زهير قوطرش Ýí 2008-12-14
تعقيب على مقالة أخي فوزي .
في قراءة متأنية لمقالة أخي فوزي فراج (الغلاسة) .نستطيع تلمس عدة محاور هامة ،وأهم هذه المحاور هي أن الأخ فوزي يعالج مشاكل الامة العربية من خلال نموذج واحد ألا وهو الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي لمصر الحبيبة كنموذج مكرر . والمقالة تعدد سلبيات الحاكم وسلبيات المحكوم ، وتعتبر أن حكام الامة هم من هذه الطينة التي هي انتجتهم .وأننا لم نستورد حكامنا من الخارج ،والحكام لم يستوردوا شعوبهم من الخارج .الى جانب التناقضات الكثيرة التي يe;عيشها عالمنا الاسلامي حيث تتناقض فيه التعاليم مع التطبيقات العملية في واقع الحياة .عالجت المقالة موضوع المرأة ،وموقف المجتمع منها بغض النظر عن موقع هذه القوى كونها ذات توجهات اصلاحية تقدمية أو توجهات كما يقال تعريفاً رجعية سلفية .
الى جانب تساؤلات الأخ فوزي ،كنت قد عقدت العزم أن أكتب تصوراتي لما يحدث في بلدين نموذجيين في عالمنا العربي ألا وهما مصر وسورية ، حيث تحكمهما أنظمة علمانية ،تدّعي الديمقراطية وتحارب هذه الانظمة الاصولية والسلفية (في العلن) .ومع ذلك يتم اعتقال الاصلاحيون ، الذين يدافعون عن قيِّمهم بالجهاد السلمي ،بغض النظر أكانوا من الاصلاحيين السياسين او من يعملون على أصلاح الفكر الديني. المعارضة في كلا البلدين في السجون .وذلك تحت طائلة قانون الطوارئ السيء الصيت الذي أصبح من تقاليدنا السياسية التي نعتز بها على العالمين .
طرحت على نفسي سؤالاً بسيطا بعد ذلك أين حدث الخلل في عالمنا العربي خاصة .ولعلي أجيب على بعض التساؤلات ولو بشكل مبسط أيضاً على تساؤلات أخي فوزي.
نظرة تاريخية :
لن أعود الى التاريخ القديم ،ولن أُحمل التاريخ مأساة الحاضر ،لأن التاريخ مضى بكل مافيه .وما يعنيني التاريخ الحديث الأقرب الى التصور .وسوف انطلق من فترة السبعينات والتي تعتبر بداية مرحلة تاريخية هامة وأساسية في سيرورة التاريخ العربي . هي مرحلة تصدع وتحول هام بدأ كما يقال أو يسمى بمرحلة بروز النفط العربي الى ساحة التفاعل والحراك السياسي والثقافي العربي كلاعب صار له الدور الأهم في المنطقة .هذا الذهب الاسود تحول الى قوة سلبية انهت كل المشاريع القومية والاشتراكية وأهم من ذلك المشاريع الاصلاحية الدينية .وبذلك انتهت المشاريع الديمقراطية ،والعلمانية التي كانت قد ترسخت جذورها في الستينات من القرن الماضي .في تلك الفترة تحالفت الامبريالية الامريكية مع حكام آل سعود ،ومساندة المشروع الصهيوني ،ليعمل بدوره على إجهاض كل المشاريع الوطنية حفاظاً على مصالح حكام النفط ومصالح القوى العالمية التي سيطرت وهيمنت على هذا القطاع .على المستوى الاقتصادي تحولت مجتمعاتنا الى مجتمعات استهلاكية ،تصاعدت الاسعار ،تدنت الاجور ،وبرزت ظاهرت الفساد والدعارة والرشوة ، وتكونت ثروات طائلة بأيدي فئة طفيلية ،أصبحت هي الحاكم الفعلي في البلدين ،حيث طوعت الى جانبها السلطة الامنية والمؤسسة الدينية الرسمية.وكما ذكرت في تعليقي على مقالتكم أن نتائج هذا التحول أنهى دور الطبقة الوسطى التي كانت ولا تزال في العالم هي الحامل الايدلوجي لكل المشاريع الحداثية ،.بنهايتها انتهت الحالة الاجتماعية لهذه المشروعات .
الطبقة الوسطى كانت حاملة للفكر بكل تنوعاته. كانت حركة الفكر في الستينات حركة فاعلة .هذه الطبقة خرَّجت الاصلاحين والسياسين والمثقفين .في تلك المرحلة كانت القراءة سمة العصر .بانتهاء دور الطبقة الوسطى ،اصبح لدينا أزمة كتاب كما يسميها البعض . الآن من يقرأ؟ مع كل اسف لا أحد .
الطبقة الغنية مشغولة بزيادة الثراء والفساد .والفقراء يلهثون لتأمين لقمة العيش.
الطبقة الوسطى أرغمت على الهبوط الى الادنى ،وأصبحت مذلة وفقيرة ومهانة ..
جاءت الانظمة العلمانية الاستبدادية لتلعب دور الشرطي الحامي لمصالح اللصوص .ملاحظة هامة .
( الديمقراطية الحقيقية هي علمانية بالضرورة ،لكن العلمانية ليست ديمقراطية بالضرورة )
من هنا أستطيع الاجابة على سؤال الأخ فوزي ،حول برامج الحكام ووعودهم الكبيرة لصالح شعوبهم عند استلامهم للسلطة ،وموت تلك الوعود فوراً بعد فترة من جلوسهم على كراسي السلطة . هؤلاء الحكام يا أخي ما جاؤا إلا بإرادة أصحاب النفوذ الاقتصادي الطفيلي ، وما جاؤوا إلا لتنفيذ أجندات المافيات الاقتصادية ،التي تحميها السلطة الامنية ،والمؤسسات الدينية الرسمية صاحبة الفتاوى الشرعية والتي تبرر أعمال الاستبداد والقهر للقوى الاصلاحية.
هذاالفراغ الثقافي والسياسي والاصلاحي الذي حدث بعد انتهاء دور الطبقة الوسطى ،خلق حالة فراغ ،بمعونة البترودولار السعودي ،وبدعم من الشركات الاحتكارية العالمية ،والصهونية ،برزت الى الواجهة الحركات الأصولية.وتم تشكيل الاحزاب الدينية الاسلامية ودعمت محلياً وعالمياً .وطرحت هذه الحركات والاحزاب الاسلامية شعار العودة الى الأصول . ومع كل أسف انخرط في هذه المشاريع العلمانين والقومين والاشتراكيين وحتى الليبرالين .أليس غريبا أن يحدث ذلك .ألا يدل ذلك على خلل فكري وعقم فكري واضح في ثقافتنا العربية .
هنا لابد أن نركزعلى أن دور الدعم للأصولية الدعم اللوجيستي والمادي ،لا أهمية له على الاطلاق ،كعامل في تشكيل هذه الحركات .لأن العامل الأهم هو وجود الاستعداد الشعبي لتقبل هذا الفكر .والاصولية يجب أن نفهمها على أنها ظاهرة نشأت في صلب العراك الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. هي لم تستورد لامن الشرق ولا من الغرب .هذه الظاهرة لها بنية ثقافية عاشت وتعيش على ثنائية المؤمن والكافر.هذه الثنائية أنهت مشروع التعددية العلماني والاصلاحي .ورسخت أن للحقيقة بعد واحد هو البعد السلفي الديني.ومع كل أسف مرة أخرى الجماهير التي التفت حول مشاريع الاصلاح .أصبحت الحامل للفكر السلفي الاصولي.
بناء على ذلك نستطيع تفسير ،تصفية الاصلاحين العرب فرج فوده مثلاً،وتهجير البعض منهم كنصر حامد ابا زيد ،الدكتور أحمد منصور ،الدكتور سعد الدين ابراهيم ،الدكتور عثمان محمد علي،و بعض رموز المعارضة المصرية والسورية الى الخارج ،ونستطيع تفسير أعتقال الاصلاحين مثل رضاعبد الرحمن ،والمعارضين السياسين مثل أيمن نور ،وميشيل كيلو والبني وغيرهم من قبل السلطات الامنية والسياسية العلمانية الديمقراطية كما تدعي تلك الانظمة. والسبب في كل هذه المآسي التي وقعت و ستتقع على الاصلاحين ،هو التزاوج العرفي مابين مصالح السلطة السياسية في كل من البلدين مع مصالح المؤسسة الدينية الرسمية.(المعارضة السياسية يجب قمعها حفاظاً على استمرارية الحكم ،المؤسسة الدينة الرسمية تفتي بذلك بقوة .الاصلاحين الدينين يجب اعتقالهم وقتلهم وتشريدهم حفاظاً على مصالح المؤسسة الدينية الرسمية، السلطة السياسية تنفذ ذلك تحت ضغط المؤسسة الدينية الرسمية واحدة بواحدة ) .مصالح متبادلة .والشعوب مخدرة.
لهذا أؤكد مقولة الدكتور شحرور(ابشر الحكام العرب بالسلامة وطول الاقامة).
الاصولية والحكم العلماني الاستبدادي.
الغريب في الأمر أن هناك مصالح بدأت تظهر جلية للعيان مابين الانظمة العلمانية الاستبدادية الحاكمة ،والحركات السلفية الاصولية .وهذه ظاهرة غريبة وعجيبة .لكن عندما نعمل العقل ونتعمق في تحليل هذه الظاهرة يتبين لنا أن هناك أيضاً مصالح مشتركة مابين هذه الانظمة وتلك الحركات.كلا الطرفين يحاول أن يمد في عمر هذا الصراع .
الحركات الأصولية ،حتى هذا التاريخ ليس من مصلحتها استلام السلطة ،لعدم وجود مشروع واقعي لما بعد استلامها للحكم. الجزائر ،حماس مثلاً . فهي ضد المشروع القومي ،والاشتراكي والعلماني والليبرالي والديمقراطي . أي لامشروع لها....مشروعها الوحيد هو الحفاظ على مصالحها الانية . السلطة لها مصلحة في جعل الحركات الاصولية والاسلامية ،فزاعة في وجه شعوبها ،لتقول لهم ...لابديل لكم إلا هذه الحركات او الاحزاب الاسلامية إذا أرغمنا على ترك الحكم .لهذاتقوم الانظمة بدعمها بالسر وذلك للحفاظ على بقائها.....وغالباً ما أصبحنا نسمع مقولة تتردد باستمرار حتى على ألسنة الشعوب و بعض التقدمين والاصلاحين والعلمانيين ...أين البديل ؟.
المحصلة:
امام هذاالواقع البائس .لابد أن تظهر مواقف وسياسات متناقضة في عدة مواضيع ،مثل موضوع المرأة ، ،والحداثة ،والدين ،والعلمانية ،والديمقراطية ...هذه المواقف تعكس حالة العقم الثقافي الذي يسود المنطقة. حيث اتسمت المرحلة بالنفاق الديني ،والنفاق السياسي ،والنفاق الأخلاقي .وأصبحت شعوبنا لامبالية (من يأخذ أمي يصبح عمي والسلام).
الخلاص:
أصعب مافي الامر .هو تصور الحلول لمثل هذه المشاكل التي أصبحت بحكم المزمنة .لهذا أترك الحل والخلاص للنقاش ،وسوف أساهم بمقالة أخرى كتصور للحل كرأي شخصي .لكنني أرغب في قراءة أراء المهتمين بهذا الجانب الاساس .الاصلاح السياسي والاصلاح الديني.كيف يمكننا أن نطور مشروعاً ،يمكننا من خلاله استقطاب الجماهير حول شعارات العلمانية الديمقراطية التي تدعوا الى التعددية مقابل الثنائية الدينية.
شكراً أخى الكريم الحبيب الأستاذ -زهير قوطرش _على مكرمتكم وذكركم لإسمى (المتواضع) بجوار الأساتذة المفكرين الكبار . وهذا شرف كبير أعتبره وساما على صدرى . وأسأل الله أن أكون عند حسن ظنكم ،وأظل مدافعاً عن الحق وأهله .وداعياً للسلام والحب والوئام بين الناس ،ولعودة المسلمين للقرآن الكريم مرة أخرى بعد ان هجره أكثرهم .
شكرا يا أخي العزيز على هذه المقالة الرائعة .
وأود أن ألفت النظر إلى شيء أعتقد أنه هام للغاية ألا وهو : ما أصابنا من سلبيات أصبحت ترسخت فينا بفعل الواقع المعاش والذي جعل الفساد ممنهجا ، حتى أصبحنا جميعنا غرقى فيه ، فمثلا ما أشرت إليه سابقا من التفاوت بين القوانين في الإيجارات ما بين قديم وجديد ، مما تسبب عنه الكره والضغينة والبغضاء بين الناس .
لذا فأمامنا سبيلين .
أولهما : إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا أنفسهم .
ثانيهما الضغط السلمي لتغيير تلك القوانين التى لا تحقق العدالة بين المواطنين " التمييز " .
كما توجد نقطة هامة أشار إليها أخي عمرو إسماعيل ، وهى التوعية لترسيخ الحياة المدنية في نفوس الناس ، حيث أن الناس أحرار فيما يفعلونه وما يريدون .
هذا جميعه لابد وأن يتم التوافق عليه بين العاملين في مجال المجتمع المدني ، حتى لا تتشتت قوانا .
وفقنا الله جميعا لما فيه الخير .
والسلام .
صدقني أني لا أجامل احداً . لكنك أنت بمواقفك ونضالك المرير في سبيل الاصلاح الديني والسياسي،وكونك مبعد عن بلدك أيضاً .فأنت تستحق أن تكون في صفوف الذين أبوا أن ينحنوا ، في صفوف الذين لايهادنون الفساد والاستبداد. ومشوارك طويل يا أخي وسوف تقدم الكثير من التضحيات .كل ماأرجوه منك الصبر والمصابرة ،والله الموفق ،وسيجيء الحق ويزهق الباطل إن شاء الله.
شكرك على مرورك الكريم ،وقد أوضحت رأي في تعليقي على مقالتك . وأؤكد لك مرة أخرى أن الحل لن يكون إلا بعد صدام جارح لكلا الطرفين ،ليجلسوا بعد ذلك ويبحثوا عن المشترك الذي سيجمع الجميع تحت عنوان الديمقراطية العلمانية المؤمنة أو الدينية .
أشكرك على هذه القصة المعبرة . وأحب أن أؤكد لك أن الحل الأخير هو المقبول .ألا وهو حرق مواد البناء بالنار علها تتغير وتتصلب . وهذه النار أتية صدقني وهي ستحرق الجميع إن لم نتدراك ذلك .
شكراً على مرورك الكريم .وصدقني نحن أمام مأزق لاحل له بشكل سلمي . الاصولية ترفض العلمانية والديمقراطية ،والعلمانية الديمقراطية لا ترتاح للأصولية .الكل يسعى الى السلطة لا الى الأصلاح. ومرض السلطة يعمي القلوب عن الحوار .وطالما طرحت الاصولية ثنائية الكفر والايمان ،والحاكمية الآلهية في أمور السياسة ،وطرحت العلمانية رفضها للأصولية . فالحل السلمي أصبح على ما يبدوا بعيد المنال على الأقل في الزمن المنظور.
كلمة السيدة سهير الأتااسي في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري
يا أهل مصر الحبيبة .ارحموا عزيز قوم ذل
حوار صحفى لم تنشره جريدة المصرى اليوم
التناقض فى تشريع الطلاق بين القرآن والفقه السني
أهل القرآن,والبيئة,وقمة كوبنهاغن
رمضان بين سطور التاريخ(6)السخرة فى رمضان
دعوة للتبرع
قريش من تانى : لي تعليق حول إجابت ك عن سؤالى الذي قلت فيه أن...
الصلاة خلف الزوجة: قلت ان من حق المرأ ة أن تؤم الرجل فى الصلا ة. ...
الأنعام 100 : كلمة ( خرق ) جاءت فى القرآ ن فى الاية 100 من سورة...
الجبن والخنزير: من المور وث ان الخنز ير حرام اكله كله وقد...
قيام الليل: ما الفرق بين قيام الليل والته جد علما بأن في...
more
يجب أن نجد تفسيرا يقنع العامة وليس أنت أو انا .. للنصوص التي تبدو متعارضة مع العلمانية والديمقراطية والتعددية ..
فالعامة تؤمن تماما أنالاسلام جعل سلطة التشريع لله لا للناس، فالله وحده هو الذي يشرع الأحكام في كل شيء، سواء في العبادات أم المعاملات أم العقوبات أم غير ذلك ، ولا يجوز لأحد من الناس أن يشرع ولو حكما واحدا ..
بينماالديموقراطية تجعل السيادة للشعب، وتجعل الأمر كله له، فهو المرجع الأعلى في كل شيء. والشعب حسب أحكام الديموقراطية مصدر السلطات، فهو مصدر السلطة التشريعية، وهو مصدر السلطة القضائية، وهو مصدر السلطة التنفيذية. فهو الذي يشرع القوانين ويعين القضاة ويقيم الحكام بخلاف ما يؤمن به غالبية شعوبنا ..
قبل ذلك لا أمل .. لا يوجد أي أمل .. ولهذا السبب كل انظمة الجكم العلمانية في بلادنا هي استبدادية .. لا تستطيع ان تكون ديمقراطية لأنها ستفقد الجكم في اول انتخابات وبارادة الشعب لسلطة اكثر استبدادا لن تقيم انتخابات بعدها ... وتجربة حماس خير دليل ..
لا أمل أخي زهير .. هذا قدرنا .. حتي نفصل تماما بين الدين والسياسة .. وهو مالايبدو ممكن في المستقبل المنظور ..