فتنة المحدثين في دماج
تدور معارك طاحنة في صعدة اليمنية بالتزامن مع الحرب الأهلية السورية وعمقها المذهبي والأيدلوجي ، معالم تلك الحرب معالم مذهبية بين السلفية والشيعة، ذلك الصراع الأبدي الذي بدأت جذوره منذ 1400عام ، وبالتحديد منذ عام الجماعة وتسليم مفاتيح السلطة إلى معاوية بن أبي سفيان ، ورغم أن السياسة والمذهبية وجهان لعملة واحدة إلا أن الصراع يبدو أن للمذهب فيه دورُ كبير ..خاصةً إذا علمنا أن أحد أطراف الصراع في صعدة هم أتباع"مقبل الوادعي"مؤسس مدرسة أهل الحديث في دماج.
وما دمنا ذكرنا أهل الحديث نذكر بالضرورة هؤلاء المحدثين الذين أشعلوا نار الفتنة في دماج بعد موتهم بمئات السنين، ربما كانت نواياهم حسنة حين نقلوا الرواية ، ولم يكن بمقدورهم الكشف على أن ما ينقلونه كذب في كذب سيؤدي إما للطعن في الدين وإما للفتنة بين المسلمين، ولله الحق فقد حدث هذا وذاك، وظهر أن أعظم مدخل لخصوم الأديان هو من الحديث ، وكذلك هو عنوان القتل الطائفي باسم الدين، ولأجل أن يعبدوا الله بأقوال الرجال، وأهملوا عقولهم والقرآن، وجاءت نكبتهم مزدوجة يعانون فيها من الجهل والقسوة على حدٍ سواء.
فتنة المحدثين لم تنحصر في حدود اليمن السعيد بل هي مشتعلة في سوريا وفي العراق ولبنان وفي أي مكان يكون فيه الاحتكاك بين السلفية والشيعة، حتى أن دخان هذه الحرب المشئومة بدأ يطل علينا في مصر مع بدء ظهور الشيعة الرسمي في احتفالات الحسين، وما سبقها من قتل الشيخ حسن شحاته كبير الشيعة في مصر، ثم نعود إلى جذور الصراع ونستعيد معه آفاق الحرب الفاطمية الأيوبية، وحروب السلاجقة مع البويهيين الشيعة، كان حينها من يتاجر باسم الصحابة وآل البيت يسهل عليه جمع آلاف من الأغبياء في صراع صفري لا ناقة لهم فيه ولا جمل، ثم تذهب روحهم هباءً كي يرضوا من كذب عليهم وأوهمهم بأن الحور العين ينتظرن نكاح من دافع عن آل البيت والصحابة..!
في تقديري أن الحرب في دماج ليست كلها شر وإن كانت آثارها تطل على بقاع اليمن الأخرى، إلا أن فوائد هذه الحرب يمكن حصرها في كسر الأغبياء لأنفسهم، وأن يفنى أعداء الحضارة والإنسانية بعضهم بعضاً في صراع أرجو أن لا يدخله العقلاء إلا صُلحاً يوفق بين الأغبياء ،عسى أن يخرج من أصلابهم من يعمل صالحاً ويدعو إلى الله بالعدل والحكمة، فالجيل الحالي في دماج يصعب إصلاحه إن لم يكن مستحيل.
هذه الحرب ليست هي الأولى بين السلفيين والشيعة، بل كلما عقدوا هدنة تنهار بعدها بساعات أو أيام، وبذلك يحق عليهم وصف الأغبياء لأن أول شرط في قبول الهدنة هو الاعتراف بحق الآخر في الوجود، وبما أنهم لا يفقهون هذا الحق فسيظلون يقتلون أنفسهم على الصغائر، لأن قلوبهم قد امتلأت حقداً وكراهية، ولم يعد في جعبتهم أن يقدموا للدين وللإنسانية سوى الكلاشينكوف والذخائر!
هذه باختصار نتائج عمل أهل الحديث، لقد خلقوا أجيالاً لا تعرف سوى الكراهية، وأن مفاهيم التدين-لديهم-تعني المعنى العام للدين، فقدرتهم على الفصل لا تتعدى قدرة من أراد رفع آلاف الأطنان ، وإلى أن يأتي الآخر بالأوناش يكونوا قد هلكوا أنفسهم في عمل أحمق دلالته الوحيدة هو الغباء، ثم نتحسر على اليمن وشعبه وحضارة سبأ وحمير، ذلك الشعب المتحضر والمثقف الذي يهدده شياطين السلفية والشيعة في دماج، ومعه نرفع النداء أنه آن الأوان لليمن أن يستريح من ظلم ذوي الأديان والمذاهب، وأن يتركوا الدين لفهم الإنسان وسلوكه دون إلزامه بفهم السابقين وروايات الحمقى والمغفلين.
اجمالي القراءات
9062