أحمد خلف Ýí 2008-02-09
التقويم الهجري كيف كان وكيف أصبح
المقدمة
أحب أن أبدأ مقدمة هذا الكتاب بالآية القرآنية التي تقرر منبع العلم الإنساني في الأرض وهي تقول :
( علم الإنسان ما لم يعلم*) 5-96.
أذكر من الكتب المدرسية التي درسناها على مختلف المقاعد الدراسة الإبتدائية والمتوسطة والثانوية قد جعلت أغلبنا، ربما نتيجة التكرار، يعتقد أن عملية التطور البشري في الأرض كانت حصيلة المعارف التي اكتسبها الإنسان خلال الأجيال المتعاقبة والإكتشافات التي حصلها بالصدفة، لكني بعد دراستي للقرآن الكريم دراسة تفصيلية دامت سنوات عديدة بدأت أدرك بطلان نظرية الصدفة العمياء في قيادة الإكتشافات الإنسانية، الدارجة بين أغلب المثقفين من العلمانيين الذين يؤمنون بالعلم مستبعدين الكتب الدينية بالجملة لاعتقادهم أنها مصدر الأوهام والظنون.
يشبْهْ شائبة من الشوائب بعد، لذا يمكن اعتباره النبع الصافي الوحيد الذي يمكن أن نستوحي منه حقائق الكون إن كنا منصفين.
ومن تلك العلوم التي علمها الله تعالى عن طريق أنبيائه ورسله وحيا كان العلم بالتقويم ونجدها مشتركة في كل شعوب الأرض بلا استثناء لشعب منها.
ومن تلك ألأمور المشتركة مثلا: عدد أيام الأسبوع سبعة، اعتبار القمر هو عداد الأشهر، وأن عدد أشهر السنة العادية اثني عشر شهرا.
وجوب وجود الشهر النسيء الذي يجب أن يضاف للتقويم كل : 32 شهر قمري لإجراء التعديل أن كل 12 شهر قمري زمنيا بالأيام يساوي:
53022‘29 × 12= 36‘354 يوما.
بينما السنة الموسمية يجب أن لا تقل عن طول السنة الإقترانية التي حسبناها سابقا وهي تساوي: 2422‘365 يوما.
والقرآن الذي صرح بداية:
( وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا*) 28-72.
( لايغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها *) 49-18.
( وكل شيء أحصيناه في إمام مبين*) 12-36.
وبما أن القرآن هو إمامنا المبين تعالوا نحصي عدد كلمات يوم وعدد كلمات شهر ف القرآن ماذا نجد مثلا في كتاب النعجم المفهرس لكلمات القرآن الكريم للمستشرق الألماني فلوغل المطبوع في ليبسيغ عام 1842 ترجمة وتقديم الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي ، نشر المكتبة الإسلامية في إستانبول تركيا عام 1984.
نجد أن كلمة شهر مفردة ذكرت في القرآن: 12 مرة بالتحديد.
وكلمة يوم مفردة ذكرت في القرآن : 365 مرة بالتحديد.
بالتالي من حق كل مؤمن بالإسلام والقرآن بعد أن يرى تلك الدقة في الإحصاء أن يتساءل: هل هذا الإحصاء قد حصل بالصدفة؟
أم وراءه إحصاء العالم العلام الخبير العظيم؟
إذا لا يجوز لمؤمن بالله تعالى وبكتابه الكريم القرآن العظيم أن يشك في أن مصدر العلم للإنسان كان بداية من رب العالمين، منطلقا من قوله سبحانه:
( علم الإنسان ما لم يعلم*) 5-96 صدق الله العظيم.
أي أن الله هو الذي علم الإنسان مالم يعلم فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا "كيف" أي كيف تم هذا التعليم ؟
بالتالي إذا قبل القارئ الكريم أن مصدر العلم أصله من رب العالمين بداية، عندها يمكننا فيما أعتقد أن نترافق في هذا الكتاب العلمي الذي يمكن اعتباره بداية لقلب نظرية الصدفة العمياء الدارجة عند كثير من المتعلمين الذين يعيشون معنا في هذا الكوكب الأرضي.
1- ماهو التقويم؟
وما هي أهميته؟
وماهو دور شهر التقويم في التقاويم القمرية؟
يقال في العربية:
قام الرجل إذا وقف على قدميه بمعنى استقام.
ويقال قَوم فلان قضيب الحديد إذا أزال عنه انحناءه وأعاده الى سابق استقامته.
ويقال: السجن تأديب وتقويم لمن انحرفوا عن قوانين وأعراف المجتمعات الإنسانية.
كما يقال: طبيب متخصص في تقويم الأسنان لما يقوم به من عمل طبي وفني كي يعيد الأسنان المنحرفة الى مسارها واتجاهها الصحيح ضمن عظام الفكين، باستخدام أجهزة تقويم مبتكرة وخاصة لذاك الغرض.
كما يقال أيضا: التقويم السنوي للأشهر بمعنى إعادة الأشهر التي تنحرف عن أماكنها الموسمية بمقدار شهر قمري كامل كل 32 شهر قمري بإضافة شهر التقويم رقم: 33 الذي يسمى حسب لسان قريش العربية: الشهر النسيء، وهو الشهر الذي يضاف في كل تقاويم العالم القمرية لتقويم إنحرافها عن مواسمها الفصلية.
كذلك‘ من المفيد كي نعلم معنى كلمة نسيْء في اللغة العربية أن نلجأ إلى القرآن الكريم حيث نجد في آياته أن إسم النسئ يطلق على كل ما يأتي متأخرا مثل الحفيد الذكر الذي يأتيه من جيل البنين والبنات، لذا يقال للحفيد بلسان قريش العربية: النسيء، وجمع النسيء نساء، بفتح النون كما في الآية التالية التي تبين من هم الذكور الذين ليس على المرأة أن تخفي زينتها عنهم معددا سبحانه كل الأقرباء البالغين من الذكور:
(وقل للمؤمنات ... ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن...*) 31 النور.
علما أن كلمة نسائهن يجب أن تقرأ بفتح النون.
كما يجب أن تقرأ أيضا في الآية التالية التي تبين للناس ما زين لهم في الأرض من شهوات:
( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة...*) 14-3.
النساء (بفتح النون مع تشديده) في هذه الآية جمع نسيء بمعنى الأحفاد الذكور حسب لهجات قبائل عربية كثيرة إلى اليوم، علما أننا لو فهمناها كما يفهمها أغلب الناس تكون الآية غير صحيحة، فالقرآن كتاب دقيق وكامل ليس فيه أخطاء لغوية، بالتالي يجب أن ننتبه أن التزيين قد حدث لكل الناس، بمن فيهم من ذكور وإناث، علما أن حب المال والأبناء والأحفاد ليس حكرا على الرجال وحدهم، ولوقصد سبحانه الذكور منهم وحدهم لقال: زين للرجال، لكن سبحانه وتعالى لم يفعل.
وهذا لا يعني أن جميع كلمات "النساء" التي أتت في المصحف تقرأ على أنها الأحفاد الذكور كما سألني سائل في آيات نكاح النساء محاولاً دلس المعاني.
هذا علما أن كلمة النسيء مفردة لم تستخدم في القرآن الكريم إلا بمعنى شهر التعديل والتقويم حيث ذكرت مرة واحدة في سورة التوبة:
(إنما النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ماحرم الله فيحلوا ماحرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين)37-9.
هذا مع العلم أن تشكيل القرآن غير منزل من السماء وإنما تم تشكيله بعد دخول الاعاجم للإسلام وفي أواسط العهد الأموي لذا فاحتمال وجود خطأ في تشكيل بعض كلمات آيات القرآن وارد واعادة قرآة تلك الكلمات بتشكيل صحيح يقبل به العقل والمنطق هو واجب مطلوب من كل المسلمين الذين يعلمون.
كما أن الشهر النسئ شهر كبيس اذا أضيف الى أشهر السنة لا يعد من بينها ولا نقول إذا أضيفت على سنة أن عدد أشهرها قد أصبحت ثلاثة عشر شهرا، بل تبقى السنة بأشهرها الإثنتي عشر المعروفة، بينما الشهر النسيء الكبيس وظيفته الوحيدة تقويم الإنحراف الذي حصل للأشهر عن مواسمها كي تعود أشهر الربيع الى فصل الربيع وأشهر الجماد الى فصل جماد الحبوب والحصاد وأشهر الحج الى فصل الشتاء، الفصل الأفضل بالنسبة لمناخ مكة الصحراوي ليكون موسما للحج وفتح الأسواق فيها حيث يكون الطقس رائعا والحرارة معتدلة.
ولولا معرفة بني قريش لتلك الحقيقة منذ أيام إبراهيم عليه الصلاة والسلام الذي بنى الكعبة لما كان باستطاعة بني قريش العمل في التجارة الموسمية ولما قال عنهم الرحمن في القرآن:
( لإيلاف قريش* إيلافهم رحلة الشتاء والصيف* فليعبدوا رب هذا البيت* الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف*) 1-4-106.
علما أن شهر رمضان، في حال استعادة تطبيق الشهر النسيء في التقويم العربي سيعود بعدها ليأتي في فصل الخريف المعروف بطقسه اللطيف الذي يتساوى فيه طول الليل مع طول النهار في كل قارات الكرة الأرضية بشمالها إن كان خريفا حيث سيكون في جنوبها ربيعا، وكما نعلم يكون طول النهار في هذين الفصلين : 12 ساعة، كما يكون طول الليل فيهما: 12 ساعة، بينما في فصل الصيف يصل طول النهار في شمال روسيا وألاسكا الى 22 ساعة وطول الليل ساعتان وبالعكس في فصل الشتاء (فتصوروا).
لذا فإن إلغاء شهر النسيء من التقويم يعني بالمختصر المفيد، إلغاء عملية التقويم أصلا، وهذا يلغي كما نعلم المواسم ويلغي أيضا الهدف من تحريم الأشهر الحرم الأربعة التي بينها الله تعالى في سورة التوبة بأنها هي: شهر محرم وصفر وربيع أول وربيع ثاني وتلك هي الأشهر التي تتوالد فيها الحيوانات البرية والطيور ومن أجل هذا حرم الرحمن الرحيم صيدها في ذلك الموسم بالتحديد.
الآن كي يعلم القارئ الكريم صحة أرقام التقويم الهجري وتطابقها مع التقويم الغربي لا بد له من تقويم قمري صحيح مثل تقاويم كل أمم الأرض االقمرية الأخرى التي ما تزال تطبق عملية إضافة شهر التقويم كل 32 شهر قمري إلى تقويمها كشهر كبيس، مثل تقويم الصين الذي كان يتطابق مع التقويم العربي الاسلامي قبل الغاء المسلمين لشهر التقويم حتى أصبحت أشهر الربيع والصيف والخريف والشتاء في التقويم العربي تدور على كل فصول السنة مرة كل: 32 سنة طولها 354 يوما شذوذا عن كل تقاويم العالم.
وهذا ما يؤكد اليوم أن الشهر النسيء كان هو شهر التقويم العربي في شبه الجزيرة العربية منذ أيام إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام قبل رسالة القرآن الأخيرة، كما كان جميع العارفين بالتقويم القمري، يعلمون بذلك الشهر الذي يضاف إلى التقويم كل: 32 شهر قمري نتيجة انزياح الأشهر القمرية عن مواضعها الفصلية بمقدار شهر قمري كامل، كي تقوم وتعود إلى مواقعها الموسمية.
أعتقد أن لاعلاقة لشهر التقويم ،، النسيء ،، بموضوعي التحليل أو التحريم بل أن وظيفته الدائمة ،، كما سنرى ،، هي: إعادة الأشهر القمرية التي انحرفت إلى أماكنها الموسمية ضمن فصولها.
بالتالي، كل فلاح أصيل يعلم أن موسم تفتح أزهار أشجاره تكون عادة في شهر ربيع أول، لكن إذا لاحظ أن أشجاره لم تزهر إلا في شهر ربيع ثاني، ثم لاحظ بعدها أن حبوب القمح والشعير في حقوله قد تأخر جمادها أيضا عن موسمها المعروف الذي يكون عادة في جمادى الأولى التي كان يبدأ فيها بالحصاد إلى شهر جمادى الثاني، يدرك عندها أن موعد إضافة شهر التقويم، الذي يعتبر ،، كما قلنا ،، شهرا كبيسا قد حان وقت إضافته بين الأشهر كي تعود بعدها الأشهر القمرية التي انحرفت عن مواسمها الفصلية بمقدار شهر قمري كامل إلى أماكنها الفصلية الصحيحة.
وهذا ما كان يفعله المسؤولين عن التقويم القمري في القبائل العربية داخل شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، من الذين كانوا يعرفون باسم: (العادين)* لكونهم من الذين كانوا
* للحاشية: ( قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين*) 113-23.
يعلمون أن وقت إضافة شهر التقويم يكون دوما بعد اكتمال عدهم ل: 32 شهر قمري من بعد آخر شهر تقويم أضافوه للتقويم سابقا.
طبعا ، بعد الإضافة ستعود الأشهر القمرية إلى مواسمها الطبيعية وهكذا دواليك، إلى نهاية الدورة الشمس قمرية التي تنتهي دوما بنهاية السنة التاسعة عشر من عملية العد الحسابية.
ولولا ضرورة تلك العملية الحسابية لما قال سبحانه عند ذكر الشمس والقمر لبيان علاقة حركتيهما بالتقويم الذي يحتاج إلى حساب:
( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون*) 5-10.
لا يزال في عرف سكان العالم أن الفترة الزمنية بين ظهور القمر هلالا في الأفق الغربي بعد الغروب مباشرة، والذي يتنقل أثناء ازدياد حجم هلاله بين أبراج السماء التي تسمى في القرآن منازل القمر، إلى أن يصبح بدرا في اليوم الرابع عشر ثم يتضاءل تدريجيا ليصبح شكله كالعرجون*القديم‘ ثم ليختفي في اليوم التاسع والعشرين ليظهر بعدها معلنا دخول شهر * العرجون هو العود المتبقي من ورقة النخيل اليابسة على النخلة بحيث تكون قبة القوس للأعلى وطرفي القوس في الأسفل، وهذا يعطيها شكل هلال مقلوب لكون هلال أول الشهر تبدو قبته في الأسفل وطرفي القوس متجهة نحو الأعلى. ( معجم المنجد).
جديد، كما تعارف الناس في الأرض على تسمية دورة القمر حول الأرض مرة: شهرا قمريا.
( والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم *) 39-36.*
كما تعارفوا أيضا أن السنة لا تتم إلا بدورة الفصول الأربعة والعرب كانت تسمي تلك الدورة: حولا لتحوله من حال الى حال مارا بكل الفصول الأربعة ليعود بعد أشهر الحج المعلومات إلى شهر محرم أول أشهر الحرم الأربعة كما سنرى من السنة الجديدة.
من المهم أن نعلم أن اتفاق أمم وشعوب الأرض كلها على أن السنة تساوي اثني عشر شهرا قمريا، لم يأت هكذا، صدفة، وكما لم يكن قرارا صدر عن مؤتمر قمة عالمي، ولا قرارا صدر من أمم لأرض، لا بل كان علما من معلم عالم عليم علام خبير وبصير وحكيم، هو الله تعالى رب العالمين الذي علم الانسان ما لم يعلم في رسالات بدأت مع بداية الانسان بآدم في الأرض إلى أن أنهاها سبحانه بخاتمة الرسالات المتمثلة برسالة القرآن العظيم.
( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم*
فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) 36- التوبة.
* للحاشية:كلمة القيم في تلك الآية اشتقت من كلمة التقويم بمعنى: ذلك الدين الذي يقوم (بضم الياء وفتح القاف مع كسر الواو وتشديده) مسلك الإنسان الذي فسق عن أمر ربه عندما هجر المسار والمسلك الصحيح : كما أن عبارة: لا تظلموا فيهن أنفسكم، تعني تحريم بدء القتال فيها إلا دفاعا النفس أو الوطن من معتد أثيم. لذا نجد مثلا خالد بن الوليد وأباعبيدة بن الجراح رضي الله عنهما قد انتظرا انقضاء الأشهر الحرم قبل الهجوم على قوات الروم في معركة اليرموك حتى اليوم الخامس من شهر رجب الذ صادف بحسب التقويم الغربي كما أرخه الغربيون في العشرين من شهر آب، راجع كتاب ماهو النسيء ، الصحيفة رقم: 147.
لذا فإن عملية التقويم تلك ما تزال تحتاج إلى بعض المعرفة والإلمام بعلم الحساب، بدليل التنبيه الذي ما زلنا نقرأه في القرآن الكريم:
( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون *) 5-10.
كل ذلك من أجل أن يبين سبحانه للإنسان العاقل أنه لولا عملية التقويم والتعديل تلك في مسار أشهر السنة الأثنتي عشر، لما كان هناك حاجة لاستخدام كلمة تقويم أصلا.
الآن كي نفهم موضوع عملية التقويم:
لنفرض أن ساعة رجل لخلل ما تقصر دقيقة كاملة كل 60 دقيقة‘ فهي بالتالي تقصر ساعة كاملة كل 60 ساعة‘ فعلى مثل هذا الرجل إذا أراد الأحتفاظ بساعته إما أن يصحح ساعته بتقديمها دقيقة كل ساعة أو تقديمها ساعة كل 60 ساعة أو البحث عن ساعة جديدة يستطيع بها تحديد ساعات الليل وفصلها عن ساعات النهار بانتظام.
لكن، مع الأسف، المسلمون ما زالوا يعتقدون إلى يومنا هذا خطأ أن مهمة التقويم الهجري ليست تحديد فصول السنة خدمة للناس بل هي من إختصاص رجال الدين الذين لا يعرفون أصلا إلا القليل عن علم الفلك أوعلم الحساب ليعرفوا بها منازل القمر في بروج السماء، بل أغلبهم ما زال يظن أن الله تعالى قد ألغى شهر التقويم وحرمه على المسلمين كي يأتي رمضان في كل المواسم ليختبر الله تعالى صبر المسلمين على الصيام في حر الصيف وفي قر الشتاء، متناسين قوله تعالى:
( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر*) 185-2.
لكن ذلك الجهل لا يعفي شباب الأمة الإسلامية من المتعلمين والمثقفين من التفكير باستعادة شهر التقويم إلى تقويمنا الإسمي الذي فقد جهاز تقويمه في العصر الأموي كما سأبين لاحقا في هذا الكتاب في فصل: متى تم إلغاء الشهر النسيء والفصل الذي يليه.
لذا عليهم الإنطلاق من المعرفة المبدئية على أن طول الشهر القمري يساوي تقريبا 5‘29 يوم، بالتالي، يصبح طول إثنتي عشر شهرا قمريا يساوي بالتقريب:
5‘29 × 12 = 354 يوما.
مدركين أن هذا العدد من الأيام لا يساوي سنة موسمية كاملة، بل يقل وينحرف عنها بمقدار 25‘11 يوما.
وفي السنة الثانية يتضاعف ذلك الإنحراف.
وفي السنة الثالثة من بعد الشهر الثامن يتكامل إلى شهر قمري كامل.
حيث يكون مجموع أيام الإنحراف أصبحت تساوي: 25‘11 +25‘11 + 7 = 5‘29 يوم.
وذلك الإنحراف يحصل خلال: 12+12+ 8= 32 شهر قمري.
ألا يحق لنا أن نتساءل بعد كل ما بيناه إلى الآن، كيف أن رجال الدين والسلطة في الغرب قد همهم انحراف سنتهم ربع يوم في السنة فجعلوا له تقويما خاصا بيوم كبيس أضافوه إلى أيام شهر شباط كل أربع سنوات، بينما تنحرف سنتنا نحن المسلمين عن مواسمها بمقدار:
25‘11 كل سنة، وبمقدار شهر قمري كامل كل اثنتين وثلاثين شهرا، وبمقدار سنة كاملة كل 32 سنة وبمقدار قرن كامل كل 32 قرنا وهكذا بلا توقف في الإنحراف.
أليس على رجال الدين والسلطة عندنا أن يفكروا بتقويم أحوالنا المنحرفة مثل تقويمنا الهجري؟
أم كتب الله تعالى على المسلمين الإنحراف الدائم عن القرآن بلا تقويم؟.
انطلاقا مما تقدم علينا إدراك مدى أهمية عملية التقويم تلك وارتباطها بحياة الإنسان العملية.
الفلاح مثلا يحتاج إلى معرفة تفاصيل دقيقة عن الفصول ليعلم متى يفلح ومتى يبذر البذار للأنواع المختلفة من البذور كالقمح الذي يختلف موسم بذاره مثلا عن الذرة، كما يختلف موسم حصادهما، كذلك عليه أن يعلم موسم تقليم أشجاره وموسم إزهارها وقطاف أثمارها، وهكذا.
لكن إن كان تقويمه قد فقد جهاز تقويمه كما حصل لتقويمنا الهجري العربي، الذي أصبحت تعد أيامه سنين ناقصة عن سنين تقاويم أمم العالم كلها بلا استثناء بفارق 25‘11يوم سنويا، ليبلغ الفرق بعد مائة عام 1125 يوما، ثم ليتراكم بعد مرور فترة: 1428 سنة هجرية ليصبح اليوم: 16065 يوما، وهذا الفرق يبلغ بالأشهر تقريبا: 545 شهرا قمريا، أو: 38‘45 سنة هجرية، أو: 44 سنة مقومة.
من تلك الأرقام ندرك مدى ضرورة تحرك المفكرين من علماء المسلمين الحقيقين لإعادة تفعيل شهر التقويم بعد قراءة آية النسيء رقم: 37 من سورة التوبة، قراءة صحيحة التشكيل.
منطلقين عن قاعدة قوية من الإيمان بأن ذلك لن يتحقق لهم إلا إن بتكاتفهم معا للبدء بالعمل بها من جديد.
علما أن عملية التقويم للأشهر القمرية تعتبر من الضرورات الحياتية والدينية كي تبقى أشهرنا القمرية دوما في مواقعها الموسمية التي تتلاءم بتيسير من الله تعالى الذي ييسر ولا يعسر على عباده المؤمنين.
كما أن حقيقة اشتراك أغلب أمم الأرض في علم التقويم منذ القدم بنظام موحد، دليل قوي وأكيد، على أن ذلك العلم وتلك المعرفة لم تكونا من العلوم المبتكرة ولا من المعارف المكتشفة من الناس، بل كان علما من الله تعالى أنزله سبحانه وحيا على رسله الذين اختارهم من شعوب الأرض، بدليل قوله تعالى:
( علم الإنسان ما لم يعلم*) 5-96.
لكن جهل الإنسان إذا عاد ليعم من بعد علم في أي مجتمع سيعود مع الأيام وبالتدريج إلى مجتمع جاهلي، يضع على عاتق المفكرين فيهم مسؤولية الإشتراك في نشر العلم والمعرفة من جديد لإنقاذ الأمة من مرض الجهل الخطير الذي يصيب الأمم إن غفلت عن واجباتها وحقوقها فيتسلط عليهم جاهل يستبد بالأمر دونهم ليسوقهم سوق قطيع من الغنم.
2 - تساؤل!؟
يقود إلى تساؤل أكبر!!!
للقارئ الكريم الذي قد يتسائل عن سبب وجود تواريخ مشتركة وصحيحة من الناحية التقويمية بين التقويمين الإسلامي والغربي أقول: أني قد انطلقت بالفعل من تلك البداية التي اكتشفتها عند مقارنتي لتواريخ حوادث معروفة عالميا في التاريخين الإسلامي والغربي، حيث بدأ الغربيون يهتمون بالأحداث التي بدأت تحصل في تاريخ المسلمين بعد بدء نشر الدعوة خارج شبه الجزيرة العربية وأهم حدث حصل خارج الجزيرة وأثر على الغرب مباشرة كانت معركة اليرموك التي كتبوا عنها بالتفصيل على أنها حصلت في 20 أغسطس (آب) سنة 636 ميلادية.
الآن إن عدنا للمصادر العربية الاسلامية ومنها كتاب البداية والنهاية المجلد الرابع الصفحة الخامسة نجد تحت عنوان وقعة اليرموك ثلاث روايات:
تقول الآولى عن الحافظ بن عساكر أن المعركة قد حصلت: سنة 15 هجرية.
تقول الثانية عن محمد بن إسحق: أن المعركة قد حصلت: في رجب سنة 15 هجرية.
تقول الثالثة عن خليفة بن خياط الكلبي بأن المعركة قد حصلت: في الخامس من شهر رجب سنة 15 هجرية.
الآن إذا قارنا التاريخين مع التقويم الذي نجد له صورة كاملة في كتابنا ماهو النسئ إصدار دار الأهالي دمشق 1999. عن الدورة القمرية رقم 33 للشمس التي تبدأ يوم الجمعة 1 محرم المصادف ل 14 شباط (فبراير) من عام 623 ميلادية وتنتهي يوم الأحد في 29 ذو الحجة المصادف ل 13 شباط (فبراير) من عام 642 ميلادية نفتح التقويم على الصفحة التي فيها سنة 15 هجرية الموافقة لسنة 636 ميلادية فنجد إشارة في نفس الصفحة بأن 5 رجب موافقة فعلا للعشرين من آب (أغسطس) وهذا دليل لايقبل الشك بأن المسلمين في معركة اليرموك كان تقويمهم يعتمد على وجود الشهر النسئ وإلا ليس بالإمكان أبدا أن يصادف الخامس من رجب مع العشرين من آب في عام 636 ميلادية وهكذا نكون قد اكتشفنا بداية أن هذا التوافق لم يأت من فراغ وإنما هو دليل أكيد على أن العرب قبل الإسلام وبعده كانوا يستخدمون التقويم المعتمد على الشهر النسئ وإلا فإن تلك المصادفة مستحيلة من الناحيتين التطبيقية والعقلية.
وبما انه في السيرة وفي أسباب نزول القرآن قد قالوا لنا أن سورة التوبة قد أنزلت في السنة التاسعة للهجرة وأن هذه السنة كان فيها الحج الأكبر أي أن النسيء قد أتى بها مع شهور الحج وأن نزول هذه السورة يجب أن يطابق شهر فبراير مع نهاية هلال ذو الحجة كما افترضنا النسيء فرضية قابلة للمفاضلة :
فيكون التالي : من سنة 9 للهحرة التي تبدأ مع سنة 630 إلى سنة 15 للهجرة في عام 636 هناك 6 سنوات ميلادية
لنفرض جدلاً أن الهلال لأول شهر محرم يبدأ ب 14 شباط من هذه السنة ونحن نرغب بإضافة 6 سنوات هجرية من هذا التاريخ منطلقين من نهاية الحج من السنة التاسعة للهجرة ونحن نعلم أنه في كل سنة سيتأخر 11 يوم عن تطابقه مع التاريخ الميلادي فإنه سيتأخر 66 يوم في السنوات الستة وبما ان شهر رجب يتأخر عن شهر محرم بسبعة أشهر يتأخر خلالها القمر بسبعة أيام تقريبا فيكون التأخير 66 + 7 = 73 يوما تماماً وإذا أردنا الوصول إلى الخامس من الشهر 73 + 5 = 78 يوماً وهذا دليل على أن 20 أب سيأتي في تلك العام معدلاً لـ الخامس من رمضان وليس رجب إذا لم نعتمد النسيء في حسابنا.
وإذا أردنا أن نعلم متى حصلت الهجرة يقينا وفي أي عام هاجر الرسول الكريم ولنعلم متى توقف المسلمون عن استخدام الشهر النسئ في التقويم العربي الاسلامي لا بد لنا من اجراء عملية حسابية بسيطة بعد إضافة شهر التقويم: النسيء في مواقعه الصحيحة بين الأشهر القمرية في دورة شمس قمرية كاملة، مثل الدورة القمرية: رقم 33 التي في كتاب ماهوالنسيء، حيث تتطابق الأشهر القمرية مع مواسمها في السنوات الهجرية خلال تلك الدورة، كما يتطابق المعدل الوسطي لطول السنوات خلالها مع عدد أيام السنة في التقويم الغربي.
الآن إن عدنا للسنة الهجرية الأولى سنجدها قد حصلت في عام 622 ميلادية.
لكن من المهم أن يعرف القارئ الكريم سنة صفر الهجرية من أجل العمليات الحسابية، وهي السنة التي تتوافق مع عام 621م.
بالتالي، عندما نقول: السنة الهجرية اللأولى الموافقة لسنة كذا الغربية، علينا أن نقول:
621 + 1 = 622 م.
لذا فالسنة: 621 سنة هامة لكونها السنة الغربية التي تضاف على السنوات الهجرية لنعرف تاريخها الميلادي المقارن، كما في قولنا أن سنة 15 هجرية كانت تتوافق مع سنة:
621 + 15 = 636 ميلادية لأنها كانت سنة مقومة.
وسنة 1386 هجرية مقومة تتوافق مع سنة:
621 + 1386 = 2007 ميلادية، وهكذا.
لكن الذي نجده اليوم في عام : 2007 على أنه عام 1428 هجرية التي توقفت عن استخدام شهر التقويم لم يعد يتوافق أبدا مع السنوات الميلادية:
621 + 1428 = 2049 ميلادية بينما نحن مازلنا في سنة: 2007 ميلادية.
لقد حصل ذلك لأن التقويم العربي الإسلامي بعد الغاء الشهر النسئ منه قد أصبح يتقدم بمقدار سنة بمعدل كل 32 سنة ليصبح 33 عاما بدلامن 32، والسؤال الهام التالي هو:
إذا استمر المسلمون على الغاء شهر التقويم: النسئ!
فبعد كم سنة يتساوى التاريخان الميلادي والهجري؟
للجواب على السؤال السابق نقول: طالما التقويم الهجري الحالي يسبق التقويم الغربي سنة هجرية كاملة كل 32 سنة هجرية، تصبح الفترة بعد الإضافة: 33 سنة.
الآن الفرق بين التاريخين يساوي:
2007- 1428= 579.
579× 33= 19107 سنوات.
19107+ 2007= 21114.
في عام: 21114م يتساوى التاريخين الهجري والميلادي، وبعد ذلك يصبح التقويم الهجري أكبر بأرقامه من التقويم الميلادي والى ما لا نهاية فتصوروا !!!
الذي يهمنا حتى الآن بعد أن اكتشفنا أن التقويم العربي الإسلامي كان وما زال يستخدم الشهر النسئ حتى معركة اليرموك التي تطابق فيها التاريخ الغربي بالأيام والأشهر والسنة مع التقويم الهجري الذي كان يتماشى مع المواسم عندما وجدنا أن تاريخ: يوم السبت 5 رجب سنة 15 هجرية يتطابق مع يوم السبت 20 آب سنة 636 ميلادية* والقارئ الفطن يستطيع
* للحاشية: راجع الملحق رقم: 2، للدورة الإقترانية رقم: 33 من كتاب النسيء للمؤلف، في صحيفة سنة 15 هجريةالموافقة لسنة: 636م.
أن يدرك وحده أن شهر التقويم النسيء لم يلغ في عصر الرسول عليه الصلاة والسلام ولا في عصر خلفائه الراشدين الأربعة، وهذا يواجهنا بالتساؤل الكبير التالي:
3- التقويم الغربي كيف كان؟
وكيف تطور؟
يجب أن لا يغيب عن فكرنا هنا أن التقويم الغربي الحالي ذو الإثنتي عشر شهرا كان في الأصل تقويما قمريا، لكن، لما كان الغربيون يجدون صعوبة كبيرة، في رؤية هلال أول الأشهر القمرية نتيجة لبقاء سماء أوربا غائما في أغلب فصول السنة، فأدركوا أنهم غير قادرين في الإستمرار بالإعتماد على التقويم القمري لتحديد فصولهم السنوية.
ولما كانت معرفة الفصول وتمييز أشهرها من الضرورات الهامة بالنسبة لأغلب الناس من أمم الأرض العاملين في الأرض بالزراعة، أو كانوا من العاملين في مجال تربية المواشي والأنعام، كما تصبح ضروية أيضا للعاملين في الصناعة أو التجارة، أو غيرها من الأعمال، لارتباط أعمالهم جميعا على مدى نجاح الفريقين الأولين في أعمالهم الموسمية.
عندها بدأ السباقون في العلم من علماء الغرب يفكرون بشكل جدي على ابتكار تقويم جديد وصحيح ليكون بديلا عن تقويمهم القمري الذي يصعب متابعته بصريا من قبل الناس أثناء تنقله في منازله بين بروج السماء مغيرا شكله بالتدريج من هلال إلى بدر ليعود قبل اختفائه في آخر الشهر مقلوبا كالعرجون القديم.
فكان التقويم الغربي الذي تطور على مدى الألفي سنة السابقتين في تعديلات متتابعة، محاولين تقويم أشهره على مواسم السنة وفصولها الأربعة دون أن يبلغوا دقة التقويم القمري الذي لا يخطئ بأجزاء الثانية في آلاف السنين.
بعد كل هذا، أليس من المستغرب أن نجد أغلبنا نحن المسلمين من القائلين: لم نعد بحاجة الى التقويم العربي الإسلامي طالما معنا التقويم الغربي.
لكن حتى هؤلاء ما زالوا يجهلون لماذا استغنى الغربيون عن استخدام القمر كتقويم شهري أساسي في حياتهم العملية أو الدينية.
لم يكن السبب أبدا هو عدم توفر الدقة في التقويم القمري الذي أبدعه الله تعالى للناس في الأرض:
( صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون*) 88-27.
بل كان لصعوبة مشاهدة القمر في أغلب فصول السنة في أوروبا الغائمة في أغلب شهورها كما رأينا.
لكن، لما اكتشفوا أن تقويمهم البديل المبتكر لم تكن حساباته دقيقة في عملية التقويم لأشهر السنة على فصولها، فقد قاموا على تعديله عدة مرات:
في المرة الأولى كانت في عهد القيصر جوليان حيث أجري التعديل الأول في تقويمه المعروف باسمه، عندما قام بإجراء عملية التعديل الأولى فلكي من الاسكندرية اسمه (Sosigenes) الذي بدأ تقويمه عام 46 قبل الميلاد وقام بتعديل السنة التي انحرفت بعد اضافة 67 يوما كبيسا دفعة واحدة للتقويم بين شهري تشرين ثاني وكانون أول معيدا تطابق الأشهر مع مواسم فصولها من جديد.*
*راجع فصل التقويم في الموسوعة البريطانية.
كما بدأ بقاعدة ثابتة في التقويم، وذلك بإضافة يوم كبيس على آخر أقصر الأشهر: شباط، كل أربع سنوات لعلمه أن تقويم السنة الغربية ينحرف سنويا بمقدار ربع يوم.
بدأ الغربيون بعدها على إضافة ذلك اليوم كيوم كبيس على شهر شباط كل أربع سنوات ليصبح طول شهر شباط في تلك السنة 29 يوما كل أربع سنوات مرة.
كان ذلك تقويما لربع يوم في السنة التي أصبح طولها: 25‘365 يوم .
كما جرى التعديل للمرة الثانية في عهد البابا غريغوري الثالث عشر الذي اقتنع أيضا بنصيحة العالم الرياضي (Christopher Clavius) الذي عاش مابين (1537-1612 ميلادية)، والذي كان قد اكتشف أن طول السنة الشمسية أقل بقليل من 25‘365 يوم ويساوي بشكل دقيق 2422‘365 يوم ووعلم أن ذلك الفارق الصغير يتراكم كل: 384 سنة، ليشكل خلالها انحرافا قدره ثلاثة أيام فكان سببا لوجود تقويم جديد عرف بالتقويم الغريغوري الذي أعتبر أن التقويم الجولياني القديم لم يكن دقيقا بما فيه الكفاية مما دعاه الى تبني التقويم الذي قدمه كلافيوس مقترحا جعل السنوات التي تنتهي بأصفار مثل:
100-200-300-500-600-700-900-1000-1100 والتي كانت سابقا تعتبر سنوات كبيسة لأنها تقبل القسمة على أربعة فجعلها تعتبر بعد تاريخ 1603 ميلادي سنوات غير كبيسة أما السنوات من مضاعفات العدد: 400، مثل: 400-800-1200-1600-2000-2400، فعاد ليأكد على بقائها سنوات كبيسة كما كانت.
هذا، مع العلم، أن علماء الفلك الذين أتوا من بعد (Christopher Clavius) الذي عدل التقويم الغربي بعد موافقة البابا غريغوري على اقتراحه، اكتشفوا أن السنة الغريغورية ليست دقيقة بما فيه الكفاية لاكتشافهم أن التقريب الذي أعتبروا فيه العدد 384 عاما مساويا للعدد: 400 عام من أجل تسهيل عمليات الحساب سيشكل انحرافا فلكيا مع مرور الزمن تقدر بعدة أيام في آلاف السنين فأوجدوا له مخرجا جديدا وذلك بإعادة اعتبار السنوات التي تنتهي بثلاثة أصفار* مثل الأعوام: 2000‘ 3000‘ 4000م لتكون كبيسة من جديد.
* للحاشية: راجع الموسوعة البريطانية طبعة: 1963، المجلد الرابع تحت كلمة: .calendar بعنوان التقويم الغربي، الصحيفة رقم: 615.
أما إن تساءل المسلم الذي قد يلاحظ مدى اهتمام علماء الغرب الفلكيون منهم مع علماء دينهم على تطابق أشهرهم السنوية على فصولها الأربعة مع محاولة التوصل إلى حساب طول السنة الموسمية الفلكية بدقة شديدة في تقويمهم السنوي، بينما يلاحظ بالمقارنة، عدم اهتمام أحد من علماء العرب أوالمسلمين على جولة أشهرهم مثل أشهر الربيع وأشهر الحصاد وشهر رمضان وأشهر الحج على كل فصول السنة كل 32 سنة مرة؟
( الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا...*) 197-2. بينما نجد التقويم الشمس قمري الذي أبدعه الله تعالى خير الحاسبين، ثم علمه سبحانه عن طريق رسله للعالمين، ما زال يعتبر إعجازا لا يجارى في دقته الامتناهية، ومن لا يصدق، فما عليه إلا أن يقارنه بالتقويم الغريغوري الذي أغفل أصلا العلاقة الحسابية بين مداري الشمس والقمر في اقترانهما كل تسعة عشر عاما بأجزاء الثانية منتبهين فقط على تطابق الفصول الأربعة مع طول السنة، بينما التقويم الشمس قمري إن دقق فيه العلماء بما يكفي، سيرون عندها حقيقة العلاقة القائمة بينها وبين الإختلافات المناخية لمواسم السنة الفصلية، خاصة، إذا تم مقارنتها مناخيا لما حصل في نفس المكان خلال الدورات الشمس قمرية السابقة مع مضاعفاتها، هذا إذا علمنا مثلا أن مذنب هالي، مثلا، يأتي كل 76 سنة مرة، أي بعد كل أربع دورات شمس قمرية 19 × 4 = 76، علما أن هذا له علاقة بالأرض والشمس والقمر وبالتالي يختلف المناخ العالمي فكثيرا ما نسمع مثلا: أن العالم لم يشهد حرائق مترافقة مع موجة حر شديدة، كما شهدته عام 2000 منذ سبعين عاما وإذا كنا دقيقين لقلنا منذ ست وسبعين عاما.
الآن، إن عدنا لنوجز ما فعله الغربيون الذين واجهوا صعوبة في رؤية الأهلة لمعرفة دخول الشهر الجديد ففكرعلماؤهم من الذين يعلمون علم اليقين أن الأشهر القمرية الإثنتي عشرة تتأخر عن إتمام السنة الفصلية بمقدار: 2422‘11 يوم، فحاولوا حل مشكلتهم التقويمية وخرجوا، كما رأينا، بالإتفاق على تقسيم الإنحراف السنوي الذي قدروه أول مرة بإحدى عشر يوما، فأضافوها بالفعل مقسمة اتفاقيا على الإثني عشر شهر القمرية السابقة، التي كانت سنتها تعد من الأيام: 354 يوما، لتصبح مجموع أيام السنة بعد عملية توزيع تلك الأيام اتفاقيا لتبلغ : 365 يوما، لكن بعد اكتشافهم أن تلك الإضافة لم تكن دقيقة لإنحراف السنوات التي تلتها بمقدار ربع يوم في السنة عن مواسمها فعادوا وصححوا الإنحراف السابق بأن سنوا عملية إضافة جديدة ليوم كبيس للسنوات التي تقبل القسمة على أربعة، بإضافة يوم كبيس على شهر شباط الذي افترضوا طوله 28 يوما ليصبح في السنة الرابعة الكبيسة 29 يوم.
لم يستغن عن عملية تقويم إنحراف الأشهر القمرية، أو عن معرفة شهر التقويم: النسيء، من كل سكان الأرض إلا فقاء الدين الإسلامي الذين كانوا لا يهتمون كثيرا لتطابق الشهور مع فصولها الأربعة طالما كانت رواتبهم الشهرية تصلهم كاملة كل اثنتي عشر شهرا قمريا في غضون 354 يوما بدلا من أن تكون في كل 25‘365يوما.
حدث ذلك في كل العصور التي تلت عصر الرسول عليه الصلاة والسلام وعصر خلفائه الأربعة الذين ما زلنا نضعهم تحت قائمة الرشد والراشدين إلى هذا اليوم.
إلغاء التعليق
دعوة للتبرع
وهم راكعون .!: ما معنى ( ويؤتو ن الزكا ة وهم راكعو ن ) هل...
سايق عليك النبى: حين يلحّ شخص على آخر يقول راجيا ( سايق عليك...
تكرار تكرار: السلا م عليكم , اولا اشكرك م على هذا الموق ع ...
من معانى الموت : ما معنى الموت هنا : ( أَلَم ْ تَرَ إِلَى...
قهر اليتيم : أرجو منك توضيح معنى واماا ليتيم فلا تقهر كيف...
more
أستاذي الفاضل نيازي عز الدين، أشكرك علي مقالك المفيد، ولكن اسمح لي بالتعليق علي نقطة من أهم النقاط التي طرحتها في مقالك الجليل، ألا وهي تصحيح تشكيل بعض كلمات القرآن، وأنا بالطبع لا أوافقك علي ذلك أبداً، إذ أن الله تعالي قد حفظ القرآن الكريم من أي خطأ مهما كان كمه أو نوعه، ثم إن قولك بأن القرآن لم يتم تشكيله إلا في العصر الأموي هو مجرد ظن لا تدعمه أي أدلة يقينية، وبالتالي فكل مسلم يرفض كل ذلك شكلاً ومضموناً، إذ أن كتاب الله تعالي قد أُنزِل بهيئته الحالية ونطقه الراهن، ولم ولن يتغير حتي قيام الساعة.
لقد كررت سيادتك هذا أكثر من مرة لذا فقد وجب التنبيه
أشكرك