آلام السيد المسيح عليه السلام:
آلام السيد المسيح مازالت مجسدة في الشعب الفلسطيني
زهير قوطرش
Ýí
2007-05-22
آلام السيد المسيح عليه السلام مازالت مجسدة في الشعب الفلسطيني
أخبرني صديقي أثناء عطلة عيد الفصح المجيد في أوربا، أنه ومجموعة من الأصدقاء يودون زيارتي مساءً، جميعهم كانوا من أهل البلد الأصليين ، رحبت بهم ولكني اشترطت عليهم..... أنه لدي الرغبة في مشاهدة فلم تعذيب السيد المسيح للمخرج العالمي جيبسون الذي سيعرض اليوم مساءً على القناة التلفزيونية الأولى.رحبوا بالفكرة واتفقوا على أن نشاهده معاً. ليست هي المرة الأولى التي أشاهد فيها هذا الفلم بل المرة الثانية.لكنها اختلفت عن المرة الأولى، حيث كنت بصحبة زوجتي وأولادي ،في هذه المرة يشاركني مشاهدة الفلم بعض الأصحاب من أصول أوربية. لا أريد الدخول إلى تفاصيل الأطعمة والحلويات التي تم إعدادها من قبل شريكة الحياة .نحن أبناء الشرق ، الضيف بالنسبة لنا قضية كبيرة جداً وواجبه أكبر.الأصدقاء من اتجاهات مختلفة يسارية يمينية متدينين مسيحين ومنهم علمّانيين. سُعدت بهم حيث تناولنا بعض الأحاديث الجانبية عن العمل والسياسة إلى ما شابه ذلك، حتى بدأ عرض الفلم.
و بعيون الكاتب الفضولي الذي يغوص في أعماق النفس الإنسانية ليكتشف حقيقة الإنسان كنت أتابع الفلم وأراقب انفعالات الأصدقاء كلٌ على حدة وذلك كلما لفت انتباهنا مشهداً مؤثراً .
راقبت بانتباه تعليقاتهم وأرائهم . وفي بعض الأحيان كنت المح الدموع التي كانت وبخجل تخرج من بين جفونهم ليسارعوا إلى مسحها بطريقة, حيث يخفي كل منهم انفعاله عن الأخريين ،. لا أدري لماذا كنت الوحيد من بين المجموعة وأنا أراقب مشاهد التعذيب كيف كنت استحضر بذاكرتي أبناء الشعب الفلسطيني. وكأن الشعب الفلسطيني قد تجسد في بدن السيد المسيح عليه السلام. صرخ أحد الأصدقاء هذا لا يمكن أن يتحمله إنسان ما هذه الوحشية أين هي الرحمة في قلوب البشر، وذلك عندما شاهد مناظر التعذيب الجسدي البشعة التي مورست على السيد المسيح وهو يحمل صليبه. نظرت في عيونه ورأيت ما يعانيه من انفعال, قلت في نفسي مازال السيد المسيح عليه السلام يتعذب ويحمل صليبه حتى هذا اليوم .
وسمعت صوتاً خفياً في أعماقي يدفعني لأن اصرخ بصوت عال لأقول يا أصدقائي أنكم ترون عذاب السيد المسيح منذ ألاف السنين، لكني أرى شعباً بأكمله هم أبناء المسيح يحملون كل يوم صليبهم ليسيروا في طريق الآلام. اليوم أدركت ما معنى الصليب عندما كنت اسمع أن أحدا ما يتعذب. يقول الأوربيون أنه يحمل صليبه. الصليب هو رمز الألم الذي تعرض له السيد المسيح أثناء سيره في طريق الآلام..من ضمن المشاهد المؤثرة والتي جعلت من عيون أحد الأصدقاء ينبوعاً من الدمع .....هو موقف السيدة مريم العذراء وهي ترى ولدها يُضرب أمام عينيها بالسوط من كل جانب ,وهو بالكاد يستطيع حمل صليبه بجسده المنهك ، حاولت بيديها المرتجفتين أن تمسك به لتضمه إلى صدرها وكانت على استعداد أن تتحمل الضرب والإهانة بدلاً عنه، إنها الأم: كما علق أحد الأصدقاء مسكينة السيدة مريم العذراء .وبدون شعور هاجت في قلبي العواطف والأحزان وقلت في صمت مسكينة أيتها الأم الفلسطينية كم ارتجفت يداك وارتجف قلبك ونزف حزناً على ولدك.مسكينة أيتها الأم الفلسطينية التي تشاهد كل يوم منذ النكبة حتى اليوم أبناءها وهم يحملون صليب القهر والألم . مسكينة إتها الأم الفلسطينية التي تُقبل وجنات ابنها الملقى على الأرض لا حراك فيه سوى نزيف الدم ،هو ذاته ذلك الدم الذي نزف من السيد المسيح عليه السلام و مازال ينزف من أبناء السيد المسيح.علق أحد الأصدقاء بقوله تصور هؤلاء الرومان ومن حولهم وكأنهم ساديون يتمتعون برؤية الدم يتمتعون بعذاب السيد المسيح.لم أستطع السكوت لأحدث نفسي هذه المرة فقط، لكني وبدون شعور نظرت إليه لأقول لهم لم يتغير الزمن يا صديقي .أنتم لا تشاهدون روما ن اليوم أنتم لا تشاهدون جبابرة اليوم أنهم هناك .نحن نراهم كل يوم وانتم أه....آه... تعجب من كلامي وأردف قائلاً اليوم!!! قلت نعم اليوم ,آلاف الأسرى في السجون الإسرائيلية من الفلسطينين يتعذبون ويُضطهدون أليسوا هؤلاء أبناء السيد المسيح.هل تدري أي دم يجري في عروقهم
أنه هذا الدم الذي تراه من خلال هذه المشاهد هذا الدم الذي أرعبكم مازال يجري كل يوم.هذا العذاب والذي نسميه طريق الآلام مازال يعيشه الشعب الفلسطيني كل يوم على الحواجز في مخيماتهم في شوارعهم في قراهم ومدنهم.هل رأيتم في حياتكم طفلاً توقظه أصوات الدبابات من نومه الهادئ الطفولي في ساعات الصباح الباكر وصوت الرشاشات ,صوت تكسير الأبواب و حشر العائلة بأكملها في زاوية البيت لينهالوا بعدها ضرباً ورفساً على جسد الأب والابن أمام أعين هؤلاء الأطفال هل رأيتم الخوف في عيونهم والدموع البريئة وهي تتساقط ممسكين بأطراف أثواب امهاتهم المعذبات اللواتي تحاولن بنظراتهن وصراخهن إنقاذ الابن والزوج من رومان العصر.نظر الجميع الى انفعالي وكأنني جئت من عالم غريب أحدثهم عن أمور حدثت يوماً ما!!!أنهم لا يروون في إعلامهم سوى الفلسطيني الذي فجر نفسه وقتل من أعداءه المحتلين ما قتل وجرح منهم ما جرح ,هم يرون الأم الإسرائيلية تبكي طفلاً ولا يرون الأمهات الفلسطينيات يبكون أطفالاً وأزواجاً.وعلق أحد الأصدقاء على الناس الذين يشاهدون هذه المآسي من عامة الشعب ,وقال أنهم يبكون ولا يفعلون شيئاً وأردف قائلاً وبماذا ستعلق على هذا الرأي يا أستاذي؟ أجبته فوراً لا يمكنهم يا صديقي فعل ذلك أتدري لماذا لأنهم سوف يتهمونهم بأنهم إرهابيون وستطبق عليهم قوانين محاربة الإرهاب!!!!!!!. كما هو الحال اليوم.
وعند حادثة الصلب علق صديق لي أن المسيح عليه السلام قد افتدى البشرية بجسده وعذابه من الخطيئة والشر.وفوراً التفت إليًّ قائلاً:ماذا تقول في هذا المشهد يا أستاذي ؟ أجبته ...مازال دمه ينزف يا أصدقائي وآلامه مازالت كما هي ،تتجسد في الشعب الفلسطيني الذي لا يقاتل في سبيل نيل حقوقه فقط لكنه يقاتل قوى الشر في العالم من أجل حماية المقدسات اليهودية والمسيحية والإسلامية ,يقاتل من أجلنا جميعاً من اجل السلام العالمي ،لأنه لا سلام بدون سلام الشعب الفلسطيني أنه يقاتل أطماع قوى الشر التي تريد السيطرة على العالم وإخضاعه لأوهامها وأساطيرها الخرافية ،المسيح مازال يفتدي العالم ليخلصه ،والثمن دم الأطفال والرجال والشيوخ والنساء, وأيضاً شجر الزيتون في فلسطين. هل رأيتم السيد المسيح في بداية الفلم وهو يقف تحت شجرة الزيتون يصلي ويتحدث إلى الخالق عز وجل.علق الصديق العلماني فورا بسؤاله وماذا تقول في ذلك؟ يا عزيزي هذا المشهد من المخرج لم يكن عبثاً أنه يعبر عن رمز قوي مازال حياً في نضال الشعب الفلسطيني هو الرمز الذي كان وما يزال يجسده المسيح عليه السلام. كان يضع يديه تحت رأسه وينام تحت شجرة الزيتون.وهكذا أبناؤه من الشعب الفلسطيني يدافعون عن هذه الشجرة التي ذرفت الدموع آنذاك وهي تذرف الدم اليوم. لهذا وحسب الأساطير الفلسطينية فأنها لا تثمر ثمراً حلو المذاق طالما بقي الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال. صدقوني أن فلسطين لهذا الشعب .الشعب الفلسطيني الذي تجري بعروقه دماء كل الشعوب التي سكنت المنطقة من الكنعانية والآرامية واليهودية والعربية ...الخ هو الشعب المؤهل لأن يستوعب تحت خيمته كل الشعوب والديانات والطوائف والمذاهب. وكما كتب الكاتب الإسرائيلي/ إسرائيل شامير/ في كتابه أزهار الجليل.
(فلسطين والفلسطينيون كل لا يتجزأ،الفلسطينيون ومزارع الزيتون ،وينابيع المياه المتدفقة ،وقبب قبور الأجداد على روابي الجليل كلها روابط مابين الشعب والأرض والواقع.بدون الشعب الفلسطيني ستموت فلسطين ، في أنهارها ستجري السموم وستجف الينابيع، ستتشوه الجبال والوديان.وحقولها سيقوم على زراعتها غرباء سيتم استيرادهم من الصين. ثم يتابع (الفلسطينيون ليسوا فكرة فلكلورية،هم الذين اكتشفوا نجمة الغسول.هم الذين نزل عليهم الإنجيل،هم الذين بنوا معابد القدس وقصور أريحا ،والسامرة،هم الذين مشوا مع المسيح عليه السلام وبنوا الأقصى وميناء عكا .وهم الذين انتصروا على نابليون في الكرامة .في عروقهم تجري دماء المناضلين من أبناء يعقوب عليه السلام إلى الحوارين والفاتحين العرب مروراً بالحروب الصليبية والحملات العثمانية خليط فريد من نوعه. منهم يشع شعر محمود درويش وحكمة ادوارد سعيد ،وزيت الزيتون النقي الصافي. كل هذا يترافق مع صلواتهم وانتفاضاتهم إنها شواهد تؤكد على أن هذا الشعب سيبقى حياً ولن يموت.
اجمالي القراءات
16925
اشكرك جزيل الشكر على مشاعرك الدفاقة لإخوتك
في فلسطين واهديك الأبيات التالية التي كتبتها
قبل سنوات اخاطب فيها السيد المسيح عليه
وعلى رسل الله السلام:
لا..لن نبيعك يا مخلص مثلهم
حتى وإن دفعوا جبالا من ذهب
ما كان منا من سيحذو حذوهم
فدماؤنا مرهونة تحت الطلب
ان الفلسطيني يدفع عمره
ثمن الوفا..لكنه لا ينقلب
مع تحياتي الحارة لك