تلخيص ..:
أدين بدين الحب

عمرو اسماعيل Ýí 2008-12-15


 
كم كان ابن عربي رائعا عندما قال :
أدين بدين الحب أنى توجهـت
ركائبه .. فالحب ديني وإيماني
هناك خطأ واضح في عالمنا .. كلنا نعرفه ولكننا نصر علي تجاهله .. حكومات وشعوب .. وهو ما يؤدي الي الشحن والتعصب والتحزب الطائفي والارهاب باسم الدين .. و الخطر الحقيقي هو تجاهل المشكلة .. التي أصبح يعاني منها المجتمع المصري وباقي المجتمعات المسماة عربية في الثلاثين عاما الأخيرة .. مشكلة ترك الحكومات لجماعات وأفكار تعصب ديني علي جميع الجبهات .. تعمل في الشاع بين البسطاء .. في ظل بطالة وفقر .. تماما مثل ترك الحكومة المصرية لمشكلة المواصلات العامة وتنظيمها طالما استطاع سائقي الميكروباس وأصحابها أن يسدوا الفجوة مع كل ما يسببوه من فوضي في شوارع ومدن مصر ..


ماحدث في مجال الخطاب الديني والخدمات الاجتماعية هو نفس الشيء ,, لقد تركت الدولة واجبها في الرعاية الاجتماعية والصحية بل والتعليمية .. لتملأها جمعيات مفروض أنها خيرية ولكنها في الحقيقة جمعيات أساسها ديني تقدم مع الخدمات الاجتماعية وجبات دسمة من التطرف الديني .. لابد أن تؤدي في النهاية الي احتقان طائفي نتيجته الوحيدة هو مايحدث من أحداث طائفية مقيته .. وعنف بين الطوائف الدينية حتي داخل الدين الواحد ..
ما هي علاقة المسجد أو الكنيسة بتقديم خدمات صحية إلا إن كانت الحكومة تخلت عن واجيها .. أثناء الزمن الجميل كانت التبرعات الخيرية والصدقات من مسلمين ومسيحيين تبني المستشفيات ثم تتولي إدارة هذه المستشفيات جهات متخصصة لا تفرق بين مسلم ومسيحي .. ويكون عملها فقط تقديم الخدمة الصحية لمن يحتاجها .. هكذا بنيت مستشفيات علي مستوي عالي .. مثل العجوزة والقبطي في القاهرة والمواساة في الاسكندرية ..
ولكن الآن هناك مستوصفات تابعة لكل مسجد وكنيسة .. وكأن المرض يفرق بين المسلم والمسيحي والملحد .. وتقدم هذه الدكاكين التي تسمي نفسها مستوصفات مع الدواء والعلاج وجبات دسمة من الأفكار الدينية المتعصبة ..
ونفس الشيء يحدث في التعليم والخدمات الاحتماعية .. لقد تخلت الدولة عن واجبها .. فملأتها جماعات دينية متطرفة .. وملأها تجار المخدرات وساثقي الميكروباس ..
مشكلة زاد في حجمها .. مشاكل أخري اقتصادية وسياسية تتمثل في غياب الحريات العامة وسيطرة قلة علي كل شيء .. الثروة والسلطة .. وغياب الأمل في التغيير .. والتداول السلمي للسلطة .. والتوزيع العادل للثروة ..
الجميع يعرف انه لا حل الا وجود دولة مدنية قوية .. وأحزاب مدنية قوية ودستور مدني يتيح التداول السلمي والدوري للسلطة ونظام ضرائبي عادل لا يستطيع التهرب منه القوي أو المسنود ... ليمكن إعادة توزيع الثروة في شكل خدمات اجتماعية من ضمان اجتماعي وتأمين صحي وإعانة بطالة ..
أما من ناحية الاحتقان الطائفي .. فلا يوجد إلا حل واحد وهو تبني وثيقة الحرية الدينية .. التي وقعها الأزهر ثم حاول التنصل منها والأدهي أن مجلس الشعب المصري الذي من المفروض أنه عصب الدولة المدنية استطاع تعطيل هذه الوثيقة عبر لجنة الشون الدينية .. ولذا مجلس الشعب مسئول الي حد كبير في زيادة الاحتقان الطائفي بالقضاء علي هذه الوثيقة ..
فماذا تقول هذه الوثيقة ..
"
نؤمن بحق كل فرد في الإيمان بأي دين يشاء، وأن لكل إنسان، رجلا كان أو امرأة، حقا مقدسا في اعتناق، أو رفض اعتناق دين من الأديان، من دون التعرض لأي أذى من قبل أي جهة دينية أو سياسية ويجب التأكيد علي أنّ اللجوء إلى العنف لتأكيد وجهة نظر دينية أو لإجبار آخرين على اعتناقها هو أمر مرفوض بتاتاً. وأن لكل فرد الحق في مناقشة حقائق دينه دون خوف من انتقام.
وأن لكل إنسان بغض النظر عن انتمائه الديني أو العرقي أو الوطني، الحق في أن يعيش بسلام مع جيرانه مهما كان معتقدهم.
وبناء على ذلك، فإننا نصر على أنّ لأتباع جميع الأديان حقاً مقدساً في أن يُشركوا الآخرين في معرفتهم وأن يعيشوا بسلام مع حصيلة هذه المعرفة".
ماذا في هذه الوثيقة ليعترض المعترضون وتقوم بسببها حملة شعواء علي الأزهر وشيخه .. أن هذه الوثيقة هي أمل كل الشعوب العربية وليس مصر فقط ..
إن هذه الوثيقة هي نتيجة لإدراك من وقع عليها أن هناك متطرفين من جميع الأديان وإن تبنتها الدولة كقانون ستقطع الطريق علي هؤلاء ومع الوقت ستصبح ثقافة عامة تمنع أي احتقان طائفي وتحمي هذا الوطن بجميع أبناءه ... فالوطن الحقيقي ليس فيه أغلبية وأقليه .. ولكن به مواطنين لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات .. وأهم هذه الحقوق حرية الاعتقاد والدعوة السلمية وحرية التعبير السلمي ..
ومرة أخري كم كان ابن عربي رائعا عندما قال :
أدين بدين الحب أنى توجهـت
ركائبه فالحب ديني وإيماني
إن الإيمان الحقيقي هو الحب .. حب الله .. وحب الإنسان لأخيه الإنسان .. وليس التعصب لدين معين أيا كان ولا لمذهب معين ايا كان ..

من غير تبني الدولة لإصلاحات دستورية وسياسية حقيقية .. ومن غير عدالة اجتماعية .. ومن غير تبني ثقافة وثيقة الحرية الدينية .. سنظل ندور في هذه الحلقة المفرغة من التطرف والتعصب والتخلف الحضاري ... وستطل علينا الفتن الطائفية .. وسيظل من نطلق عليهم مختلين عقليين أو الفئة الضالة يمارسون العنف باسم الدين ..
اللهم إني أبلغت .. اللهم فاشهد
عمرو اسماعيل

اجمالي القراءات 11080

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (5)
1   تعليق بواسطة   زهير قوطرش     في   الإثنين ١٥ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[31202]

أخي الدكتور عمرو

هل تريد حلاً للدائرة المغلقة في مجتمعاتنا العربية حصراً والإسلامية .


لن يكون هناك حلاً إلا بصدام حقيقي مابين الاصولية والعلمانية الديمقراطية ،ينتج عن هذا الصدام  ،مراجعة لمواقف الطرفين ،والبحث بعد ذلك عن المشترك الذي سيكون برضى الجميع. وبدون هذا الصدام ....لا أعتقد بأننا سنصل الى نظام ديمقراطي علماني  ديني .


2   تعليق بواسطة   عمرو اسماعيل     في   الإثنين ١٥ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[31210]

أخي زهير ..لا يوجد نظام ديمقراطي علماني ديني ..

يوجد نظام ديمقراطي علماني .. ونظام ديني .. وهما لا يمكن أن يلتقيا .. أما عن كون ضرورة حدوث صراع بينهما .. فيبدو أنه لا مفر منه ..


الدين مكانه الفرد والقلب .. يتعلم منه الانسان الحب والاخلاق ..


أما السياسة والحكم .. فلا يمكن ادارتهما بأقل قدر من الشر إلا عن طريق الديمقراطية و العلمانية .. أو العلمانية الديمقراطية .. فالعلمانية دون ديمقراطية تؤدي الي نفس الضرر الذي يحدث عندما يتحول الدين من تجربة روحية الي أيديولوجية سياسية .. لابد أن ينتج منها التطرف والتعصب والقتل والدمار .. وهو ماحدث في اوروبا في العصور الوسطي حتي سقوط الدين كأيديولوجية سياسية مع الثورة الفرنسية .. ولكننا مازلنا نعاني حتي الآن من نفس المأزق .. هل نحتاج ثورة تقول اشنقوا آخر ديكتاتور بامعاء آخر رجل دين .. في الحقيقة يبدو أن هذه هي الطريقة الوحيدة للخروج من المأوق الحالي ..الا لو تعلمنا من تجارب الآخرين ..


هذا المقال هو تلخيص للرسالة التي من أجلها بدأت الكتابة .. وهذا التعليق هو وضع النقط علي الحروف ..


3   تعليق بواسطة   زهير الجوهر     في   الإثنين ١٥ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[31213]

أتفق معك أستاذ أسماعيل

في كل كلمة قلتها في هذا المقال.


لمصر فرصة ذهبية الآن في عمل تلك الأصلاحات الدستورية. وألا سوف تضيع الفرصة وتسيطر التيارات المتطرفة على الأوضاع في مصر, ويا يوم ما بعدك يوم.


مع التقدير


4   تعليق بواسطة   زهير قوطرش     في   الثلاثاء ١٦ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[31228]

اخي الدكتور العلماني الصرف عمرو

أخي ماذكرته في تعليقك ،صحيح مئة بالمئة لو أن الوضع في منطقتنا  يماثل الوضع في أوربا قبل الحضارة. في أوربا ولظروف خاصة بها ،استطاعت قوى الثورة  أن تفصل الدين عن الدولة بالشكل الذي  فرضته ظروف العلاقة مابين العلمانية ،والمؤسسة الدينية.


نحن في وضع مختلف تمام الأختلاف. لدينا مؤسسة دينية رسمية  متحالفة مع السلطة .لدينا معارضة علمانية ديمقراطية ضعيفة التأثير حتى الآن . ولدينا أحزاب اسلامية وحركات أصولية  اسلامية معارضة للعلمانية الاستبدادية ،وللعلمانية الديمقراطية. الشارع بشكل عام معهم.


ما العمل .... هل سنعدم أخر مستبد بأمعاء أخر رجل دين . ...كيف ؟ شعار غير قابل للنقاش  ..صدقني .


كما ذكرت لك الصراع السياسي قائم بين المكونات الثلاثة .وقد يتحول هذا الصراع الى حروب  أهلية تحرق الأخضر واليابس .


عندها سيجلس الجميع بعد تلك الخسائر  ليبحثوا في المشترك ،وسوف يجبروا على التعاون .تحت شعار اطلقه أنا اليوم . وأعوذ بالله من كلمة أنا .(حكم ديمقراطي علماني ديني)


 الحكم سيكون ديمقراطي علماني ديني (ديني ،بمعنى جديد ،أي سيفرض الواقع على الحركات الاسلامبة قبولها برفض  ثنائية المؤمن والكافر،لأنها ستدفع ثمن هذا الشعار) ديني معناه أن القيم الأخلاقية  سيكون أحد أهم مصادرها كتاب الله عز وجل .


مثال على ذلك قريب جداً . حماس ،بعد فوزها بالانتخابات ..تابعت كل  مسارها السياسي من خلال التصريحات .في البداية أطلقوا تصريحات نارية . أنتهت العلمانية ،لا  للألحاد . نحن نحكم باسم الحاكمية الآلهية .سنقيم دولة الخلافة الراشدية .....وهكذا ...هذا الطرح  هيج جماهيرهم ،ليخوضوا حرباً أهلية مع فتح ... أعتقدوا بأنهم  سوف يسيطروا على الضفة ومن ثم على مصر والاردن وسوريا بدعم من ايران وغيرها ...... النتيجة ....الآن وبعد أن شعروا أنهم أكثر من عاجزين على تنفيذ اي بند من شعاراتهم الاصولية ...الآن قبلوا بالحوار ،وقبلوا بتشكيل حكومة تكنوقراطية ....وقبلوا بالتحالف مع العلمانيين .....


أخي لامجال ،يجب أيجاد قواسم مشتركة ..سياسة  ياأبيض أو أسود ...ماعادت تجدي .


5   تعليق بواسطة   فتحي مرزوق     في   الخميس ١٨ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[31334]

علمانية ناقصة

مع تقديرنا لبعض ما يكتب الأستاذ عمرو إلا إنني أجد أن علمانيته ناقصة وهذا يتضح من تعليقاته مثل التعليقات على موضوع الخبر على جريدة البديل حيث ذكر في تعليقه الآتي



(لقد وصلت الي نتيجة مؤلمة .. أنني مستعد أن أتخلي عن حريني السياسية .. ولكنني لست مستعدا أن أتخلي عن حريتي الشخصية ) !!!


أي أن الرجل تخلى عن حريته السياسية فماذا بقى له بعد هذا ؟


كنت أتمنى أن لا يتنازل الرجل عن حريته سواء كانت سياسية أو شخصية حتى تكتمل علمانيته . كنت أتمنى أن يدافع بشكل أكبر عن حريته السياسية إلى أن يحررها من الذين إستلبوها منه .. ولكننا نجد بكل أسف أن الرجل فرط فيها بكل سهولة !!ولهذ نرى أن الأستاذ عمر علمانيته ناقصة حيث ينقصها الحرية السياسية من أجل الحرية الشخصية فقط !!


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-09-30
مقالات منشورة : 131
اجمالي القراءات : 1,496,916
تعليقات له : 1,140
تعليقات عليه : 798
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt