قبل الزواج :ــ رضى المرأة بالزواج :
قبل الزواج :ــ رضى المرأة بالزواج :
أولا :
إسلاميا فى رؤية قرآنية :
1 ـ حرية الاختيار هي أساس المسئولية والثواب والعقاب ، وهما أساس الامتحان الذي وضع الله جل وعلا البشر فيه في هذه الحياة الدنيا ، ومن هنا كانت حرية الإرادة هي أساس اعتناق الإسلام وأداء العبادات . وطالما يحرم الإكراه فى الدين فإنه يحرم الإكراه فى الزواج ، لأنه سيكون فى الأغلب زواجا فاشلا يجلب المعاناة للزوجين وأبنائهما . أى لا بد أن يكون التراضي هو أساس هام من أسس تشريعات الزواج ، فلا يجوز إكراه المرأة على زواج لا ترتضيه حتى لو كانت بكراً قاصراً من حيث القانون الوضعى .
2 ـ وقد يقال إن هذه المسألة تركها القرآن الكريم للعُرف ، ولكن العُرف أو المعروف في القرآن يعني الشيء الحسن العادل المتعارف علي حُسنه وعدله ووجاهته ، أي انه إذا جاز في عُرف بعض الناس إكراه الفتاة على زوج لا تقبله فإن ذلك عُرف غير مقبول في شرع الله جل وعلا .
ثانيا:
فى الدين السُنّى
1 ـ قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) المائدة ) . خصومتنا المعلنة مع الدين السنى لا تعنى أن نُشيد ببعض ما يقوله أئمته إذا إتفق مع الاسلام والعدل والقسط والعُرف والمعروف .
2 ـ ولذلك فإنه مما يذكر بالفضل لفقهاء الدين السُنّى هو انحيازهم إلى استئذان العروس إذا كانت بكراً ، وأخذ الأمر او التفويض منها إذا كانت ثيّبا ، أو ما يعرف بقاعدة (باستئذان البكر واستئمار الثيّب).
3 ـ ولكن كالعادة إتخذوا القرآن الكريم مهجورا ، ولجأوا الى صناعة الأحاديث :
3 / 1 : زعموا أن النبي محمدا عليه السلام في تزويجه ابنته فاطمة فعل ذلك ، إذ يذكر ابن سعد فى الطبقات الكبرى ــ بلهجة الواثق كما لو كان حاضرا وقتها ـ ان علياً عندما خطب فاطمة من أبيها عليه السلام ، قال النبي لابنته : إن علياً يذكرك .. فسكت ، فزوجها . والمعروف أن سكوت البكر دليل رضاها .
3 / 2 ـ وقبل إبن سعد نرى مالك بن أنس فى الموطأ يصنع حديثا يقول فيه : ( الأيم (أي الثيب) أحق بنفسها من وليها ، والبكر تُستأمر في نفسها ، وإذنها صمتها .؟ أي سكوتها ".
3 / 3 ـ ونسبوا لفقيه المدينة فى عصر التابعين ( سعيد بن المسيب ) قوله أن الأبكار تستأذنَّ في انفسهن ، سواء كان لهن آباء أم لم يكن .
3 / 4 : وردد الشافعي هذه الأقوال في "الأم" . وتكررت أحاديث في البخاري ومسلم عن استئذان البكر واستئمار الثيب ، وأن الثيب أحق بنفسها .
3 / 5 : وأتى ابن تيمية بفارق بين الاثنتين فيقول ان الإذن للبكر والأمر للثيب ، والبكر حين تأذن تصمت أما الثيب فتنطق بالأمر ، لأن البكر تستحي لذا تُخطب على وليّها ، أما الثيب فتُخطب إلى نفسها وتأمر الولي أن يزوجها ، فهي آمرة له .
4 ـ والمستفاد من ذلك أنه عندهم يحرم الإكراه في الزواج ، وينبغي إذا كرهته المرأة ورفضته فعلى جهة الاختصاص أن تجيب طلبها وتفسخ عقد النكاح . طالما تحركت بالرفض إليها .
4 / 1 : وقد صنع مالك حديثا في الموطأ يقول أن خنساء بنت خدام قد زوجها أبوها وهي ثيب فكرهت ذلك فاشتكت للنبي متظلّمة فردّ النبى ذلك النكاح .
4 / 2 : ونقل ابن سعد هذه الرواية فى الطبقات الكبرى ، وحكى غيرها عن زينب بنت عثمان بن مظعون ، وقد تزوجها عبد الله بن عمر ، ولكن المغيرة بن شعبة أرغبهم او اطمعهم في صداق أكبر ، وكان ولي الفتاة هو عمها ، ورغبت أم الفتاة عن عبد الله بن عمر وفضلت عليه المغيرة بن أبي شعبة ، وكلمت ابنتها فاستجابت لها ، وأعلمت النبي بكراهيتها لذلك الزواج ، فرد النبي نكاح عبد الله بن عمر ، وتزوجها المغيرة . الذى صنع هذا الحديث لم يعرف أنه دليل إضافي على أنه ليس حراما أن يخطب احدهم على خطبة أخيه التى قال به أئمة الدين السنى . والمهم عندهم أنه دليل آخر على جواز فسخ النكاح إذا أعلنت الفتاة او المرأة رفضها له .
5 ـ وعن ( مالك ) فى الموطّأ نقلت كتب الحديث قصة خنساء بنت خدام ، وأضيفت إليها قصص أخرى عن فتيات أُخريات رفضن الإكراه في الزواج ، ومنها رواية لابن حنبل وأبي داود وابن ماجة تقول أن فتاة بكراً أتت للنبي فذكرت أن أباها زوّجها وهي كارهه ، فخيّرها النبي .. أي نفذ ما اختارته .
6 ـ محمد بن الحسن الشيباني فى نسخة الموطأ التى نقلها عن مالك ، فى تعليقه على حديث خنساء بنت خدام التي كرهت زواجها فرد النبي نكاحها ــ يقول إن الثيب والبكر كلا منهما لا تُنكح إلا بإذنها ، ويعني أن البكر الصغيرة لا تُستأذن ..
7 ـ ولكن على عادتهم المتأصّلة فى الخلاف والاختلاف نرى بعض الآراء الفقهية لم تمانع في إجبار الفتاة على الزواج ، خصوصا بين الفقهاء الشافعية والمالكية .
8 ـ وقد اختار ابن تيمية ( الحنبلى ) عدم الاكراه ، لأن الإكراه مخالف للأصول والعقول ، والله جل وعلا لم يسوغ لوليها أن يكرهها على بيع أو إجارة إلا بإذنها ، ولا على طاعم أو شراب أو لباس لا تريده ، فكيف يكرهها على زواج تكرهه ، ومعاشرة من لا تريده ، والله تعالى جعل بين الزوجين مودة ورحمة ". إلا ان ابن تيمية شرعان ما تردد في القول بعد هذا الكلام الجميل ، إذ سئل عن فتاة بالغ أبت الزواج من قريبها وأرادوا إجبارها على الزواج منه ، فقال إن لم يكن الزوج كفؤا فلا تُجبر على نكاحه ، وإن كان كفؤا ففي الموضوع قولان مشهوران ، لكن الرأي الأظهر انها لا تُجبر . ونرى أن الأولى بابن تيمية أن يحسم رأيه في هذه الفتوى للتطابق مع كلامه السابق الواضح .
فماذا إذا كانت الفتاة صغيرة او يتيمة ..؟
اسطورة زواج النبى بعائشة وهى طفلة شاعت فى ظل الصراع السياسى بين دينى السنة والتشيع ، وذكرها ابن سعد ثم الطبرى فى تاريخه حين تحول الصراع بين العباسيين والحركات الشيعية الى ثورات قتلت ما يقترب من مليون من الناس بين العراق والشام فى ثورتى الزنج والقرامطة. هذه الأسطورة نرى تداعياتها كالآتى :
1 : يرى ابن حنبل أن الولي يستأمر البكر البالغ ، فإن كان الولي والداً لها وكانت لم تبلغ تسع سنين فتزويج الأب عليها جائز ولا خيار لها ، فإذا بلغت تسعاً فلا يزوجها أبوها ولا غيره إلا بإذنها ، واليتيمة التي لم تبلغ تسع سنين فإن زوّجها غير الأب ، فإن ذلك لا يعجب ابن حنبل ، إلا إذا بلغت تسع سنين ، فإذا بلغت تسع سنين استؤمرت ، فإن أذنت ، فلا خيار لها ..
وسئل ابن حنبل عن البنت التي تزوجت وهي صغيرة ، هل لها أن تختار إذا كبرت ..؟ فقال ليس لها الخيار إذا زوجها أبوها ، ولو كان لها الخيار كان لعائشة الخيار حين تزوجت وهي في التاسعة ، لأن النبي ــ على حد قول ابن حنبل ــ تزوج عائشة وهي ابنة تسع او ست ، ودخل بها وهي ابنة تسع ، وتوفى عنها وهي ابنة ثمان عشرة ..
وقصة زواج النبي من عائشة ذكرها ابن سعد في الطبقات ، وكيف كانت تلعب مع اترابها من البنات حين أصلحوا شانها ليدخلوها على النبي ليلة زفافها ، ونقل هذه الرواية عنه البخاري ومسلم مع بعض التغيير والاختصار . والرواية نفسها تذكر أن عائشة في مكة كانت مخطوبة لابن مطعم بت عدي ، أي كانت قد قاربت سن التمييز ، وإذا عرفنا أنها الوحيدة عندهم ــ فيما نعلم ــ التي تم خطبتها في السادسة أو السابعة ، ثم تزوجت في التاسعة أدركنا أن الموضوع لا يخلو من مبالغة ، بالتالى تكون عندهم أصغر نساء النبي ، وقد تكون الوحيدة التي تزوجها بكراً . لم يدركوا أنه لا يعقل أن يتزوج النبي وهو في الخمسين طفلة في التاسعة ، ثم لا يعقل أن يكون ذلك تشريعاً يجيز نكاح الأطفال في هذا السن ، وهن لا يدرين شيئاً عن رعاية أنفسهن او القيام بالمسئولية المُناطة بهن ..
ان النسق القرآني في تشريعات الزواج والطلاق يتكرر فيه الحديث عن العدة بالحيض او بالأشهر لتبرئة الرحم من احتمال حدوث حمل ، أي لابد أن تكون قد بلغت مرحلة النضج الجسدي أي تكون صالحة للإنجاب والمعاشرة الجنسية ، وما يستلزم ذلك من بلوغها مرحلة النضج العقلي لتتحمل المسئولية ، وكل ذلك ينافي الطفولة ..
اجمالي القراءات
2568
وقصة زواج النبي من عائشة ذكرها ابن سعد في الطبقات ، وكيف كانت تلعب مع اترابها من البنات حين أصلحوا شانها ليدخلوها على النبي ليلة زفافها ، ونقل هذه الرواية عنه البخاري ومسلم مع بعض التغيير والاختصار . والرواية نفسها تذكر أن عائشة في مكة كانت مخطوبة لابن مطعم بت عدي ، أي كانت قد قاربت سن التمييز ، وإذا عرفنا أنها الوحيدة عندهم ــ فيما نعلم ــ التي تم خطبتها في السادسة أو السابعة ، ثم تزوجت في التاسعة أدركنا أن الموضوع لا يخلو من مبالغة ، بالتالى تكون عندهم أصغر نساء النبي ، وقد تكون الوحيدة التي تزوجها بكراً . لم يدركوا أنه لا يعقل أن يتزوج النبي وهو في الخمسين طفلة في التاسعة ، ثم لا يعقل أن يكون ذلك تشريعاً يجيز نكاح الأطفال في هذا السن ، وهن لا يدرين شيئاً عن رعاية أنفسهن او القيام بالمسئولية المُناطة بهن .
ان النسق القرآني في تشريعات الزواج والطلاق يتكرر فيه الحديث عن العدة بالحيض او بالأشهر لتبرئة الرحم من احتمال حدوث حمل ، أي لابد أن تكون قد بلغت مرحلة النضج الجسدي أي تكون صالحة للإنجاب والمعاشرة الجنسية ، وما يستلزم ذلك من بلوغها مرحلة النضج العقلي لتتحمل المسئولية ، وكل ذلك ينافي الطفولة ..
*)- إن هذا الجزء بكفي وحده لأولي الألباب.
ولكم الشكر الجزيل، ودمتم موفقين ..
ا