بالتصويت في انتخابات الرئاسة، وعن ضرورة عقد جلسة مجلس الوزراء على رائحة البخور المستورد من الأماكن المقدسة لكي يمنع الحسد الذي تمارسه الدول المعادية لنا.
نفكر في الطلب من المجلس العسكري أن يكون جنود مصر ملتحين لضمان الانتصار في كل معاركنا، أما أنتم الأقباط فسنرسم لكم خطوطا رفيعة على الرصيف بجوار الحائط لتسيروا في محاذاتها لئلا تزعجوا المسلمين أصحاب البلد الأصليين!
القبطــي: وماذا عن قطــع اليد والرجم وعن البلطجية والسرقات والاغتصاب وتبييض الأموال والالتحاق بالفرق الانتحارية في الدول الاسلامية الأخرى؟
وماذا عن المظاهرات والحرية واعتصام النقابيين وكتب الفلسفة وتدريس ديكارت وسبينوزا، وعن النحت والتصوير لذوات الأرواح، وتراث مصر من التماثيل واللوحات وشعر أبي نواس وأفلام يوسف شاهين وداود عبد السيد وخيري بشارة؟
وماذا عن الزواج العرفي والتعدد وعرض الملابس النسائية في فاترينة المحلات؟
وماذا عن ترميم الكنائس والتطرف والاحتقان الطــائفي؟
لدي آلاف من التساؤلات التي تحتاج إلى طابور أمام الأوكازيون يمتد من النوبة إلى الاسكندرية!
السلفي: سأجيب عنها في مجلس الشعب، وستكون مفاجأة لكل الذين أعطونا أصواتهم، وستعرفون عبقرية الفكر السلفي الذي تسخرون منه، فنحن مستعدون لاقامة دولة يركع الغرب والأمريكيون أمامها كلما أتى ذكرها، وسيأتينا قادة العالم لاعتناق الإسلام، وسنجبر كل سفير قبل أن يقدم أوراق اعتماده أن يجلس مع بعض السلفيين ليستمع لعظمة الإسلام كما نفهمه نحن، فإذا اعترض فسنقطــع علاقاتنا الدبلوماسية ببلده.
ألم تسأل نفسك مرة واحدة لماذا لا يهاجمنا البلطجية والمجرمون والقتلة وقناصو العيون؟
ألم يدر بذهنك اسم من أعطــاهم عــُطلة مدفوعة الأجر لمدة يومين حتى تنتهي الانتخابات، ونفوز فيها فوزاً عظيما؟
وحتى لو أحرق ولي الأمر ميدان التحرير كله بمن فيه، فليست مهمتنا أن نغضب، ونثور، ونتمرد، فالعصيان حرام في الإسلام!
وهنا لم يتحمل القبطــي مزيدا من الجدال حيث لا يلتقيان في نقطــة واحدة، ومدّ يده ليصافح السلفي، فنظر الأخير إلى الناحية الأخرى ليتجنب السلام على ابن بلده وشريكه في الوطن.
وخرج القبطــي من الطابور، وجرى مسرعاً ناحية أقرب كنيسة، وفي الطريق راجع نفسه فاستدرك خطأه، فقد شعر اليوم بأنه ليس قبطــيا مصريا، لكنه مصري قبــطــي!
الآن هو ليس بحاجة إلى البكاء في الكنيسة والحديث مع أبناء دينه، فأسرع الخُــطــى في اتجاه ميدان التحرير، وعندما اقترب من ناحية المــُجـَمّع شهق شهقة كأنه يستعيد معها روحا كادت تهرب منه.
في الميدان انتابته رغبة شديدة أن يقوم بعناق كل الشباب، ويبكي على صدورهم، ويعتذر لهم أنه فكر لبعض الوقت في الهجرة ومغادرة وطنه إلى أن تأويه مقبرة أنيقة وباردة في ضاحية من ضواحي مدينة أوروبية أو أمريكية أو كندية أو أسترالية.
إنه مصري أصيل لا يغادرها وهي في عز ثورتها المجيدة، ومطالبه وحقوقه تتحقق مع أشقائه المسلمين الشباب في ميدان التحرير، فقد كان معهم أيام الثورة، وتلقى شقيقه ضربة على الرأس من ضابط أمن عندما كان يقف أمام المصلين المسلمين لحمايتهم.
لم تعد معركته قبطية فقط، لكن مصر وطنه قبل صعود التطرف، وبعد سقوط دولة التزمت والتشدد والطائفية والاستعلاء.
لن تجبره أي قوة أن يهجر مصر فهو وأبناء دينه من الاٌقباط يمثلون ملايين من المصريين الذين سيثبتون من الآن فصاعدا أنهم الجزء العائد إلى الكل في ميدان التحرير، وأنها ثورتهم المتسامحة الرائعة، وأنه سيـُحَرّض كل قبطــي على الانخراط في فعاليات الثورة والاعتصام بنفس المطالب التي يرفعها شباب التحرير.
بعد دقائق التقى مسلما كان زميلا له في الجامعة مضت عليه عدة أيام معتصماً في الميدان. تعانقا، وسقطت الدموع على وجهيهما فكأنها للتطــهر، لا للحزن. لم تكن هناك حاجة للشرح، فهما يدافعان عن وطن ليس لأي منهما فيه شبر واحد أكثر من الآخر.
وهنا تجددت ثورة 25 يناير، وفي عيد ميلادها الأول يكتشف الأقباط أن حقوقهم المصرية تبدأ من ميدان التحرير، وحقوقهم القبطية تتحقق عندما تلتحم مليونية الشباب بمليونية الأقباط ، وترتفع شعارات لا تعرف منها الفارق بين المسلم والقبطــي.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 8 ديسمبر 2011
حوارات أخرى للمؤلف
حوار بين الشيخة موزة و .. السيدة سوزان!
حوار بين سمكتين في قاع البحر
حوار بين الرئيسين حسني مبارك و .. جمال مبارك
حوار بين زنزانتين في سجن عربي
حوار بين حمار و .. زعيم عربي
حوار بين قملتين في شعر رأس صدام حسين
حوار بين إبليس و .. الرئيس حسني مبارك
حوار بين حر سجين و .. سجين حر
حوار بين الشيطان .. وضيوف الرحمن
حوار بين فيصل القاسم و .. محمد عبد المجيد
حوار بين رئيس يحتضر و .. رئيس يرث
حوار بين كلب السلطة و .. كلب الشارع
حوار بين منقبتين في أحد الأسواق الشعبية
حوار بين زعيمين عربيين في غرفة مغلقة
حوار بين وافد و .. كفيل
حوار بين علماني و .. سلفي
حوار بين جواز سفر عربي و .. جواز سفر أوروبي
حوار بين الرئيس بشار الأسد و .. الرئيس جمال مبارك
حوار بين مواطن خليجي و .. إعلامي عربي
حوار بين جاهل و .. مثقف
حوار بين مواطن مصر و .. ضابط شرطة
حوار بين عزرائيل و .. الرئيس حسني مبارك
الأستاذ محمد عبدالمجيد السلام عليكم حوارا مثمرا يعبر بصدق عما يشعر به السلفي اتجاه كل أنماط المجتمع ، فهو يشعر انه في حرب ليس مع القبطي فقط، لكن مع " الليبراليين والعلمانيين واليساريين والشيوعيين والقرآنيين والناصريين والبهائيين والزاعمين أنهم معتدلون، وأيضا ضد الذين يــُعطون أولوية العقل على النقل."
وهذه هي مشكلة نعرفها ، ولكن ما يقوم به الإعلام المصري هذه الأيام هو و زائرية على شباب التحرير هو مكيدة وتحريض سافر لدرجة أن سكان البيوت واصحاب المحال ومعدومي الثقافة ، وفئات كثيرة قد انقلبوا على شباب التحرير بزاوية 360 درجة، حتى أن الإعلام وضيوفه يتزعمون فكرة ان الموجودين في الميدان ليسووا هم من قاموا بالثورة ! مما يؤلب عليهم الرأي العام ، فعلا نخشى عليهم من أي اعتداء مدروس ومخطط له قريب ، حفظهم الله تعالى من كل شر وأبعد عنهم كيد الكائدين .
دعوة للتبرع
بين التبرع والتركة: هل يصح للانس ان أن يتناز ل عن تركته وهو حىّ...
صوم مريم وزكريا: ما معني اني نذرت للرحم ن صوما وبعد ذلك نفهم...
لا تنتقد الحتميات: شيخ الجام ع فى بلدنا بيفتى فى كل شىء وبيتد خل ...
لا زلنا نحلم بمسجد !: انا من المعج بات والمش جعات للفكر...
عودة الخالعة : طلقت زوجها ثم عادت اليه ثم طلقته ثم عادت اليه...
more
وهذا سلفي آخر مرشح لمجلس الشعب بأبوكبير شرقية يدعو لردع العلمانيين ومحاربتهم وردهم وشبههم بالمغول والصليبيين .
ولا حول ولا قوة إلا بالله على عقول لا تفكر إلا في التدمير وسحق الآخر ونفيه من الوجود وقد احتكروا الدين وأعطوا لأنفسهم الحق دون غيرهم بالتحدث باسم الله .
( ليري الله منكم ما يحب ويرضي في صناديق الانتخاب التي تنتظركم حتي تعبروا عن تطبيق شرع الله وقال النجار: علينا ردع العلمانيين كما رددنا المغول والصليبيين. جاء ذلك في المؤتمر الانتخابي الذي عقده حزب النور في مدينة فاقوس. وأضاف: إن إخوانكم في المرحلة الأولي ضربوا لكم المثل وصوتوا للإسلام.
وأوضح النجار أن أهل الباطل ـ علي حد قوله ـ يتحالفون علي نصر باطلهم, ولن يهدأ لهم بال حتي يطفئوا نور الله, فكونوا حصن الشريعة, وأتموا ما بدأه إخوانكم في المرحلة الأولي.. وأبشروا).