الدين بين الأصل والمباح
البعض عندما يبحث في أحكام الدين يخلط بين (الأصل والمباح)
فيجعل كل مباح أصل، ويقيس عليه يما يناسب هواه
يوجد فارق بين المصطلحين: فالأصل جاء بحُكم كلي أو بنص محكم قاطع في ثبوته ودلالته، كمسائل التوحيد مثلا والنبوات والمعاد والفضائل وتبيان الخير والشر..
كذلك فالأصول ليست كلها دينية، القرآن شمل على نصوص اجتماعية ، يعني عندما يقول الله.."الرجال قوّامون على النساء"..هذا أصل اجتماعي بما يوافق عُرف المجتمع العربي والإنساني في هذا الزمن، الرجل أقوى في المعارك والعمل والصبر، وبنيانه الجسدي بهرمون الذكورة.."التستوستيرون".. Testosterone أقوى، وفيه قال تعالى.."بما فضل الله بعضهم على بعض"..ولأن الرجل أقوى في العمل والمعارك كان هو الأغنى والأوفر مالا.."وبما أنفقوا من أموالهم"..
إذن القوامة هنا اجتماعية معلولة بتفضيل إلهي للذكر في البنية والمال، وما دام اجتماعي يبقى قابل للتغيير، فوارد أن تتغير المجتمعات وتصبح الأنثى أكثر مالا..وربما أكثر قوة..هنا تكون القوامة لها، أي الشاهد في هذه المسألة هو (البيئة) والتاريخ ينقل لنا أن احتمال قوامة الأنثى منذ آلاف السنين موجود بتعدد صور الإلهة عشتار .
ولأن القوامة أصل اجتماعي نزل القرآن بآيات اجتماعية أيضا تثبت هذه القوامة.."للذكر مثل حظ الأنثيين"..و.."للرجال عليهن درجة".."فانكحوا ما طاب لكم من النساء".."فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان"..هذه الآيات اجتماعية وليست تشريعا دينيا، الأغبياء جعلوها دينا وتشريعا..رغم أنها تندرج تحت أصل القوامة عند قبائل العرب
تخيل حضرتك ماذا كان يفعل العرب بالإناث...كانوا لا يرثون، وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم، وكانوا يقتلونهم أطفال، والسبب أن قوامة الرجل جعلت مصادر القوة والمال في أيدي الذكور، والعرب مجتمعات مادية ليست روحية..يغلب عليهم الطابع الدنيوي الذي فصله وشرحه ابن خلدون في المقدمة، أي أن الأنثى لديهم لم تكن إنسان كامل بل اعتبروها مخلوقا آخر.
أفهم هنا لماذا لم سكت الشارع عن تحرير المرأة ، وأعطى لها بعض الحقوق تدريجيا، كحق الميراث ولو بالنصف، وحقها في الزوج.."ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف"..يقوم يترك بعض اللادينيين هذه الآيات ويجازفون بأن التشريع الإسلامي عنصري، ياأخي أنت تتعامل مع أصل اجتماعي وليس ديني، التشريع هو الذي يعطي للمرأة حقوقها وليس العكس، والقوامة كذلك ليست في العقل، فنسبة ذكاء المرأة تتخطى نسبة ذكاء الرجل أحيانا، وشخصيتها قد تكون أقوى بحسن إدارتها للأمور..
أما المُباح هذا هو الزيادة التي أطلقت لتناسب قوماً بالخطاب ، والقول بأصوليته جهل بخطاب الشارع
مثال: للذكر مثل حظ الأنثيين..فرجل وامرأتان..هذا مباح وليس أصل، يعني ممكن برجل وامرأة عادي..ذكر زي الأنثى عادي، إنما هذا المباح في الأخير يخضع لمراد الدين..الأصول التي أقرها الشارع.."إن الله يأمر بالعدل"...."أمر ربي بالقسط"..التفريق فقط في العلم وليس بال.."قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون"..
المشكلة الأساسية إن الشيوخ قديما جعلوا هذه النصوص الاجتماعية تشريع، وأهملوا الأصول والثوابت الدينية، ثم بالتقليد وتقديس الأئمة واستبداد الخلفاء ظلت هكذا عدة قرون فاعتبروها البعض دين..وهي ليست دين بل نصوص اجتماعية كان لها زمن بأجواء وبيئة ومعارف..فوقتما تتغير هذه الأشياء يتغير الحكم
اجمالي القراءات
8857