قطع غيار .. الإسلام !

منيرة حسين Ýí 2009-01-09


هذا العنوان مكتوب بخط عريض فوق أحد محلات قطع الغيار بالزيتون , وهو يعتبر دليلا حيا لما انحدر إليه استخدام اسم الإسلام العظيم في مجالات التجارة , وقد استفزني كثيرا سخرية الجالسين إلى جانبي في المواصلات حين مررنا على محل " قطع غيار الإسلام " وهم يتساءلون في تهكم : هل للإسلام قطع غيار ، وكنت على وشك أن اشتبك معهم في عراك ، لولا أنني كظمت غيظي ، فالذي يستحق اللوم هو الذي عرض اسم الإسلام إلى هذه المهانة ، وذلك المناخ السيئ الذي احترف المتاجرة باسم الإسلام في الاقتصاد والسياسة وسائر مناحي الحياة بدأ الاحتراف الديني بالطموح السياسي للحكم تحت شعار تطبق الشريعة ، وأن الإسلام هو الحل . دون تحديد مفهوم واضح للشريعة المراد تطبيقها ودون اجتهاد مستنير يقدم رؤية عصرية للشريعة الإسلامية ، ودون منهج واضح يكون به الإسلام هو الحل ، أي إنها مجرد شعارات للخداع ، وهذا شان الاحتراف والاتجار واستغفال الزبون والضحك على الذقون ، وبعد الاحتراف الديني في السياسة بدأ الاحتراف الديني في الاقتصاد فتكلموا في الاقتصاد الإسلامي وتوظيف الأموال إسلاميا وأعلنوا الحرب على البنوك غير الإسلامية ، وانتهت الحملة بضياع أموال المسلمين ، وأتضح أن الأمر مجرد لافتات وشعارات لخداع الزبون والضحك على الذقون ولا تختلف في قليل أو كثير عن ذلك التاجر صاحب محل " قطع غيار الإسلام " وبعد الاحتراف الديني والسياسي والاقتصادي دخلنا في مجال أخطر هو الطب الإسلامي ، فانتشرت عيادات التدواي بالقرآن ، وانتشرت معها خرافات الجن والعفاريت والمس الشيطاني ، مع أن القرآن حين يتحدث عن الشفاء إنما يقصد الهداية وحين يتحدث عن مس الشيطان لا يقصد سوى احتلال الشيطان للبشر . ولكنها طريقة جديدة أخري لخداع الزبون والضحك على الذقون ، والضحية في ذلك كله هو الإسلام العظيم ولا شيء سواه . والمؤسف أن الإسلام الحق يناقض ذلك كله فالإسلام يحارب الاحتراف الديني على كل المستويات ، ويكفي أن الأنبياء أصحاب الوحي ليسوا محترفين لأنهم لا يأخذون أجرا من الناس ، ولا يملكون لأنفسهم ولا لغيرهم نفعا ولا ضرا ، وليس عليهم إلا تبليغ الرسالة ، فمن اهتدي من الناس فقد اهتدى لنفسه ، ومن ضل منهم فقد ضل على نفسه وأضاع نفسه ، ويكفي أن الذين حاربوا الإسلام كانوا دائما من محترفي التدين الذين يشترون بآيات الله ثمنا قيلا والذين يأكلون أموال الناس بالباطل ، والذين أترفتهم الحياة الدنيا وعاشوا في ( وهم ) أنهم سيملكون الآخرة كما امتلكوا الدنيا ، وزين لهم علماء السوء ذلك الوهم .. أولئك المحترفون كانوا أعداء الرسالات السماوية ، أولئك المحترفون هم أصحاب الجاه والمواكب ، لأنهم يزيفون دين الله ويحولونه إلى تجارة ، هي أكثر أنواع التجارة ربحا لأن رأسمالها مجرد الاعتقاد والتسليم .. فإذا اعتقدت في شخص ما وصدقت ادعاءاته فقد وقعت في شراكه واستحل أموالك ، وبعدها تكون من العادات السيئة أن ينتشر ذلك الاحتراف الديني ليتسلل إلى السياسة ثم إلى الاقتصاد ثم إلى الطب والعلوم وسائر المظاهر الاجتماعية وذلك بالضبط ما نجني ثماره الآن . إذ تحول العلم الديني لدينا إلى كهنوت ديني ، برغم انه ليس في الإسلام كهنوت وليس في الإسلام رجل دين ، وليس في الإسلام شيوخ ، بل في الإسلام رسول ، وبعد موت النبي فالقرآن معنا ، وهو الوثيقة الإلهية المحفوظة إلى قيام الساعة ، والتي نحتكم إليها والتي سيحاسبنا الله تعالى على أساسها يوم القيامة ، ولكن تحول علماء الدين إلى أئمة مقدسين لا نتصور أن يقع أحدهم في خطا أو نسيان ، وبعد هذا الكهنوت في الدين طمع بعضهم في تحويله إلى كهنوت سياسي يستطيع أن يحكم به الناس في دنياهم بعد أن تصور أنه يحكمهم في الآخرة ، وعن طريق الكهنوت الديني انتشرت الدعاوى السياسية الكهنوتية الدينية ، وأصدر بعضهم قرارا بأنه قد جاءه تفويض إلاهي بأن يحكمنا ويركب ظهورنا تحت شعارات مقدسة أبقاها مبهمة غامضة دون تحديد .

وانتقل الاحتراف إلى الاقتصاد والمجتمع والطب والعلوم .. حتى وصل إلى تجار الخردة وقطع الغيار ومحلات العطارة والسندوتشات ..
فهذه قطع غيار إسلامية مع أنها مصنوعة في تايوان وتايلاند وبأيدي من يعبدون بوذا وتلك بنوك إسلامية مع إنها تتعامل بالدولار والين والمارك والفرنك وتضع أرصدتها في بلاد الكفار ومن يعبدون البقر والحجر ..
وكل ذلك يهون في سبيل الضحك على الذقون .

اجمالي القراءات 10163

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2008-02-13
مقالات منشورة : 30
اجمالي القراءات : 509,873
تعليقات له : 0
تعليقات عليه : 54
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt