لكتابة ومسئولية الكلمة
الكتابة ومسئولية الكلمة
مسعد حجازى
خلال حياتى الصحفية والإعلامية شاهدت وسمعت وحاورت وقرأت الكثير ومازلت ، وأحاول أن أنقل ما تعلمت للقارئ فى صدق وأمانة ، فمصداقية أى كاتب أو صحفى هى رأس ماله الحقيقى ، ولأن الكلمة فعلا مسئولية جد خطيرة لو علم كل من يمسك بالقلم ،...
الكلمة قد تكون " إكسير الحياة " " لإنسان تملكته مشاعر اليأس والإحباط ، وقد تكون السم الزعاف لإنسان آخر ، وهى قد تبث الحياة والأمل وتحفز الهمم فى أمة بأسرها ، وقد تتسبب أيضا فى نشوب حرب أهلية، وأظن أن المسيح عليه السلام هو الذى قال أن الإنسان لا يحاسب على ما يدخل فمه وإنما يحاسب على ما يخرج من فمه ، فهل الكاتب أو الصحفى حينما يكون صادقا مع نفسه ومع القارئ.. هل يستحق الشكر ؟! أنا أقول لا ، لأن هذا هو ما ينبغى أن يكون ، وهذا هو واجبه ولا شكر على واجب كما يقولون. هكذا تعلمت الصحافة منذ الصغر وهكذا أفهمها. هى مهنة البحث عن الحقيقة لا المتاعب ، أو البحث عن المتاعب والمشكلات لحلها.
وقديما قال احد الفلاسفة أن الباحث عن الحقيقة كمن يبحث عن قطة سوداء فى غرفة مظلمة ، وأنا دائما أبحث عن الحقيقة أو عن قدر يسير منها ، وأجد متعة فى البحث عنها .أحترم كل من يبحث عن الحقيقة وأشك فى كل من يدعى أنه وجدها، لأن الحقيقة وكما قال الفيلسوف العربى الكبير أبو حيان التوحيدى أكبر من أن يستوعبها فرد واحد.
لى الكثير من الهوايات لكن ليس من بينها الكتابة أو الصحافة ، فتلك رسالة وأمانة ومسئولية. ... لا أحبذ أسلوب النصح والإرشاد فى الكتابة ، وإنما أفضل أن أقدم معلومة جديدة وأعرض للصورة من كل جوانبها وأترك للقارئ أن يختار ويحكم بنفسه احتراما لعقله وفكره ، وهذا يتأتى بالقراءة ، والقراءة المتعددة المصادر ، والإلتقاء بالمصادر كلما أمكن ، وبالتفكير وإمعان النظر وحتى يتسنى لك أن تكون رأيا سليما مستقلا عن علم ودراية ومعرفة.
والمعرفة عند الفيلسوف الكبير أفلاطون هى رأى حقيقى، والكاتب الأمريكى جيمى هيندركس هو الذى قال : " إن المعرفة تتكلم أما الحكمة فتصغى "
وعندنا المثل العربى الشائع: " إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب ".
فكرتك أنت فكرة واحدة، شعورك أنت شعور واحد ، خيالك أنت خيال فرد واحد إذا قصرته عليك، ولكنك إذا لاقيت بفكرتك فكرة أخرى، ولاقيت بشعورك شعوراً آخر، ولاقيت بخيالك خيال غيرك، فليس قصاري الأمر أن الفكرة تصبح فكرتين، وأن الشعور يصبح شعورين، وأن الخيال يصبح خيالين.. كلا وإنما تصبح الفكرة بهذا التلاقي مئات الفكر في القوة والعمق والامتداد " .
وقد سأل أحد أبناء الفيلسوف الأمريكي وليم جيمس أباه قائلاً :
" إذا سألني الناس عن مهنتك، فماذا أقولك لهم يا أبتاه ؟ "
قال : " يا بني ! قل لهم إن أبي دائم التجوال ليلقي الأدباء والعلماء والمفكرين، من كل عصر وجنس ودين، يصغي إلي الأموات منهم، كما يصغي إلى الأحياء، يصافحهم على الرغم من المسافات الشاسعة التي تفصله عنهم .. إنه لا يعبأ بحدود جغرافية ولا فترات زمانية " .
ونحن الآن نحيا فى عالم تقاربت فيه المسافات الشاسعة وتحققت فيه فكرة الوحدة المكانية نتيجة للثورة الهائلة التى تحققت فى وسائل المواصلات والإتصالات والإنترنت، وفى عصر الإنترنت ازداد عدد الكتاب من كل لون وجنس، وكل من هب ودب بالملايين، ولا مانع فى هذا فمن حق كل إنسان أن يحصل فى حياته وكما يقول الأمريكيون على خمسة عشر دقيقة من الشهرة، ولكن المهم أن يكون عقل المتلقى – القارىء ـ كالغربال يقوم بتنقية السمين من الغث، والصالح من الطالح والحق من الباطل، وهذه مسئولية القارىء.
كاتب وصحفى مصرى ـ كندى
Mossad_Hegazy@hotmail.com
اجمالي القراءات
5601
كل عام وأنتم بخير ولقد سعدت جدأ بمقالك كما سعدت بكل كتاباتك القوية الهادفة من قبل , ولقد كان حديثك عن الكلمة وقيمتها ووقعها وأثرها على الإنسان والدول وأنها ممكن تؤدى لصلاح الأحوال لو كانت كلمة خير وممكن تؤدى لخراب الذمم والضمائر والبلاد لو كانت كلمة شر ونذكر هنا قول المولى سبحانه وتعالى
( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه )
وقوله سبحانه
( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )
مما بؤكد ويدل على قيمة الكلمة فى حياة الإنسان وأنها قد ترفعه وقد تنزل به إلى أسفل سافلين والعياذ بالله تعالى
شكرا على مقالكم القيم
وارجو لك دوام التوفيق والتفوق