ماذا لو؟..هل تفتح بابا للشيطان؟

عمرو اسماعيل Ýí 2008-01-23


في ثقافتنا كلمة لو تفتح بابا للشيطان .. فهل هي كذلك ؟..
ألا يمكن أن تفتح كلمة لو بابا للتساؤل .. ثم محاولة البحث عن إجابة.. مما يفتح أفاقا جديدة وحلولا لمشاكل كثيرة تواجهنا ستظل كامنة لأننا لم نسأل أنفسنا ماذا لو فعلنا شيئا مختلفا ؟.. ماذا لو سلكنا طريقا مختلفا ؟
ليس معني أن نسأل أنفسنا هذا السؤال .. مجرد التساؤل .. ولكنه التعلم من أخطاء الماضي .. والتعود علي دراسة البدائل قبل اتخاذ القرار في المستقبل ..


وسأسأل نفسي هذا السؤال مرورا بمراحل تاريخية مهمة .. أعتقد أن الآحداث لو سارت فيها بطريقة مختلفة .. أو تم اتخاذ قرارات مختلفة لكان حالنا أفضل كثيرا ..
ماذا لو لم يقتل الخوارج سيدنا علي ابن أبي طالب مما فتح الباب لانتصار معاوية بن أبي سفيان ؟ أكان سيكون حال المسلمين مثل ما هو عليه الآن .. أكانوا سيتفرقون الي ملل ونحل وطوائف متناحرة ؟..
ماذا لو قبل سيدنا عثمان التنحي ولم يطلق قولته الشهيرة هذا قميص ألبسينه الله فلا أخلعه .. هل كان هذا سيفتح الباب لثقافة التداول السلمي للسلطة .. بدلا من أن يكون عزرائيل هو الوسيلة الوحيدة لفعل ذلك منذ تلك اللحظة وحتي الآن ..
ماذا لو انتصر المعتزلة في معركتهم الفكرية مع احمد بن ابن حنبل ولم ينتصر المتوكل لثقافة النقل ؟ هل كان ممكن أن يستمر الاسهام الحضاري للمسلمين مثلما كان في عهد فلاسفة المسلمين من ابن سينا و الفارابي الي الرازي وابن رشد ..
ماذا لو انتشر فكر ابن رشد في الشرق كما انتشر في الغرب مما ساعد في انتشار التنوير في الغرب المسيحي وبقي العالم الاسلامي تحت سيطرة يقافة النقل وليس العقل ..
ماذا لو لم يحرق الحلاج ويقتل السهروردي ؟.. أكان سيساعد هذا علي تقبل فكرة حرية الفكر بل وشططه في عالمنا؟ ..
ماذا لو لم يتم أجهاض محاولات محمد عبده واجتهاده الديني في بداية القرن العشرين علي يد رشيد رضا بعدانقلابه علي أفكار أستاذه ؟.. وعلي يد جماعة الاخوان المسلمين بعد ذلك!! ..
ماذا لو تبنت الدولة المدنية المصرية قبل ثورة يوليو في عهد الملكية العدالة الاجتماعية كما تبنت الديمقراطية ؟.. أو ماذا لو تبني عبد الناصر الديمقراطية كما تبني العدالة الاجتماعية والتحرر من الاستعمار ,, أكان سيفتح هذا الطريق لمصر والعالم العربي للحاق بدول العالم المتقدم ..
ماذا لو قبلنا بقرار تقسيم فلسطين الصادر من الأمم المتحدة في عام 47 ؟ .. الم يكن هذا معناه حلا عادلا ونهائيا للقضية الفلسطينية .. وتوفيرا لكم هائل من العذاب للشعب الفلسطيني بل وللشعب اليهودي .. وتوفيرا لمجهود كان من المفروض ان يتجه نحو التنمية الاقتصادية لشعوب منطقة الشرق الاوسط .. بل وسحب البساط من تحت أقدام انظمة استبدادية استغلت القضية الفلسطينية ومازالت لقهر شعوبها والتحكم في السلطة والثروة ..
ماذا لو لم يندفع عبد الناصر في حرب 67 ويبتلع الطعم من غير أن يكون مستعدا عسكريا واقتصاديا لمواجهة اسرائيل ؟ ألم تكن القدس والضفة الغربية مازالت بأيدينا حتي الآن ؟ أليست العودة الي حدود ماقبل 67 هي أقصي حدود مطالبنا الآن ؟
ألم تكن حرب 67 ليست فقط هزيمة عسكرية بل انتكاسة لكل برامج التنمية الاقتصادية والحضارية في مصر والعالم العربي .. وسببا رئيسيا في عودة الدروشة والاصولية الدينية وفي ظهور وانتشار كل حركات التطرف الديني التي ولدت منها جماعات الارهاب التي تستعدي العالم كله علينا ..
ماذا لو لم يرتكب السادات غلطة عمره وترتكب أمريكا أيضا غلطة عمرها؟ .. بتشجيع التيارات الدينية المتطرفة .. هو للتغلب علي التيارات اليسارية والناصرية وأمريكا للتغلب علي الشيوعية ,, فارتد السحر علي الساحر ..
التيارت التي شجعها السادات قتلته .. والتيارات التي شجعتها أمريكا ومولتها وسلحتها هي وأنظمة الجمود والانغلاق الخليجية بحجة القضاء علي الشيوعية والاتحاد السوفيتي انقلبت عليها .. والنتيجة مانراه الآن من ارهاب وحرب علي الارهاب .. كلفت وتكلف أمريكا والشرق الاوسط المليارات من الدولارات والكثير من أرواح الابرياء .. وغرقت أمريكا نفسها في مستنقعي أفغانستان والعراق .. الاتحاد السوفيتي كان يحمل بذور سقوطه مثل اي نظام مستبد يقهر شعبه ويحرمه من الحرية .. والحرب الباردة لم تكن تكلف أمريكا والعالم كل هذه المليارات من الدولارات التي كانت ممكن أن تصرف علي التنمية الاقتصادية في دول العالم الثالث وعلي راسها دول الشرق الاوسط .. التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية في الشرق الاوسط كانت ستكون هي الضامن والمانع لنمو اي تيارات دينية متطرفة ارهابية .. أن الفقر وانعدام العدالة هما البيئة التي ترعي الارهاب وتفرخ المتطرفين ..
ماذا لو فهم الحزب الوطني أن قهر المعارضة والاحزاب المدنية وانعدام العدالة الاجتماعية هو الذي ترك الشارع المصري مؤهلا لسيطرة التيارات الدينية عليه لأنها تعده بمن يلجأ اليه وقت الشدة .. هل كان يتخيل الحزب الوطني أو أي حزب آخر أنه يستطيع أن ينافس الله في اي انتخابات .. إن اي حزب يرفع شعار الله حتي لو كان بدون وجه حق في اي انتخابات تجري في بلد الشعب فيها مقهور اقتصاديا ويفتقد اي نوع من انواع العدالة الاجتماعية .. لابد أن يكسب هذه الانتخابات .. والدليل ماحدث في مصر من نجاح للإخوان ولو لم يضطر النظام الي التدخل السافر لفقد الاغلبية في هذه الانتخابات .. والدليل ايضا ما حدث في العراق فقد استطاعت الاحزاب التي ترتدي عباءة الدين والله سواء كانت شيعية او سنية أن تحرز انتصارا كبيرا علي الاحزاب المدنية ..
وهذا دليل علي قصر نظر السياسة الامريكية وإدارة بوش .. التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية لابد أن يواكبا أي اصلاح سياسي وديمقراطي إن لم يكونا أهم منه .. فبدونهما لن تكون هناك ديمقراطية ولن يمكن التغلب علي الاصولية والارهاب ..
وأخير سأسأل نفس ماذا لو كنت قبطيا ؟
كنت ساشارك مشاركة ايجابية في الاصلاح الاقتصادي والسياسي الذي يضمن العدالة الاجتماعية والحقوق الاساسية لكل المصريين .. فحصول المصريين جميعا علي حقوقهم الاقتصادية والسياسية سيقلل الاحتقان الطائفي والتحزب الديني وسيمهد الطريق الي حصول الاقباط علي حقوقهم المشروعة ومعهم كل فئات المجتع المقهورة وعلي رأسها المرأة ..
كنت سأعمل علي أن يستخرج كل قبطي مصري بطاقة انتخابية وأشجعهم علي الانخراط في الاحزاب المدنية كل حسب اتجاهه السياسي وليس الديني من أحزاب يسارية وليبرالية ..
كنت سأعمل علي أن يكون الاقباط في مصر قوة انتخابية تعمل حسابها جميع الاحزاب وتتسابق علي خطب ودها وإعطائها حقوقها ..
كنت سألجأ الي كل الطرق المشروعة والسلمية من قضاء وإعلام ومنظمات المجتمع المدني المحلية والعالمية .. إن كنت أعتقد أن لي حقا مشروعا حرمت منه .. سواء في تولي الوظائف المدنية من اصغرها الي أهمها أو في أداء مشاعري الدينية بحرية ومن ضمنها بناء دور العبادة ....
ماذا لو ؟ اسئلة كثيرة لايتسع لها هذا المقال ..
ولا يبقي ألا السؤال هل لو تفتح فعلا بابا للشيطان .. أم تفتح بابا للتساؤل وحرية العقل والفكر .. وتفتح الباب للفلسفة التي يتفوق بها الغرب والاهم اسرائيل علينا .. أن نفكر في البدائل والأثار المترتبة علي كل منها قبل اتخاذ اي قرار .. خاصة القرارات المصيرية ..

اجمالي القراءات 12068

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   محمد سمير     في   الخميس ٢٤ - يناير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[15754]

صدقت

أخي عمرو حفظك الله من كل سوء


لقد أثبت لنا أن لو تفتح باب أخذ الدروس والعبر . وهذا ما يفعله الإسرائيليون . فقبل عدة سنوات حصل خطأ أثناء التدريبات في أحد معسكرات الجيش الإسرائيلي مما أدى إلى مقتل عدد من المتدربين . فما كان من حكومتهم أن


شكلوا على الفور( لجنة تحقيق لأخذ الدروس والعبر) هكذا أسموها .


ويظل المسلمون يدعون الله في صلاتهم : اللهم اجعل بأسهم في نحورهم . وما من مجيب


تحياتي


2   تعليق بواسطة   المعتزلي للأبد     في   الأحد ٢٧ - يناير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[15803]


و لماذا يقبل أي وطني حر أن يأتي غريب و يطالب بأن يقيم وطن أخر داخل وطنه؟


و لماذا لم يعيش اليهود جنبا الى جنب في أرض فلسطين مع الفلسطينيين كما عاشوا من قبل في الدول العربية بدون أن يطالبوا بتقسيم؟


و لماذا هاجمت اسرائيل مصر في 56؟


3   تعليق بواسطة   سامر إبراهيم     في   الخميس ٣١ - يناير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[15941]

هذه "ماذا لو" وتلك "لو"!؟

السلام عليكم _أخي عمرو_ ورحمة الله. أما بعد:


"لو" هي التي تفتح باب الشيطان وليس "ماذا لو". والفرق بينهما كبير.


عندما تقول: لو أني فعلت كذا لكان كذا. فأنت تجزم بأنك لو لم تقم بالعمل الذي قمت به في الماضي, والذي أصبح قضاءً نافذاً لا يرد, وقمت عوضاً عن ذلك بعمل آخر لكنت حققت نتيجة بعينها, تتمناها اليوم وتتحسر عليها. وهنا يتم فتح باب الشيطان.


أما عندما تقول: لو أنني فعلت كذا فلربما كان كذا. فأنت هنا لا تجزم بماهية النتيجة التي كانت ستتم لو أنك سلكت طريقاً آخر. فأنت تترك الاحتمالات مفتوحة لخيارات أخرى. وهنا لا يتم فتح باب الشيطان.


وإليك المثال التوضيحي التالي:


طالب جامعي قضى عامه في اللعب واللهو, وفي نهاية العام أخفق في اجتياز الامتحان "سقط".


هذا الطالب شعر بالمصيبة التي أصابته فقال: لو أنني درست جيداً فلربما كنت نجحت. هذا الطالب قال كلاماً لايفتح باباً للشيطان لأنه لم يجزم بالنتيجة التي كان سيحققها. فقوله: "ربما كنت" يفيد عدم اليقين وهو محق بعدم اليقين. فالدراسة لا تستوجب النجاح على وجه اليقين! نعم أنا أؤكد_لا تستهجن كلامي_ ليس كل من يدرس ينجح. كثير من الطلاب أصابتهم أمور طارئة منعتهم من التوجه إلى الامتحان, بعضهم تم اعتقالهم من قبل الأمن السياسي على أبواب الجامعة, وآخرون وصلوا متأخرين وهناك من توفي ليلة الامتحان. المستقبل هو علم غيب يعلمه الله وحده, نستقرئ المستقبل ولكن لا نجزم به حتى يكون حاضراً معاشاً.


أما لو قال الطالب أنه كان سينجح في الامتحان لو أنه درس. فهو عندها سيفتح باب الشيطان لأن الدراسة ليست هي وحدها التي تحقق النجاح. للدراسة الدور الأكبر في تحقيق النجاح, ولكنها ليست كل شيء. هناك عوامل أخرى بعضها ندركه والبعض الآخر في علم الله. يا عزيزي إرادة الله هي الفصل والحكم.


وكما قال الطالب قلتم: "ماذا لو لم يتم أجهاض محاولات محمد عبده واجتهاده الديني في بداية القرن العشرين علي يد رشيد رضا بعد انقلابه علي أفكار أستاذه ؟". أنت هنا كالطالب لم تفتح باب الشيطان, لأنك تركت الباب مفتوحاً لكل الاحتمالات, ولم تجزم بنتيجة بعينها. هذا ما فهمته من كلامك, فصوبني إن أخطأت. أي إن كنت تعرف النتيجة على وجه اليقين فلتتفضل وتوضحها لنا؟ وعندها سنقول إن "ماذا لو" عمرو اسماعيل تفتح باب الشيطان. حتى ذلك الوقت هي عندي لا تفتح باب الشيطان.


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-09-30
مقالات منشورة : 131
اجمالي القراءات : 1,483,888
تعليقات له : 1,140
تعليقات عليه : 798
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt