أسامة قفيشة Ýí 2019-01-23
و ظن داوود أنما فتنّاه
داوود عليه السلام قد آتاه الله جل و علا الحِكمة و فصل الخطاب , فكان لا بد من فتنته في هذا الجانب ,
يقول جل وعلا ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) ,
و يقول ( احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون ) ,
و يقول ( واعلموا انما اموالكم واولادكم فتنة وان الله عنده اجر عظيم ) ,
فتنة الله جل وعلا هي من سننه في هذا الاختبار , تأتي تلك الفتنة فيما يمتلكه هذا الإنسان , أي فيما منحه الله جل وعلا له , أي فيما آتاه و فيما أعطاه من النعم ( ثم اذا خولناه نعمة منا قال انما اوتيته على علم بل هي فتنة ولكن اكثرهم لا يعلمون ) ,
و من بعض الأمثلة قوة موسى عليه السلام ( وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا ) ,
و مُلك سليمان عليه السلام ( ولقد فتنا سليمان والقينا على كرسيه جسدا ثم اناب ) ,
و عن الوحي الذي جاء به محمد عليه السلام ( وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً ) ,
فتنة الله جل وعلا هي من أجل الاختبار و الامتحان لاستكمال عناصره ( ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) .
من هنا نلاحظ بان فتنة الله جل وعلا للبشر هي حتمية لا مفر منها , و تتمثل في جانب الخير الذي أنعمه الله جل وعلا على البشر ,
و فتنة الناس بين بعضهم البعض تتمثل في جانب الشر الذي يسعون إليه , و من الطبيعي بان يحول البشر فتنة الله جل وعلا إلى فتنة بين أنفسهم , فيحولون تلك النعمة إلى نقمة و هذا الخير إلى شر ,
هنا نقول بأننا أمام فتنتين , الأولى فتنة الله جل وعلا و هي بالخير و النعم التي رزقنا و منحنا إياها , و هي أمرٌ حتمي لا مفر منه تصيب جميع البشر ,
و الثانية فتنة الناس بين بعضهم البعض , و هي بالشر و ليست بالأمر الحتمي فلا تصيب جميع البشر ,
فيقول جل وعلا عن هاتان الفتنتان ( وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) ,
في هذا المقال سننظر فقط في فتنة الله جل وعلا لداوود عليه السلام :
يقول جل وعلا ( إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ) :
قلنا بأن داوود عليه السلام قد منحه الله جل وعلا الحِكمة , فكانت فتنته في هذا الخير الذي رزقه الله به ,
السؤال الأول : هل أخطأ داوود عليه السلام في حكمة بين الأخوين ؟
الجواب : نعم قد أخطأ , و ظنه بأنه قد فُتن و أخطأ كان في محله , كونه قد استغفر ربه لاحقاً على حكمه الذي أصدره , و لان الله جل وعلا قد غفر له هذا الخطأ , إذا فداوود عليه السلام قد أخطأ و فُتن في حِكمته التي حكم بها .
السؤال الثاني : كيف يكون هذا في شخص يمتلك 99 نعجة و يطمع في نعجة أخيه التي لا يمتلك غيرها ؟
الجواب : نعم و هذا هو الظاهر و لكنه كان حكماً خاطئاً غير صائب .
السؤال الثالث : أين الخطأ في هذا الحكم ؟
الجواب : الخطأ يكمن في الحكم المبني على ظاهر الأمور فيخلو من الحِكمة فيه .
السؤال الرابع : كيف ؟
الجواب : حكم داوود عليه السلام قد أضاع الحِكمة , و الحِكمة كانت تكمن في أن يصدر حكماً مغايراً , و أن يحكم لأخيه الذي يمتلك 99 نعجة بأن يكفل نعجة أخيه الوحيدة .
السؤال الخامس : و أين الحِكمة في هذا ؟
الجواب : لو ترك أخاه بنعجته فمصير هذه النعجة هو الهلاك في نهاية المطاف , و سيخسرها و يفقد ما يمتلك ,
و الحِكمة تكمن بأن يدع أخاه الذي يمتلك 99 نعجة بأن يتكفلها له , و هكذا سوف تتكاثر و يصبح لديه عدة نعاج خلال عام , و بهذا يتنامى و يتكاثر ملك أخيه الضعيف .
اجتهاد رائع كالعادة أخي اسامة و هنا نلاحظ العلاج من الفتنة فكلنا نتعرض للفتن اليومية في تفكيرنا و تصرفاتنا و تسرعنا و غضبنا و معالجتنا الخاطئة جراء التسرع في الحكم و لنا في أنبياء الله عليهم السلام من خلال القصص القراني أسلوب حياة و آلية كريمة و سريعة للإنابة و طلب المغفرة . هذا مع أنه عليه السلام - داود - آتاه الله جل و علا الحكمة و من يؤتى الحكمة فقد أوتي الخير الكثير فالمستفاد هنا هو : الاستغفار و الركوع و الإنابة هذا الأسلوب الراقي في تكفير الإستعجال و الحكم الخاطئ لا سيما ما يلحق الضرر بالناس هو أسلوب راق و صلة بالله الغفار جل و علا .
هؤلاء هم أنبياء الله المصطفين عليهم السلام هم بشر يتأثرون بالبيئة التي يعيشون فيها و غير معصومين من الخطأ إلا ما آتاهم الله جل و علا من الوحي . حفظكم الله جل و علا و زادكم من فضله و فتح عليكم من تدبر قرآنه الكريم .
1 – الموضوع هو موضوع فتنه موجه إلى داوود من الله جل وعلا ( هذه الفتنة كان محلها حكمة داوود التي أعطاها الله جل و علا و وهبها له ) .
2 – هذه الفتنة تحتاج لتكليف من الله جل وعلا , أي أن الرجلان مكلفان في فتنة داوود عليه السلام , و الأرجح أنهما ملكان مكلفان بتلك المهمة ( اختبار داوود في حكمته ) .
3 – لماذا على الأرجح أنهما ملكان ؟
السبب الأول ( ففزع منهم ) و السبب الثاني ( قالوا لا تخف ) , و جملة لا تخف هي دارجة على لسان الملائكة , فضيف ابراهيم عليه السلام قد قالوا له لا تخف .
4 – بما أنهم على أغلب الظن بأنهم ملائكة مهمتهم اختبار داوود في حكمته , و هو رجلٌ حكيم كما نعلم , فهذا يشير بأن يكون كلامهم في غاية الدقة و منتهى الحكمة كي يستطيعوا فتنته , كي يكون درساً له بأنه بشرٌ مثل باقي البشر يخطئ و يصيب في حكمته , و بأن حكمته تبقى حكمة محدودة أمام حكمة الله جل وعلا .
5 – جملة ( فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ ) هي جوهر الفتنة و الاختبار , فكلمة لا تشطط هي دلالة بأن يكون حكمه متعمق في باطن القضية و جوهرها و عمقها , و هذا هو طلبهم .
6 – كلمة ( فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا ) تدل على حسن النية و عطاء الخير , لأن التكفل فيه رعاية و حفظ و نماء .
7 – الموضوع كله و في حد ذاته هو امتحان مدبر لداوود عليه السلام من الله جل وعلا .
8 – ليست القضية هي قضية بشرية أو مشكلة حدثت بين رجلين من البشر , و لو كانت كذلك لما تسوروا المحراب , و لحضروا إليه بشكلٍ عادي كما يأتي جميع البشر لمجلس القضاء , و قدموا شكواهم ضمن المعتاد .
9 – لا أرى أي استعجال في حكم داوود , بل أرى بأن هذا الاختبار قد حقق أهدافه .
مرةً أخرى أقدم الشكر للدكتور عثمان , و لأخي الاستاذ سعيد علي , و للأستاذ سعيد المجبرى , و بارك الله جل وعلا بكم جميعاً .
كما انوه الأستاذ سعيد المجبرى بأن لا يخلط بين الأمور و يتصور بان لحم الخنزير أو الدم أو حتى الميتة هي ليست من نعم الله جل وعلا , و قد بينت له هذا سابقاً بأن جميع ما خلقه الله جل وعلا في هذا الكون هو من ضمن نعمه جل وعلا , و التحريم هو نوعٌ من أنواع الاختبار أي هو فتنةٌ أيضاً , و فتنة الله جل وعلا كما قلت في المقال هي في جانب الخير و تلك النعم ليست في جانب الشر .
وماذا لو امتلكت فلسطين قنبلة نووية !
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً
دعوة للتبرع
إغتصاب المحارم: الشيخ الفاض ل :السل م عليكم اطرح بين...
لا قدسية للعربية: قلتم أن "المه في الصدق ة هو صدق المشا عر ...
لا يصح (عبد الباقى) : هل ( الباق ى ) من أسماء الله الحسن ى لأن اسم عبد...
استعمل محرك البحث: اود مطالع ة البحث الذي كتبه الدكت ور احمد عن...
الجهر فى الصلاة: أشرت في مقالك الأخي ر( فاذكر وني أذكرك م ...
more
اهلا بك استاذ اسامة . اعتقد من خلال الآية الكريمة أن فتنة داوود عليه السلام تكمن فى أنه إستمع لحديث طرف واحد ثم اصدر حُكمه مباشرة قبل أن يستمع للآخر فى دفاعه عن نفسه ، وأن الأخ المظلوم الذى لم يستمع إليه داوود عليه السلام لم يستطع ان يرفع شكواه لمن هو اعلى منه لأنه كان هو الملك والحاكم فى نفس الوقت .. ولنقرأ الآية مرة أخرى ولاحظ ما هو باللون الأحمر (( إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ) ) ....
تحياتى