اللغة واللسان في القرآن
اللغة واللسان في القرآن
اللغة واللسان في القرآن، هذا الموضع من المواضيع ذات الاهتمام وله أهمية كبيرة جدا من وجهة نظري وسوف أعرضها عليكم ليعلم كل إنسان منا أنه مهما توصل إلى علم ما أو تكلم أكثر من لغة يظل علمه محدود لأنه يوجد من تكلم مئات اللغات دون تكبر أو غرور، ولنبدأ في موضوع اللغة منذ البداية، يقول المولى عز وجل:
((وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ{27} وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ{28} فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ{29} فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ{30} إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ{31})) سورة الحجر.
ونلاحظ هنا أن اللغة التي خاطب بها الله الملائكة وإبليس هي لغة واحدة وأيضا حين علم الله ادم يقول تعالى:
((وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)) سورة البقرة آية 31.
وقوله تعالى:
((قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ)) سورة البقرة آية 33.
ويتبين لنا من هذه الآيات الكريمة في خطاب الله لآدم والملائكة أنه بلغة واحدة أيضاً، وهذا ليس من شأنه أن يقلل من قدر الملائكة الذين لم يعصوا الله في أمر حين أنبأهم آدم بأسمائهم، وان الملائكة والجن سوف يكون لهم علم بلغة البشر، ولكن من شأنه أن يعلمهم أنه فوق كل ذي علم عليم، ثم بعد ذلك أراد الله باختلاف اللغة بين أبناء ادم علية السلام، يقول تعالى:
((وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ)) سورة الروم آية 22.
أي أن البداية كنت لغة وحدة وتشعبت وتفرع منها الآلاف من اللغات الأخرى بما يخص البشر، أما باقي المخلوقات الأخرى في الكون فلكل فصيل لغته الخاصة به من حيوانات وجماد، وكل شي في هذا الكون له لغة لا يعلمها إلا الله، حين يأمر بفعل شي لا بد أن يكون هناك خطاب بين الآمر والمأمور وفي قوله تعالى:
((بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ)) سورة البقرة آية 117.
ولنا في ذلك أمثال كثير قد ذكرها الله حتى نتفكر في قدره جل وعلا في قصة نوح علية السلام حين أمر الله الماء والجبال والسماوات يقول تعالى:
((وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)) سورة هود آية 44.
وطالما أن المولى عز وجل قال:
((تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً)) سورة الإسراء آية 44.
إذن كل شيء نراه وما لا نراه نحن كبشر يسبح الله سبحانه وتعالى، وهناك مخلوقات أخرى كان لها بعض المواقف في حياة بعض الأنبياء عليهم جميعاً السلام منها أكبر المخلوقات وأصغرها حجماً، فحين وهب الله لسليمان ملك لم يهبه لأحد وسخر له الجن والرياح والطير وغيرهم وعلمه الله حتى يستطيع أن يتعامل مع كل فصيل بلغته، وكان في ذلك اختبار من الله لسليمان، يقول تعالى:
((وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ)) سورة النمل آية 17.
((وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)) سورة النمل آية 16.
وكان من ضمن الاختبار يعتبره الكثير من الناس في هذا العصر لا شيء وهي النملة أو الهدهد حين تكلموا مع سليمان دون تكليف، يقول تعالى:
((حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ{18} فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ{19} وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ{20} لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ{21} فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ{22} إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ{23})) سورة النمل.
ونلاحظ هنا أن النملة والهدهد لم يتكلموا مع سليمان علية السلام بألقاب، النملة قالت سليمان والهدهد قال أحطت بما لم تحط به وتقبل سليمان القول من الهدهد ومن نملة تعد من أصغر مخلوقات الله دون تكبر، فعلم اللغة في القرآن أو اختلافه بين مخلوقات الله الحية منها أو الجماد يحتاج إلى باحث متخصص في هذا، أما أنا فلست باحث ولا متخصص، أنا اجتهد فقط وقد يقول قائل ماذا سوف نستفيد من هذا الموضوع، نستفيد أننا نتعلم حتى لا يصاب أحدنا بالتكبر، ومهما وصل من علم ويعلم أنه فوق كل ذو علم عليم، أما موضوع الملائكة والجن أو الشياطين ومعرفتهم بكل لغات البشر وكما تعلمون قد وصلت اللغات بين الناس إلى الآلاف من اللغات المختلفة وأن الملائكة يكتبون كل لفظ يقال من البشر، يقول تعالى:
((مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)) سورة ق آية 18.
والشياطين توسوس إلى جميع الناس وبكل اللغات أيضاً، والجن الصالح قد علم عن القران ولغات القران والتي يهتدي بها الصلحين منهم، يقول تعالى:
((قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً{1} يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً{2})) سورة الجن.
وأيضاً كان يعلم الجن عن الكتب التي سبقت القران مثل التوراة والإنجيل، يقول تعالى:
((قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ)) سورة الأحقاف آية 30.
إذن الجن يتبعنا نحن العالم المادي أي البشر ويعلم عنا الكثير والكثير ونحن كبشر لا نعلم عن الجن إلا ما قد ذكر عنه وعلمناه من القرآن، فاختلاف اللغة بين مخلوقات الله لا نستطيع نحن كبشر حصرها، ولكن هذا الاختلاف بين المخلوقات، أما مع الله فهي لغة واحدة وتجعلنا نؤكد ونؤمن أن الله وحد لا شريك له، وأنه سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء.
رمضان عبد الرحمن علي
اجمالي القراءات
12112
الأخ الفاضل رمضان .. مقالك مفيد وواضح الفكرة وهو يعتبر مدخل جديد لدرسة علم اللغة من خلال القرآن الكريم .. وهذا الموضوع يحتاج لجهد كبير .. وشكرا على مقالك ..