الفلامنكو رقصة اختزلت معاناة المسلمين الفارين من محاكم التفتيش الإسبانية
بين حشرجة الصوت المختنق وحركات الأيدي الغاضبة وكأنها تفك وثاقاها من غاصبها، يرقص راقص "الفلامنكو" والذي اختبئ لسنون طوال بداخل الكهوف وفي أعالي الجبال فاراَ بدينه وهويته الأندلسية الإسلامية، التي لم تشهد الأرض مثلها من قبل في التألف والتراحم بين أهلها وفي العلم والفن والحضارة.
بعبارات مثل هذه كتب أنطونيو إيمانويل رودريغز عن أصله الأندلسي، وكيف تم ابتكار رقصة "الفلامنكو" ليعبروا من خلالها عن اضطهادهم، بل أنه تبين أن معنى كلمة "فلامنكو" مقتبسة أساساَ من اللغة العربية والتي تعني "فلاح منكوب"! ويسترسل بأن كلمة "Olé"التي يحشرونها حشراَ في وسط غناهم وتصفيقهم ورقصهم تعني في الأساس لفظ الجلالة "الله" بالعربية، والتي يلحقونها بالشطر الأول من "لا إله إلا الله"، والتي كان يحرم عليهم أن ينطقوا بها في كلامهم، في زمن محاكم التفتيش في بلاد الأندلس الجميل. بل أن القساوسة -كما تقول المؤرخة الكتالونية "دولوروس بارمون" في مقابلة لها في عام 2007- كانوا يسيرون في الطرقات يتشممون روائح الطعام المنبعثة من البيوت لترشدهم عن الذين يطهون طعامهم بالزيت وليس بدهن الخنزير، وتعتبر كارثة إن وجدوا عندك بهارات شرقية للطعام!
-------------
وقد حكى لي والدي وجدي بأن أصولنا من عرب الأندلس الذين فروا بدينهم وحياتهم إبان الحملات الصليبية على شبه الجزيرة الأيبيرية والتي تعرف اليوم بإسم "أسبانيا"، وكان لقب عائلتنا قبل مائة عام "الفار" أي الهارب! جاري حالياَ ترجمة كتاب أنطونيو إيمانويل من الأسبانية إلى العربية! أترككم الآن مع هذه المقطوعتين الرائعتين الأولى تظهر رقصة الفلامنكو وتجعلنا نفهم اليوم لماذا يرقصونها ووجهوههم مقفهرة متجهمة ودقات أقدامهم على الأرض تحكي قصة صمود طويل، والمقطوعة الثانية ستجدوا معها آنات الفلاح المنكوب وذكره لله وتوحيده له بشكل خفي.
اجمالي القراءات
3989