نقد كتيب دليل تمايل الذاكرين أثناء الذكر
نقد كتيب دليل تمايل الذاكرين أثناء الذكر
المؤلف هو حسن الشناوي أحد من تولوا مشيخة الصوفية فى مصر فى العصر القريب وهو يدور حول حكم تمايل الذاكرين يمينا وشمالا عند أقوال معينة والرجل يرد على المحرمين لهذا الرقص أو التمايل بقوله:
"اعلم أخي الصوفي أن قول المعترضين على تمايل الذاكرين يمينا وشمالا عند قول (لا إله إلا الله) , أو (الله) أو (هو) أو (حي) أو (قيوم) إلى غير ذلك من أسماء الله الحسنى لم يرد في ذلك شيء.
أرد عليهم بالآتي:-
أولا : ما نقله الحافظ أبو نعيم بن عبد الله الأصبهاني بسنده عن الإمام علي كرم الله وجهه ورضي عنه أنه وصف الصحابة يوما فقال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكروا الله تعالى تمايلوا يمينا وشمالا كما يتمايل الشجر في يوم الريح العاصف وجرت دموعهم على ثيابهم.
وأيضا لم يرد نهي عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الحركة أثناء الذكر."
لم يذكر الشناوى الروايات بنصها والرواية دليل وضعها ظاهر وهو :
تمايل الشجر في يوم الريح العاصف فهذا التمايل ليس تمايلا واحدة فهناك شجر ينكسر ويموت بسبب الريح العاصف وهناك شجر يتحرك يمنة ويسرة حركة كبيرة حتى يكاد يقترب من الأرض وهناك من يتحرك حركة قليلة ولكنها لا تصيبه بضرر فما هو قصد الشناوى والرواية فهل يرقصون حتى الموت أو حتى الألم الشديد أو حتى الحركة العادية
ثم قال :
ثانيا : يقول سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز: " وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم " وكل من آمن بالله تعالى ووحدانيته ورسالة رسوله صلى الله عليه وسلم يعترف بذلك.
إذن: فجذوع الأشجار وسيقانها وأغصانها وأوراقها تسبح لله تعالى نحن قد لا نسمع هذا التسبيح فإذا كانت الريح عاصفة وتمايلت الأشجار بسببها لسمع صوت ذلك. وذلك بتشابك الأغصان والفروع والأوراق وتسبيحها جميعا مع بعضها البعض فنسمع لذلك صوتا لا نسمعه أثناء عدم هبوب الريح.
وهذا ما يحدث عند اجتماع الأفراد في الذكر على ذكر الله تعالى وتمايلهم أثناء الذكر"
وما ذكره هنا ليس تسبيحا قوليا لأن الله وصفه بالسجود فى آية اخرى مفسرة "ولله يسجد من فى السموات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال"
وبهذا التفسير لا يكون هناك تمايل يمنة ويسرة وإنما هو حركة للأمام فقط لو فسرنا السجود بوضع الوجه على الأرض
ومن ثم لا يوجد دليل على ما ذهب إليه الشناوى
واستدل أيضا بالتالى :
"وأيضا إذا حققنا وجدنا التمايل ليس من البدعة في شيء وذلك لما ورد في الحديث " اذكر الله حتى يقال مجنون " فهو كالفضائل التي استحبها الأئمة بطريق الاستنباط ويدل على استحباب التمايل هذا الحديث وبيان ذلك أنه صلى الله عليه وسلم أمر فيه بأمر وجعل له غاية أمر فيه بالإكثار من ذكر الله وجعل الغاية قول الناس في الذكر انه مجنون.
ولا يخفى أنه لا يقال في الذاكر انه مجنون بمجرد قول (الله 000 الله 000 الله) مثلا لأن ذلك أمر عادي للمسلمين وإنما يقال فيه مجنون إذا ذكر الله كثيرا لدرجة اندماج قلب الذاكر في لفظ الجلالة حتى يصدر منه أمر غير عادي لتحريك الرأس أو الجسد أو هما معا. فعند ذلك يقال فيه مجنون وإذا قيل فيه ذلك كان قد وصل إلى الغاية المطلوبة من الحديث."
وهذا الكلام ليس بحديث عن أهل الحديث فضلا عن أنه يدل على الذكر القولى وليس على التمايل عند القوم فالذكر كلام وأما المجنون فهو وصف لا يصف به المسلم لأن المجنون يكون كلامه هو التخريف وأما حركاته فقد تكون عادية أو غير عادية على حسب جنون كل واحد
ثم قال:
ولا يمكن لعالم متبحر أن يقول بتحريم تمايل الصوفية في ذكرهم فإنه لا خلاف بين جمهور الأصوليين والفقهاء لأن الأصل في الأشياء الإباحة فلو أنا فرضنا أن تمايل الذاكر من الصوفيين لم يرد فيه نص لا بالتحليل ولا بالتحريم لكان مستحبا أو مباحا. إذ الأصل في الأشياء الإباحة ولا يقال أنه بدعة فإننا نقول ليست كل بدعة محرمة لأن العلماء الأجلاء قسموا البدعة إلى محرمة ومكروهة ومستحبة وواجبة ومثلوا للبدعة الواجبة بتقديس العلم وكتابة الكتب الدينية لأن ذلك لم يكن في عهد رسولنا صلى الله عليه وسلم لأنه المعلم الأول " وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى " ومثلوا للبدعة المستحبة بصلاة الرغائب في رمضان وبناء المدارس والمعاهد لطلب العلم. وعلى ذلك فالاجتماع على الذكر والتمايل فيه بناء عن الوجد من الأمور المستحبة لأنه يجمع الناس على الطاعة في أوقات فراغهم من أعمالهم بدلا من الاجتماع في أي مكان كالمقاهي والنوادي والمنازل فيكون مجالا للغيبة والنميمة والقيل والقال وإضاعة المال والحقد والحسد وما من شأنه أن يوقع بين الناس العداوة والبغضاء."
وهذا الكلام هو كلام مخالف لكتاب الله فليس هناك نص فى القاعدة الأصل فى الأشياء الإباحة فأول كلمة فى الإسلام وهى لا إله إلا الله تتضمن إباحة وتحريم فالمباح عبادة الله والمحرم اتخاذ آلهة غيره
ولا أساس لتلك القاعدة فثانى أمر لآدم (ص) فى الجنة كان إباحة وتحريما وهو إباحة الأكل وتحريم شجرة واحدة
وعلى طريقة الملحدين الذين يعتمدون على كلام بعضهم كأساس دون أن يكون اساسا نقل الشناوى الكلام التالى :
"هذا وقد أفتى شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني الشافعي بإباحة تمايل الصوفية أثناء الذكر وتبعه الحافظ السيوطي في فتوى ذكرها في الحاوي وفيها ذكر أن عزالدين بن عبدا لسلام الشافعي كان يتمايل مع الصوفية في الذكر. ولقد استدل أبا الحسن الششترى على التمايل أثناء الذكر في رسالة له في التصوف بحديث عائشة رضي الله عنها الذي أخرجه مسلم أن الحبشة لعبوا يوم عيد في المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليهم ولم ينههم كما استدل الحافظ السيوطي بتمايل جعفر ابن أبي طالب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال له" أشبهت خلقي وخلقي."
هذا الحديث ليس فيه ذكر لله فكيف يتم الاستدلال به والموجود هو اللعب بالحراب وهو اساسا لم يحدث لمخالفته كتاب الله فى كون المساجد بنيت لذكر الله وليس للعب كما قال تعالى:
"فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه"
ثم قال :
"ولم ينكر عليه وكان الصحابة يتمايلون إذا ذكروا وقال بن أبى الدنيا حدثنا عن بن الجعدان عن عمر شمر حدثني إسماعيل السدي سمعت أبا أراكه يقول صليت مع علي صلاة الفجر فلما انفتل عن يمينه قلت كأن عليه كآبة حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قيد رمح صلى ركعتين ثم قلب يده وقال: والله لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فما أرى اليوم شيء يشبههم. لقد كانوا يصبحون شعثا غبرا قد باتوا لله سجدا وقياما يتلون كتاب الله يتراوحون بين جباههم وأقدامهم فإذا أصبحوا فذكروا الله مادوا كما يميد الشجر يوم الريح"
نفس الجديث المروى عن على ومن ثم لا داعى لتكرار الكلام فيه والغريب أن الحديث مذكور فى كتاب لا يعتمد عليه أهل الحديث
ثم قال :
"وبذلك يبطل قول من يدعي أن الذكر والتمايل أثناءه بدعة محرمة وحلقات الذكر إنما جعلت ليذكر فيها اسم الله سبحانه وتعالى, أخرج مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار وكان عليهم حسرة يوم القيامة."
والحديث ليس فيه لفظ يدل على الحركة التمايلية فالمذكور الجلوس والقيام من وضعية الجلوس فأين التمايل ؟
ثم قال:
"واعلم أخي الصوفي أنه لا يجوز الإنكار على ما يحصل للفقراء عند سماع المنشد لكلام المتصوفة والوعظ الصوفي ومدح الرسول الأمين من وجد فإن ذلك سر من أسرار الله تعالى تحركه رياح الأنس من بحار القدس متفرقة في الأعضاء فما في اليد يكون منه التصفيق وما وقع في الرجل يكون منه التمايل وما وقع في القلب يكون منه البكاء وما يكون في الروح يكون منه الصراخ وما يكون في سويداء القلب يكون منه الغثيان.
وقد ترى الإنسان يكون هادئا فيضطرب عند السماع فقد قيل إن الله سبحانه وتعالى لما خاطب الأرواح في عالم الذر بألست بربكم؟؟؟ قالوا بلى. استغرقت عذوبة الكلام للأرواح واقرأ قول الحق جل في علاه "الذين تلين قلوبهم وجلودهم لذكر الله وما نزل من الحق ".
ثم ذكر مسألة هو وآه وامثالها فقال :
"الذكر بألفاظ (هو)، (آه)، (سبحانك) (هاها)
لقد وقع في جمهورية مصر العربية المحروسة سؤال من بعض المشايخ الصوفية سنة 1105هـ.
هو ما عليه السادة الدمرداشية ومن حذا حذوهم كالخلوتية والشناوية من ذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم والحلقة المسماة بالهوية ودورانهم مشتغلين بقولهم (هو. هو. هو) .. قاصدين بذلك ذكر الله تعالى فهل ذلك جائز لا اعتراض على فاعليه والجواب أما كلمة (هو) وذكر الله سبحانه وتعالى بها فقد ذكر الشيخ عبد القادر الجيلاني في رسالة مستقلة في الكلام على ذلك. قال: في تسبيح الملائكة كل منهم أذهلته عظمة الله تعالى من تجليه في الأسماء. فانفعلت ذواتهم في هذه الأسماء فهم ذاكرون من الذهول وذاهلون من الذكر. فذكرهم من حيث الاسم (أنت. أنت) .. ومن حيث الذهول (هو. هو. هو) ومن حيث العظمة (آه. آه. آه) ومن حيث التجلي (ها. ها. ها) .. ومن حيث السر (سبحانك سبحانك) وقد ذكر الإمام الشافعي رضي الله عنه أن اسم الله الأعظم (هو. هو. هو) .. وقد تواردت عبارات المشايخ المتقدمين على أن لفظة (هو) من أفضل ذكر رب العالمين. فلا ينادي به غيره من المخلوقين.
فإن زعم المعترض أن فعلهم وذكره لأجل الرياء وصرف وجوه الناس إليهم قلنا أنه لا يطلع على ما في القلوب إلا علام الغيوب. وهلا شققت عن صدورهم لتعلم ما يكنون."
قطعا هذا الكلام ليس فيه عبادة مخصوصة كالذكر الكلامى وإنما إذا وقع من الإنسان فى حالة كرب أو ضرر فقال ياهو فإنما نداء لمن يفرج الكروب ويزيل ألأضرار وهذا لا ذنب فيه وإنما فيه ثواب وأما تخصيصه بمجالي فهو محرم خاصة أن الذكر المقصود به فى الوحى القرآن وليس كلمات تكرر
ثم قال :
ذكر الله تعالى في المآدب والولائم
الصوفية دائما يعقدون حلقات الذكر وعقبه تكون الموائد أو قبلها ودليلهم على فعلهم هذا ما أخرجه أبو داود والحاكم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار وكان عليهم حسرة يوم القيامة " فلهذا الحديث نجد الصوفية يذكرون الله في المآدب والولائم.
وأما الذكر عقب كل أكل فدليله ما أخرجه الطبراني في الأوسط أن السنة في عمل اليوم والليلة من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها مرفوعا " أذيبوا طعامكم بذكر الله والصلاة ولا تناموا عليه فتقسوا قلوبكم "
كما سبق القول ذكر الله يقصد به قراءة القرآن وليس ترديد ألفاظ محددة فهى عبادة اخترعها الكفار لكى يردوا الناس عن قراءة القرآن وفهمه لطاعته فيظلوا منشغلين بهذا الخبل عن باقى الطاعات خاصة الجهاد الذى اخترعوا فيه أيضا ذكرا كلاميا لرد الأعداء وهو لم يرد احد بدليل أن الكفار احتلوا كل بلادنا فى فترات مختلفة ووضعوا عملاؤهم وأولادهم على كراسى الحكم فيها حتى الآن بأسماء المسلمين ولكنهم ليسوا بمسلمين
ثم قال :
"الإنشاد على حلقة الذكر
ذكر ابن حجر في فتاويه الحديثية: قال إن إنشاد الشعر وسماعه إن كان فيه حث على خير ونهي عن شر أو شوق أو تسامي بأحوال الصالحين والخروج عن النفس ورعونتها وحظوظها والدأب والتحلي بالمراقبة للحق سبحانه وتعالى في كل نفس ثم الانتقال إلى شهوده في كل ذرة من ذرات الوجود والعبادات كما أشار إليه الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم بقوله " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ".
فكل من الإنشاد والسماع المنشدون والسامعون مأجورون مثابون عليه إن صلحت نياتهم وصفت سرائرهم. والعبرة بالنيات والمقاصد وما اشتملت عليه القلوب وأكننته الضمائر، فرب سامع لكلام قبيح صرفه إلى الحسن وعكسه فيعامل كل بحسب نيته وقصده."
أما الشعر الطيب فصاحبه وسامعيه مأجورون وأما الشعر الخبيث وكثير من شعر الصوفية كفر محض
اجمالي القراءات
3049