نبيل هلال Ýí 2014-09-17
لا يسع العقل المسلم آراء الآخرين ولا يقبل الاختلاف والخلاف، وإنما يصادر ما سواه وينادى بنفيه وإقصائه، ولا يتقبل الانتقاد إذ يرى فيه مساساً مهيناً للذات، ولا يرى المرامى البعيدة بل يكاد لا يرى أبعد من الأنف بقليل. وهو عقل مشوش بفعل التأثيرات القبلية والعصبية والجهل والأمية . اذكر كيف درج الخلفاء على اعتبار أنفسهم هم عين الصواب الذى يخطّأ معه ما سواه، فلا يجوز مشاورة الناس، أو إسداء النصح إلى الخليفة، بل عليهم أن لا ينبسوا ببنت شفة في حضرته (حرَّم الخليفة الأموى عبد الملك بن مروان أن يتحدث الناس بحضرته، شأنه فى ذلك شأن فراعنة مصر القديمة). والخلافات المذهبية من المزالق التى تؤثر سلبياً، وعلى نحو كريه على أمة الإسلام، ومع ذلك نمضى جميعاً إلى نهاية مطاف الخلاف، نمضى بغفلة وإصرار على النظر إلى نقاط الخلاف وشبهات الاختلاف، ونغض الطرف عن مواطن التشابه والتماثل. فمعظم أسباب الخلاف إما خلافات سياسية من صنعنا نحن، أو خلافات دينية من صنع الغلاة، أو خلافات وهمية من تدبير أعدائنا، وبسذاجة نلتقم الطعم الذى أعده أعداء الإسلام، ونقع فى الفخ الذى نصبوه لنا. ومن لا يصدق عليه بقراءة التاريخ . ويُرجع المؤرخ جيبون" أحد أسباب انهيار الإمبراطورية الرومانية إلى " التطاحن بين المذاهب والفرق والطوائف المسيحية، مما أدى إلى فوضى فكرية وبلبلة أيديولوجية شغلت الإمبراطورية عن ميدان القتال في وقت هو ذروة المحنة، بل إن الطوائف المضطهدة دفعها سخطها إلى التعاون مع العدو، وهو عين ما حدث بين فرق الشيعة والسنة، إذ تعاون وزير الخليفة العباسي مع التتار لأنه شيعي ضد الخليفة السني ، مما أدى إلى الهزيمة و سقوط الخلافة. وقبل أن نسوى خلافاتنا مع أعدائنا، علينا أولاً القيام بذلك فيما بيننا (الدول العربية والإسلامية)، فحروبنا معظمها عربية – عربية أو عربية – إسلامية : العراق ضد الكويت، والعراق ضد إيران، والجزائر طوائفه ضد بعضها البعض، والسودان شماله ضد جنوبه , إنها كارثة حقيقية يجب أن يتصدى لها عقلاء الأمة . وما أحرانا أن نسلم بأن الخطأ والصواب لا يقتصران على جانب دون آخر، إذ ليس بمقدور أحد احتكار الصواب لنفسه. وأنه ليس من الحتمى أن يكون الصواب فى جانبى دائماً، أو أن يكون الخطأ فى جانب الآخر. ويلزم توطين العقل والضمير على قبول الآخر، وتوسيع دائرة التشابه معه، وتقليص حدود الاختلاف بيننا. وتلكم مفاهيم ضرورية لاستقامة الأمور والمضى فى الطريق الصحيح كى تسترد الأمة الإسلامية عافيتها، فليس بوسع أحد أن يحذف كل ما هو سواه، ولا سيما أن ديننا الحنيف يسع، بشكل مدهش، الآخر ويقبله ولا ينفيه، ويكفل له مثل حقوق المسلم.وتضيق صدور بعض التيارات الإسلامية عن تقبل الآخر على النحو الذى تتهم فيه هذه التيارات باللجوء إلى العنف عند تباين وجهات نظرها مع أطراف أخرى. ولكي يفوز طرف من الأطراف عليه فقط إضفاء قدسية دينية على رأيه ومواقفه، فيُرى بذلك رأى الفئة المخالفة على أنه كفر وخروج عن الدين .ذلك عين ما جرى فى البداية عند التحكيم بين معاوية بن أبى سفيان وعلى بن أبى طالب كرم الله وجهه، إذا رُفعت المصاحف ونودى : إن الحكم إلا لله. وانتهى الأمر بهم جميعاً إلى السقوط فى الفتنة الكبرى." وبدأ الصراع بين الخوارج وبين جماعة المسلمين، خلافاً فى الرأى، ثم جدلاً فيه، ثم تعصباً له، ثم حرباً وقتالاً من أجله. وكذلك كان الشأن فى ما وقع بين الشيعة والسنة، بدأ خلافاً فى الرأى، ثم جدالاً، ثم تعصباً وقتالاً " . ولم يأْن للعقل المسلم أن يوسع من دائرة قبوله للرأى الآخر وأن يسلم بأن الاختلاف جائز، ويمكن للآراء أن تتضاد وتتباين مع وقوعها فى دائرة الصواب والمقبول طالما أنها تحت مظلة ثوابت ديننا الحنيف . ويجب فطام العقل المسلم بحيث يرى أن الاختلاف والتباين أمر طبيعى، ولا يجوز الاقتتال لتسوية الفوارق والاختلافات .يقول أصحاب فرقة الأزرقية " من فرق الحرورية ": " لا نعلم أحداً مؤمناً، وكفّروا أهل القبلة إلا من دان بقولهم". والأباضية " من الحرورية أيضاً " قالوا : " من أخذ بقولنا فهو مؤمن، ومن أعرض عنه فهو منافق". فهم يحتكرون الحق والحقيقة والصواب، وما سواهم باطل. والانحراف يولد انحرافاً، وأمعنوا فى غيهم بعد أن زعموا احتكار الحقيقة حتى خرجوا من الملة. فمنهم فرقة الشمراخية " من فرق الحرورية "، أباحوا مضاجعة النساء عامة، فقالوا : لا بأس بمس النساء الأجنبيات – أى غير الحليلات – لأنهن رياحين!؟. ولم يكن هناك حد يتوقفون عنده، فقال أصحاب فرقة المعطلة " من فرق الجهمية" : من ادعى أن الله يرى فهو كافر ، تعالى الله علواً كبيراً عما يصفون ." وعندما نقرأ فى كتب أصحاب المذاهب والفرق أن فرقة ما خرجت لمحاربة الكفار، فالمقصود هنا " المخالفون لهم فى الرأى " حتى لو كانوا من الفرقة نفسها " .ما أشبه الليلة بالبارحة . من كتابنا (اعتقال العقل المسلم ودوره في انحطاط المسلمين) والكتاب متاح على الإنترنت ورابطه :http://www.4shared.com/office/8CDyPl3Z/___online.html
كتاب ( القرآن بين المعقول واللامعقول ) - الأنوناكي- ج14
كتاب ( القرآن بين المعقول واللامعقول ) - عربة حزقيال - ج13
كتاب ( القرآن بين المعقول واللامعقول ) - سلالة الآلهة- ج12
كتاب ( القرآن بين المعقول واللامعقول ) - هذا ما تقوله الأساطير - ج11
دعوة للتبرع
الشهر الفضيل: هل رمضان هو الشهر الفضي ل ؟ وماذا عن الشهو ر ...
جبريل وقلب النبى: كيف نزل جبريل على قلب النبى محمد فى قوله الله...
ثلاثة أسئلة: السؤ ال الأول : قال تعالى للنبى (...
رشيد وعدنان ابراهيم : صديقك رشيد المغر بى المتن صر المرت د يهاجم...
هداية أهل الكتاب : ذكرت فى مقالا ت لك سابقه ان اليهو د ...
more