سوء توزيع الثروة يؤدى الى اشتعال الثورة:
ثورة الزنج

أحمد صبحى منصور   في السبت ٢٤ - نوفمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً



1ــ يحرم القرآن الكريم اكتناز الأموال والذهب والفضة "(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ) (التوبة 34: 35"


ويتوعد القرآن ذلك الذي ينشغل باكتناز الأموال بأن يكون عذابه في الدنيا من خلال أمواله وأولاده : (فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ) (وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ) ( التوبة /55 ، 85 ) ويحذر القرآن من تركز الثروة وما تؤدي إليه من وقوع انفجار في المجتمع من الداخل أو من الخارج ، وهي التهلكة التي تنتظر أي مجتمع تتسع فيه الفجوة بين الأغنياء المترفين ، والفقراء الجائعين، يقول تعالي : (وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (البقرة : 2/195) .
هذا هو الإسلام .. ولكن الإسلام في واد والمسلمون في واد آخر ولهذا عرف المسلمون في تاريخهم كثيرا من المهالك ــ التهلكة ــ كان سببها ما حذر منه كتاب الله أي تركز الثروة في أيدي المترفين علي حساب الجائعين ..
ونضرب اليوم مثلا تاريخيا من الدولة العباسية المترفة التي واجهت ثورة الزنوج الجائعين (255ـ 270هـ).
2ــ والحديث عن ترف العباسيين يستغرق مجلدات . ولكن نكتفي منه ببعض اللمحات فقد ظهر ترف العباسيين في منحهم أموال المسلمين في سفه للشعراء المنافقين ، فالشاعر مروان بن حفصه مدح الخليفة الهادي فأعطاه ( 130 ألف دينار ) والرشيد أعطي الشاعر منصور النميري ( مائة ألف) وأعطي اسحق الموصلي(200 ألف). وكان الخليفة يعتقد أنه يملك الأرض وما عليها ومن عليها ، ومن حقه أن ينفق الأموال كيف يشاء. ولديه أئمة الفقه السنى يزينون له أنه صاحب الحق فى أموال الناس وفى حياتهم أيضا يقتل من يشاء و يصادر اموال من يريد . ونفس الحال كان فى الخلافة الفاطمية ودينها الشيعى .
وتحدث المؤرخون عن تبذير الأموال الذي ظهر في حفل زواج الخليفة المأمون من بوران بنت الوزير الحسن بن سهل . فقد كتب الوزيرالحسن بن سهل أوراقا فيها أسماء ضياع وثروات وجعلها في بندق ونثرها علي الحاضرين فكل من أخذ واحدة كسب ماهو مكتوب فيها ، ويقول المسعودي إن الوزير نثر الأملاك والأموال مالم ينثره ولم يفعله ملك قط في جاهلية ولا في إسلام ..!!
ويقال إن جملة ما أنفقه ذلك الوزير بلغ ( 50 ألف ألف درهم ) ..!! وأن الوزير يجري علي طريقة خليفته المأمون ، فقد وصل للخليفة إيراد وصل إلي( 30 مليار درهم ) ففرقه منها علي الحاضرين من أتباعه ( 24 مليار) .
وكان الذهب حلية العباسيين ، وكان الخليفة المعتز ( الذي قتل في السنة التي قامت فيها ثورة الزنج) أول من جعل الذهب في سرج دوابه ، وكان له تاج من الذهب وقلنسوة من الجواهر ووشاحان مليئان بالجواهر ، وقد ثار عليه قواده من الأتراك فعزلوه من الخلافة وأقاموه في الشمس يلطمون وجهه ويقولون له : اعزل نفسك ، ثم بعد أن عزل نفسه قتلوه عطشا ، واختفت أمه ثم ظهرت بعد أن صالحت القائد التركي ابن وصيف فعفا عنها في نظير ما أعطته من أموال قيمته 13مليون دينارمع جواهر قيمتها (2مليون دينار).
وتولي بعده الخليفة المهتدي الذي جنح للزهد ورفض الترف ، فأمر بإخراج أواني الذهب والفضة وضربها دراهم ودنانير، ورفع فرش الديباج وذبح الكباش التي كان الخلفاء يتسامرون بمناطحتها. ولكن سرعان ما ثار القواد الأتراك عليه وقتلوه ، وتولي بعده الخليفة المعتمد الذي واجه ثورة الزنج وعاد لسيرة آبائه في الترف فقد كان له ورّاق ـ أى صاحب ورق أى ما يشبه الناشر فى عصرنا ـ يكتب شعره بماء الذهب ، وانتهي أمره إلي أنه كان يريد الدرهم والدينار فلا يستجيب له أحد وقال في ذلك شعرا :
أليس من العجائب أن مثلي
يري ماقل ممتنعا عليه
وتؤخذ باسمه الدنيا جميعا
ومامن ذاك شيء في يديه
3ــ وكانت ثروة المترفين في العصر العباسي ترجع إلي مجهودات الزنوج وعرقهم .. !!
فقد نشأ الإقطاع الزراعي من خلال الملكيات الواسعة التي كان يقطعها الخليفة لأتباعه ، وكان من أهم هذه الأراضي مناطق كثيرة من الأراضي البور في منطقة البطائح بالبصرة ، ووقع علي الزنوج العبيد عبء استصلاحها، وتخصص التجار في استجلاب هؤلاء الزنوج إلي جنوب العراق وحول الخليج ، وتكدست بهم هذه المنطقة حيث عملوا في استزراع الأراضي تحت ضرب السياط وسوء التغذية ، يحملون علي البغال الطبقة الملحية التي تكونت بفعل ظاهرة المد من الخليج العربي ويكشفون عن التربة الزراعية تحتها ويقومون بنقل أكوام الطبقة الملحية إلي حيث تباع ، وفي نظير هذا العمل الشاق كانوا يحصلون علي غذاء بائس من تمر وسويق ، في الوقت الذي كان فيه المترفون في بغداد بجانب الخليفة يأكلون طبق ( الجام) وهو لسان السمك ، ويبلغ ثمنه أكثر من ألف درهم !!
4ــ لذا كانت معسكرات الزنوج وقودا لثورة الزنج التي قادها مغامر مجهول الاسم تسمى باسم علي بن محمد وقد ادعي النسب العلوي والتشيع ودعا للثورة في المنطقة بين الأعراب النجديين ، وانتقل بهم الى جنوب العراق ،بعد أن غيّر دينه من التشيع الى الخوارج ، كى يتحبب الى الزنوج ويتألف ويتودد الى قادتهم . وبين دينى التشيع والخوارج استغل سوء الأوضاع والفجوة الهائلة بين الفقراء المعدمين في جنوب العراق وحول الخليج وبين المترفين في بغداد حول قصور الخلافة العباسية .
وقد استمرت ثورته من 225 ــ 270هـ . وتكاثر أتباعه ولم تتغلب عليه الدولة العباسية إلا بشق الأنفس ، وقد دخل بأتباعه من الزنج البصرة وأعمالها وخربوها وسبوا النساء وأحرقوا ما وجدوه ، وأعقب ذلك الوباء الذي أفني خلقا لا يحصون ، وذكر الصولي إن صاحب الزنج قتل من المسلمين نحو مليون ونصف المليون ، وأنه قتل في يوم واحد بالبصرة نحو ثلاثمائة ألف وكان له منبر في مدينته يصعد عليه يسب فيه الصحابة ، وقالوا أنه كان ينادي علي المرأة الهاشمية في معسكره بدرهمين وثلاثة دراهم لمن أراد شراءها، وأنه كان عند الواحد من الزنج العشر من السبايا الهاشميات يطؤهن ويستخدمهن ..
أبعد هذا تهلكه؟!
5ــ قبيل ثورة الزنج كان الخليفة المهتدي في جنوحه للزهد يقول لقومه : يابني هاشم دعوني حتى اسلك مسلك عمر بن عبد العزيز فأكون فيكم مثل عمر بن عبد العزيز في بني أمية .. ولكنهم تخلوا عنه وتركوه وحده يحارب الثائرين عليه من القواد الأتراك حتى قتل ، وتولي المعتمد العباسي فزينوا له أن يسير مسيرة أسلافه في الفساد والترف ، وكانت النتيجة أن أصبحت الحرائر من نساء بني هاشم سبايا في أيدي الثائرين من الزنج !!
ويبدو أنه قدر لهذه المنطقة أن تشهد صراعا هائلا بين المسلمين ، سببه تلك الفجوة الهائلة بين المترفين والمعدمين ..
ولا يزال الدرس باقيا بين الأحفاد .

اجمالي القراءات 17243
التعليقات (6)
1   تعليق بواسطة   محمد سمير     في   الأحد ٢٥ - نوفمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[13785]

ذكرتني بالذي مضى

أستاذنا الفاضل د. أحمد حفظك الله من كل سوء
لقد ذكرتني بقصيدة كتبتها ونشرتها حين كنت في السابعة عشرة من عمري عنوانها ( يا نفط بلادي)
وهي تتحدث عن نفس الموضوع .ولعل الذي قال ان التاريخ يعيد نفسه كان صادقا فيما قال.
لقد شجعتني ان انشرها على هذا الموقع المبارك باذن الله تعالى.
تحياتي الأخوية الحارة

2   تعليق بواسطة   كمال بلبيسي     في   الأحد ٢٥ - نوفمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[13793]

الحقيقه بثورة الزنج

السيد الفاضل د. احمد إني اكبر فيك علمك وثقافتك ولكن لي ملاحظه حول ما ذكرته عن ثورة الزنج فقد إستعرت في روايتك عنهم ما كتبه رواة ألأحاديث ووصفوهم بالدمويه وبأبشع الأوصاف محاباة للسلطان في ذلك الوقت كما وصفوك علماء السلطان في هذا الوقت وقد يجوز انهم إرتكبوا مذابح وهذا بالطبع ما يجري مع كل ثوره للمضطهدين ولكنهم بنوا دوله بمقاييس ذلك الزمن تعتبر متقدمه عن اي دوله في زماننا بالنسبه لمنطقتنا فقد عملوا على ملكيه جماعيه للأرض وجميع وسائل ألإنتاج التي كانت متاحه في ذلك الوقت ووزعوا الثروات النقديه التي كانت تمتلكها الطبقات الثريه المستغله لعموم فقراء المسلمين في الدوله التي اسسوها وكانت ممتده من جنوب العراق لضفتي الخليج العربي
وتقبل تحياتي وإحترامي لشخصكم

3   تعليق بواسطة   AMAL ( HOPE )     في   الجمعة ٣٠ - نوفمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[14011]

سيدي الفاضل الدكتور احمد صبحي منصور المحترم , تحية صادقة لحضرتك

وطاب يومك بالف خير
سيدي الفاضل الدكتور احمد,
يقضي الانسان وقتا جميلا متأملا ومفكرا عندما يقرأ شيئا عن التاريخ , وخاصة لما فيه من ظلم الحكام لشعوبهم المغلوبة على امرها , وهذا ما نجده عندما نقرأ تاريخ وخاصة الخلفاء العباسيين في بغداد . وهذا ايضا موجود في تاريخ الدول الاخرى , وما العبارة التي قالتها ماري انطوانيت الا دليل عن جبروت وظلم الحكام لشعوبهم هناك ايضا. شعبها لا يجد رغيف الخبز, وهي تقول ليأكلوا البسكويت !!!!.
وفي الحقيقة هناك شئ استوقفني وانا اقرأ المقالة , وهو عند قرأتي العبارة التالية واسمح لي ان انقلها هنا :
((ويتوعد القرآن ذلك الذي ينشغل باكتناز الأموال بأن يكون عذابه في الدنيا من خلال أمواله وأولاده :
(ويتوعد القرآن ذلك الذي ينشغل باكتناز الأموال بأن يكون عذابه في الدنيا من خلال أمواله وأولاده : (فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ) (وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ) ( التوبة /55 ، 85 ) ))
سيدي الفاضل , وحسب ما فهمت بان الاية المذكورة لا تشجع الناس لا على اكتناز الاموال ولا الزيادة في انجاب الاولاد , لان الاثنان واقصد المال الكثير والعدد الكثير من الاولاد يصبح عذابا لهم في هذه الدنيا ويموتوا وهم كافرون .
عندما كنت في العراق وكثيرا وكثيرا جدا ما سمعت من كثيرين او قرأت بان ((المال والبنون زينة الدنيا)) , وان لم تخني ذاكرتي , فان احدى صديقاتي قالت انه مذكور بالقرأن. ( وحتى اكون واضحة في كلامي سأروي القصة والتي علقت في بالي لانها كانت تخص احدى زميلات العمل . كانت هي وزوجها يعملان في الكويت قبل دخول الجيش العراقي لها . وكان زوجها من اقارب الرئيس ( تكريتي ) , وعندما انسحب الجيش العراقي من الكويت , كانت هي وزوجها من ضمن من غادروا الكويت ورجعوا الى بغداد . حالتهم المادية كانت عالية جدا جداجدا. حتى لا اطيل بالقصة , عندما رجعا كانا يملكلان سيارة متطورة جدا وغالية جدا جدا , ووفي احدى الايام سرقت السيارة .. وعندما رجعت للعمل في اليوم التالي كانت تبكي بكاءا مرا وبحرقة , ووقفت معها اخفف عليها مصيبتها , فقالت لي , كيف تريدين ان لا ابكي (( وقد ذكر في القرأن المال والبنون زينة الدنيا , وحتى الله سبحانه وتعالى , قدم المال على البنون ). ولذلك تراني اتذكر الكلام بكل وضوح .
فهل كانت هذه المراة تجانب الحقيقة .
سيدي الفاضل ,
هذا ما استوقفني , ففي الايتان التي ذكرتهما حضرتك , الكلام واضح جدا , فلا المال ولا الزيادة بعدد الاولاد يشجع الله عليها وهي مصدر ((عذاب ))له فكيف تكون ايضا ((زينة الدنيا))
اعذرني وانا اسفة لو تعديت حدودي ولكن مجرد سؤال راودني وانا اقرأ المقالة .
طاب يومك بالف خير وعافية .
امل

4   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الجمعة ٣٠ - نوفمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[14012]

أهلا بالأحبة

الاستاذ محمد سمير
أرجو أن تثرى الموقع باشعارك .. وشكرا لك .
الأستاذ كمال بلبيسى :شكرا على ملاحظتك الصادقة. واسمح لى بالتعقيب :
أولا :الثابت أنهم ارتكبوا مذابح ،ووهذا ما لم ينكر أحد حدوثه .
ثانيا : المجال لا يتسع لذكر كل تفصيلات حركة الزنج التى احتلت عشرات الصفحات فى تاريخ الطبرى . ثالثا : المنهج العلمى فى كتابة المقال التاريخى القصير هو التركيز على ناحية واحدة فقط وتوضيحها. وكما ترى فمحور المقال ليس مجرد ثورة الزنج ولكن سوء توزيع الثروة الذى أدى الى قيام ثورة الزنج . ومن هنا جئت باستشهادات من بطون كتب التاريخ العباسى تشير الى الترف و السرف من ناحية مقابل الشظف و الجوع من ناحية أخرى ، ثم عززت الرأى بالقرآن الكريم لأثبت حقيقة قرآنية مسكوتا عنها وهى ان الفجوة الهائلة فى توزيع الثروة ينتج عنها انفجار المجتمع من الداخل. وحدث هذا فى العراق ومصر مرات عديدة فى التاريخ. وهو يحدث فى العراق الان ، ومرشح للحدوث فى مصر وغيرها. وهدف هذا المقال التاريخى القصير المعم بالأدلة القرآنية و التاريخية ليس لمجرد التسلية ولكن للتحذير من كارثة قادمة تهدد كل بلاد (المسلمين ).
وأرجو أن تكون الرسالة قد وصلت لمن يهمه الأمر.

5   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الجمعة ٣٠ - نوفمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[14013]

أهلا بالاستاذة أمل

يسعدنى الرد على تعليقاتك يا أمل ..
ان الله جل وعلا يقول (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) هذا ما يردده المسلمون بل وقد ركزوا عليه حتى جعلوه مثلا يقال فى كل وقت ، وبسبب التركيز عليه نسوا إكمال الاية وهى تقول (وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا) ( الكهف 46 ).
بل إنهم حتى لم يتدبروا معنى كلمة (الزينة) ومقارنتها بالأصل والجوهر الباقى المشار اليه فى بقية الآية:(وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا).
ونشرح الموضوع:
زينة المرأة ـ مثلا ـ يظهر فيما تضعه من مساحيق واكسسوارات ..هل هذه الزينة تعبر بصدق عن جوهر المرأة التى تتزين بها ، حتى لو كان جمال المرأة الطبيعى وشبابها وأنوثتها هو الزينة الدائمة لها فالى متى تدوم تلك الزينة الطبيعية ؟ وهل ستبقى الى أرذل العمر ؟ الواضح ان الزينة مجرد شىء زائل لا ينبغى التعويل عليه، ولكن التعويل يجب أن يكون على الجوهر الذى سيصاحب الانسان الى الآخرة ، وهو عمله. فاذا كان عملا صالحا فهو خير ثوابا وخير املا.
وشكرا يا أمل ..


6   تعليق بواسطة   AMAL ( HOPE )     في   السبت ٠١ - ديسمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[14045]

سيدي الفاضل الدكتور احمد صبحي منصور المحترم , بعد التحية الصادقة

طاب يومك
وجزيل الشكر لحضرتك لاجابتك على سؤالي . الذي نشاهده حقا , ان الكثيرين يطبقونه ( اقصد المال والبنون زينة حياة الدنيا), فان لم يكن بتكديس الاموال باعتبارها زينة ( لعدم مقدرتهم على ذلك ), فأنهم ينجبون الكثير من الاولاد زينة لحياتهم الدنيوية و من دون ان يفكروا , هل يستطيعون العناية وتربية هؤلاء الاولاد وتهيئة كافة مستلزمات الحياة الكريمة واللائقة لهم , وشكرا لحضرتك مرة ثانية.
وطاب يومك بالف خير
امل


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
باب دراسات تاريخية
بقدمها و يعلق عليها :د. أحمد صبحى منصور

( المنتظم فى تاريخ الأمم والملوك ) من أهم ما كتب المؤرخ الفقيه المحدث الحنبلى أبو الفرج عبد الرحمن ( ابن الجوزى ) المتوفى سنة 597 . وقد كتبه على مثال تاريخ الطبرى فى التأريخ لكل عام وباستعمال العنعنات بطريقة أهل الحديث ،أى روى فلان عن فلان. إلا إن ابن الجوزى كان يبدأ بأحداث العام ثم يختم الاحداث بالترجمة او التاريخ لمن مات فى نفس العام.
وننقل من تاريخ المنتظم بعض النوادر ونضع لكل منها عنوانا وتعليقا:
more