آحمد صبحي منصور Ýí 2018-12-10
( مساجد الله جل وعلا ) : ماهية المسجد الاسلامى
مقدمة : سال ابنى الحبيب د عثمان محمد على المشرف على موقع أهل القرآن أن أكتب مقالا عن ماهية المسجد الاسلامى . واستجيب لطلبه بهذا المقال ، وأجعله فى صيغة سؤال وجواب .
س 1 ـ هل هناك فى الاسلام ( جامع ) بمعنى مسجد ؟
مصطلح ( جامع ) جاء وصفا لرب العزة جل وعلا الذى سيجمع الناس يوم القيامة أو يوم الجمع ، قال جل وعلا : (إِنَّ اللَّـهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴿١٤٠﴾النساء ) ويقول المؤمنون : ( رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴿٩﴾ آل عمران ).
س 2 ـ ولكن كلمة ( جامع) جاءت أيضا فى سورة النور .!
نعم. قال جل وعلا فى موشوع الشورى أو الديمقراطية المباشرة ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُوا حَتَّىٰ يَسْتَأْذِنُوهُ ) (٦٤﴾ النور)، أى لم يرد وصف الجامع للمسجد ، هو وصف لإجتماع جامع .
س 3 : ما السبب فى تسمية المسجد بالجامع ؟
تكاثر إنشاء المساجد لأغراض سياسية ومذهبية ودينية. المسجد الكبير الذى يصلون فيه صلاة الجمعة والذى يجتمع فيه كثرة كاثرة من الناس أطلقوا عليه اسم ( الجامع ) .
س 4 ـ ولكن مذكور فى القرآن الكريم اسماء لبيوت العبادة من صوامع وبيع فى الآية 40 من سورة الحج .!
قال جل وعلا : ( الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّـهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴿٤٠﴾ الحج ). هذه الآية الكريمة عن حصانة بيوت العبادة للناس بغض النظر عن دينهم إن كان إسلاما صحيحا أو كفرا . فى تشريع الاسلام التأكيد على حرية الدين وعدم الإكراه فى الدين لأن للدين يوما هو يوم الدين أو الحساب. والمقصد التشريعى للقتال فى الاسلام هو أن يكون الدين كله لله جل وعلا أى مؤجلا الحكم فيه الى يوم الدين ، قال جل وعلا : (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّـهِ ۖ فَإِنِ انتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ ﴿١٩٣﴾البقرة ) (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّـهِ ۚ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّـهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴿٣٩﴾) الانفال ).
س 5 ـ هناك ايضا بيوت الله جل وعلا . ما هو الفارق بين بيوت العبادة لله جل وعلا والمساجد ؟
تأتى البيوت بمعنى المساجد الاسلامية فى قوله جل وعلا : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ) ﴿٨٧﴾ يونس ). هذه البيوت التى أُقيمت فيها الصلاة خوف فرعون كانت مساجد . والله جل وعلا وصف المساجد الاسلامية فى أى زمان ومكان فى قوله جل وعلا : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّـهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴿٣٦﴾ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴿٣٧﴾لِيَجْزِيَهُمُ اللَّـهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّـهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴿٣٨﴾ النور ).
س 6 :المفهوم هنا أن روّاد هذه المساجد هم رجال . فأين النساء فى التعبد فى المساجد ؟
كلمة ( رجال ) هنا تعنى مترجلين ، مثل قوله جل وعلا عن من يقصد الحج من الذكور والإناث : ( وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴿٢٧﴾ الحج ).
س 7 : هذا عن المساجد العادية بيوت العبادة. فماذا عن المسجد الحرام ؟
يطلق عليه وحده المسجد الحرام، قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ۚ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٢٥﴾ الحج )، وأيضا (البيت الحرام ) ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّـهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّـهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ﴿١٥٨﴾ البقرة ) ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ﴿٩٦﴾ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗوَلِلَّـهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴿٩٧﴾ آل عمران) ( جَعَلَ اللَّـهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَٰلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴿٩٧﴾ المائدة )( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴿١٢٥﴾ البقرة).
س 8 : ( المسجد ) بالمفرد يكون عن البيت الحرام أو المسجد الحرام و ( مساجد ) بالجمع عن المساجد الأخرى . هل هناك فوارق أخرى ؟
( مسجد ) بالمفرد تُطلق أيضا على غير المسجد الحرام ، يعنى إن كان مسجدا للضلال مسجد ضرار أو مسجدا للإسلام مؤسسا على التقوى ، قال جل وعلا : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّـهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴿١٠٧﴾ لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ۚلَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ۚ ) ﴿١٠٨﴾ التوبة ) . ولكن المسجد الحرم تأتى أوصافه المتفردة من الحج اليه ، قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِۚ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٢٥﴾ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴿٢٦﴾ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴿٢٧﴾ الحج )، والاتجاه اليه فى الصلاة ، قال جل وعلا : ( وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) ﴿١٥٠﴾ البقرة).
س 8 : مفهوم أن الكفر والشرك فى العبادة وفى القلب يعنى الايمان بالله جل وعلا والايمان بأولياء وآلهة معه ، وعبادة الله جل وعلا وتقديس وعبادة أولياء وآلهة معه. وهذا يتجسّد فى المساجد . فيها مساجد يعبد فيها الناس الله جل وعلا ويعبدون غيره ، يذكرون فيها الله جل وعلا ويذكرون غيره ، يدعون الله فيها جل وعلا ويتوسلون بغيره.هذه المساجد (المختلطة ) كيف تكلم عنها رب العزة جل وعلا فى القرآن الكريم ؟
فى قصة أهل الكهف وعند العثور عليهم قرر الملأ أن يقيموا فوقهم مسجدا للتبرك بهم ، قال جل وعلا : ( وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ۖرَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴿٢١﴾ الكهف ). وفى هذه المساجد يذكرون الله جل وعلا ويذكرون غيره ، ويرفضون ذكر الله جل وعلا وحده ، وحين بدأ النبى محمد عليه السلام يدعوهم الى أن تكون المساجد فى مكة لله جل وعلا وحده ثاروا عليه وكادوا يفتكون به ، جاء هذا فى قوله جل وعلا : ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّـهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّـهِ أَحَدًا ﴿١٨﴾ وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّـهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا ﴿١٩﴾ قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا ﴿٢٠﴾ الجن )
س 9 : هل هناك فوارق أخرى بين مساجد الاسلام ومساجد الشرك والكفر ؟
نعم ، قال جل وعلا :( مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّـهِ شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ ۚ أُولَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ﴿١٧﴾ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّـهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّـهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَـٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴿١٨﴾التوبة ). المشركون يتصورون عمارة المسجد بالزخرفة وبالبناء الفخم يتقربون بهذا الله والى آلهتهم ويتصورون أن الله جل وعلا يرضى هذا . هذا التعمير المادى أو العمارة المادية لا أهمية لها عند رب العزة جل وعلا. الذى يرضيه جل وعلا تعمير القلوب بالتقوى .
س 10 : هذا عن الكفر فى العبادة وفى القلب . فماذا عن المسجد لدى الكافرين بالسلوك ، بالاعتداء والإكراه فى الدين وإتّخاذ المسجد للتآمر ، وهذا هو حال المساجد فى عصرنا ؟
ذكرها رب العزة جل وعلا ، وهى نوعان :
1 ـ نوع يعبر عن الكفر المتعدى الصريح ،ومنه إرهاب المؤمنين ومنعهم من دخول المساجد إلا إذا ذكروا فيها غير الله جل وعلا ، أى يمنعون أن تكون المساجد لذكر الله جل وعلا وحده ، وهذا ما جاء فى قوله جل وعلا : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّـهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَـٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿١١٤﴾ البقرة ). وقد عانيت مع أهل القرآن من هذا فى مصر . ومنه أيضا ما فعلته قريش حين أخرجت المؤمنين من ديارهم ، وهذا ما جاءت الاشارة اليه فى قوله جل وعلا فى تشريع القتال الدفاعى : ( الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّـهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴿٤٠﴾ الحج ).
2 ـ النوع الثانى: هو الذى يقوم به المنافقون حين يستخدمون المساجد فى التآمر ،قال جل وعلا : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّـهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴿١٠٧﴾ لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ۚلَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ۚ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا ۚ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ﴿١٠٨﴾ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ۗ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿١٠٩﴾ لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿١١٠﴾ التوبة ).
س 11 : ولكن هذا النوع إنتهى واصبح تاريخا ماضيا ، لأنه حدث فى عهد النبى محمد عليه السلام ، ونهاه الله جل وعلا أن يعود اليه ويقوم فيه .
فى نفس السياق إشارة بإستعمال الفعل المضارع عن تكرار نفس العمل ، قى قوله جل وعلا : ( لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿١١٠﴾ التوبة ). وقبلها مقارنة بين المسجد الاسلامى ومسجد الضرار فى قوله جل وعلا : (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ۗ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿١٠٩﴾ التوبة ). هذه قاعدة سارية فى الفارق بين مسجد الاسلام ومسجد الضرار . وأعتبره آية ( إعجازا ) تاريخيا لأن الأغلبية الساحقة من مساجد اليوم هى مساجد ضرار ، يدعون فيها غير الله جل وعلا ، ويقدسون فيها غير الله جل وعلا وينشرون فيها أحاديث شيطانية تنشر الكفر والتفريق والفتن .
س 12 : نصل الى الأهم : مواصفات المسجد الاسلامى .!
هى واضحة من الآيات السابقة . أن يكون المسجد لذكر الله جل وعلا وحده ، الأذان بالصلاة يكون بإسمه جل وعلا وحده دون ذكر النبى محمد أو أى بشر ، وفيه شهادة الاسلام الواحدة ( لا إله إلا الله ) ثم تكون فيه الصلاة لله جل وعلا وحده بذكره فيها وحده تطبيقا لقوله جل وعلا : ( إِنَّنِي أَنَا اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴿١٤﴾طه )، وان يكون فيها التوسل بالله جل وعلا وحده والدعاء اليه وحده ، قال جل وعلا : ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّـهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّـهِ أَحَدًا ﴿١٨﴾ الجن ). بإختصار أن يكون المسجد خالصا لرب العزة جل وعلا يكون فيه إخلاص الدين لله جل وعلا وحده ، قال جل وعلا :(وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ )( ٢٩﴾ الاعراف ).
س 12 : ماذا عن النساء ؟
صلاة الجمعة فرض على الرجال والنساء ، لو كانت مقصورة على الرجال ما خاطب الله جل وعلا بها عموم المؤمنين ، قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّـهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٩﴾ الجمعة ) الصلاة اليومية فرض على عموم المؤمنين . والاعتكاف فى المساجد ليلا ونهارا هو للمؤمنين والمؤمنات ، ولكن يحرم على الزوجين المباشرة الجنسية وقت الاعتكاف فى المسجد ، قال جل وعلا : ( وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴿١٨٧﴾ البقرة ). ويجب على الرجال والنساء التزين عند الذهاب الى المسجد ، قال جل وعلا : ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) ﴿٣١﴾ الاعراف )
س 13 : هل يجوز تسمية المسجد فى الاسلام بأسماء أشخاص أو بأسماء مدن ؟
. المسجد فى الاسلام لا يجوز تسميته بإسم مخلوق من البشر ، لا تقول مسجد فلان . لك أن تقول مدرسة فلان أو شارع فلان أو مستشفى فلان .. لكن بيت الله جل وعلا يكون منسوبا اليه جل وعلا أو لإسم من أسمائه الحسنى ( مسجد الرحمن ، مسجد الرحيم ، مسجد الصمد مسجد الفاطر ) أو لكتابه الكريم ( مسجد الفرقان ، مسجد القرآن )..كنا قد أنشأنا فى منطقة الصحفيين بالدقى مسجدا سميناه مسجد الفرقان ، فقبضوا علينا واستولوا عليه وأسموه ( مسجد الفرقان والسُّنّة ).أ
س 14 : هل يجوز أن تكون للمسجد مهام أخرى مثل التعليم والتداوى ، لأن المساجد اليوم أصبحت مؤسسات فيها دروس خصوصية وفيها مستشفيات ودور للرعاية الاجتماعية ؟
المساجد هى لعبادة الله جل وعلا دون أى عمل إقتصادى أو نفعى . لنتذكر قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّـهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٩﴾ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّـهِ وَاذْكُرُوا اللَّـهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿١٠﴾ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّـهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّـهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّـهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴿١١﴾ الجمعة ). هذا فصل تام بين دور المسجد التعبدى وما فى الدنيا من تجارة أو لهو. ولنتذكر أن مساجد الضلال والضرار يتخذونها لممارسة اللغو واللهو واللعب والتغنى بالقرآن الكريم .
س 15 : ماذا عن إقامة عمل خيرى داخل المسجد ؟
هذا يشغل الناس عن التعبد فى المسجد بذكر الله جل وعلا. يمكن أن تكون لهذه الأنشطة الخيرية مؤسساتها المنفصلة والمستقلة . نعيد التذكير بأن مسجد الله جل وعلا هو للخشوع للخالق جل وعلا فى الذكر ، فى الصلاة والأذان . إنه إخلاص الدين لله جل وعلا بلا خلط بأى نشاط دنيوى . الأعمال الخيرية لا بد أن تختلط فيها نوازع الدنيا ، وهذا إفساد لدور المسجد .
س 16 : ماذا عن تحفيظ القرآن الكريم فى المسجد ودراسته وتدبره ؟
تدخل ضمن أنواع الذكر فى المسجد. لا تنس أن من أسماء القرآن : ( الذكر ) وأن التدبر ودراسة القرآن عبادة .
س 17 : ولكن التجارة وتبادل المنافع جائزة فى الحج عند المسجد الحرام
البيت الحرام فى واد ليس فيه زرع ، قال جل وعلا : (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴿٣٧﴾ ابراهيم ) ويُجبى اليه ثمرات كل شىء ، وهذا مما إمتنّ الله به جل وعلا على قريش ، قال جل وعلا : (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا ) ﴿٥٧﴾ القصص ) . أى يأتى الناس بالأنعام وغيرها لتباع فى مكة ، ومن ضمنها حيوانات الهدى التى يتقرب الحجاج بذبحها . الله جل وعلا قال عن الأنعام : ( وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا ۗ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴿٥﴾ النحل ). ومن منافعها فى الحج الى البيت الحرام قوله جل وعلا : ( وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴿٢٧﴾ لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴿٢٨﴾ ) ، ( لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴿٣٣﴾ الحج ). هذا خاص بالحج للبيت الحرام .
شکرا لک يا دکتور و بارک الله فيک، قرأت هذا المقال الحسن و إستفدت منه جدا و وجدت فيه عدة من إجابات من الأسئلة التي کانت لدي و أنا لم أکن أدرها. ايضا شکرا للسائل المحترم . تحياتي للجميع .
أستاذنا ومعلمنا الحبيب دكتور/أحمد صبحي منصور، بارك الله تعالى في جهدك وفي عمرك، حتى يكون كل ما تكتب حجة وبرهاناً على هذا العصر، فالمقال شاهد على عصره، ومع أن النفس تحس بالأسى، لما وصل إليه حال المساجد، التي بناها السنيون، وقدسوا فيها اندادا واصناما بشرية بزعم حبهم الشديد لهم والذين ءامنوا اشدا حباَ لله.
لكن القرءان العظيم علمنا وربانا على التقديس المطلق اله جل وعلا، واكتابه العزي ومنه علمنا، ان الجن المؤمن أعمق ايمانا من كثير من الانس السني، وغهموا معى ذكر الله تعالى في المساجد وانه لا بنبغي ابدا ان يذكر مخلوق في هذه المستجد في الصلاة ولا يجب ان يِدْعَي أحد مع الله في مستجد الله، وقد استنكر الجن المؤمن هذا الفعل وهذا الشرك من الانس المحمدي، حتى قال الجن المؤمن، ." وأنا ظننا أن لن تقول الجن والإنس على الله شططاَ.
عاماَ سعيداً وبارك الله تعالى لنا في عمرك وجهدك. والسلام عليكم .
أستاذنا الفاضل،
كما فهمت من المقال إن المسجد هو لذكر الله، وكما قرأت وأنا مؤمن بأن الدين واحد وإن أختلفت الشرائع. ولذلك أنا مؤمن بإن الإعتداء وتدمير منازلهم لأنهم يصلون فيها جريمة لأنهم مسالمون ويذكرون إسم الله. أرجو تصحيح رأي إذا لزم. وشكرا لكم وللإخوة والأخوات على مساهمتهم وعلى توسيع إدراكي للقرأن الكريم.
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,684,550 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
وصية غير مفهومة: السلا م عليكم ورحمة الله وبركا ته توفي...
موضوع إنتهى : أتعجب منكم من مدة وانا ارسل لكم لعلي احظى...
عيد الفصح: كيف يتم تهنئة الصدي ق النصر اني بعيد...
هنيئا بنجاتك منها: أحببت فتاة في مجال عملي وهي كان معروف عنها...
تطبيق العقوبات: إذا كان الإسل ام جاء بشريع ة العدل بين جميع...
more
شكرا جزيلا استاذى العزيز وربنا يبارك فيك وفى علمك . إجابة وافية ودقيقة وناصحة لمن أراد النصح والموعظة والعودة إلى دين الله الواحد الأحد ولذكر الله مُخلصا له دينه ، ونعم المساجد يجب ان تكون لذكر الله وحده وبعيدة عن أى إشراك لا فى الإيمان ولاالعبادة ولا المعاملات .