ماذا تريد حماس من إسرائيل بحرقها غزة؟:
ماذا تريد حماس من إسرائيل بحرقها غزة؟

د. شاكر النابلسي Ýí 2009-01-07


-1-
كل ما قلناه في مقالاتنا السابقة لم يكن فيه لومٌ، ولا لائمة على الفلسطينيين، ولكنه كان على "حماس"، وعناصرها.
كيف لنا أن نلوم الضحية الفلسطينية في غزة، التي قتلتها "حماس"، قبل أن تقتلها إسرائيل.
بل ربما تمَّ قتل هذه الضحية في وقت واحد من "حماس" اليمين، ومن إسرائيل اليسار واليمين.


فالذي يثير القاتل الشرس، ويتحداه دون توزان وتكافؤ القوى والإمكانات، ويسبب في القتل تحت أي ظرف من الظروف، هو القاتل الحقيقي بعينه.

-2-
فرغم أن إسرائيل احتلت غزة منذ،1967 وأقام&EcEcirc; فيها مستعمراتها، وحاصرتها من جميع الجهات براً وبحراً وجواً، ووضعت كل آة فلسطينية في غزة تحت المراقبة، وأوجدت آلاف الجواسيس – وهو ما يؤكده كثير من المراقبين، ومنهم اللواء المصري والباحث الاستراتيجي حسام سويلم – الذين كانوا سبباً في اغتيال إسرائيل لكثير من قادة "حماس"، وعلى رأسهم الراحل الشيخ أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، ونزار ريان وغيرهم.. رغم هذا كله، فإن ما فعلته إسرائيل من قتل وتنكيل بأهالي غزة أقل بكثير مما فعلته "حماس" المسئولة عن هذا القتل والتنكيل مسؤولية كبرى، بإلغائها اتفاقية التهدئة في 13/12/2008.
فجريمة القيادة الكبرى، ليس في قتل مواطنيها، ولكن أن تكون هي المتسبب في قتل هؤلاء المواطنين.
فهتلر النازي لم يقتل شعبه الألمان، بقدر ما كان السبب – بجنونه وشبقه الزعاموي – في تدمير ألمانيا في الحرب العالمية الثانية. وكذلك كان كل الديكتاتوريين في العالم. ولعل الديكتاتور العربي الأعظم صدام حسين، وحافظ الأسد، وعبد الناصر وغيرهم كانوا على هذا النحو من الجنون بالعظمة، والاستهتار بالأعداء. فصدام حسين في الحرب العراقية – الإيرانية وفي حرب الخليج، كان المسبب في محنة العراق الكبرى، وحافظ الأسد في جنون عظمة سوريا الكبرى وما فعله في لبنان طيلة ثلاثة عقود، كان سبباً في حصار سوريا الإقليمي والعالمي على هذا النحو الآن. وعبد الناصر في استجابته لنداء الزعامة والعظمة القومية عام 1967 نكب مصر نكبتها الكبرى، التي لا زالت آثارها حتى الآن. والذين تغنّوا بأمجاد صدام والأسد وعبد الناصر في الإعلام العربي، خلَّفوا لنا أبناء أوفياء لتراث آبائهم، وهم اليوم يقتفون أثر السلف، وما خلف.

-3-
للعقلاء فقط:
- ماذا تريد حماس أن تحقق من إسرائيل، من خلال حريق ودمار قطاع غزة على هذا النحو؟
- هل تريد تحرير فلسطين 1948؟
فإذا كان هذا هو الهدف، فإن ما عجزت عنه كل الدول العربية عسكرياً بجيوشها الجرارة أن تحرره، لن تستطيع حماس بقدراتها العسكرية المتواضعة جداً وبسلاحها البدائي أن تفعله. وما لنا بعد ستين عاماً من ذبح الضحية الفلسطينية الكبرى 1948، وعبثنا الجنوني بالثأر والتحرير، إلا أن نتوسل للقاتل وللضمير العالمي – إن وُجد - بإنصافنا ولو بالفتات المتبقي، بعد أن جربنا كل الأسلحة البيضاء والسوداء. وإلا فكل محاولة – بعد ستين سنة من المأساة – لانتزاع الفتات بالقوة من تحت مائدة طعام الغيلان، لن تؤدي إلا إلى المزيد من الحرمان والسطو. ولنفعل في فتات فلسطين (ما تبقى من الضفة الغربية وقطاع غزة) ما فعله في سنغافورة (700 كلم² فقط) الرجل المعجزة "لي كوان يو"، الذي جعل من سنغافورة مثالاً عالمياً يُحتذى. ففلسطين ليست بحاجة ملحة إلى مزيد من الأرض ولكنها بحاجة ملحة إلى قيادة مخلصة، وزعيم مخلص وأمين، مثل "لي كوان يو" وليس إلى زعماء من أمثال عرفات، ومحمود عباس، وأحمد ياسين، وخالد مشعل، وإسماعيل هنيّة، وغيرهم.
فمشكلة فلسطين ليست إسرائيل، وليست أمريكا، وليس تقاعس أو تفاعس الدول العربية، ولكنها مشكلة عدم وجود زعيم كـ "لي كوان يو"، أو حتى كبن غوريون.

-4-
وللعقلاء فقط:
- هل تريد حماس بحربها على إسرائيل، أن تقيم الدولة الفلسطينية على شكل خلافة إسلامية، وهي التي تتوسل اليوم إلى (طوب الأرض)، لكي توقف إسرائيل عدوانها على غزة، وهو نفس التوسل الذي قام به حزب الله 2006، بعد أن كانت "حماس" و"حزب الله" هما البادئين (حماس بصواريخها على إسرائيل، وإلغاء الهدنة في 13/12/2008، وحزب الله بخطف الجنديين الإسرائيليين) والباديء أظلم، كما نقول نحن العرب في تراثنا.
لقد جاء الجواب على هذا المطلب، من خلال امتناع مجلس الأمن في اجتماعين على عدم إصدار قرار بوقف إطلاق النار. وهي إرادة دولية، لعب فيها الاستعمار أم لم يلعب، فتلك هي النتيجة. فالشرعية الدولية – سواء اعترف بها الحلف الرباعي (إيران – سوريا – حزب الله- حماس) أم لم يعترف – لا ترفض الرأفة بالفلسطينيين اليوم وإيقاف العدوان عليهم، ولكنها ترفض الرأفة بـ"حماس" وعناصرها، سيما وأن إسرائيل قالت في أكثر من بيان وأكثر من مناسبة – سواء كذباً أم صدقاً – بأنها لا تقاتل الفلسطينيين، ولكنها تقاتل "حماس" وعناصرها، والدليل أنها تحصر القتال في قطاع غزة، ولا تشمل به الضفة الغربية، والفلسطينيين، في مخيمات الشتات.

-5-
وللعقلاء فقط:
- هل ظن قياديو "حماس" في غزة، ودمشق، وبيروت، أن العالم سوف يقف معهم بشوارعه ونوارعه، وسوف يرغم إسرائيل على وقف النار، فيخرج زعماء "حماس" من جحورهم، كما فعل حزب الله 2006، ليعلنوا للعالم انتصارهم الإلهي؟
وللعلم، فإن الرأي العام الدولي، قد تغيّر كثيراً بعد كارثة 11 سبتمبر 2001، وأصبح موقف الغرب من الأصولية الدينية الإسلامية – و"حماس" و"حزب الله" و"القاعدة" أحد أركانها السياسية الرئيسية – بعد الهجمات على أمريكا وسفاراتها في الخارج وعلى العواصم الأوروبية، وبعد غزو أفغانستان والعراق، أكثر عداءً لهذه الأصولية، بعد أن دفع الغرب من دماء أبنائه، ضحية أحلام وآمال الأصولية الخيالية. وهم يعلمون اليوم بأن الأصولية الدينية، في كافة أنحاء العالم العربي - ما عدا بعض دول الخليج – هي التي تحرك الشارع العربي، على هذا النحو.
السلام عليكم.

اجمالي القراءات 12568

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   Brahim إبراهيم Daddi دادي     في   الخميس ٠٨ - يناير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[32471]

الدكتور شاكر النابلسي شكرا لكم،

الدكتور شاكر النابلسي شكرا لكم، على هذا المقال الصادق، فقد قلتم وعدلتم وصدقتم القول ولو على ذوي القربى، فالزعماء المرضى المصابين بشبق الحكم هم السبب في تدمير بلادهم وشعبهم، بدأ بالخلافة الأموية والخروج عن الحكم بالشورى، فالأحزاب المدعية بالإسلام قد صدق فيها قول الشاعر أبو الفتح البستي حيث قال:

لا يَستَخِفَّنَّ الفَتى بعَدُوِّهِ أبداً وإنْ كانَ العَدُوُّ ضئيلا

إنَّ القذى يُؤذي العُيونَ قَليلُهُ ولرُبَّما جرَحَ البعوضُ الفيلا


و شكرا لكم مرة أخرى أخي الفاضل الدكتور شاكر النابسي.


2   تعليق بواسطة   عمار نجم     في   الخميس ٠٨ - يناير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[32486]

من أجل غزة

إخواني الذين آلمهم و آذاهم الدكتور ناكر       فكرتُ و فكرتُ و فكرتُ        ماذا يمكن أن أقدم من أجل غزة         وخرجت بما يلي      لقد وضع التراثيون بصمتهم على أدبيات الإسلام و من بين الأمور التي إخترعوها      موضوع الكليشات و الإختصارات التي تلي الأسماء من باب التكريم و التبجيل        فيقولون مثلا: قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ويختصرونها إلى      قال رسول الله محمد (ص)    ويقولون قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه و يختصروها إلى     قال أبو بكر الصديق (رض)       من هنا خطر لي أنِ لماذا لا نقوم نحن جميعا (أهل القرآن و أصدقاءهم و أعداءهم) بوضع بصمتنا و إضافة شيء لأدبيات الإسلام       شيء جديد لم يسبقنا إليه أحد من العالمين       و كان أن وصلت إلى  فكرة وضع عبارة "غضب الله عليه"  و نختصرها إلى (غض)      ككليشة بعد إسم من يستحقها         فمثلا نقول: قال فرعون غضب الله عليه و نختصرها إلى قال فرعون (غض)          و مثله نقول: قال أبو جهل (غض)     و قال عبد الله بن أبي سلول (غض)             الشاهد المهم هنا هو أنني أقترح أن لا نحصر هذه الكليشة بالسابقين فقط            يعني القرآن بين أيدينا و نستطيع أن نعرف من يستحقها من الناس الذين يعيشون بيننا  وذلك بمطابقة مواصفاتهم مع مواصفات من إستحقها من إخوانهم السابقين           وعليه فلنبدأ و لنطبقها على شاكر النابلسي        أرجو من الإخوة الكرام أينما كتبو أو تحدثوا عن\إلى شاكر النابلسي       ((الذي أشعر بالغثيان كلما تذكرت أنه فلسطيني مثلي))      أن يكتبوا إسمه من اليوم و صاعدا بهذا الشكل         شاكر النابلسي (غض)            أنتظر رأي جميع الإخوة في هذا الموضوع بشكل عام           و بشكل خاص حول أحقية تطبيقه على هذا الناكر اللانابلسي              السلام عليكم


3   تعليق بواسطة   يونس موسى     في   الخميس ٠٨ - يناير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[32510]

كل ما يجري هو في مصلحة المربع الاخواني-الشيعي

الاحتلال الجديد والاستعمار الذي لا يمكن لشعوبنا أن تطيقه، والذي اذا وقف بوجهه أحد أو انتقده اعتبر كافراً وخائناً! وهو الاستعمار الذي تحبه شعوبنا وتتمناه عليها ان اتيحت لهم/لها الفرصة!.... لا يهم مقدار الألم والمعاناة المهم الانتصارات الوهمية التي تشبع نهم عقولنا المنحرفة عقائدياً وفكرياً!!

كل هذه المجازر من أجل ابراز عضلات حماس! دعاية لحماس لكل العالم: نحن المقاومون المخلصون! لا يهم ما فعلنا قبلاً، المهم أنناّ الآن نحارب اسرائيل، نحن نحارب العدو ونصده، نحن ندافع عن شرف الأمة العربية!!!.... ألا أيها الأخوانيون المجانين إن تخرجوا من غزة فقط، لضمننا دماء كل الفلسطينيين! لما انسكبت قطرة دم واحدة أخرى، أصدروا قراراً لاخراجهم من غزة بدلاً من التخبط والتباكي واستجداء اسرائيل للخروج من غزة!

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-01-16
مقالات منشورة : 334
اجمالي القراءات : 3,629,746
تعليقات له : 0
تعليقات عليه : 361
بلد الميلاد : الاردن
بلد الاقامة : الولايات المتحدة