مقال د سعد الدين إبراهيم ( الامام محمد عبده والاصلاح المؤجل للأزهر ):
ف 3:ج 2 محمد عبده والأزهر ب2 مناهج الازهر الشيطانية ومحاولات الإصلاح . كتاب الأزهر عدو الإسلام الأكبر

آحمد صبحي منصور Ýí 2025-11-21


ف 3:ج 2  محمد عبده والأزهر ب2 مناهج الازهر الشيطانية ومحاولات الإصلاح . كتاب الأزهر عدو الإسلام الأكبر

مقال د سعد الدين إبراهيم ( الامام محمد عبده والاصلاح المؤجل للأزهر )

مقدمة :

1 ـ بجهود الشيخ الشعراوى ورابطة العالم الاسلامى السعودية وشيوخ الأزهر وأئمة السنيين تم عقد مؤتمرين لتكفيرى ، أولهما في إسلام أباد تزعمه الرئيس الباكستانى ضياء الحق ، ثم بعدها لقى حتفه في تحطم طائرته عام 1988 ، والمؤتمر الآخر في جدة برعاية رابطة العالم الإسلام الوهابية ( اين هي الآن ؟ ! ) . كانت العلاقات مقطوعة بين مصر والسعودية ، ويسعى حسنى مبارك لاستعادتها . لذا وافق على إعتقالى أنا وأهل القرآن في أواخر عام 1987 . خرجت من السجن لأواجه حملة صحفية ودعائية تدعو لقتلى . هربت لأمريكا تاركا زوجتى وأطفالي ، إستغلنى من دعانى وهو رشاد خليفة لأوافقه على زعمه أنه رسول الله ، رفضت وهربت منه الى سان فرانسيسكو، وعشت في ضياع فقررت العودة لمصر عالما أنهم سيعتقلوننى في المطار . كانت معى مؤلفاتى المخطوطة . قضيت ليلتين في زنزانة تحت الأرض ، واقفا على قدم واحدة من شدة الزحام وعلى وشك الإختناق . بعد أن راجعوا كل أوراقى وعرفوا من كتاباتى أننى مديون أفرجوا عنى .

2 ـ الدعاية ضدى أثمرت عن تعاطف معى في دوائر العلمانيين من اليسار والوفديين والأقباط وفى داخل الصحف القومية . كانوا في حاجة الى أزهرى ( مستنير ) وكنت في حاجة اليهم طبقا لايمانى بالطبيعة العلمانية للاسلام وشريعته الحقيقية . أصبحت من مؤسسى الحركة الشعبية لمواجهة الإرهاب ، وجماعة الإخاء الدينى . وأصبحت عضوا في مجلس إدارة المنظمة المصرية لحقوق الانسان . تحالفت مع د فرج فودة ، وشاركته في الدعوة لتأسيس حزب المستقبل ، وأسفر هذا عن فتوى بقتلنا معا . إغتالوا فرج فودة ، وكان الرد أن جعلنا مكتبه مقرا للجمعية المصرية للتنوير . وإشتهرت الندوات التي أقمناها بسب الهجوم علينا . كنت أقوم بإدارة بعض هذه الندوات . ثم كنت المتحدث في ندوة عن ( الآزهر والتنوير ) كانت صاخبة حضرها د. رفعت السعيد أمين حزب التجمع ، والذى فتح لى أبواب جريدة الأهالى لأكتب فيها ، وحضرها د . سعد الدين إبرهيم ، وإلتقيت به لأول مرة . وقال بعدها عن هذه الندوة إنه أصبح ضحية لى من وقتها . دعانى لأن أعمل معه في مركز إبن خلدون ، فرحبت ، وأنتقلت الى وضع جديد . كنت أعمل بلا أجر في كل نضالى السابق . انتهى هذا بالحصول على أجر ثابت ويتزايد من مركز ابن خلدون ، كنت المشرف على النشرة الى يصدرها المركز ، ثم أقمت رواق ابن خلدون ، ندوة أسبوعية مساء الثلاثاء ، أستمرت أربع سنوات بلا توقف الى إغلاق المركز وإعتقال د سعد ، وهروبى لأمريكا .

كان د سعد ومركزه من المغضوب عليهم من اليساريين . بذكائه عرف أن علاقاتي بالجميع ستجعلهم يأتون لحضور ندوات الرواق . وهذا ما حدث فعلا ، إذ إجتذب الرواق رموزا من مختلف التيارات ، وتكونت بينهم علاقات دافئة برغم الاختلافات الأيدلوجية والسياسية . صار للرواق شهرة عالمية ، فكان يحضره دبلوماسيون وبعض السفراء ، مما شجعني على تخصيص ندوات دبلوماسية ، وندوات إقتصادية . كان ما يجرى في الرواق تنقل معظمه الصحف ، ويثير النقاشات . خلال سنوات الرواق تكونت للرواق أعمدة ، أبرزهم الصادق المهدى ، الذى كان يحرص على حضور ندواته ، وألقى فيه ندوة حازت شهرة . كان من أعمدة الرواق الأستاذ عبد الفتاح عساكر الكاتب الاسلامى ، والفنان محمد نوح والقس المعارض إبراهيم عبد السيد والمستشار أحمد طلعت و وجيه خير وممدوح نخلة وطه الشريف و رجائى فايد وأحمد شعبان . وكان من يساعدنى د عثمان محمد على وبالإضافة الى ولدىّ محمد وشريف . بعودة إفتتاح المركز تولى إدارة الرواق د عثمان ومحمد وشريف الى أن جاءا لأمريكا . في أمريكا توثقت العلاقات أكثر بالدكتور سعد ، وتشاركنا في تكوين جبهة معارضة لحسنى مبارك ، وعقدنا مؤتمرات ، وإشتركنا في قيادة مظاهرات . وكان بيتنا القريب من واشنطن مكانا لعقد جلسات موسعة شارك فيها د سعد وزعماء المعارضة المصرية .

أهم الموضوعات التي إستأثرت باهتمامنا هي العلامة عبد الرحمن بن خلدون . وبمناسبة مرور ثمانية قرون على رحيلة عقد المركز إحتفالية ضخمة . وطلب منى د سعد قبلها كتابة بحث في ( مقدمة إبن خلدون ) . أتممته وهو منشور هنا . وكتب د سعد مقدمة له .

إصلاح الأزهر كان من إهتماماتنا المشتركة . من خلال نقاشاتنا كتب د سعد هذا المقال.

 أنشره داعيا له بالرحمة .

المقال :

هذا العام تمر مائة سنة ميلادية على وفاة الامام محمد عبده( 1849- 1905) أعظم مصلح اسلامى فى العصر الحديث. يمكن تقسيم حياة محمد عبده الى قسمين، فى الصدر الأول من حياته كان مناضلا سياسيا ضد الاستبداد السياسى والاحتلال الاجنبى ، ثم اختار فى الشطر الثاني من حياته ان يتفرغ لاصلاح الأزهر لاعتقاده أنه الطريق الحقيقى لاصلاح المسلمين.

ألقى الامام محمد عبده بكل ثقله فى معركة اصلاح الأزهر فأقنع الخديوى عباس حلمى الثانى باصدار قانون انشاء مجلس ادارة الأزهر سنة1312 هجرية(1995 ميلادية)ودخل عضوا فيه ووضع قانونا لمرتبات علماء  الازهر ونظاما للتدريس والامتحان ،يمنع فيه قراءة المتون والحواشى القديمة. وأصلح نظام الأورقة الأزهرية والأوضاع الصحية لطلبة الأزهر. وقد ثارالشيوخ ضد الامام محمد عبده وانضم اليهم الخديوى نفسه لأغراض سياسية فقدم الامام استقالته ومات فى نفس العام.

العقبة الأساسية فى رفض الشيوخ كانت الاصلاح الفكرى الذى ينشده الامام والذى نشر ملامحه فى تفسيره وفى كتبه والتى كانت – ولا تزال – مرفوضة من الأزهريين. الأمام محمد عبده لم يأخذ بأحاديث الآحاد فى العقائد , ورفض القول بشفاعة النبى محمد وأكد على الحقيقة القرآنية التى فصلها القرآن فى أن النبى محمد لا يعلم الغيب وليس له أن يتكلم فى الغيبيات وما يعنيه هذا من رفض كل الأحاديث المنسوبة للنبى فى غيب المستقبل فى الدنيا والآخرة، وبالتالى كانت رؤيته الناقدة للتراث واصلاح المناهج الأزهرية.

ينقل رشيد رضا فى تاريخ الامام هذا النقاش بين الامام وأحد خصومه من الشيوخ المقلدين وهو الشيخ محمد البحيرى وكان اكثرهم ذكاءا. قال البحيرى للامام عن مناهج الازهر:" أننا نعلمهم كما تعلمنا" فقال الامام " وهذا الذى أخاف منه" فقال البحيرى: " ألم تتعلم انت فى الأزهر وقد بلغت فيه ما بلغت من مراقى العلم وصرت فيه العلم الفرد ؟" فرد الامام محمد عبده :"ان كان لى حظ من العلم الصحيح الذى تذكر فاننى لم أحصله الا بعد عشر سنين أكنس من دماغى ما علق فيه من وساخة الأزهر، وهو الى الآن لم يبلغ ما أريده له من النظافة."[1]

لم تخمد جذوة الاصلاح التى أشعلها محمد عبده بل استمرت بعده على يد تلامذته وأشهرهما اثنان من شيوخ الأزهر المشهورين تنافسا فى الرياسة والسياسة ولكن اتفقا على ضرورة الاصلاح وهما الشيخان الظواهرى والمراغى.

فى مشيخته الأولى( 1928 – 1929 ) عزم الشيخ مصطفى المراغى على تنفيذ مذكرته الاصلاحية التى تطبق رؤية شيخه محمد عبده فى احلال الاجتهاد محل التقليد وتغيير مناهج الأزهر لتواكب العصر وادخال العلوم الحديثة فى مناهجه. رفض الملك والأزهريون برنامجه الاصلاحى فقدم استقالته بعد عام ليتولى المشيخة بعده خصمه الشيخ الأحمدى الظواهرى (1929 – 1935). ومع اقتناعه بأهمية تطوير المناهج الأزهرية الا انه فضل الاصلاح الشكلى بانشاء كليات اللغة العربية والشريعة وأصول الدين ، ولم يلبث أن ثار الأزهريون عليه وأرغمته الظروف السياسية على الاستقالة ليعود الى مشيخة الأزهر خصمه العتيد الشيخ مصطفى المراغى فى ولايته الثانية التى استمرت عشرة اعوام ( 1935- 1945) وفيها نبذ المراغى مشروعه فى اصلاح المناهج واستعاض عنه باصلاحات هامشية مثل  انشاء لجنة الفتوى بالازهر وتوظيف الازهريين مدرسين فى التعليم الحكومى واعطاء الطلبة الازهرين معوناتهم نقدا بدل اعطائهم خبزا كما كان معتادا قبلها.

تولى الشيخ مصطفى عبد الرازق فاهتم بارسال البعوث من الازهر للحصول على الدكتوراه، واسهم اولئك المبعوثون فى نهضة نوعية للازهر الا انها لم تقترب من " قدس الأقداس" وهى المناهج الأزهرية العتيقة .

جاء عبد الناصر بتطوير هائل فى الأزهر بالقانون رقم 103 لسنة 1961 .والذى أدخل ليس فقط اللغات الاجنبية والعلوم الطبيعية ولكن أنشا كليات لها فى جامعة الأزهر من الطب والهندسة والزراعة والعلوم ..الخ. ودعا دعوة صريحة وكررها فى أن وظيفة الأزهر هى فى الاجتهاد لتجلية حقائق الاسلام والدراسة النقدية للتراث ، مما يعنى أن هناك حقائق اسلامية غائبة يجب على مناهج الأزهر ايضاحها , وان هناك اكاذيب ارتدت ثوب الحقائق وعلى الأزهر فى مناهجه كشفها ، وهى دعوة صريحة للاجتهاد وتغيير مناهج الأزهر القديمة ومؤلفاته التى ينتمى معظمها للعصر العثمانى.

فى عصر السادات وانتعاش الفكر السلفى حظى الأزهر باتساع افقى غير مسبوق ، امتدت المعاهد الأزهرية الأبتدائية والأعدادية والثانوية فى معظم القرى المصرية لتصبح تعليما موازيا للتعليم العام ، وأنشئت جامعة جديدة أزهرية فى أسيوط وعشرات الكليات الأخرى فى معظم المحافظات والأرياف تحول بعضها الى جامعات اقليمية أزهرية بالاضافة الى جامعة البنات فى القاهرة وكليات أخرى للبنات فى الأقاليم. كل هذا التوسع الأقليمى كان للكليات التقليدية فقط، وهى التى تدرس التراث على حاله دون نقد أو تجديد.

اسهم هذا التوسع الأفقى دون اصلاح منهجى الى علو شأن ما يعرف بالاسلام السياسى وسيطرته على الحياة الدينية والعقلية والثقافية مما عقد الأزمة السياسية ووضع عراقيل فى طريق الاصلاح السياسى والاصلاح الدينى الذى أضحى مطلبا حقيقيا. ودفع ثمن هذا الاصلاح المفكر الاسلامى الأزهرى المعاصر الدكتور أحمد صبحى منصور.

بعد مائة عام تقريبا من الحركة الاصلاحية للامام محمد عبده ظهر أحمد صبحى منصور فى بدايته مدرسا مساعدا فى قسم التاريخ والحضارة بكلية اللغة العربية داعيا الى فكر الامام محمد عبده فى اصلاح المناهج الأزهرية متشجعا بقانون الأزهر نفسه، فقدم رسالته للدكتوراة عن التصوف المملوكى مقتفيا أثر محمد عبده فى الرؤية النقدية للتراث الصوفى فعطل الشيوخ فى الازهر حصوله على الدكتوراة ثلاث سنوات ليرغموه على حذف ثلثى رسالته. بعد حصوله على الدكتوراه سنة 1980 قدم خمسة مؤلفات متبعا فكر محمد عبده فى نقد الفكر السلفى السنى ليحصل على درجة استاذ مساعد سنة 1985 فقدموه للمحاكمة وفصلوه من الجامعة بعد عامين وأدخلوه السجن متهما بانكار السنة.

عمل الشيخ أحمد صبحى منصور بعدها داعية مستقلا للاصلاح الدينى واصلاح الأزهر، واستمعت اليه فى ندوة فى الجمعية المصرية للتنوير يتحدث عن "الأزهروالتنوير"، ومن وقتها تصاحبنا على طريق الاصلاح. فعمل معى فى مركز ابن خلدون مديرا لندوته الاسبوعية " رواق ابن خلدون" الذى ناقش منذ افتتاحه فى الثانى من يناير 1996 كل سبل الاصلاح. وتفتق عنه مشروع ابن خلدون لاصلاح التعليم العام فى مصر ليؤكد التسامح الاسلامى. وشارك فيه الدكتور منصور مع نخبة من الأساتذة العاملين فى المركز. وهو المشروع الذى حاربته قيادات الأزهر والتيار السلفى . وهو نفس المشروع الذى أصبح ضرورة ملحة بعد احداث الحادى عشر من سبتمبر.

من المؤسف ان تظل دعوة الامام محمد عبده لاصلاح الأزهر ممنوعة من التنفيذ حتى بعد موته بمائة عام . 

يقول محمد عبده – طبقا لما جاء فى سيرته التى كتبها تلميذه الامام رشيد رضا- :" ان اصلاح الأزهر اعظم خدمة للاسلام فان اصلاحه اصلاح لجميع المسلمين وفساده فساد لهم.. وان أمامه عقبات وصعوبات من غفلة المشايخ ورسوخ العادات والتقاليد بينهم . ". [2]

وعند احتضاره قال محمد عبده متحسرا على عناد الشيوخ:

ولست أبالى أن يقال محمد             أبل أم اكتظت عليه المآتم

ولكن دينا قد أردت صلاحه              احاذر أن تقضى عليه العمائم (3)[3]

فهل ننتظر مائة سنة أخرى حتى يرضى بعض الشيوخ عن الاصلاح ؟

وهل نموت حسرة كما مات الامام محمد عبده ؟

شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )

  https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran

 

 



  (1)  تاريخ الامام  (1/ 493-494)

(2)""تاريخ الامام محمد عبده 1/425".

(3) تاريخ الامام 1/2/1026)

 

اجمالي القراءات 209

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5313
اجمالي القراءات : 65,266,459
تعليقات له : 5,514
تعليقات عليه : 14,905
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي