آحمد صبحي منصور Ýí 2019-10-17
نصوص من ( لطائف المنن ) للشعراني وتعليقات عليها: ( 7 )
من ف2 : كتب المناقب الصوفية ، من ج1 من كتاب ( البحث فى مصادر التاريخ الدينى : دراسة عملية ) :(7 )
عن نفسه قال الشعراني[1]( ومما أنعم الله تبارك وتعالى به علي : إجلالى لحانوت شيخي سيدي على الخواص رحمه الله تعالى كلما مررت عليه بعد موته ، ويأخذني عند رؤيته هيبة كهيئة دخول المساجد العظيمة . وقد بلغنا عن الشيخ أبى بكر الشبلي أنه كان يحصل له الرعدة إذا مر على حانوت الجنيد الذي كان يبيع فيه القوارير ، ودخله يوماً محدثاً فكاد أن يذوب من الهيبة ، وهذا الأمر قليل من المريدين من يفعله مع شيخه في هذا الزمان . وقد كان سيدي على الخواص عنده إبريق كبير يسقى منه المكروبين ويقول للمكروب : " إشرب وأنو أن الله تعالى يزيل عنك ما أنت فيه من الكرب "، فيفعل فيزول عنه الكرب لوقته ، فقلت له يوماً : " وما خصيصة ذلك الإبريق "؟ فقال : " إنه يرد عليه كل يوم الأربعون من رجال الله تعالى فيشربون منه ". انتهى . مع أن روحانية الولي إذا دخل مكاناً أو مشى في أرض تبقى تلك الروحانية في ذلك المكان ستة أشهر، كما يشهده أرباب القلوب، فكيف بالمكان الذي كان مسكن الولي ليلاً ونهاراً.. وسمعت سيدي علياً الخواص يقول: " كل فقير لا يدرك سعادة البقاع ولا شقاوتها فهو والبهائم سواء" . وسمعته أيضاً يقول : " من الأماكن التي تظهر فيها الروحانية لغالب الناس في مصر : قبة الإمام الشافعي ، وضريح ذي النون المصري ، وقبور السادة الوفائية ، وجامع وزاوية سيدي مدين ، وجامع الملك الظاهر ، وجامع نائب الكرك خارج الحسينية . فهذه الأماكن لم يزل النور طافحاً منها ، وذلك لكثرة من يرد عليها من الأولياء والملائكة ، فينبغي لداخلها أن يزيد في الأدب والإطراق . )
التعليق
1 ـ من أساسيات الشرك تقديس غير الله . وقد كان الجاهليون يقدسون البشر الموتى في صور مختلفة. فحيناً يقيمون لهم تماثيل فتصبح ( أصناماً ) مقدسة ، وحيناً يقيمون على رفاتهم قبوراً مزينة مزخرفة فتصبح ( أنصاباً ) و ( النصب ) هو القبر القائم المرتفع ، ومنه ما يسمى الآن بالنصب التذكاري للأبطال والجندي المجهول ، وقد كان ( النصب ) في العصر الجاهلي هو القبر المقدس الذي يقصده الناس من الآفاق متبركين طائفين خاشعين مبتهلين . وقد صور القرآن الكريم توافد الجاهلين من كل حدب وصوب نحو الأنصاب في قوله تعالى (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ ..المعارج43 ) . وكان الجاهليون يقدمون النذور والقرابين لهذه القبور المقدسة، وتنوعت النذور من مال وحلى إلى طعام وذبائح، وحرم الإسلام الأكل مما يقدم نذراً للقبور المقدسة ( الأنصاب ) يقول تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ ..المائدة 3) فما أهل لغير الله يعنى ما ذبح على اسم ولى أو نصب أو ضريح، ثم يقول تعالى (وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ). فالجاهليون كانوا يقدسون الأصنام والأنصاب ، ثم إلى جانبها كانوا يقدسون ( الأوثان ) وهى اسم لكل شيء مقدس يخص الإله أو الولي المقدس ، مثل شجرة كان يستظل بها أو مغارة كان يأوي إليها أو أي شيء من متعلقاته . وقد أعتبرها الإسلام - كلها - رجساً ، فالقبور المقدسة – أو الأنصاب – هي رجس من عمل الشيطان والمؤمنون مأمورون باجتنابها :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ..المائدة90 ) . والأوثان – وهى اسم لكل ما يقدس من متعلقات الولي – هي أيضاً رجس لابد من اجتنابه ، يقول تعالى (..فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ..الحج30) . ولأن الله تعالى أمر المؤمنين باجتناب الأنصاب حتى يفلحوا يوم الدين : (فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ، فإنه لم يفلح المؤمنون إذ عادت عبادة الأنصاب تحت اسم جديد هو ( الأضرحة ) و ( المقاصير ) ، وكثرت الأماكن المقدسة بحيث لم تعد تشمل ضريح الولي فقط وإنما مسكنه ودكانه وإبريقه وربما حذائه وسرواله .
2 ـ والشعراني فيلسوف الصوفية في القرن العاشر الهجري يشرع للصوفية هذا الشرك وذلك الرجس ويجعل نفسه مثلاً يحتذي به؛ فيعد من نعم الله عليه إجلاله لحانوت شيخه الخواص ، وأنه يمارس هذا الإجلال كلما مر على ذلك الحانوت ، وتدخله هيبة ورعدة (كهيئة دخول المساجد العظيمة ) ، وأستشهد بالشبلي حين كان يمر على حانوت الجنيد بعد موته . ثم ينعى الشعراني على صوفية عصره قلة الوفاء للأشياخ ( وهذا الأمر قليل من المريدين من يفعله مع شيخه في هذا الزمان ) . ثم يخترع الشعراني مدلولاً دينياً جديداً لتقديس مخلفات الولي وقبره ، فيقول ( إن روحانية الولي إذا دخل مكاناً أو مشى في أرض تبقى تلك الروحانية في ذلك المكان ستة أشهر كما يشهده أرباب القلوب ، فكيف بالمكان الذي كان مسكن الولي ليلاً ونهاراً ) . يعنى إذا كان الولي مقدساً فلابد أن التقديس ينعكس على المكان الذي يجلس فيه أو الأرض التي يمر عليها ويظل أثر تقديسه في ذلك المكان ستة أشهر كما يقرر ويشهد بذلك الصوفية الخبراء المتخصصون في الافتراء وسبك الخرافات , أو بتعبيره ( كما يشهده أرباب القلوب ) .ثم يتساءل الشعراني، إذا كان مرور الولي يكسب المكان الذي يمر عليه تقديساً يستمر ستة أشهر بالتمام والكمال فكيف بالمكان الذي كان مسكن الولي ليلاً ونهاراً ؟.ونحن طبعاً إذا حسبناها بالأرقام لاندهشنا ، تصور مرور ولى مروراً سريعاً يجعل المكان مقدساً ( مروحنا) ستة أشهر أي (180 يوماً ) أي ( 4320ساعة) أي ( 259200 دقيقة ) ، لا تزيد ولا تنقص ، فكيف إذا عاش في بيته ستين عاماً مثلاً ، تصور التقديس الذي يطالب به الشعراني لبيوت الأولياء ، ودكاكينهم ودورات المياه التابعة لهم .!!. وهذا طبعاً لا ينقص بأي حال من التقديس الآخر الواجب لقبر الولي ولضريحه .
3 ـ ولا يهم إذا كان للولي أكثر من ضريح في أكثر من مكان ، فالولي له أجساد كثيرة يتصرف فيها بروحه ، وهذا ما كان اعتقادا سائداً في العصرين المملوكي والعثماني ؛أن ( روح ) الولي ( تدبر) أي ( تسيّر) أجساداً عديدة ، بحيث أن الولي يمكن أن يوجد في نفس الوقت في مكانين مختلفين ، يراه بعضهم يطوف بالكعبة في الحج ويراه آخر في زاويته ويراه آخر في وليمة .. وفى هذا كتب السيوطي رسالته ( القول الجلي في تطور الولي ) .وهذه عقيدة فرعونية قديمة عن ( الكا) وتصريفها في الأجساد.
4 ـ وندخل بهذا اللمحة عما أورده الشعراني عن أبريق شيخه الخواص الذي يسقى به المكروب فيزول عنه الكرب , وأن الشعراني سأله يوماً عن السر في تخصيص ذلك الإبريق بشرف إزالة الكرب عن المكروبين . فيقول له الخواص ( أنه يرد عليه كل يوم الأربعون من رجال الله فيشربون منه ) وطبعاً طالما أن ( الأربعون من رجال الله ) يشربون من الإبريق فيكون الابريق قادراً على إزالة الهم والغم عن المهمومين والمغمومين.. ولأن أن أحداً لم ير أولئك ( الأربعون من رجال الله ) فالإبريق يظل وحده الأثر الباقي منهم، والذي به يتوسل الناس فيزول عنهم الهم والكرب .
5 ـ لقد ردد الشعراني الحديث عن ( الأربعين من رجال الأولياء ) وفى أكثر من مكان يوجد ضريح للشيخ ( الأربعين )، أشهرها فى مدينة السويس . والواقع أن هذه عقيدة فرعونية أصيلة ، تنتمي إلى محكمة أوزوريس في العالم الآخر التي يحاسب بها الناس فيدخلون الجنة أو النار ، وتتكون هيئة المحكمة من ( أربعين ) قاضياً يمثلون مقاطعات مصر الأربعين ، وأدخل الصوفية ذلك التراث الفرعوني في مقولة ( الأربعين من رجال الله ) و ( الشيخ الأربعين ) أو ( محكمة السيدة زينب ) رئيسة الديوان الذي يتولى الفصل في القضايا والشكاوى حسبما يردد الصوفية حتى اليوم .
6 ـ نعود للشعراني وتقديسه للأماكن ( التي تظهر فيها الروحانية ) فنجده يعدد قبوراً كانت مقدسة في عصره مثل قبر الإمام الشافعي – والشافعي بريء منهم ومن كفرهم - فقد مات الشافعي في عصر لم يعرف هذه الخرافات ولم يرتفع على قبره ضريح إلا بعد موته بقرون ، وليس مسئولاً عما يفعله الآخرون ويكفى أنه – الشافعي – القائل ( لو أن رجلاً تصوف أول النهار لا يأتي عليه الليل إلا وهو مجنون ) . ويعد الشعراني أماكن مقدسة أخرى من قبور ومساجد حوت قبوراً ، وكلها مقصودة بالزيارة والتبرك على عادة الناس في العصرين المملوكي والعثماني ، ويذكر الشعراني السبب في تلك الروحانية ، يقول ( فهذه الأماكن لم يزل النور طافحاً منها وذلك لكثرة من يرد عليها من الأولياء والملائكة ) ولأن النور ( يطفح ) – وليست المجارى – فالواجب على الداخل لها أن يكون خاشعاً ، يقول ( فينبغي لداخلها أن يزيد في الأدب والإطراق ) يعنى أن يكون على هيئة المصلي الخاشع لله . ويعلن الشعراني ـ من واقع علمه المزعوم بالغيب ــ أن الملائكة تتنزل على تلك البقاع، ومطلوب منا أن نصدقه فيما يحكيه، أليس هو القائل أن الله يوكل ملكاً بقبر الولي ليقوم الملك بإجابة المطالب لمن يتوسل بذلك الولي. والمفجع في الأمر أن تلك المقولة الكافرة للشعراني أوردها كتاب ( الجوهرة في التوحيد ) وهو كتاب مقرر على الثانوية الأزهرية..
أرأيتم كيف تسهم مناهج الأزهر العتيقة في إفساد عقائد الشباب؟ وتسألون بعدها عن الفراغ الديني عند الشباب ؟.. أليس الشباب معذوراً ؟؟.
[1] لطائف المنن 503 .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,685,203 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
التفاوت والتقدير: ماهو التفا وت فى الآية 4 من سورة الملك ؟...
بل فى تاريخ العالم: عمر ابن الخطا ب الخلي فة الاسل امي الثان ي ...
وكنتم ازواجا ثلاثة : ماتفس ير الآية 32 33 34 35 من سورة فاطر( ُمَّ ...
حفظ القرآن وتجويده: اود منك د/احم افادت ي بخصوص احكام حفظ...
تكفير غفران : ما هو الفرق بين الغفر ان وتكفي ر الذنب...
more