هل أصبح المسلمون معاول هدم في يد الشيطان ؟
هل أصبح المسلمون معاول هدم في يد الشيطان ؟
السلام عيك أخ أيمن عطا ، لقد أصبحت من ملهميَٓ هذه الأيام ،أشكرك على تعليقك على مقالي وسأشرح لماذا أصبح مهما بالنسبة لي أن أرد على بعض التعليقات على شكل مقال وليس في تعليق من بضعة أسطر !
أولا ، لأن بعض التعليقات مهمة ( ومنها تعليقك ) وتستحق فعلا إثارتها ونقاشها خصوصا إذا كان الأمر سيسيء إلى شخص أو ديانة أو عقيدة أو طائفة ! ويتعلق الأمر بتكفير المسيحيين !
ثانيا ، لأن التعليق قد يمر دون أن يثير انتباه أحد مع أنه قد يكون مهما فعلا !
كنت قد اخترت كعنوان لمقالي " المسيحيون ليسوا كفارا " ! ولكنني فضلت أن أناقش لماذا ؟ لكي لا يكون هذا حكما هوائيا بل مستنبطا من القرآن و خاتمة لمقالي لا حكما أو رأيا غير مبرر !
ومن هنا أبدأ : هب أن المسيحيين كفار فما هو واجبي نحوهم ؟
هل معاملتهم بالحسنى ومحاورتهم بالحكمة والموعظة الحسنة لهدايتهم إلى الحق ( الذي أظنه أنا حقا وليس هم أو غيرهم ، فكل شيء نسبي لأنه لا يخص إلا المؤمن به لا غيره ) أم تكفيرهم لدفع المتطرفين والتكفيريين لقتلهم ! علما بأن الكافر الذي يموت على الكفر يدخل جهنم ليخلد فيها !
ثم أسألك ؟ أليس هذا هو غرض الشيطان ؟ أن يغوي الناس جميعا ليرافقوه إلى جهنم؟ ألن نكون بأعمالنا هاته أدوات سهلة في يد إبليس يدخل بها إلى جهنم من يشاء ؟
لماذا لا نكون أذكى من الشيطان فننتزع منه ما نستطيع من أنفس ولا نقدمها له قربانا على طبق من فضة إلى جهنم ! علما بأن الله عز وجل قال : " من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "!
الكثير من الناس دفعهم التفكير في هذه الآيةإلى التدبر ودخول الإسلام ، والكثيرون أخرجهم من الدين تطرف وغلواء وإرهاب المكفرين !
قبل أن آتي على ذكر الآيات التي تحدثت عن عيسى لأحاول تدبرها سأوردالآية التي تكفر المسيحيين ( علما بأن الله لم يذكر المسيحيين بالاسم بل قال " الذين قالوا " ) وتذكر واجبي كمسلم أو مسلمة تجاههم لكي لا أكون أداة في يد الشيطان يغوي بها ويدفع بها الناس إلى سعير أبدي !
باسم الله الرحمان الرحيم : " لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (74) !
قبل أن أتحدث في الآيات التي وردت عن عيسى في القرآن وأبين بأن الفرق شاسع في فهم التثليث بين الغوغاء والمؤمنين أريد فقط أن أنبه بأن الله توجه هنا إلى الذين فهموا التثليث خطأٓ واعتبروا بأن الله إله ثالث وليس واحدا ، وعما ينتظرهم من عذاب يوم القيامة وليس في الدنيا !
معناه أن الله وعدهم بعذاب أليم ! ولم يقل لنا قاتلوهم لأنهم يعتبرون بأن الله ثالث ثلاثة ! فالعذاب الذي ينتظرهم هو عذاب أخروي ينتظرهم كما ينتظر الذين كفروا منا أيضا وهو اعلم بمن اتقى واعلم بالمهتدين !
ثم إن الله ينتظر توبتهم : أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه ؟
ثم وعدهم بالغفران إن تابوا ،" والله غفور رحيم" !
معناه أن الله وعدهم بالمغفرة إن تابوا وما أدرانا بما في صدورهم ! فالكثير من المسلمين في دواخلهم يرفضون ماتفعله الشيعة والسنة ومع ذلك يصلون في جوامعهم ويحضرون حفلاتهم خوفا من تطرفهم وغلوائهم وهم في دواخلهم ، لايبتغون إلا مرضاة الله ولا يهمهم عمر أو علي أو غيره في شيء !
ولنعد للآية مرة أخرى لنتدبرها بعمق ، من هم الذي سيعذبهم الله ممن قالوا بأن الله ثالث ثلاثة ؟ هل سيعذب كل الذين قالوا بأن الله ثالث ثلاثة أم أنه سيعذب الذين كفروا منهم واعتبروا بأن الله إله ثالث ؟
لنعد إلى الآية من البداية !
لقد أكد الله على كفر القائلين بثلاثة آلهة وأن الله هو ثالث إله من هذه الآلهة ؟ فهل يقول المسيحيون بأن مريم إلهة ، أو أنها زوجة الله ؟ لا !
هل يقولون بأن الروح القدس إله؟ لا !
إذن هنا نفينا اثنين ولا يبقى سوى المسيح الذي سنتطرق إلى كل الآيات التي جاءت بصدده في القرآن في مقال آخر حتى لا نشتت دماغ القارئ!
أي إلى هنا ، سيكون المسيحيون بعضهم وليس كلهم يؤمنون بإلهين وليس بثلاثة ! باعتبار أن عيسى إله مع الله أو ابن الله أو خالق أو أيا كان ( هذا نقاش مطول يجب أن يأخذ حقه ) !
فعيسى في القرآن أيضا خلق كهيئة الطير وأحيا الموتى وشافى المرضى ( طبعا كل هذا بإذن الله ) ! ( ويمكن أن نسميه خالقا وشافيا ومحييا للموتى حتى بالآيات القرآنية ، ولكن الله عز وجل يذكرنا بأن كل هذا بأمره )
فالطبيب حين ينقذ طفلا من موت محقق أو يجعل أنثى يئست من الولادة تلد طفل أنابيب ، فهل يجعل منه هذا خالقا محييا أم أن كل هذا بإذن من الله ؟
إذن لنعد إلى الآية مرة ثالثة : الآية تتحدث على الذين يعتبرون الله إلها والمسيح إلها والروح القدس إلها ! ( أو مريم إلهة أو زوجة لله ) فهل يقول المسيحيون بهذا ؟ لا .
ان الله إله واحد !
ولننظر من هم الذين سيعذبهم الله عذابا أليما ، هل سيعذب كل الذين يؤمنون بالتثليث الذي لا علاقة له بثلاثة آلهة أم سيعذب فقط الذين كفروا منهم ! الآية تقول " ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم ! أي الذين كفروا من بين هؤلاء وليسوا كلهم ، لأنهم مختلفون في فهمهم وفي دينهم ! وهذا ماسنتدبره انطلاقا من كل الآيات التي ذكرت عيسى بن مريم في القرآن في سلسلة مقبلة إنشاء الله !
ونؤكد اليوم فقط على آيتين أخريين من القرآن تؤكد بأن المسيحيين اختلفوا في دينهم ومنهم من قال بأن الله ثالث ثلاثة وأن الله سيحكم بينهم يوم القيامة فيما اختلفوا فيه تماما كما اختلف المسلمون ، حيث يقول عز وجل : " وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَـكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ " هذه أولا .
ويقول جل من قائل : " إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }آل عمران55 !
هناك الكثير مما يجب أن نتدبره عن المسيحيين في القرآن ، وهم أيضا فرقوا دينهم شيعا كما فعل المسلمون فهل من حقنا أن نكفرهم أم أننا يجب أن نتدبر قرآننا كاملا قبل أن نحكم على الناس انطلاقا من آيات اقتطعها السلفيون من القرآن ليكفروا بها خلق الله ! ( ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ) !
ومع ذلك ، فإليكم بعضا مما جاء في التراث في الآية أعلاه ، وطبعا نحن لانؤمن بذلك بل لنبين فقط كيف يستغل الكهنوت الغوغاء في قتل الأبرياء مع أنه يفهم من الدين مايفهم ويسخر الغوغاء والسفهاء لإرهاب الخلق خدمة لمصالحه السياسية الدنيوية التي لايبتغي فيها بأي شكل من الأشكال مرضاة الله ! هذا ما يقوله التراث في هذه الآية :" لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)
القول في تأويل قوله : لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)
قال أبو جعفر: وهذا أيضًا خبر من الله تعالى ذكره عن فريق آخر من الإسرائيليين الذين وصف صفتهم في الآيات قبل: أنه لما ابتلاهم بعد حِسْبَانهم أنهم لا يُبتلون ولا يفتنون، قالوا كفرًا بربهم وشركًا: " الله ثالث ثلاثة ".
* * *
وهذا قولٌ كان عليه جماهير النصارى قبل افتراق اليعقوبية والملكية والنَّسطورية. (12) كانوا فيما بلغنا يقولون: " الإله القديم جوهر واحد يعم ثلاثة أقانيم: أبًا والدًا غير مولود، وابنًا مولودًا غير والد، وزوجًا متتبَّعة بينهما ".
* * *
يقول الله تعالى ذكره، مكذّبًا لهم فيما قالوا من ذلك: " وما من إله إلا إله واحد "، يقول: ما لكم معبود، أيها الناس، إلا معبود واحد، وهو الذي ليس بوالد لشيء ولا مولود، بل هو خالق كل والد ومولود=" وإن لم ينتهوا عما يقولون "، يقول: إن لم ينتهوا قائلو هذه المقالة عما يقولون من قولهم: " الله ثالث ثلاثة " (13) =" ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم "، يقول: ليمسن الذين يقولون هذه المقالة، والذين يقولون المقالة الأخرى: هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ، لأن الفريقين كلاهما كفرة مشركون، فلذلك رجع في الوعيد بالعذاب إلى العموم، (14) ولم يقل: " ليمسنَّهم عذابٌ أليم "، لأن ذلك لو قيل كذلك، صار الوعيد من الله تعالى ذكره خاصًّا لقائل القول الثاني، وهم القائلون: " الله ثالث ثلاثة "، ولم يدخل فيهم القائلون: " المسيح هو الله ". فعمّ بالوعيد تعالى ذكره كلَّ كافر، ليعلم المخاطبون بهذه الآيات أنّ وعيد الله قد شمل كلا الفريقين من بني إسرائيل، ومن كان من الكفار على مثل الذي هم عليه.
* * *
فإن قال قائل: وإن كان الأمر على ما وصفت، فعلى مَنْ عادت " الهاء والميم "اللتان في قوله: " منهم "؟
قيل: على بني إسرائيل.
* * *
فتأويل الكلام، إذْ كان الأمر على ما وصفنا: وإن لم ينته هؤلاء الإسرائيليون عما يقولون في الله من عظيم القول، ليمسنَّ الذين يقولون منهم: " إن المسيح هو الله "، والذين يقولون: " إن الله ثالث ثلاثة "، وكل كافر سلك سبيلهم= عذابٌ أليم، بكفرهم بالله. (15)
* * *
وقد قال جماعة من أهل التأويل بنحو قولنا، في أنه عنى بهذه الآيات النصارى.
ذكر من قال ذلك:
12294 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " لقد كفر الذين قالوا: إنّ الله ثالث ثلاثة "، قال: قالت النصارى: " هو والمسيح وأمه "، فذلك قول الله تعالى: أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ [سورة المائدة: 116].
12295 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال مجاهد: " لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة "، نحوه ( انتهى ) !
رجاء ! لنتدبر قرآننا قبل أن نصيب قوما بجهالة فنصبح على ما نفعل نادمين !
وليعلم من لا يعرف القرآنيين بأننا لسنا مسالمين بمنطق الجبن والاستسلام بل بمنطق القرآن ، فدستورنا دستور سلام يستمد سلميته من آيات الله وليس من أحاديث خلقه !
سأستمر في هذه السلسلة وسأناقش في كل مرة آية قبل أن أجمعها كلها في مقال واحد كي لا أكثر على القارئ ! أعاننا الله وإياكم على تدبر آياته ولكنني أحب مع ذلك أن أختم بهذه الآية وأترككم تتدبرونها ، " أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ " [سورة المائدة: 116].
هناك من عبد المسيح وأمه من دون الله ، وهناك من اعتبرهم آلهة مع الله وهناك وهناك ..... معنى هذا أنهم اختلفوا في دينهم كما اختلفنا ونختلف ، ولكن تأويل الدين كله عند الله ! فلا تقتلوا الناس حسب أفهامكم أو أفهامهم ، فكل الأفهام نسبية وعلم الله هو المطلق لا إله إلا هو سبحانه ونرجوه آن لايجعلنا من الظالمين !
اجمالي القراءات
8060
السلام عليكم و رحمة الله سبحانه و تعالى ،
الاخت نهاد حداد و الاخ أيمن عطا ، أشكر لكما تحاوركما إذ نتعلم منه الكثير ... تابعت حواركما باهتمام إلى أن نصحت الاخت نهاد السيد أيمن و قالت" ارجو ان تطلع على مفهوم الاسلام من كتب الدكتور صبحي منصور والدكتور شحرور والقرآن قبل أن نسترسل في النقاش !"
ما أثار استغرابي في هذا الرد : ( و أقدم كل احترامي و تقديري للاستاذ منصور و شحرور على كل الجهود التي يقومون بها لحث الفرد على الرجوع دااائما إلى كتاب الله سبحانه و تعالى للتدبر و الاعراض عن ما دونه من كتب الثرات أملا في تنمية صفة التدبر للقر آن من القرآن " و القرآن وحده دون الرجوع إلى كتب ..)
- أليس الهدف هو الحث على الاكتفاء بكتاب الله سبحانه و تعالى ؟
- هل نحرر الفرد من كتب الثرات ( البخاري و مسلم وغيره ...) و نقيده للرجوع إلى البديل الجديد ؟
- أليس الله بكاف عبده ؟ أليس كتابه بكاف ؟
أرى أن الاخ أيمن اكتفى بكتاب الله سبحانه و تعالى و هو القصد .. و الاجدر أن يستمر حواركما من كتاب الله سبحانه و تعالى و إليه لا غير !...
أعلم أنني ربما لن أحضى بجواب ، و لكن فقط أتمنى أ ن تفكري في الامر ... يبقى كتاب الله سبحانه و تعالى هو الكتاب الفصل .. و الكتب الاخرى كلها اجتهادات بشرية لا تلزم أيا الاقتناع بها لتكون أرضية للحوار ... و الله من وراء القصد