رؤية حول تصحيح الفكر الدينى
رؤية حول تصحيح الفكر الدينى
فى الفترة الأخيرة ثار جدل كبير حول تصحيح الفكر الدينى وتعالت الأصوات بين مؤيد ومعارض ومشكك ومتخوف بينما المسألة فى غاية البساطة لو عالجنا المشكلة من الجذور.
أوحى الله تعالى إلى رسوله كتابا واحدا هو القرآن الكريم وشدد فى أكثر من عشرين آيةعلى أنه لم يوح غيره وأمرنا باتباعه ونهانا أشد النهى عن اتباع كتابٍ سواه .
لم يأت فى القرآن الكريم تفصيل للحياة اليومية للمسلم ولاتنظيم مفصل لعلاقات الناس بعضهم ببعض ولالعلاقة الحاكم بالمحكومين، كل ماجاء فى القرآن الكريم آيات مجملة من قبيل(وأمرهم شورى بينهم)،(وشاورهم فى الأمر)،(ليقوم الناس بالقسط)،(الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم)،(وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولاتعتدوا)،والوصايا العشر فى سورة الأنعام وهكذا جاء القرآن بتعاليم موجزة وترك التفاصيل للمسلمين يطبقونها متمشية مع زمانها وظروفها،ويتغير التطبيق بتغير الظروف و الأزمان،فماذا فعل المسلمون؟
جعل المسلمون اجتهاد الصحابى وعمل أهل المدينة دينا مُلزِما وقيدا لافكاك منه ثم توسعوا فجعلوا الإجماع –وكأنها انتخابات البلدية-والإجتهاد الفردى والقياس جعلوها أيضا دينا مُازِما ،ثم كانت الطامة الكبرى عندما اعتبر الشافعى روايات وُضِعت بعد وفاة الرسول بأكثر من قرنين-اعتبرها وحيا-يعادل القرآن الكريم بل له من القوة مايُبطل آيات قرآنية،وكانت هذه هى قاصمة الظهر فقد تفانى الوُضَّاع فى إرضاء الحاكم بوضع روايات تقنن الظلم وتكرس الإستبداد مثل روايات (أطع السلطان وإن جلد ظهرك وأخذ مالك)،(من خرج على جماعتكم فاقتلوه)،من بدل دينه فاقتلوه)،(اسمعوا وأطيعو للحكام الفسقة الظلمة ما أقاموا فيكم الصلاة)، (إذا بويع لإمامين فاقتلوا الثانى)حتى وجدنا فى عصرنا الحديث من أفتى بطاعة الحاكم وعدم الخروج عليه وإن زنى وشرب الخمر فى بيت الله الحرام!!!!كما شاعت الروايات الجبرية التى تأمر الرعية بالرضا عن ظلم الحاكم لأنه ينفذ إرادة الله بهم.
لم يقتصر الأمر على ذلك فقد جعلوا اجتهاد ما يسمونهم بعلماء الأمة دينا مقدسا وهكذا اعتبروا أقوال الأئمة الأربعة ومن بعدهم أقوال ابن تيمية وابن قيم الجوزية وابن عبد الوهاب وغيرهم- اعتبروا كل هذا من صميم الدين من ينتقده فقد كفر .
والسؤال هنا ما علاقة هذا الفكر السقيم المريض بالقرآن الكريم؟ولماذا نحسبه على الإسلام والإسلام منه بريء؟
يقولون إن الأحاديث فيها الصحيح المقدس!!لن أجادلهم فى ذلك ولكن من حقى أن أتساءل لماذا لايقوم علماء الحديث الأفاضل بتنقيته مما يسمونه حديثا شاذا وغريبا وضعيفا بل ومنكرا؟
ياسادة هذه الروايات مثل قطع الدومينو لو سقطت رواية فسينهارالبنيان كله وهم يعلمون ذلك جيدا ،ثم إنهم لو بدءوا بنتقية الروايات فسيواجَهون بعاصفة ستقتلعهم من جذورهم تتمثل فى الأسئلة المشروعة التالية:
أين كنتم طيلة اثنى عشر قرنا ؟ ولماذا تتحركون مؤخرا متخلفين عن حركة الوعى لدى المستنيرين المسلمين،ولماذا دافعتم عن هذه الروايات طيلة تلك القرون؟
هل كنتم تدافعون عن هذه الروايات دون قراءتها ؟أى تدافعون عنها جهلا ؟ أم كنتم تدافعون عنها وانتم تعلمون ما فيها من إساءة لدين الله ، إذن فأنتم أعداء للاسلام . وفى الحالتين يجب محاكمتكم لإنكاركم حقائق الاسلام ولتقاعسكم عن تجلية صورته المضيئة،بل ومساهمتكم فى تشويه دين الله بإقراركم هذه الأكاذيب.
والسؤال الأهم : لماذا اضطهدتم ولا زلتم تضطهدون وتكفرون كل من ينتقد هذه الروايات بالتهمة الفضفاضة(ازدراء الأديان)؟
ياسادة ما تسمونه فكرا دينيا لايمت إلى الدين بصلة وليس من الإسلام فى شيء بل على العكس يناقض كتاب الله على خط مستقيم،ارموه وراء ظهوركم غير مأسوف عليه ،اعتبروه كأن لم يكن ،وخذوا من قرآنكم الأساسيات وابنوا عليها بما يتفق مع متطلبات عصركم ،وأؤكدأنه
لانجاة لهذه الأمة إلا بتطبيق ثلاثة مبادئ أساسية ،أولها اعتبار القرآن الكريم هو المقدس الوحيد فى الدين الإسلامى وإلقاء كل ما عداه -أكرر كل ما عداه- وراء ظهورنا.
المبدأ الثانى اعتبار الدين علاقة خاصة جدا بين العبد -أيا كانت ديانته-وبين ربه لاشأن لأحد بها مطلقا فلا وصاية من أحد على أحد ،لاكهنوت ولاسدنة ولا لجنة فتوى ولاإمام أكبر ولا أصغر والمحرَّم فقط هوما حرمه الله فى كتابه وما يُستجد من أمور يحدد لها الشارع الدستورى ما يناسبها من عقوبات.
المبدأ الثالث هو قيام الدولة المدنية الديموقراطية التى يتساوى فيها المواطنون فى الحقوق والواجبات وتكافؤ الفرص دون أدنى اعتبار لديانتهم أوتوجههم السياسى.
بغير ذلك سنظل ندور فى الحلقة المفرغة إلى أن نلحق قريبا جدا-إذا لم نفق من سباتنا- بالهنود الحمر.
اجمالي القراءات
3315
الأخ مصطفى :
بداية الوحى ثابت ولا يحتاج إلى تصحيح لأنه هو الصحيح وحده وما تحدثت عنه من تصحيح الفكر الدينى من قبل التراثيين يمثل نفس المشكلة عندنا كقرآنيين فهم يقومون بتقديم تفسيرات مخالفة للمعروف وهى ليست جديدة كما نقوم نحن بتقديم تفسيراتنا وتبقى المشكلة قائمة عند الكل وهى أن كل ما يقدم هو تفسير بشرى قد يوافق التفسير الإلهى أحيانا
مشكلة الكل هى أننا لا نبحث عن حكم الله وهو تفسير الله الذى يقضى على كل الخلافات كما قال تعالى " وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله" ومن ثم سنظل مختلفين كما هم مختلفين لأن كل من يقدم تفسيرا يظن أنه هو التفسير الصحيح بينما الأصل هو تفسير الله " إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا"
هذا التفسير هو الموجود فى كعبة الله الحقيقية حيث لا يمكن ارتكاب أى ذنب فيها كما قال تعالى" ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم"