الإمارات تحتل جزيرة سوقطرى اليمنية
أمس أعلنت الإمارات انتدابها على جزيرة سوقطرى اليمنية حسب جريدة عدن الغد منسوبة لجريدة القدس العربي، والانتداب بلغة السياسة هو احتلال وفرض سيطرة، إما لفراغ سياسي يريد المحتل علاجه، وإما صفقة بيع وشراء بلغة المصالح.
ونقلت الجريدة عن مصادر لها في أبو ظبي عن اتفاق بين قيادات جنوبية سابقة من بينها سالم البيض وحيدر العطاس موافقتهم ضمنيا على الانتداب الإماراتي في سوقطرى، وأن الاتفاق يقع ضمن اتفاق أوسع مع حكومة هادي في عدن بضمان الإمارات استقلال دولة الجنوب اليمني ودعمها في المحافل الدولية، هذه الدولة الجنوبية كانت وستظل هدف إماراتي لفصل الجنوب عن صنعاء وإعادة تعريف دولة اليمن حسب مفاهيم ما قبل الوحدة في منتصف التسعينات..
جزيرة سوقطرى تبلغ مساحتها 3 آلاف كيلو متر مربع تقريبا، وعدد سكانها لا يتجاوز 80 ألف، وهي من أدنى معدلات النمو السكاني عربيا، أي لا وجود بشري يذكر للجزيرة في الشأن السياسي اليمني، وغالبا ما يجري تسميتها أرض يمنية بحكم التاريخ والجغرافيا ..رغم أنها تبعد عن الساحل اليمني مسافة كبيرة حوالي 300 كيلو متر تقريبا..
في السطور القادمة أطرح تحليلي الشخصي لهذا القرار وهو يفسر ما يلي:
أولا: يقين الإمارات باستحالة النصر في حرب اليمن ووصول المعركة إلى طريق مسدود..وعدم وجود مؤشرات قريبة لحل الأزمة.. خصوصا بعد صمود التحالف الحوثي الصالحي للعام الثالث على التوالي وظهور مؤشرات على دخول سلاح إيراني متطور أرض المعركة..
ثانيا: القرار الإماراتي جاء بعد مفاوضات مع السعودية تهدف لإزاحة هادي واختيار مسئول يمني آخر ليس له علاقة بالإخوان، ويكون مقبول من الحوثيين وصالح، ويبدو أن هذه المفاوضات فشلت بعد معركة عدن الأخيرة منذ شهرين ورفض الحراك الجنوبي-الموالي للإمارات- هبوط طائرة هادي في مطار عدن..
ثالثا: السعودية لا تستطيع التخلي عن الإخوان في معركتها باليمن، وعقد بن سلمان لقاء مع قيادات بعض القبائل في الجنوب كان تهديد فقط للإخوان بقرب التخلي عنهم خصوصا بعد انسحاب الإخوان من جبهة البقع الحدودية منذ شهر تقريبا .مما أدى لانكشاف ظهر مجاميع مسلحة أخرى موالية للسعودية فوقعت في كمين للحوثيين أسفر عن مقتل أكثر من 80 جندي منهم..
رابعا: القرار الإماراتي يهدف للسيطرة الاقتصادية والسياسية على منطقة بحر العرب وخليج عدن، وبالتالي ربط عدن بالجزيرة المحتلة، ومعها قطع الطرق على أي فرصة لصعود الإسلام السياسي في جنوب اليمن من ضمنها طبعا جماعة الإخوان المدعومة سعوديا..
خامسا: الاستفادة من ثروات الجزيرة في تغطية تكاليف الحرب، فالجزيرة لها طابع جمالي وحيوانات ونباتات نادرة ، وصخور ومعادن ثمينة..مما يؤهلها لتصدر خارطة السياحة في منطقة الخليج ككل..
سادسا: القرار يكشف تخلي الإمارات عن المعركة المستقبلية في ساحل الحديدة، فالتحالف السعودي كان يريد السيطرة على ميناء الحديدة لتشديد الحصار على صنعاء، وحشد بالفعل مسلحيه في الداخل اليمني ، وتجهيزات على طول الساحل الممتد من باب المندب حتى جيزان، لكن يبدو أن رفض روسيا والأمم المتحدة أي عمليات هناك أثر على الرغبة الإماراتية خشية تفاقم الأوضاع الإنسانية واضطرار السعودية للانسحاب وبالتالي تضاف هزيمة جديدة للسعودية بعد فشلها في نهم وصرواح وميدي وأخيرا تحول معركة المخا لساحة استنزاف..
سابعا: كانت توجد مفاوضات منذ عام بين هادي والإمارات لتأجير الجزيرة، والآن بعد إعلان الانتداب الإماراتي عليها يبدو أن الرغبة في التأجير انتهت لاختلال موازين القوى واليقين باستحالة عودة هادي كرئيس لليمن، وكان على الإمارات التصرف كمحتل وليس كمفاوض..
ثامنا: السعودية لا يهمها إعلان الإمارات باحتلال سوقطرى، لكن يهمها تأمين حدودها الجنوبية التي تشترك فيها مع ثلاث محافظات يمنية للحوثيين فيهم السيطرة الكاملة، والحرب بالأساس قامت على هذا الدافع وهو القضاء على الخطر الحوثي في الجنوب..لكن بعد دخول العام الثالث ما زال للحوثي قدرة على مهاجمة الجيش السعودي وإحداث خسائر جسيمة..هذا يجعل من السعودي أقل اهتماما بما يحدث في جنوب اليمن..
تاسعا: محافظ سوقطرى نفى هذه الأنباء وقال أن ما تتداوله بعض الصحف اليمنية والعربية غير صحيح، وقال أن ما تفعله الإمارات في الجزيرة هو مجرد خدمات، لكن في تقديري أن هذا النفي مرسل وغير مدعوم بشواهد، خصوصا وأن صحف أخرى عربية ويمنية موالية لشرعية هادي نقلت إجراءات إماراتية بتجنيس مواطني سوقطرى وبناء قواعد عسكرية وقرارات أخرى يفهم منها الانتداب وليس مجرد خدمات..
عاشرا: قد يكون الاحتلال الإماراتي للجزيرة هو رد على (الاحتلال) الإيراني لجزرها الثلاث، وبالتالي يمكن مقايضة هذا بذاك في المستقبل، وفي تقديري أن هذا الاحتمال ضعيف ..لكنه وارد، فأمراء الخليج عودونا في السنوات الماضية أن يردوا على إيران في اليمن، ورغم طفولية وسذاجة هذا السلوك لكنهم مصرين عليه إصرار غريب وكأن اليمن ليست عربية أو جاءت من كوكب آخر، ورغم ضعف احتمالية هذا الطرح لكن يبقى موجود في الصورة فلربما ينجح أولاد زايد في بناء إمبراطورية مساوية في القدر والقيمة لامبراطورية آل سعود في الشمال، والتي لم تعد تشمل فقط الرياض وحدها..بل شملت عواصم أخرى من بينها المنامة..
حادي عشر وأخير: حرصت الإمارات على دخول سوقطرى منذ أعوام من جانب المساعدات، للرد على أي شكوك وقتها قد تثير ما نحن بصدده الآن، وظن الإماراتيون أن هذا كافي جدا لإزالة الشكوك، ولم يفطنوا أن تشريع انتداب الأغنياء للفقراء هو إعادة لعصور الاستعمار بحذافيرها، فلو كانت القصة فقط مساعدات ما الذي يحملهم على بناء قواعد عسكرية فيها..خصوصا وأن الجزيرة بعيدة عن كل معارك اليمن وهادئة تماما ..وسكانها غير منشغلين بالصراع الأهلي..
إن الانتداب الإماراتي على سوقطرى هو إعادة لعصر الاستعمار لكن بشكل أكثر سذاجة وسطحية مما حدث في الماضي، فاليمنيون لن يتركوا أرضهم تضيع، وما تفعله الإمارات في الجزيرة قد يطال جزر أخرى يمنية من ضمنها جزيرة ميون وبعض المناطق في باب المندب، ولو فطن مؤيدي عاصفة الحزم من البداية لهذه النتائج أتوقع أن يقل حماسهم للحرب ، فأمراء الخليج لم يدخلوا حرب اليمن مجانا، بل بمقابل ربما يكون باهظ على أي يمني لا يستطيع تحمله..
المصادر:
نفي محافظ سوقطرى.. http://bit.ly/2oCqDjx
صحف تابعة لشرعية هادي تقول بانتداب إماراتي للجزيرة.. http://bit.ly/2nNERKc
تجنيس مواطني سوقطرى بالجنسية الإماراتية.. http://bit.ly/2nfWDJJ
خبر تأجير الجزيرة منذ عام... http://bit.ly/2oMDnRt
اجمالي القراءات
8469
تعتبر الصومال ثاني قوة شرائية مستوردة من دبي !! - هذه العبارة سمعتها من أحد الأشخاص - لا أعتمد عليها في الرد على مقالك هذا و لكن و بحكم معرفتي بدبي على الأقل من الجانب التجاري البسيط أقول : فبمجرد ذهابك لدبي و بالذات للأسواق التقليدية تجد للجالية الصومالية إنتشارا كبيرا للغاية و تكاد تكون هي الجالية الأكثر إنتشارا في دبي و ميناء برد دبي و الحمرية و الميناء الجديد الواصل من حياة ريجنسي إلى الرأس . هذه الحركة الصومالية التجارية الكبيرة جعلت من دبي سوقا هاما للغاية و مقصدا أول للتجار الصوماليين .
تأثرت التجارة الصومالية من دبي بفعل عمليات القرصنة على الساحل الصومالي لا سيما : بربره و مقديشو و غيرها مما أدى إلى تأثر التجارة من دبي !! لذا قامت الإمارات ( بتوظيف 20 ألف صومالي مدفوع رواتبهم من الإمارات ) لتأمين الطريق البحري و لإستمرار حركة التجارة كما كانت ان لا بد من تأمين الساحل اليمني كذلك و أعتقد - و هذا تحليلي أنا - كان لا بد من إنشاء قاعدة لتأمين الطريق البحري حتى السلطنة .
كعربي لا يهمني كل الأهداف السياسية و يهمني و أفرح أن أرى بلدا ( عربيا ) كالصومال تنتعش فيه التجارة و تعود الحياة له بعد أن نساه العالم لا سيما العالم العربي !! و تستفيد سقطرى و أهلها و لما لا .