كتاب الحج ب3 ف 7 ( تشريع الحج الصوفى للأولياء والأنصاب (الأضرحة )

آحمد صبحي منصور Ýí 2013-03-13


كتاب الحج بين الاسلام والمسلمين

الباب الثالث : الحج فى الدين الصوفى

الفصل السابع : تشريع الحج الصوفى للأولياءوالأنصاب (الأضرحة )

 

أولا : الحج الجاهلى للأنصاب والأضرحة والكعبات المقدسة

1ـ  طبقا لعقيدة الشرك كان الجاهليون يعبدون الله جل وعلا ويعبدون معه الأولياء الموتى من خلال قبورهم المقدسة أو الأنصاب ، وتماثيلهم المقدسة أى الأصنام ، وكل ما يمتّ اليهم أى الأوثان . كانوا يعبدون    الأولياء على أنهم هم الذين يقربونهم الى الله زلفى .  وكانوا فى الجاهلية يقومون بالحج الى بيت الله الحرام ( الكعبة ) ويقومون بالحج ومناسكه لمعابدهم وأوثانهم . كانت هناك معابد كثيرة تقصد للحج ، تحيط بها مساحات واسعة تكون لها(حمى) أو(حرم)، ولا يجوز لأحد انتهاك حرمتها أو الاعتداء عليها، وإذا دخل حيوان فى داخلها عُدَ فى ملك الحرم لا يجوز استعادته. وبالإضافة لذلك فقد زرعوا فى البيت الحرام وحول الكعبة 136 صنما ، ولكل قبيلة صنم . وقد أطلقوا على بعض معابدهم الشركية لقب ( كعبات ) وجعلوها تحوز على تقديس وطواف ونذور وحج مثل الكعبة الحقيقية .  ومن هذه الكعبات :  كعبة ( ذو الشرى) فى بطرا حيث يقوم صنم(ذوالشرى) على قاعدة مكسوة بالذهب والصور فى موضع مرتفع على صخرة عالية ، ويحج إليه الجاهليون للتقرب إلى ذلك الإله الذى عرف بأنه رب البيت . ومنها ( كعبة سندان) وهو قصر، كانت العرب تحج إليه فتطوف حوله، ومنها ( ذات الكعبات) وهى مركز حج قبائل بكربن وائل . وكان بنجران بيت عبادة عرف بكعبة نجران، وهوبناء على هيئة الكعبة، كان إذا قصده الخائف أمن بزعمهم . وكان للصنمين (اللات والعزى) بيوت أقيمت عليها ، وسدنة يقومون بخدمتها، فبيت (اللات) بالطائف، وبيت(العزى) بوادى حراض، وتحج إليهما قريش والعرب، ويتقربون إليها بالذبائح، وكانت قريش قد حمت لإلهتها شعباً من وادى(حراض) يقال (سقام ) يضاهون به حرم الكعبة .. وهناك صخورأخرى بعكاظ تمتعت بتقديس الجاهليين وطوافهم حولها .

2 ـ وكما أن الحج لبيت الله الحرام يكون خلال الأشهر الحرم ، كانت العرب تحج إلى هذه الأوثان والكعبات فى أشهر معينة من السنة، وقد جعلوها أشهراً مقدسة أو حرماً زمنياً بالإضافة للحرم المكانى المحيط بتلك الأوثان .. فلكعبة(ذى الشرى) حج يقع فى اليوم الخامس والعشرين من شهر كانون الأول من كل عام ، فيتوافد إليها الناس فى ذلك الوقت يطوفون وينحرون ويتقربون ..  وهناك أوقات أخرى للأوثان الأخرى .. إلا أن شهر الحج لكل وثن يكون لقاء عاماً يجمع الناس لآداء الفروض وتبادل التجارة ..

3 ـ وحين ظهر الإسلام على الجزيرة العربية انفض الناس عن تلك الأوثان وزال تقديسها، واقتصر الحج على بيت الله الحرام والتزم العرب بالسلام فى الأشهر الحرام، ثم تغير الحال سريعا ، فنسى المسلمون الأشهر الحرم ، ولم يعودوا يهتمون بحرمتها فى القتل والقتال، ثم كانت الدعوة للحج للقبور الصوفية المقدسة والأشياخ الصوفية الأحياء فى أوقات معينة وتقديم النذور إليهم .وكل ذلك بزعم التوسل والتبرك وهى نفس حجة الجاهلين إذ كانوا يفعلون ذلك تحت شعار(مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى )(الزمر 3 ).

 

ثانيا : الحج الصوفى :

1 ـ أرجع دين التصوف عبادة الأولياء وتأليههم بحيث ينطبق على الصوفية كل ما قاله رب العزة فى القرآن الكريم عن عبادة وتقديس الأولياء فى العصر الجاهلى . أرجع التصوف هذا الدين الجاهلى لمجتمعات المسلمين بدءا العصر العباسى الثانى وحتى الآن .

2 ـ إلا إن الصوفية كانوا أشد كفرا من الجاهليين . لأن الصوفية فعلوا ويفعلون ذلك ومعهم القرآن الكريم ، الذى يزعمون الايمان به ، وهم يعرفون جهاد النبى عليه السلام ضد عبادة البشر والحجر ، وهم يزعمون الايمان به . الجاهليون مع عبادتهم لأوليائهم لم يقعوا فى ( الشطح ) أو سبّ الله جل وعلا كما كان يفعل أولياء التصوف ، كما إن الجاهليين مع تقديسهم لأوثانهم ولأنصابهم  وحجهم لكعباتهم فقد كانوا يقدسون البيت الحرام ويحترمون الكعبة ، أما الصوفية فقد أعلنوا إحتقارهم للكعبة وحقدهم عليها ، واعتقدوا بأحقيتهم دونها فى استقدام الناس إليهم .

3 ـ هذا مع أنهم قد حرصوا على وصف أنفسهم وأضرحتهم بصفات الكعبة وخصائصها، فالدسوقى يوصف أنه"كعبة الحقيقة "[1]. وكانت بعض الأضرحة تُبنى على شكل الكعبة مثل جوسق الماردانيين وقد وصفه السخاوى الصوفى بأنه مبنى على هيئة الكعبة وأن الدعاء تحته مستجاب[2]. بزعمهم . والسخاوى الصوفى هذا هو صاحب كتاب ( تحفة الأحباب ) الذى تخصّص فى تعريف الزوّار أو الحجّاج بالقبور المقدسة فى مقابر القاهرة.وهو غير السخاوى الأكثر شهرة المحدّث المؤرخ  المشهور بكتابه ( الضوء اللامع ) .

والطريف أن هذا ( الجوسق ) كان عمارة تجارية قديمة تنتمى لعائلة الماردانيين المشهورة فى القرن الثالث الهجرى، ثم مالبث أن تحول الى آثار ، ثم تحول بثقافة التصوف الى معبد يشاع أن الدعاء عنده مستجاب .

4 ـ وقد اشتهرت الكعبة فيما بعد بوجود الحجر الأسود فيها ، وهو فى الأصل لتعيين بداية الطواف ، إلا أن الشرك تسلل إلى عقائد المسلمين فقدسوا ذلك الحجر وألفوا فيه الأحاديث التى تحض على لمسه والتبرك به، واستقر فى عقيدة المسلمين تقديس ذلك الحجر والحرص على الوصول إليه بأى طريقة. وكالعادة حسد الصوفية ذلك الحجر وحرصوا على تزيين أضرحتهم بأحجار مثله . ففى ضريح البدوى – وهو مقصد للحجيج من كل أنحاء مصر- يوجد حجر أسود يقول عنه عبد الصمد الأحمدى فى العصر العثمانى "ومن كراماته –أى البدوى – أن حجراً أسود مثبتاً فى ركن القبة ، وكل من زار الأستاذ يتبرك به "[3].  وذلك الحجر ( الأسود ) منحوت فيه أثر قدم ، منسوب للنبى . ولا يزال يتبرك به الصوفية حتى الآن .

وعلى أساس بعض هذه الأحجار المقدسة شُيدت مساجد مثل مسجد الكف بدمشق : ( فيها موضع كف منسوب للرسول )،  وقد طلع إليها الشيخ ابن تيمية وقال : (هذا الكف مصنوع مكذوب معكوس الخنصر فيه موضع الإبهام والإبهام موضع الخنصر فكسرها )  [4].

5 ـ ومعنى ذلك أن هناك من كان يصنع الأحجار على هيئة الكف أو القدم، ويبيعها لتتزيّن بها الأضرحة وتتحول الى ما بشبه الكعبة والحجر الأسود . وهى عبادة صريحة للأحجار ، لا تزال موجودة . وقديماً كان ابراهيم عليه السلام يقول لقومه مستهزئاً من تخلفهم العقلى : (قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) (الصافات ).

وفى العصرالمملوكى احترف بعض الصوفية نحت بعض الأحجار الرخام وكانوا يبيعونها للعامة. يقول السخاوى الصوفى فى اواخر القرن التاسع : (  وكان مع بعض الحجّارين رخامة جعلوا فيها أثر قدم ، وداروا فيها فى البلاد والبيوت والأسواق، يقولون للناس هذا موضع قدم نبيكم ، فيقبله الناس ويتبركون به ويعطونهم الأموال ..)[5].

6 ـ وضريح البدوى كان يجتذب الحجيج إليه من كل فج عميق ، ويقدسون فيه الحجر الأسود إلى جانب مقبرة البدوى . وأشاع الصوفية بين العامة أن الحج إلي ضريح البدوى سبع مرات تعدل الحج للكعبة، وبذلك تحقق أمل الصوفية فى الصدّ عن بيت الله الحرام . ومثل ضريح البدوى ـ الذى لا يزال يحتل مكانة مقدسة حتى الآن – كان هناك فى العصر المملوكى قبر ( فاطمة الموصلية ) ، يقول عنه السخاوى الصوفى  : ( يقال أن من أراد الحج وطاف حول قبرها سبع مرات ينوى بذلك الحج فإنه يحج من عامه ذلك . )، ويعلق السخاوى على ذلك بقوله : ( وهذا ليس بصحيح ) .

7 ـ وإذا كان السخاوى قد احتج على اعتقاد العامة وهم أبرز من يتأثر بالصوفية فإن شاعراً صوفياً مشهوراً هو البصيرى كان يقول فى أبى الحسن الشاذلى ..

 

أولم تدر أن مدح علىّ

                             مثل حج وعمرة وزيارة[6].

 

فالبصيرى يجعل من مجرد مدح الشاذلى – وإسمه الحقيقى : على بن عبد الجبار- يعدل الحج والعمرة والزيارة . ولا ريب بعدها أن الحج للشيخ الصوفى حياً أو ميتاً هو الأيسر والأسهل للمسلمين من الحج الى مكة . وذلك هو المدخل للدعوة للحج الصوفى وتشريعه .

 

ثالثا : دعوة للحج الصوفى قبل العصر المملوكى :

1 ـ على أن الدعوة للحج للأولياء والأضرحة قد بدأت قبل العصر المملوكى، وزعم الصوفية أن أويس القرنى –وهو شخصية خيالية وضعوا على لسانها بعض مظاهر التشريع الصوفى- قال داعياً لأحد مريديه "اللهم إن هذا يزعم أنه يحبنى فيك وزارنى من أجلك فعرفنى وجهه فى الجنة ".

2 ـ وتوسع الغزالى الذى أورد هذه المقالة فى تشريع الحج للأضرحة والأولياء .فيقول عن التبرك " يدخل ضمن السفر للعبادة كالحج والجهاد ، ومنها زيارة قبور الأنبياء عليهم السلام، وزيارة قبور الصحابة والتابعين وسائر العلماء والأولياء، وكل من يُتبرك بمشاهدته يُتبرك بزيارته بعد وفاته "[7]. أى إن الولى الصوفى المقدس فى حياته يتمتع قبره المقدس بالحج اليه بعد مماته . وبالتالى فالحج عند الغزالى هو لقبور الجميع طالما تحظى بالتقديس ، سواء كانوا أنبياء وصحابة أم فقهاء وصوفية .

3 ـ ثم يفتى الغزالى بإباحة الحج الصوفى فيفتى بجواز شد الرحال أو الحج لكل القبورالمقدسة ، ويثرثر محاولا تأويل حديث : ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد ...) ليتسع مجال الحج لكل القبور المقدسة ، إلى أن يقول: ( وبالجملة زيارة الأحياء أولى من زيارة الأموات، والفائدة من زيارة الأحياء طلب بركة الدعاء وبركة النظر إليهم، فإن النظر إلى وجوه العلماء والصلحاء عبادة..!).

4 ـ والغزالى هنا متسق مع عقيدته الصوفية فى تقديس الأولياء الأحياء بالذات والحج اليهم واعتبار النظر الى وجوههم عبادة، أى يقوم بتشريع نوع جديد من العبادة فى الدين الصوفى هو: ( رؤية وجوه العلماء والصلحاء ). 

5 ـ والغزالى من ذكائه يدعو  لتفضيل زيارة الأحياء من علماء الصوفية لينعم هو بكثرة المريدين فى حياته، وليصرفهم عن الحج إلى غيره من الأضرحة الخاصة بالموتى . ومن أجل ذلك نرى الغزالى يمنع سفر المريد إلا فى أحوال محدده هى طلب العلم ، ( أو مشاهدة شيخ يقتدى به فى سيرته وتستفاد الرغبة فى الخير من مشاهدته "[8]. .  

 

رابعا : الدعوة للحج الصوفى فى العصر المملوكى :

1 ـ ثم ازدهر التصوف فى العصر المملوكى وكثر المشرعون للحج الصوفى حتى من بين الفقهاء الصوفية الذين احترفوا الهجوم على متطرفى الصوفية، ونمثل لهذا الصنف بالفقيه ابن الحاج العبدرى الذى أكثر فى كتابه ( المدخل ) من الهجوم على صوفية عصره، وأكثر  فى نفس الوقت من الدعوة للحج إلى أشياخ التصوف الأحياء والأموات ،  وحرص على استخدام الأسلوب الفقهى فى الوجوب والإلزام، يقول "ينبغى زيارة قبور الصلحاء والأولياء فى كل موضع مر به المسافر أو الزائر" ويقول "إن زيارة قبور الصالحين محبوبة لأجل التبرك مع الاعتبار،فإن بركة الصالحين جارية بعد مماتهم كما كانت فى حياتهم،والدعاء عند قبور الصالحين والتشفع بهم معمول به عند علمائنا المحققين من أئمة الدين. "، ويقول "ويتعين على الزائر قصدهم من الأماكن البعيدة، فإذا جاء إليهم فليتصف بالذل والإنكسار" ويقول "وينبغى للشخص ألا يخلى نفسه من زيارة الأولياء والصالحين الذين برؤيتهم يحيى الله القلوب الميتة كما يحيى بوابل المطر،فتنشرح بهم الصدور الصلبة،وتهون برؤيتهم الأمور الصعبة .. فتتعين المبادرة إلى رؤيتهم واغتنام بركتهم .. "[9].  ويلاحظ أن ابن الحاج مع استخدامه الأسلوب الفقهى فى الإلزام مثل "ينبغى " " يتعين " إلا أنه تحاشى الإتيان بلفظ الحج واستعمل بدلاً منه كلمة الزيارة كقوله (" ويتعين" على الزائر قصدهم من الأماكن البعيدة")، وهو بذلك لا يخدع إلا نفسه فما الحج إلا الزيارة الدينية من الآفاق .

2 ـ وكان الصوفية الخًلَص أصرح فى العبارة من الفقهاء الصوفية أمثال الغزالى وابن الحاج .. فالدسوقى يقول بصراحة داعياً للحج إلى نفسه فيقول:

حُجّوا إلى ذاتى ، فذاتى كعبة نُصبت

                                والسر فيها كَسّرّ البيت والحرم[10].

 

3 ـ وصار تقليداً بين الصوفية والفقهاء فى العصر المملوكى الدعوة إلى الحج للأضرحة والأولياء مع اختلاف الأسلوب بين الصراحة والتلاعب بالألفاظ ..

يقول السخاوى الصوفى : " وقبور الصالحين لا تخلوا من بركة ،وإن زائرها والمسلَم على أهلها والقارئ عندها والداعى لمن فيها لا ينقلب إلا بخير، وقد يجد لذلك أمارة تبدو له أو بشارة تنكشف له". ولا يكتفى السخاوى بدعوة الأحياء للحج إلى الأضرحة والتسليم على أصحابها بل يدعو الأحياء إلى أن يحجوا بموتاهم أيضاً إلى أقرب مكان للأضرحة المقدسة، يقول "ويستحب أن يقصد الإنسان بميته قبور الصالحين ويدفنه بالقرب منهم تبركاً بهم"[11].

4 ـ وتأتى الأساطير لتأخذ دورها فى الدعوة للحج الصوفى ، فيروى ابن الزيات عن صاحب ضريح أنه رؤى فى المنام بعد موته" فقيل له ما فعل الله بك؟قال : أعطانى نعيماً لا ينفذ، وحياة بلا موت ،والدعاء عند قبرى مجاب "[12]. إذن فقبره كما تحكى الأحاديث الكاذبة   روضة من رياض الجنة، ولم تأكل الأرض جسده والدعاء عنده مستجاب طالما هو فيه حىَ طبقاً لعقائدهم . وابن الزيّات هذا كان من مشايخ الزيارة ، أى من الشيوخ المتخصصين فى إرشاد الزوار أو الحجّاج الى القبور المقدسة فى مقابر القاهرة ، وقد كتب فى ذلك كتابه ( الكواكب السيارة فى ترتيب الزيارة )

5 ـ وبعض الأساطير لا تأتى بالأسلوب القصصى، وإنما بالتقرير الواثق كأن يقول الشعرانى فى جرأة نادرة " عند قبر الولى ملك يخلقه الله من همّة ذلك الولى ومن صورته،ينفذ الله به ما شاء من الأمور "[13]. وطالما خلق الله ملكاً ينفذ طلبات الحجيج عند الضريح فأولى بالناس أن يهرعوا للحج اليه من كل فج عميق . وهذا الفجور فى الكذب قاله الشعرانى بدون استدلال ، لأنّ العصر كان يصدّق كل تخاريف الشيوخ الصوفية ، ويؤمن بأنهم يعرفون الغيب ، ولديهم العلم الالهى اللدنى ، ينهلون منه ما شاءوا.!!

6 ـ وإعتقاد العصر فيهم جعل الصوفية يجرأون على الدعوة فى حياتهم لأن يحج الناس إلى قبورهم بعد موتهم، فالحنفى كان يقول فى مرض موته" من كانت له حاجة فليأت إلى قبرى ،ويطلب حاجته أقضها له، فإن ما بينى وبينكم غير ذراع من التراب، وكل رجل يحجبه عن أصحابه ذراع من تراب فليس برجل "[14]. وقبر الحنفى لا يزال يحظى بالتقديس فى القاهرة.

أما الفرغل فقد كان صوفياً قرويا صعيديا جاهلاً لا يعرف القرآن، ومع ذلك كان يقول فى حياته "أنا من المتصرفين فى قبورهم ،فمن كانت له حاجة فليأت إلى قبالة وجهى ويذكرها ، أقضيها له .. "[15].

ولا يزال قبر هذا الفرغل مقدسا فى الصعيد ،ويطلق المصريون على أبنائهم اسم ( فرغلى ) نسبة له وتبركا به ، فالمجانين ـ دائما ـ فى نعيم .!! .  



[1]
حسن شمة :4.

[2]تحفة الأحباب 290، 291 .

[3]الجواهر 77 .

[4]تكسير الأحجار 141، 142، 145 .

[5]تحفة الأحباب 263.

[6]ديوان البوصيرى 85.

[7]الإحياء جـ3/194.

[8]الإحياء جـ2/219، 221.

[9]المدخل جـ3/26، جـ1/ 124، جـ1/ 125، جـ2/10، 11 .

[10]الجوهرة 100.

[11]تحفة الأحباب 27.

[12]الكواكب السيارة 226.

[13]درر الغواص 92.

[14]الطبقات الكبى للشعرانى جـ2/86.

[15]الطبقات جـ2/93 .

اجمالي القراءات 11365

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (4)
1   تعليق بواسطة   يحي فوزي نشاشبي     في   الأربعاء ١٣ - مارس - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[71344]

المغامرون

 


السلام  عليكم  ورحمة  اللة أستاذنا  أحمد  صبحي منصور..


والله إن ما  ذكر  أعلاه  يفيد  أن  هناك  رجالا  مغامرين  حقا ،  ولكنهم  في  مواقف  لا يغبطون  ولا  يحسدون  عليها .


أيمكن أن  يبلغ  ذكاء  إبليس  هذه  الدرجة ؟؟؟ 


ولعل  السؤال الحقيقي هو:  أيمكن  أن ينحدر الغباء  بأولئك  الرجال  وبالأغلبية  الساحقة  من  المصدقين  إلى  هذا  الدرك  الأسفل ؟؟؟


 


2   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الأربعاء ١٣ - مارس - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[71345]

شكرا استاذ يحيى .وأقول

تخيّل استاذا عالما فى الفضاء أو الذرة أو الجينات ، غاية فى الذكاء فى تخصّصه العلمى ، تنحنى له الجباه وهو يعطى محاضرة . تخيل هذا العالم المحترم وهو ينحنى فى خشوع أما حجر مقدس يعبده ، سواء كان هذا الحجر تمثالا للعذراء أو لبوذا ، أو قبرا مقدسا هنا أو هناك . هناك فارق بين الذكاء والعقل . الذكاء موهبة محايدة يمكن أن يستغلها صاحبها فى الخير أو فى الشّر . العقل فوق الذكاء ، والتعقّل من صفات المؤمن . وبينما يفقد العالم المتخصص إياه عقله فيخشع ويخضع لحجر أو بشر فإن المؤمن حتى لو كان أميا محدود الثقافة يستطيع بعقله أن يرى الحق منيرا ويرى الباطل ظلاما .


من هنا يكون سهلا خداع الناس بالدين ألأرضى .  ولنتخيل أيضا تاجرا حصيفا يلعب بالبيضة والحجر كما يقال فى مصر ، لا يستطيع أحد أن يخدعه ، وعندما تأتى له لتشترى منه سلعة يحاول خداعك ما أمكنه ، وعندما يشترى هو سلعة يجتهد فى شرائها بالبخس . هذا التاجر الماهر الماكر الذكى  لو كان ممّن يعتقد فى التصوف ستراه يبادر بتقديم النذور عند أقرب ضريح يمرّ به ، ولو كان مؤمنا بالسنة البخارية فسيبادر بالتبرع لأقرب مسجد يقول ( تبرع يا أخى لبناء مسجد كذا .. ) . عندها لن يسأل عن مصير أمواله ، ومن سيأخذها . غاب عقله وغاب ذكاؤه .


أسهل الطرق فى خداع الناس هو الدين الأرضى . وبه يتحولون الى ما هو أسوأ من الأنعام التى لا عقول لها .


شكرا .


3   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الأحد ٢٣ - أبريل - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[85834]

الحج الجاهلى للأنصاب والأضرحة والكعبات المقدسة


طبقا لعقيدة الشرك كان الجاهليون يعبدون الله جل وعلا ويعبدون معه الأولياء الموتى من خلال قبورهم المقدسة أو الأنصاب ، وتماثيلهم المقدسة أى الأصنام ، وكل ما يمتّ اليهم أى الأوثان . كانوا يعبدون    الأولياء على أنهم هم الذين يقربونهم الى الله زلفى .  وكانوا فى الجاهلية يقومون بالحج الى بيت الله الحرام ( الكعبة ) ويقومون بالحج ومناسكه لمعابدهم وأوثانهم . كانت هناك معابد كثيرة تقصد للحج ، تحيط بها مساحات واسعة تكون لها(حمى) أو(حرم)، ولا يجوز لأحد انتهاك حرمتها أو الاعتداء عليها، وإذا دخل حيوان فى داخلها عُدَ فى ملك الحرم لا يجوز استعادته. وبالإضافة لذلك فقد زرعوا فى البيت الحرام وحول الكعبة 136 صنما ، ولكل قبيلة صنم . وقد أطلقوا على بعض معابدهم الشركية لقب ( كعبات ) وجعلوها تحوز على تقديس وطواف ونذور وحج مثل الكعبة الحقيقية .  ومن هذه الكعبات :  كعبة ( ذو الشرى) فى بطرا حيث يقوم صنم(ذوالشرى) على قاعدة مكسوة بالذهب والصور فى موضع مرتفع على صخرة عالية ، ويحج إليه الجاهليون للتقرب إلى ذلك الإله الذى عرف بأنه رب البيت . ومنها ( كعبة سندان) وهو قصر، كانت العرب تحج إليه فتطوف حوله، ومنها ( ذات الكعبات) وهى مركز حج قبائل بكربن وائل . وكان بنجران بيت عبادة عرف بكعبة نجران، وهوبناء على هيئة الكعبة، كان إذا قصده الخائف أمن بزعمهم . وكان للصنمين (اللات والعزى) بيوت أقيمت عليها ، وسدنة يقومون بخدمتها، فبيت (اللات) بالطائف، وبيت(العزى) بوادى حراض، وتحج إليهما قريش والعرب، ويتقربون إليها بالذبائح، وكانت قريش قد حمت لإلهتها شعباً من وادى(حراض) يقال (سقام ) يضاهون به حرم الكعبة .. وهناك صخورأخرى بعكاظ تمتعت بتقديس الجاهليين وطوافهم حولها .وكما أن الحج لبيت الله الحرام يكون خلال الأشهر الحرم ، كانت العرب تحج إلى هذه الأوثان والكعبات فى أشهر معينة من السنة، وقد جعلوها أشهراً مقدسة أو حرماً زمنياً بالإضافة للحرم المكانى المحيط بتلك الأوثان .. فلكعبة(ذى الشرى) حج يقع فى اليوم الخامس والعشرين من شهر كانون الأول من كل عام ، فيتوافد إليها الناس فى ذلك الوقت يطوفون وينحرون ويتقربون ..  وهناك أوقات أخرى للأوثان الأخرى .. إلا أن شهر الحج لكل وثن يكون لقاء عاماً يجمع الناس لآداء الفروض وتبادل التجارة 



4   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الأحد ٢٣ - أبريل - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[85835]

أما عن الحج الصوفى :


أرجع دين التصوف عبادة الأولياء وتأليههم بحيث ينطبق على الصوفية كل ما قاله رب العزة فى القرآن الكريم عن عبادة وتقديس الأولياء فى العصر الجاهلى . أرجع التصوف هذا الدين الجاهلى لمجتمعات المسلمين بدءا العصر العباسى الثانى وحتى الآن .إلا إن الصوفية كانوا أشد كفرا من الجاهليين . لأن الصوفية فعلوا ويفعلون ذلك ومعهم القرآن الكريم ، الذى يزعمون الايمان به ، وهم يعرفون جهاد النبى عليه السلام ضد عبادة البشر والحجر ، وهم يزعمون الايمان به . الجاهليون مع عبادتهم لأوليائهم لم يقعوا فى ( الشطح ) أو سبّ الله جل وعلا كما كان يفعل أولياء التصوف ، كما إن الجاهليين مع تقديسهم لأوثانهم ولأنصابهم  وحجهم لكعباتهم فقد كانوا يقدسون البيت الحرام ويحترمون الكعبة ، أما الصوفية فقد أعلنوا إحتقارهم للكعبة وحقدهم عليها ، واعتقدوا بأحقيتهم دونها فى استقدام الناس إليهم  هذا مع أنهم قد حرصوا على وصف أنفسهم وأضرحتهم بصفات الكعبة وخصائصها، فالدسوقى يوصف أنه"كعبة الحقيقة "[1]. وكانت بعض الأضرحة تُبنى على شكل الكعبة مثل جوسق الماردانيين وقد وصفه السخاوى الصوفى بأنه مبنى على هيئة الكعبة وأن الدعاء تحته مستجاب[2]. بزعمهم . والسخاوى الصوفى هذا هو صاحب كتاب ( تحفة الأحباب ) الذى تخصّص فى تعريف الزوّار أو الحجّاج بالقبور المقدسة فى مقابر القاهرة.وهو غير السخاوى الأكثر شهرة المحدّث المؤرخ  المشهور بكتابه ( الضوء اللامع ) .والطريف أن هذا ( الجوسق ) كان عمارة تجارية قديمة تنتمى لعائلة الماردانيين المشهورة فى القرن الثالث الهجرى، ثم مالبث أن تحول الى آثار ، ثم تحول بثقافة التصوف الى معبد يشاع أن الدعاء عنده مستجاب



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5111
اجمالي القراءات : 56,685,128
تعليقات له : 5,445
تعليقات عليه : 14,818
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي