حول الاجتهادات الأخيرة للدكتور منصور

ابراهيم المسلمى Ýí 2007-02-28


قرأت الاجتهادات الأخيرة للدكتور منصور وهى كالعادة من النوع الإبداعى المجدد الذى يقتحم الثوابت ويتمرد عليها واضعا اياها تحت مجهر النقد
 ومع حبى وميل نفسى لهذ النوع من الاجتهادات إلا أنى مع هذا لم أشعر بالارتياح أو الاقتناع الكامل خصوصا فى المقالين الأخيرين عن لفظ الجلالة والضمير ( هو ) وكلها تدور حول علاقة القرآن عموما بقواعد اللغة العربية ومدى التزامه بها.

المزيد مثل هذا المقال :

فمثلا لم أشعر أن نطقنا للفظ الجلالة فى الآية ( بسم الله الرحمن الرحيم ) بقولنا ( اللاه ) شيئا يثير شيئا من القلق عندى ولم أجد فيه مبررا لوضع قاعدة لغوية جديدة تنزه هذا اللفظ عن أن تسرى عليه قواعد اللغة العربية .. وإلا سنجد أنفسنا بالتالى نقع فى الحرج الشديد أيضا فى مثل قول الله ( يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها ) وذلك عندما تقع المصيبة ويقرأها بعضنا  ( بأن ربك أوحالها !! ) أستغفر الله العظيم - والأمثلة على أمثال تلك النماذج المحرجة كثيرة وكلها فى رأيي وساوس تافهة من عمل الشيطان لا يجب أن يلتفت اليها المسلم

قد أكون مخطئا  - ولكنى لا أشعر بارتياح للسير وراء العاطفة فى مناقشة أمثال تلك الأمور  وأرانى أجنح للعلم ومنطق العقل المجرد..
ولعل السبب فى عدم الشعور بالراحة أو الاقتناع فيما يتعلق بموضوع العلاقة بين القرآن وقواعد اللغة العربية التى يثيرها الدكتور منصور هذه الأيام قد يرجع للاعتقاد الراسخ فى أن القرآن انما أنزل ( بلسان عربى مبين ) ولوصف الله له أيضا بقوله ( قرآنا عربيا غير ذى عوج ) - وربما يسترعى انتباهنا بشدة هنا كلمة ( عوج ) .. ويستقر فى الروع أن معنى ذلك أن البناء اللغوى له لا يحيد قيد أنملة عما ألفته ألسنة العرب ..  غير أنه يفوقها بشدة فى مدى احاطته وقدرته الخارقة على التصوير والإيحاء والتعمق اللامحدود فى خلجات النفس البشرية وتكثيف المعانى المتعددة فى السياق الواحد بشكل مذهل للعقول والأفئدة
 قال تعالى -  لسان الذى يلحدون اليه أعجمى وهذا لسان عربى مبين

ولعل كلمة مبين هنا لا يقتصر معناها على البيان أو التبيين فقط - لأن هذه الكلمة قد نجدها فى أغلب الأحيان تأتى بمعنى التمكن والتفوق وعظم الشأن - كقول الله مثلا ( فإذا هى ثعبان مبين ) .. وهكذا

والسؤال الذى يؤرقنى الآن هو .. ما هو الداعى أو المبرر الذى يدفعنا للظن بأن القرآن لا يتقيد بالقواعد التى تألفت منها اللغة العربية الفصحى التى عرفها العرب قبل وبعد نزول القرآن ؟
 صحيح أن وضع وتقنين تلك القواعد انما جاء بعد زمن نزول القرآن بفترة طويلة ولكنها كانت موجودة معروفة بالسليقة لدى بلغاء العرب بل ولدى عامتهم وتشهد بذلك أشعارهم .. الا ان كان شعرهم فى صدر الاسلام على الأقل سينظر اليه على أنه هو أيضا موضوع كله

!!
ولكى أكون واضحا ومحددا - أقول ان درجة قبول كلام الدكتور منصور تساوى عندى درجة عدم قبوله .. بل إن النفس ( رغم عشقها للتمرد والبحث عن الجديد ) لتستريح وتجنح لترجيح كفة عدم القبول  .. لماذا ؟

أولا - لتكرار تأكيد القرآن على كونه انما أنزل بلسان عربى مبين .. وهذا يلقى فى الروع فورا بأن لغته انما هى اللغة العربية الفصيحة الصحيحة التى لا لحن فيها ولا شذوذ

 ثانيا - لأن رب العزة قد تحدى العرب بل وتحدى الناس جميعا انسهم وجنهم فى أكثر من موضع أن يأتوا بمثل هذا القرآن .. فكيف يكون لهذا التحدى أى معنى مقبول ان كان القرآن سيشذ ويخرج على ما تعارف عليه الناس واستساغوه بالسليقة من أصول اللغة والبلاغة ويضع لنفسه قواعده اللغوية ( السرية ) أو يتحرر تماما من أى قواعد لغوية وهو الذى يزعم بين دفتيه أنه انما أنزل بلسان عربى مبين

؟ ! ... 

واضح أن معنى التحدى فى هذه الحالة سيسقط لكونه تحديا غير شريف وغير نبيل بل وغير مستساغ عقلا ومنطقا - وتعالى الله عن ذلك كله علوا كبيرا

كما قلت فإن اجتهاد الدكتور منصور هنا قد يكون من الصعب الحكم على كونه صحيحا من عدمه - غير أنه فى مثل هذه الأحوال فإننا نجد أنفسنا نحتكم لقاعدة المصلحة 

 فهل من مصلحة القرآن كنص تاريخى مقدس اتفق البشر على بهائه وجلاله وعظم حكمته وعلوه فى كل شىء على ما سواه - هل من مصلحته أن ننزع عنه قواعد لغته فيصير نصا مفككا بلا قواعد ضابطة .. وحجتنا فى فعل ذلك أنه كلام رب العالمين الذى هو ليس ككلام البشر ؟

لا أدرى - وانما ينتابنى شعور بالحزن والأسف بل والقلق الشديد على مستقبل القرآن ان شاع ذلك الفهم

ولئن كان الاتجاه نحو الاعتقاد بعدم تقيد القرآن بقواعد اللغة سينمو ويسود لدى بعضنا كنوع من التمهيد البطىء للرد فيما بعد على شبهات أعداء القرآن فيما يتعلق ببعض ما يزعمون من أنه أخطاء نحوية قرآنية فى قضايا الرفع والجر .. الخ الخ  فإنى أؤكد هنا أن الردود على أمثال تلك الشبهات والهجمات الخائبة لن تكون أبدا بتجريد القرآن من التزامه بقواعد ( اللسان العربى المبين ) وانما يجب أن يكون للأمر ترتيب واعداد فكرى آخر ربما يأتى فى حينه ان شاء الله جليلا بهيا بالشكل والصورة التى تليق بكتاب رب العالمين 

 

 

اجمالي القراءات 6085

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (4)
1   تعليق بواسطة   محمد شعلان     في   الأربعاء ٢٨ - فبراير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[3363]

أخطأت من حيث أردت الإصابة

الاستاذ / حسن عبد اللطيف قرأت مقالك بشيء من التركيز ووجدت أنك جانبك الصواب في هذه النقاط التالية
1- إن كلمة "اللاه" التي لم تثر قلقك كما اعترفت هى أبعد ما يكون عن تقديس لفظ الجلالة (الله) وإنما هىّ العكس تماماً فالذي يٌلْهِي الانسان يكون لاهٍ للإنسان وهذا ينطبق على إبليس ألا يشعرك هذا بالقلق عندما يتحول النطق بلفظ الجلالة بهذه الطريقة المحرفة إلى تمجيد للشيطان "إبليس" لأنه اللاهي لبني الانسان عن التدبر والتأمل والخشوع في قراءة القرآن ،
كما أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تُُخْضِعْ لفظ الجلالة "الله" لأي من اجتهادات علماء اللغة العربية لأن البشر يمكن أن يخطئوا في اجتهاداتهم أو يصيبوا فألله سبحانه وتعالى أعلى وأعز من اجتهادات البشر!!
2- افتراض عقيم لايرقى لمستوى الفكر القرأني !! كيف تفترض يا سيدي ويكل هذه السذاجة وبعد أكثر من أربعة عشر قرنا من نزول القرآن على الرسول الكريم وبعد أن كتبه بخط يده وبالطريقة التي أوحى الله تعالى له بها أن تفترض أن قوله تعالى " بأن ربك أوحى لها " يمكن أن تتحول بكل سذاجة وسطحية إلى - بأن ربك أوحالها" ما هذا الهراء ؟؟
فالله سبحانه وتعالى هو الذي تكفل ووعد بحفظ القرآن " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" صدقت يا الله
3- الحرج الحقيقي للنفس يكون يوم القيامة عندما تفاجأ بأنها ضلت الطريق واتبعت من هجروا القرآن وجعلوه كالبيت الخرب ولم يعطوا القرآن حقه من التقديس الحقيقي وليس بالكلام, ولم يقدروا الله حق قدره " وما قدروا الله حق قدره "
4- إن الوساوس التافهة هىّ التي يزيِّنَّها لك الشيطان عندما تستهين بالأمر والخوض بالنطق الخاطيء للفظ الجلالة " الله"

2   تعليق بواسطة   لميس محمد     في   الأربعاء ٢٨ - فبراير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[3367]

ليست القضية الراحة أو الشعور بالقلق

الأستاذ حسن عبد اللطيف بعد قراءة مقالك الذي فوجئنا من خلاله أنه يجب علينا أن نترك أمور العقيدة السليمة وفق ما جاء في القرآن ونتبع النحاة وأهوائنا النفسية من حيث هل نشعر بالراحة وعدم القلق فنتبع شبهات يجب تجنبها أو نترك أموراً يجب علينا الأخذ بها.
إن العقيدة السليمة تحتاج منا إلى الكثير من الجهد والمشقة وعدم الركون إلى الراحة لكي نفوز بها أي بالعقيدة السليمة ولكي ننقي ما بداخلنا من تراث وميراث يناقض قدسية القرآن .

3   تعليق بواسطة   اشرف ابوالشوش     في   الخميس ٠١ - مارس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[3379]

تساؤل مشروع

لااخفيكم القول اني غير ضليع بالمرة باساليب اللغة العربية والنحاه وقواعد النحو والصرف.
ومع كامل احترامي لاستاذنا الكبير احمد منصور(وهو شخصيا يعلم مكانته عندي) الا اني اعتقد ان علوم اللغة العربية لم تخضع ابدا للاهواء البشرية او للسياسة او لاختلاف العقائد.
فعلى الرغم ان مذهبي السنة والشيعة جاء نتيجة خلاف سياسي حاد بين اتباع علي كرم الله وجه والاموين , مما ادى الي دخول الكثير من الهراء البشري على الاسلام بزعم انه منه, الا ان باقي العلوم تم التعامل معها تعاملا اكاديميا بحتا وخاصة علوم اللغة العربية ولا اعتقد ان احد قصد ان يقرا لفظ الجلالة ( الله ) بصورة مهينة او فيها اي استخفاف بالقيم الدينية.
عن نفسي اجد صعوبة حقا في نطق لفظ الجلالة منصوبا في البسملة ولا اعتقد ان المسائلة مسائلة تعود اكثر من كونها صعوبة في النطق حقا.
اما عن كلمة (هو) فاعتقد انه اذا استثنينا الحق سبحانه تعالى من وصف الغائب وحاشاه طبعا ا, الا ان البديهي انني لن اتكلم عند احد بلفظ هو الا اذا كان غير موجود.
بالرغم من اعترافي المسبق بضعفي الشديد في قواعد النحو الا ان المشكلة التي طرحها الاخ حسن عبداللطيف حقيقية, كيف سنقنع انسانا غربيا مثلا بان القران معجز لغويا ونحن نقول انه لايسير بنفس قواعد النحو التقليدية؟
هذا راي , والله اعلم.

4   تعليق بواسطة   البدري البدري     في   الخميس ٠١ - مارس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[3380]

القرءان توقيفي

القرءان الكريم توقيفي عن الرسول صلى الله عليه وسلم وليس خاضع لعلوم النحويين لأنك ببساطة تجد كلمة في مكان تكتب بشكل وفي مكان تكتب بشكل أخر، لآن الرسول صلى الله عليه وسلم هكذا تعلمه من جبريل وتدارسه معه وعلمه أصحابه منهم أبي بن كعب ، وعبد الله بن مسعود ، وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعري ، وعثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب ، وأبو الدرداء ، ومعاذ بن جبل وغيرهم ،بل أن علم التجويد أسس على ضوء قرأءة الرسول صلى الله عليه وسلم بحيث تكون هذه الأحكام أمر يلزم القارئ بأن تكون قرأته موافقة للكيفية التي كان يقرأ بها الرسول صلى الله عليه وسلم فكان صلى الله عليه وسلم يسمع من هؤلاء النفر القرآن ويقر قرأتهم ولقد قال الله في كتابه( سنقرئك فلا تنسى ) والذي يفترض هذا الافتراض العقيم من أن كلمة الله حين تقرأ بالترقيق تعني اللهو فهذا يعني إن القران قد حرف لفظاً والله تعهد بحفظه من كل تغيير وهذه الأمة من زمن الرسول صلى الله عليه وسلم تقرأ بهذا الشكل ولم يأتي أحد ليخالفهم.
بل أنه حتى أماكن السكتة مكتوبة في القرءان مثل في سورة الكهف (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ) فعندما تنظر في القرءان الكريم ستجد انه على الألف من عوجا مكتوب حرف ( س) دلالة على أنه كان الرسول صلى الله عليه وسلم يسكت هنا سكتة بسيطة وكذالك مناطق الوقف اللازم والتي تدلل على أنه إذا أستمرت القرأة فإن المعنى سيتغير مثل وغيرها من الأمور التي يعرفها من تعلم علم التجويد .
والشئ العجيب أنه إذا عطلت ثلاجة أحدكم فانه سيسارع الى مصلح الثلاجات ليصلح له ثلاجته وإذا أنكسر زجاج الشباك فسيذهب الى الرجل المتخصص في تقطيع الزجاج ليعمل له زجاجة جديدة وإذا عطل الكومبيوتر فله رجله الخاص وحين تسأل الواحد من هؤلاء لماذا لاتصلح ثلاجتك بنفسك فيقول هذا ليس أختصاصي ، يا أخي لماذا لم تصلح كومبيوترك فيقول هذا ما لم يتناهى إليه علمي .
ولكن إذا سألت أحدهم في الدين وجدته من أعلام الموقعين عن رب العالمين أو أن لديه تزكية وتصريح من رسول الله ليقول كل شئ بالدين فسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله .
اخواني أني إذ أقول ها القول لا أرغب في أن أدخل معكم في مهاترات لا تغني ولاتسمن من جوع ولكني أرجوكم رجاء حار أن تتبينوا من كل شئ قبل أن ترجموا بالغيب فالأمر خطير وخطير جداً ويعلم الله إني ما أردت لكم إلا النصح ( والله خيرُ حافظاً وهو أرحم الراحمين )


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-12-12
مقالات منشورة : 0
اجمالي القراءات : 0
تعليقات له : 0
تعليقات عليه : 32
بلد الميلاد : Turkey
بلد الاقامة : Turkey

احدث مقالات ابراهيم المسلمى
more