سري للغاية ما يدور بين الرجل وزوجته في الحياة الزوجية وما يخص علاقتهما ببعض, فما يخص الزوجان هل يخص المجتمع ام يخص الزوجان؟!..
بالتأكيد فإن الحياة الزوجية تخص الزوجان ولا تخص المجتمع كما نسمع من اغلبية الناس الذين يخوضوا في أسرارهم وأسرار زوجاتهم ويتفاخرون ببطولاتهم الوهمية في السرير ويسمعون الآخرين الكلام المخزي بقصد أو من دون قصد، في النهاية كل من يسمح لنفسه من البشر من رجال او نساء ان يخوض في خصوصياتهم على الملأ فهم في الحقيقة تافهين وكل من يتحدث في هذا الموضوع الذي هو ملك للزوج والزوجة تراهم يضربون لك الأمثال ويقولون لك أن الحديث يقول (لا حياء في الدين)، وهذا الحديث لست أرى أساساً له حيث أن الحياء شعبة من شعب الإيمان.
والغريب في الموضوع ان المرأة التي يتكلم عنها الزوج هي محرمة على غير زوجها بكل التفاصيل وكل ما يتعلق بهم من أمور خاصة أو أمور جنسية بصفة خاصة لكي يفهم مالا يفهم من المسلمين، فكيف يأتي الزوج ويفشي أسراره وأسرار زوجته وما يدور بينهما لمن يريد؟!.. ونفهم من كلمة امرأة أنها امرأة فلان أو علان أي تخص الزوج فقط ولا تخص غيره، كما نسمع عن أشياء يتحدث فيها الناس وكأنهم يتحدثون عن مسرحية أو ما شابه ذلك, فانا أريد أن أثير هذا الموضوع على الجميع وخاصة رجال الدين في الوطن العربي وأريد الفصل في هذا الموضوع المخزي للمسلمين، وعلى رجال الدين أن يقولوا للجميع أن علاقة الزوجين وكل ما يخصهما سري للغاية ولا يخص أي طرف ثالث، والعلاقة الزوجية تخص الزوجان لا المجتمع فلذلك أكرر على الجميع أن يحفظوا ألسنتهم وأسرارهم وأسرار أزواجهم لكي يكون هناك خصوصيات لا يعلمها الا الله والزوجان فقط لا غير, والغريب في هذا الموضوع والأغرب منه حين نخاطب أي إنسان ونحاول أن نرشده وأن نبعده عن هذا الكلام الذي لا يصح أن يقوله على الملأ فجأة يخاطبك و يقول لك أن هذا ما أمر به الرسول!!.. بالله عليكم يا سادة هل الرسول عليه الصلاة والسلام الذي هو قدوتنا وأرسله الله لنا رحمة والذي قال عنه رب العزة:
((وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)) سورة القلم آية 4.
بعد هذا الوصف من الله الى النبي بأنه الصادق الأمين, فبالبداهة أن الصادق الأمين لا يقول مثل هذه الالفاظ التي يلفقها العجزة والضالين والغير قادرين على كتم اسرارهم الخاصة والاحتفاظ بها فيلفقونها للرسول والرسول منها بريء.
ولو اطلعنا على آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن الحياء لوجدنا قوله تعالى:
((فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)) سورة القصص آية 25
وآية أخرى قوله تعالى:
((فَلَمَّا جَاءهُم بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاء الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ)) سورة غافر آية 25
وأما من يستند إلى قوله تعالى:
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ))
سورة المائدة آية 6.
فإن هذه الآية تتحدث عن التيمم وتعني أن الله لا يريد أن يجعل علينا حرجاً فإذا لم يتوفر الماء نتيمم.. ومن العلماء من يستند إلى قوله تعالى:
((وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)) سورة الحج آية 78.
ونفهم من قول الله تعالى (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) أي نسأل بكل ما يخص أدق الأسرار بأدب واستحياء كما أمر الله بذلك، وليس على الملأ كما يفعل معظم الناس، ونستند بآية أخرى قول الله تعالى:
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً)) سورة الأحزاب آية 53.
وهذا أمر من الله إلى المسلمين إذا أرادوا أن يستفسروا عن أي موضوع فيسألوا نساء النبي كما قال تعالى عنهن:
((يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً)) سورة الأحزاب آية 32.
فهذا قول الله لمن أراد أن يتبع قول الله، فمن أراد أن يتبع قول الله فعليه أن يتعامل مع هذا البيت ألا وهو بيت النبي ونسائه بحرص وأدب وإذا أراد أن يسأل عن شيء فيسأل فيه بحدود ما ذكره القرآن لأن القرآن حذرنا أن نخوض في هذا البيت الذي لا يشبه البيوت الأخرى (ما كان لكم أن تؤذوا رسول الله) نستخلص من هذه الجملة أنه ما كان لكم أن تخوضوا في أسرار بيت النبي كما نسمع في كتب التراث التي اقتحمت بيت النبي وأسرار زوجاته وتحاول نشرها على الملأ رغم أن الله حذرنا من ذلك.
رمضان عبد الرحمن علي
اجمالي القراءات
18001