لكن الأسد لا يزأر في دمشق!

محمد عبد المجيد Ýí 2011-03-25


 

شِبلُ الأسد ليس بالضرورةِ مـَلِكَ الغابةِ حتّى لو أوهمته فِئرانُها وأرانِبُها البريّة أنَّ عَرينَه عَرْشٌ لا يَفْنىَ، وأنه ورثَ عن أبيه الـُملْكَ وحقَّ افتراسِ كل الكائنات الحيّة فوق الأشجار وتحتها وعلىَ حافة النهر.

أسدُ دمشق ورثَ المـُلْكَ في ربع ساعة تحت قُبّة برلمانٍ يستخدم أعضاؤه الأيدي في المصافحة والتصفيق فقط، ولو أعلن رئيسُ مجلس الشعب بعد رحيل الأسد الأب أنَّ الأشبالَ يرثون الحـُكْمَ قبل الفِطام لـَمْا تردد في التصفيقِ عُضوٌ واحِدٌ!

طبيبُ العيون الشاب لم يـَعُدْ قادراً علىَ الرؤية فالرياحُ المـُحَمَّلَة بِغُبارِ الغضَب تأتيه من الأردن واليمن والبحرين والجزائر والجماهيرية العُظمى فتخترق قلبَ العروبة النابض زنقة .. زنقة، فإذا سقط النظامُ الطائفي في لبنان فلن يكون له نصير في ضيعة فيروز، فكل الثورات العربية تطالب بالديمقراطية، أما ثورة الأَرز فيبحث أصحابُها عن انصهار مواطنين في وطن أعطى العربَ الموسيقى والغناءَ والجَمال ومشهيات الطعام، فجاستْ أجهزةُ الاستخبارات العربية والغربية والاسرائيلية في كل شبر من سويسرا الشرق.

خمسون عاما من قانون الطواريء في سورية، ولا يزال ساكنُ القصر في دمشق يظن بأنَّ تجَـَمُّعَاً يَضُم عشرة سوريين قد يمثل تهديداً لأمْنِ الوطن، حتى لو كانوا يتحدثون عن آخر المسلسلات التلفزيونية!

هل رأيتَ سورياً يستطيع أنْ ينظر في عينيّ ضابط أمن في مطار العاصمة أو علىَ الحدود مع الأردن أو العراق أو لبنان؟

الوحيد الذي تمكن من البحلقة في عيون مُستقبليه كان إيللي كوهين ، فتمكن بعد وصوله بعدة سنوات من الوصول أيضا إلى الرجل الأول في حزب البعث العربي الاشتراكي، رغم فلسفة ميشيل عفلق عن الحذر من رجال تل أبيب!

النظامُ السوري يساعد رسول الصحراء المجنون لابادة شعبه الليبي العظيم، فما الذي يربط بين سيد القصر في دمشق و .. سيد الخيمة في باب العزيزية؟

الثاني يختطف ضيوفه، أما الأول فيختطف جيرانَه و .. مُواطنيه!

الأول يقنع ضيوفَه في المخيمات الفلسطينية أو السجون أن الوطن السجن حماية لأمةٍ عربيةٍ واحدةٍ، ذاتِ رسالةٍ خالدة، والثاني يُلقي بهم في صحراء السلوم إذا غضب عليهم، ويستبدل بهم ضيوفا سُمْرَ الوجوه جاءوا ليعيشوا في كـَنَف مَلِك ملوك أفريقيا.

في نظام الأول دفنتْ سرايا الدفاع مئات السوريين في مقبرة جماعية بعد تصفيتهم، أما نظام الثاني فاكتفىَ بتصفية مئات من معارضيه في سجن أبو سليم دونما حاجة لسرايا من اللجان الشعبية.

الثاني يرى أنَّ مَنْ تحزّب فقد خان، أما الأول فيؤمن أنَّ مَنْ خان فهو ليس حِزبيا!

الأول تحالف مع كل أطراف الحرب الطائفية في لبنان ضد خصومها، والثاني طلب منهم أن ينتحروا، وتساقطت دموع التماسيح على وجهيّ القائد المهيب والقائد المفكر، ودفع الليطاني ثمنا غاليا للفرات و .. للاصطناعي العظيم.

الأول لم يُحرك شعرة واحدة في رأس أي قائد عسكري صهيوني، فالجولان أكثر هدوءا من شوارع آيسلندا صباح يوم الأحد، والثاني أقنع نتنياهو أن العرب ظاهرة صوتية.

الأول يتحالف مع الإمام الإيراني، والثاني اختطف الإمام اللبناني!

الأول لديه أجهزة أمن تستطيع أن تستدعي مَلَكَ الموت لقبض روح السوريين كلهم في وقت قصير، والثاني يقوم فعلا بتحرير ليبيا من سكانها في وقت أقْصَرّ، ويراهن على أنه الأكثر دموية!

ماذا لو سقط الأُسُود الثلاثة في صنعاء ودمشق وطرابلس الغرب في أيام معدودات؟

أغلب الظن أن قلوب آلاف من العرب ستتوقف من الفرحة والبهجة والسعادة، لكن لو بالغت في أحلامي، وتمنيت سقوط البشير وبوتفليقة معهم، فلست مسؤولا عن قلوب ضعيفة لا تتحمل مزيدا من الفرح!

شهر ابريل سيفقد كذبته الشهيرة، وسقوط طاغية خلاله سيهزم الباطلَ بالضربة القاضية، لكنني متفائلٌ بانتهاء عصر طاغيتين، وأخشى علىّ قلبي من الفرحة بسقوط الثالث في نفس الشهر.

السوريون على موعد مع الحرية، وأجهزة الأمن التي صنعت جحيما في أقبية السجون والمعتقلات لن تجد ملاذا آمنا من غضب السوريين إلا بالتوجه إلى تل أبيت، وطلب اللجوء السياسي، فزبانية التعذيب حملوا معهم دائما روحَ إيللي كوهين.

أيها السوريون،

جنة الخلد تحت أقدام الثوار، ونزعُ الخوف ليس له غيرُ طر يقٍ واحد: الشعبُ يريد اسقاطَ النظام!

لا يصحُّ ، عقليا ومنطقيا وثوريا ووطنيا وقوميا، أن يثور العرب كلهم قبل السوريين، فالشعب السوري كان دائما صانعَ الغضب، وقد آن الوقت الذي يُغطي هديرُ الجماهير الحرة، والوحدوية، والمؤمنة بالله والوطن والكرامة سوريةَ من لاذقيتها إلى طرابلسها، ومن حلبها إلى حِمْصها، ومن دمشقها إلى (حَماة) الحزن التي أحياها أملُ سكانها بعد موتها بأيدي سرايا الدفاع.

عندما ينسى السوري أنه سُنّي أو شيعي أو علوي أو كردي أو مسيحي، وتبقى الكرامة حاملة الهوية السورية فقط، فإن طريقَ سقوط النظام يصبح أقصر الطرق إلى تحرير الوطن .. السجن.

وسلام الله على سورية.


 


 


 

محمد عبد المجيد

رئيس تحرير مجلة طائر الشمال

أوسلو في 25 مارس 2011

Taeralshmal@gmail.com


 


 


 

اجمالي القراءات 10837

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (6)
1   تعليق بواسطة   ميرفت عبدالله     في   السبت ٢٦ - مارس - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[56853]

السيناريوا واحد ومتكرر . والغرور هو هو

الأستاذ الفاضل / محمد عبد المجيد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


الأنظمة العربية بغبائها وغرورها الواضح في ادعاءاتهم  أنهم قادرين على قمع هذه الثورات واستئصالها .


في بداية المظاهرات والاحتجاجات تكون المطالب محددودة ومعظمها للمطالبة بمزيد من الحريات وتحسين أوضاع معيشية و تحقيق عدالة اجتماعية .


ولكن عندما يتم التعامل بقسوة وعنف ووحشية مع المتظاهرين وتسيل الدماء الذكية فلا يجد الشعب بد من إسقاط هذا النظام القامع للحريات والقاتل للشعب


2   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   السبت ٢٦ - مارس - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[56862]

السوريون على موعد مع الحرية .. نتمنى ان تكون حرية كاملة وليست منقوصة ..


 الاستاذ الفاضل / محمدعبدالمجيد  السلام عليكم ..  متعك الله بالصحة والعافية  ومواصلة رحلة ومشوار التنوير العسير ..
 وكأن  كتاب ومثقي العرب  دائما وأبدا لهم رحلة طويلة ومشوار شاق لا ينتهي . وأنت من هؤلاء  أصحاب الرحلات التنويرية التعليمية الطويلة والتي لا تنتهي الا بانتهاء الحياة .. أمد الله تعالى في عمرك وعمر كل مفكر عربي حر أبي شريف نبيل فأنت منهم ..
 نعم كما قلت في مقالك فالسوريون على موعد مع الحرية وكذلك اليمنيون وقبلهم الليبيون الأشراف الثوار الحقيقيين ..
 ولكن الحرية التي حصل عليها المصريون في ثورتهم السلمية حرية منقوصة لأنهم لم يملكوا ويتسلحوا بسلاح النفس الطويل والجلد والثبات في وجه العسكر وبقايا وأذناب وخفافيش الظلام  للنظام السابق الذي ترك بديلا عنه هو العسكر ..
 على المصريين والسوريون وكل الشعوب العربية التي تصنع ثوراتها أن تتعلم من  اخطاء إخوانهم من الشعوب العربية الأخرى وحتى لا تتكرر الاخطاء الجسيمة التي تودي بمكاسب اي ثورة أو انتفاضة أو احتجاجات شعبية عارمة.
 شكرا لك  والله يرعاك ويحفظك والسلام.

3   تعليق بواسطة   محمد عبد المجيد     في   السبت ٢٦ - مارس - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[56871]

ميرفت عبد الله والتصويب ناحية غباء الأنظمة

الأخت العزيزة ميرفت عبد الله،


ولكن كيف نقنع الطغاة بأنهم أغبياء؟


قمة الغباء في احتقار المطالب المحدودة والمتواضعة، ثم يأتي دور المطلب الأكبر .. الحرية، وأخيرا ( الشعب يريد اسقاط النظام) أو كما يقول ابني ناصر الصغير( الشعب يريد اسقاط النظان!).


تحياتي لكِ.


محمد عبد المجيد


طائر الشمال


أوسلو   النرويج


4   تعليق بواسطة   محمد عبد المجيد     في   السبت ٢٦ - مارس - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[56872]

الأستاذ محمود مرسي يحرض على التعلم من الثورات السابقة

شكرا جزيلا أخي الأستاذ محمود مرسي على اطرائك الكريم.


أتق معك تماما في أن التعلم من ثورات سابقة سيفيد كثيرا في نجاح أي ثورة لاحقة، وأن خفافيش النظام البائد في مصر يعيثون فسادا كأن كبيرهم لا يزال يحكم!


 الثورة الشبابية في مصر لم تنته بعد، وعندما يظن أبطالها أنهم حققوا أغراضهم، أو تقنعهم وجوه قديمة عليها أقنعة جديدة أنهم نجحوا تماما فقد فشلوا!


سرقة النجاح أكثر خطورة من وجود الطاغية، فاستنساخ ديكتاتور عملية لا تحتاج لأكثر من عقل شيطان ودهاء كلاب المستبد الراحل.


وتقبل تحياتي


محمد عبد المجيد


طائر الشمال


أوسلو  النرويج


5   تعليق بواسطة   نورا الحسيني     في   الأحد ٢٧ - مارس - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[56876]

وماذا عن الشأن المصري .

الأستاذ الكريم محمد عبد المجيد كنت أود أن أعرف لو سمح وقتك  تعليقك على الأوضاع التي استحدثت في مصر بعد الثورة ونجاحها، وخاصة أنك تعد من ضمن المفكرين الذين شجعوا وناضلوا بالقلم واللقاءات والحوارات والفديوهات على قيام تلك الثورات . وهل أنت مع التعديلات الدستورية ؟ وما تعليقك  على هذه النسبة من المصريين  77.2 من عشرة  التي قالت نعم  للدستور


فالأوضاع التي استحدثت في مصر بعد الثورة ونجاحها وفرحنا الشديد بها لا تبشر بالخير مما يقوم به السلفيين من هجوم وتطبيق حدود اخترعوها من أديانهم الأرضية وما أنزل الله بها من سلطان .


6   تعليق بواسطة   محمد عبد المجيد     في   الأحد ٢٧ - مارس - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[56878]

نورا الحسيني ومصر ما بعد الثورة

الأخت العزيزة نورا الحسيني


شكرا جزيلا على اهتمامك، وقد انتهيت لتوي من مقال عن مصر ما بعد الثورة.


مع تحياتي القلبية


 


محمد عبد المجيد


طائر الشمال


أوسلو  النرويج


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-07-05
مقالات منشورة : 571
اجمالي القراءات : 6,266,997
تعليقات له : 543
تعليقات عليه : 1,339
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Norway