آحمد صبحي منصور Ýí 2010-03-21
مقدمة
كالعادة لا بد من استكمال موضوع بدأناه ، وهو المقارنة بين معاوية وحسنى مبارك ، لنصل الماضى بالحاضر ، ولنستفيد من عبر التاريخ ، حيث أصبح قدرنا أن نتقدم للخلف ، نعيد إنتاجه ـ ليس الجانب المضىء فيه ولكن ألأشد سوادا ، وتكون الكارثة أن يتفوق علينا الماضى الأصل الذى ننقل عنه ، فيكون الماضى ـ فى مساوئه ـ أكثر بريقا من الحاضر التعس ، وأكثر رحمة بالمظاليم .
فى الحلقة السابقة كانت المقارنة بين معاوية ومبارك فى كارثة التوريث . ووضح فيها الفارق الهائل بين سيئات معاوية فى القرون الوسطى وكوارث مبارك فى العصر الحاضر.
وفى هذا المقال من سلسلة وعظ السلاطين نتوقف مع عناصر الاتفاق والاتفاق بين سياسة معاوية وسياسة مبارك ، ليتوجه الوعظ للسلطان القائم ( حسنى مبارك ) وهو يدرك قرب نهاية عمره ، فلعله يراجع نفسه ويفعل خيرا فى هذا الشعب المصرى الذى وقع أسيرا لسياساته حوالى ثلاثين عاما .
أولا : المشترك والمختلف فيه سياسيا بين معاوية ومبارك فى ايجاز
1 ـ هناك عناصر مشتركة فى سياسة معاوية ومبارك فى الاحتفاظ بالسلطة و توريثها ، مثل استعمال الأعوان واستخدامهم ، ثم التخلص منهم لو أصبحوا خطرا على السلطان ، مثل التخلص من المشاغبين السياسيين الذين يمثلون خطرا ، مع السماح بحرية القول بمقدار محسوب للتنفيس عن المكبوت من المشاعر والأحاسيس ، والاغداق على الأنصار واضطهاد الخصوم ، وتكوين معارضة مظهرية تجالس السلطان وتعارضه ، مع الضرب بقوة على المعارضين المسلحين ( الخوارج فى عهد معاوية و الجماعات المتطرفة فى عهد مبارك ) .
2 ـ ولكن يظل الفارق واسعا بين ( سماحة معاوية ) و ( غلظة مبارك ) فى تطبيق تلك السياسات .
2 / 1 : استعمل زياد ابن أبيه قانون الطوارىء فى العراق باسم معاوية ،لأن العراق كان مركز المعارضة السياسية ، بينما توسع فيه مبارك ليعم مصر كلها، أى أن مصر فى عهد معاوية لم تعرف تطبيق قانون الطوارىء ، بينما تعيش فيه فى عصر مبارك منذ 1981 .
2 / 2 : وجدير بالذكر أيضا أن معاوية لم تحدث فى عهده سوى حالات تعذيب محدودة ، قام بها زياد بن أبيه ، بينما ارهب وقهر وأهلك مبارك المصريين ماديا ومعنويا بالتعذيب .
2 / 3 : ولم يحدث فى عهد معاوية قتل لمعارض سياسى إلا لأفراد معدودين بالاسم مثل حجر بن عدى ورفاقه ، واستلزم هذا عاصفة من الاحتجاج لا تزال آثارها بين سطور التاريخ ، بينما لقى مئات الالوف من المصريين مصرعهم فى حكم مبارك العسكرى البوليسى . وموعدنا فى المستقبل القريب مع اكتشاف مقابر جماعية لضحايا مجهولين وممن يطلق عليهم ضحايا ( الاختفاء القسرى )
2 / 4 : استخدم معاوية (جيشه) فى الفتوحات ، بل وحاصر القسطنطينية نفسها عام 670 ميلادية، محققا مجدا له ولامبراطوريته العربية كأكبر قوة فى العالم تحاصر عاصمة القوة المنافسة لها ( الروم ) . فى المقابل فإن مبارك استخدم جيش ( مصر ) لقهر أبناء ( مصر ) ،بل وجلب لمصر الهوان فى أحداث قتل متكررة للمصريين جنودا ومدنيين على الحدود مع اسرائيل ، والرد يكون بالكثير من التسامح فى الوقت الذى لا يتسامح فيه الأمن المركزى وأمن الدولة مع أى مصرى يمارس حقه فى التفكير أو فى التظاهر أو فى التعبير.
أى إن معاوية العربى الذى لم يكن ( مصريا ) كان أرفق بالمصريين من مبارك ( المصرى ) ، ومعاوية العربى كان أرفق بالعراقيين من صدام العراقى ، ومعاوية العربى كان أرفق بالسوريين من الأسد السورى ..
وهكذا يتضح أن سكان تلك المنطقة ( لا نقول العرب ) يتقدمون الى الخلف ، ويعيشون الآن فى حال أسوأ مما كان عليه أسلافهم فى عهد معاوية ، مع المفترض أنهم الآن يعيشون عصر الديمقراطية وحقوق الانسان .
ولو افترضنا أن معاوية قد صحا من قبره وتجول فى مصر ورأى ضحايا مبارك لسقط ميتا ثانية من البكاء والتأثر . !!
ثانيا : سياسة معاوية مع الخصوم ومع الأتباع : الاغداق على الاتباع دون حرمان الخصوم
1 ـ قلنا فى مقال سابق أن معاوية حين عهد للمغيرة بن شعبة بولاية الكوفة أوصاه بعدة وصايا كان منها الاغداق على أنصار الأمويين وتقريبهم والاغضاض من شيعة (على ). كان المعتاد فرض عطاء أو مرتب لكل فرد عربى ضمن قبيلته ، ولم يحدث أن منع معاوية أحدا من عطائه أو مرتبه ، ولكن كان يغدق أموالا وعطايا زائدة (أى علاوات ) على أتباعه بينما يحرم خصومه السياسيين من تلك العلاوات . وهذا ظلم ينافى العدل ، ولكنه ظلم لا يقاس بظلم حسنى مبارك للمعارضة .
2 ـ وبينما كان يعطى معاوية مرتبات وعطايا للعرب كان يقرض الجزية و الخراج على سكان الأمم المفتوحة من الموالى فى العراق وايران وآسيا ، والأقباط فى مصر و البربر فى شمال أفريقيا . وكانت تلك السياسة الظالمة قد سنّها من قبل الخليفة عمر بن الخطاب واستمرت سنّة سيئة مرعية من بعده . وعدا ذلك فلم يحدث تجويع لأهل البلاد الأصليين ( المستعمرات ). ويبقى ذلك ظلما أكيدا لا يدافع عنه إلا كل ظالم . ولكن هذا الظلم الذى أوقعه معاوية بغير العرب لا يقارن بالظلم الذى يذيقه الحكام العرب الحاليون لشعوبهم .
3 ـ وذكرنا من قبل أن معاوية اتفق مع عمرو بن العاص بأن يعيد فتح مصر واستخلاصها من التبعية لعلى بن أبى طالب مقابل أن تكون مصر ( طعمة ) لعمرو ، أى أن يسـتأثر عمرو بايراداتها المالية من خراج وجزية لنفسه ولا يوردها لبيت المال فى دمشق ، وهذا بعد أن يقوم عمرو بالانفاق على الجند وسداد الأعطيات للعرب فى مصر و القيام بالمشروعات . وتضخمت ثروة عمرو بن العاص مما نهبه من مصر ، فترك عند موته سبعين بهارا من الذهب ، أي 210 قنطارا او 140 اردبا من الذهب ، واثناء موته عرض هذه الاموال علي اولاده فرفضوا أخذها وقالوا : حتي تعطي كل ذي حق حقه ، أي اعتبروها سحتا ، فلما مات عمرو صادر معاوية هذا المال وقال ( نحن نأخذه بما فيه ) أي بما فيه من سحت وظلم ( خطط المقريزي 1/ 140 ، 564 ).
معاوية اعتبر مصر ضيعة له ، وهبها لعمرو ثم استعادها منه ، وقد تم تقنين ذلك الظلم فى الشريعة السنية على أنه ( حق الفتح عنوة ).
أما الأخ حسنى مبارك فهو مصرى مثل كل مصرى آخر ، ولم يقم بفتح مصر عنوة أو سلما ، ومع ذلك فهو يعتبر مصر ضيعة و ( طعمة ) له ولولديه وذريته . وفعل مبارك ( المصرى ) بمصر والمصريين أفظع مما فعله معاوية وعمرو بمصر وأفظع مما فعله معاوية وعمرو بن العاص بمصر و المصريين ، مع ان معاوية وعمرا لم يكونا من المصريين .
4 ـ وإذا كان فقهاء الشريعة السّنية قد سوغوا ظلم معاوية وقبله عمر بن الخطاب بحق الفتح عنوة الذى يناقض شرع الله جل وعلا فى القرآن الكريم ، فإن شيوخ الأزهر وشيخهم الأكبر كانوا شركاء لمبارك فى كل ما فعله ويفعله بمصر و المصريين ، ولديهم من الجرأة الكافية على الله تعالى ودينه بما يمكنهم من الدعوة جهارا لطاعة مبارك والدعاء له على المنابر .
5 ـ وموعدنا ـ جميعا ـ يوم القيامة أمام الواحد القهار : (يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ ) ( غافر16 : 20 )
ثالثا : سياسة مبارك فى تجويع الشعب :
1 ـ الهدف السياسى من إفقار الشعب وإعاشته فى أزمات اقتصادية وحياتية :
إتخذ مبارك من الشعب المصرى عدوا له ، هذا هو التفسير الوحيد الوحيد لمجمل سياساته مع المصريين ، ونحن نتحدث عن الأغلبية الساحقة من المصريين خارج المستفيدين من حكم مبارك وهم بضه مئات من الالوف مقابل ثمانين مليونا من المصريين ، ثلثهم تقريبا ولد وعاش معظم عمره فى عهد مبارك .
بعد الصلح مع اسرائيل وإيثاره سياسة السلم والمهادنة مع الجيران العرب لم يبق عدو أمام مبارك سوى الشعب المصرى ، لذا تحولت مصر الى ( جبهة داخلية ) بعد انتهاء الجبهة الخارجية ، وتم تخصيص جيش مصرى كامل أكبر من الجيش الاسرائيلى ( وهو الأمن المركزى ) لحرب وضرب الشعب المصرى ، بالاضافة الى حوالى مليون شخص يعملون فى البوليس لقمع وتعذيب أفراد الشعب المصرى ،بالاضافة الى تعدد الأجهزة الأمنية السرية، وتعدد ميليشيات الحزب الوطنى من البلطجية والفتوات وفرق الكاراتيه . علاوة على الحرس الجمهورى المزود بالطائرات و المصفحات والمدفعية الثقيلة وأجهزة المخابرات والاستطلاع . كل تلك القوات بكل تلك ألأسلحة تواجه الشعب المصرى.
تضخم هذه القوات المسلحة عددا وعدة وقسوتها فى التعامل مع الشعب المصرى يعطى انطباعا بأن الشعب المصرى هو أكثر شعوب العالم تمردا ووحشية وادمانا للارهاب وسفك الدماء ـ بحيث لا يمكن إخضاعه إلا بالاستعمال المفرط للقوة و الوحشية فى التعذيب . ولكن ـ مع شديد الأسف ـ فهذا الشعب مسالم مكسور الجناح خانع خاضع يجمع مع الصبر على الظلم نبلا فى التعامل مع الظالم إذ يتصرف بعفوية حين يموت المستبد الظالم فيدعو له بالرحمة ، قائلا الكلمة المصرية المأثورة ( لا تجوز عليه سوى الرحمة ) و ( إذكروا محاسن موتاكم )، ويجتهد فى تلمس الأعذار له ، وتحميل الحاشية الظلم دونه .
شعب طيب صبور مثل الشعب المصرى ـ لا يمل من التغنى بالصبر وانتظار الفرج الآتى ـ لا ينبغى التعامل معه بكل هذه القسوة . هذا الشعب عاش مستكينا لكل مستبد فى معظم تاريخه ، وهو صاحب أطول تاريخ فى البشرية . وكانت عادة مرعية أن كل حاكم مستبد كان يقابل خضوع الشعب المصرى بالامتنان .
حسب علمى بالتاريخ ـ وأزعم أننى متخصص فيه ـ فإن حسنى مبارك هو المستبد الوحيد الذى قابل خضوع الشعب المصرى بالمزيد من الاذلال و التعذيب الذى تتم ممارسته روتينيا بلا سبب .
ليس فقط فى أنه استخدم الجيش المصرى وقواته المسلحة فى قهر وإذلال الشعب المصرى الخانع الخاضع ، ولكن قبل ذلك وبعد ذلك فإنه رسم سياسة لتجويع الشعب المصرى وإعاشته فى أزمات متتالية ومتتابعة فى الغذاء والوقود وارتفاع الأسعار بحيث يلهث كل مصرى فى سد رمقه ورمق أولاده ، ولا يجد وقتا للمعارضة .
فالمعارضة السياسية تكون ترفا لا يقدر عليه إلا المطمئن على قوته وقوت أولاده حين لا يستطيع الحاكم أن يتحكم فى لقمة عيشه . وهذا مستحيل فى مصر حيث يتحكم أمن الدولة فى تعيينات الموظفين ، وحيث تتدخل الحكومة فى كل شىء فى القطاع الخاص و العام ، أى تمسك بلقمة عيش المواطن ، ثم لا تكتفى بهذه السيطرة غير المسبوقة بل تعتمد سياسة التجويع والا فقار للشعب .
فما بالك لو كان هناك فرد من الشعب تمرد على السلبية و السكون والخنوع و الخضوع ؟ هنا لا يقتصر الأمر على السجن و التشريد بل التجويع والمطاردة فى الرزق ومنع التعيين وارهاب المتعاطفين ، ليظل المعارض على حافة الجوع . وتلك تجربتى مع نظام مبارك من عام 1985 الى أن لجأت هاربا من الظلم الى الولايات المتحدة الأمريكية .
ومع ذلك فلا يزال نظام مبارك يستعمل نفس السياسة مع أسرتى ومن يعرفهم من القرآنيين .
2 ـ والأمثلة على سياسة مبارك الثابتة فى تجويع الشعب المصرى كثيرة ، نكتفى منها باثنين : ( رغيف الخبز والثروة السمكية )
2 / 1 : كانت مصر سلة الغذاء للامبراطورية الرومانية و العربية ، كانت اكبر منتج للقمح .وحين حدثت مجاعة عام الرمادة فى عهد عمر استغاث عمر بعمرو واليه على مصر قائلا ( الغوث الغوث ) فرد عليه عمرو بأنه سيرسل له سفنا تحمل له القمح والغذاء ( أولها عندك وآخرها عندى ).
ماذا حدث لمصر فى عهد مبارك حين أصبح المصريون يتقاتلون على رغيف الخبز على مرأى من العالم كله فى منظر يخجل منه كل مصرى غيور ؟
قبل حكم مبارك كانت السعودية تستورد القمح كالعادة فى سكان الجزيرة العربية طيلة قرون ، ثم توسعت السعودية فى زراعة القمح حتى أصبحا تعطى منه صدقة لمصر ، أيضا ـ فى منظر يخجل منه كل مصرى غيور.
الهند كانت تعانى من نقص مستمر فى انتاج القمح كان يصل بها أحيانا الى درجة المجاعة ، خصوصا مع التزايد المستمر فى عدد سكانها . اليوم الهند هى ثانى دولة فى عدد السكان ولكن أصبحت تكتفى ذاتيا من انتاج القمح بل وقد تصدره . لماذا ؟ لأن حكامها وضعوا خطة للتخلص من المشكلة ، وفروا كل السبل لاعاشة وراحة العلماء لكى يتفرغوا لانتاج سلالات من القمح عالية الجودة ، ونجح علماء الهند فى ذلك . ونجح أيضا العلماء المصريون فى انتاج سلالات قمح ممائلة تناسب التربة والمناخ فى مصر . ولكن منذ جاء مبارك اتخذ قرارا بخفض المساحة المزروعة قمحا والاعتماد على استيراد القمح من الخارج خصوصا أمريكا ، لكى يجنى أرباحا من اتفاقيات شراء القمح أو الحصول عليه مساعدات ثم بيعه للشعب المصرى . وبهذا أصبح رغيف الخبز مشكلة ،ولا يزال .
وكان يمكن أن تكون مصر من الدول المصدرة للقمح لو كان فيها حاكم وطنى يحب بلده ولا يكرهها الى حد افقارها الى لقمة الخبز.
2 / 2 : ليس لمبارك أى فضل فى بناء السد العالى ، وليس له يد فى ايجابياته أو سلبياته ، ولكن له اليد الطولى فى منع المصريين من الاستفادة باحدى ايجابيات السد العالى وهى بحيرة ناصر ، أكبر بحيرة صناعية فى العالم ، وأكبر مستودع للاسماك فى افريقيا. من الممكن لبحيرة ناصر أن تكفى حاجة المصريين من البروتين السمكى ، ولكن مبارك أصدر قرارا باحتكار احدى مؤسسات حكمه لأسماك بحيرة ناصر ، ومنع المصريين من نقل أسماك البحيرة ، واعتبره جريمة تهريب ، وبالتالى فتلك الهيئة الحكومية التى تتمتع بامتياز الصيد وتسويق سمك بحيرة ناصر يعجز موظفوها عن الصيد والتسويق ، ومرتباتهم منتظمة ومستمرة سواء عملوا أو ناموا ، والسمك فى بحيرة ناصر توحش وتكاثر ، والمصريون يعانون الفقر و الجوع وغلاء المواد البروتينية ، وكل ما يلزمهم هو الغاء قرار مبارك وفتح البحيرة للصيد و التوزيع والتصنيع واقامة مشروعات سياحية ، ولكن مبارك يأبى إلا أن تظل تلك الشركة وهى ( قطاع عام وحكومى ) قائمة تمنع المصريين من أكل السمك الرخيص . ومع أن مبارك يقوم بخصخصة وبيع كل شركات القطاع العام فلا تزال تلك الشركة الحكومية باقية لأنها تمارس عملها فى حماية البوليس فى تجويع الشعب المصرى.
إن لم تكن تلك كراهية للشعب وتجويعا له مع سبق الاصرار والترصد فماذا تكون ؟
2 / 3 : مبارك و المترفون حوله لا يأكلون الخبز الذى يتقاتل عليه المصريون، ولا يعرفون مكوناته من الحديد و الشوائب والتراب والحشرات . مبارك والمترفون حوله أيضا لا يحتاجون الى أكل السمك المتوحش من بحيرة ناصر ..هم يعيشون على الوجبات الساخنة التى تأتى رأسا من مطعم ماكسيم فى باريس .
هنا ننتقل الى الجانب الآخر من سياسة مبارك ، وهو تعامله مع شركائه فى البيزنس ، ونطلق عليه اختصارا ( التسقيع) . أى بعد (التجويع ) للشعب نأتى ل ( التسقيع ) للأتباع والشركاء فى الفساد .
رغم هذا السن وهذا المرض وهذه الظروف الصحية السيئة التى يمر بها مبارك لا يفكر فى التوبة وانهاء عصر الظلم ومسلسل ظلمه للمصريين الضعفاء المساكين
اعتقد ان اي حاكم فى العالم افضل من مبارك وامثاله من الطغاه الظالمين المستبدين للشعوب السارقين لاموالهم وحقوقهم وحياتهم حتى لو كان حاكم اسرائيل هو افضل من مبارك لانه يوفر حياة كريمة للمواطن الاسرئيلى
من المعروف أن المصريين تعرضوا للنهب منذ أقدم العصور على يد فراعينهم وملوكهم إلى يومنا هذا ، فالتاريخ المصري القديم يؤكد على حقيقة كان يتبعها الفرعون مع المصريين على أنهم ملك له هم والأرض التي يزرعها وحتى الحيوانات التي تعمل في الحقل وينتفع بها في المنزل، وكان لا يبقى لهم من الطعام إلاما يسد رمقهم حتى الموسم الزراعي القادم ، مع أنهم هم الذين ينتجون الطعام عن طريق زراعة المحاصيل وليس الفرعون أو ملأه أو كهنة المعابد، واستمر الحال على ذلك عشرات القرون ، وحتى بعد أن دانت مصر بالإسلام فعلوا بشعبها نفس ما كان يحدث منذ القدم من سرقة ونهب مقدرات الشعب المصري بكل السبل والوسائل المتاحة وغير المتاحة
والتساؤل الآن هل من الممكن أن تتحول هذه الصفة الرذيلة من صفة أخلاقية إلى صفة جينية وراثية ؟
بمعنى آخر على سبيل المثال هل يمكن أن تنتقل جريمة مثل جريمة السرقة من صفة خلقية مكتسبة إلى صفة وراثية ؟
الأخت الفاضلة نورا الحسيني السلام عليكم ورحمة الله لو تسمحي لي بمحاولة الإجابة على ما طرحته من تساؤل في قولك
والتساؤل الآن هل من الممكن أن تتحول هذه الصفة الرذيلة من صفة أخلاقية إلى صفة جينية وراثية ؟
بمعنى آخر على سبيل المثال هل يمكن أن تنتقل جريمة مثل جريمة السرقة من صفة خلقية مكتسبة إلى صفة وراثية ؟
اختي الفاضلة علماء الوراثة وعلم الجينوم البشري يؤكدون على حقيقة علمية مذهلة مفادها أن هناك أماكن في الشريط الوراثي البشري تمثل السلوك الأخلاقي للإنسان ، فمع طول المداومة على سلوك معين يتحول هذا السلوك من سلوك مكتسب ومتعلم من البيئة إلى سلوك جيني وراثي .
فالمداومة على السلوك الفاسد من سرقة وتزوير وحتى صور الشرك المختلفة والخنوع للظلم والاستبداد هذه الصفات كلها تنتقل من جيل لآخر ليس فقط عبر الاكتساب بالمعايشة ولكن أيضاً عن طريق الصفات الوراثية من جيل لآخر
وهذ ايفسر لنا السبب في أن الحكام المصريين أدمنوا السرقة والاستبداد ونهب مقدرات الشعب، فالحاكم من أبناء الشعب أو ولد وتربى بين أبناء الشعب ، فطول القرون التي تعرضوا فيها للنهب والسلب والسرقة جعلت هذه الصفات متأصلة لديهم .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5130 |
اجمالي القراءات | : | 57,290,640 |
تعليقات له | : | 5,458 |
تعليقات عليه | : | 14,839 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
أسئلة عن : ( بوتين سيقتل بشار ، سوريا وثقافة الاستبداد والاستعباد )
الغزالى حُجّة الشيطان ( الكتاب كاملا )
خاتمة كتاب ( الغزالى حُجّة الشيطان فى كتابه إحياء علوم الدين )
دعوة للتبرع
القاموس القرآنى : فما استمت عتم به منهن فاتوه ن اجوره ن ....
وليضربن بخمرهن : اتمنى منكم اهل القرا ن مساعد تي في موضوع جدا...
استمرار حكم العسكر: السؤ ال : قرأت لك مقارن ات بين العسك ر ...
خير مما يجمعون .!: أنا طول عمرى بائس وفقير .ورثت الفقر من أبويا...
ما قتلوه وما صلبوه: في سورة النسا ء الاية 157 حول المسي ح ....
more
علم المقارنات والاحصاء يظهر بوضح شديد حجم المأساة والنهب والسرقات التي تعرض لها الوطن مصر والتي تعرض لها المصريون منذ أيام الفراعنة وحتى الآن، فلو قارننا ثروة عمرو بن العاص عند وفاته والتي ذكرها الدكتور منصور في مقاله بثروة آل مبارك لعرفنا حجم الثروة المسروقة من دماء المصريين من عرق وشقا المصريين ومن ثرواتهم ، كانت ثروة عمرو تقدر بمائة وأربعين أردبا من الذهب والأردب يساوي مائة وخمسون كيلو جراما من الذهب فتكون كل سبعة أرادب تزن ما يقرب من طن واحد وبالقسمة على سبعة تكون ثروة عمرو تزن عشرون طنا تقريبا من المشغولات الذهبية وسعر الكيلو جرام حوالي مائة وخمسنة ألف جنيه مصري بسعر اليوم ، وبالتالي يكون الطن يقدر بالضرب في ألف فيكون سعر الطن من المشغولات الذهبين حوالي مائة وخمسون مليون جنية وبالضرب في عشرين وهو وزن الثروة بالأطنان تكون الثروة قيمتها مائة وخمسون مليونا في عشرين تساوي ثلاثة مليارات وحتى بإضافة قيمة المزارع والبساتين والعقارات والقصور فلن تزيد ثروته عن خمسة مليارات جنيه بسعر اليوم ، ومصر كانت من أغنى بلاد العالم وقتها فلم تتجاوز ثروة عمرو بن العاص خمسة مليارت.
أما ثروة آل مبارك وفقا لما يذاع عنها في التقارير الاقتصادية والمجلات الاقتصادية اليوم فهى تقدر بستين مليار دولار والضرب في قيمة سعر الدولار بالنسبة للجنيه تكون الثروة المنهوبة تساوي ستين في خمسة تساوي ثلاثمائة مليار جنيه مصري .
يعني ستين ضعف أي أكثر من ثروة عمرو بن العاص بستين مرة ياللهول حين نأخذ في الاعتبار مستوى الفقر الذي وصلت اليه مصر فيما بعد ثورة نهب الثروة ثورة يوليو ، فتظهر حجم المأساة وتتضح أكثر عندما نعلم أن حكومات رجال نهب المال المتتالية في عهده المشئوم تمتلك ما يقارب من هذه الثروة ، فيظهر مدى التجويع الذي لحق بالمصريين والقتل البطئ الذي يمارس عليهم منذ ثلاثة عقود أو قل منذ الثورة.