أشعب الطامع

أحمد صبحى منصور   في الخميس ٢٢ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً


هناك شخصيتان تدور حولهما أكثرية النوادر في الأدب العربي، أشعب وجحا، والمقطوع به أن جحا شخصية خيالية انحدرت إلينا من آسيا الصغرى تحمل على عاتقها شتى المؤثرات الثقافية من عربية وتركية وفارسية، وتحمل في داخلها الكثير من التناقضات تبعاً لذلك..

ـ أما أشعب فهو شخصية حقيقية عاشت في المدينة المنورة، وعمَّر صاحبها طويلاً، إذ أدرك خلافة عثمان وظل يتنفس إلى عصر المنصور العباسي أو ابنه المهدي على خلاف في الروايات..

أشعب في المدينة

ـ وقضى أشعب ذلك الع&atcute;مر المديد في المدينة في عصرها الأموي الذي تزعمت فيه المعارضة السياسية للأمويين، ذلك الموقف الذي حدا بالأمويين إلى إغراق صنائعهم فيها بالأموال بينما زهد أغلبية المعارضين في متاع الدنيا وصاروا أئمة في العلم بين التابعين.. وبين هؤلاء وأولئك عاش أشعب محتاراً، كان ثوب العلم يتسع لأشعب وأمثاله من الموالي ويتيح لهم الفرصة والنبوغ واثبات الذات في المجتمع الإسلامي، ولكن لم يكن لأشعب صبر على مجالسة العلماء ولم يكن لديه المال ما يعينه على الرحلة إلى الكوفة والبصرة ومكة والفسطاط ولم يكن لديه أيضاً الرغبة إلا في التمتع بطيبات الحياة شأن المترفين الأغنياء، وبسبب فقره المدقع ونسبه المجهول وكونه من الموالي فإنه لم يكن له إلا أن يتسول من هنا وهناك راضياً لنفسه بهذه المنزلة، وكل ما هناك أنه يستر موقعه بالنوادر التي تنطق عن ظرف ونباهة أضاعها صاحبها في التافه من أمور الدنيا..

اتفاقهم في نوادر أشعب

واختلافهم في أشعب نفسه

ـ ومن الغريب أن المؤرخين والرواة عنوا أشد العناية بتسجيل نوادر أشعب وطرائفه ولم يختلفوا بشأنها لأنه شخصية حقيقية عاشت في عصر الرواية والتدوين، وذلك بخلاف جحا الذي يضيف له كل عصر ما يتيسر له من نوادر وأقاصيص مستوحاة من ذلك العصر ومن كل مكان .

ونعود إلى أشعب ونقرر بكثير من الدهشة أنه مع عناية المؤرخين والرواة بجمع نوادر أشعب وعدم الاختلاف بشأنها إلا أنهم اختلفوا في أشعب نفسه؛  في أصله وفصله ونسبه ونشأته، مع إنه عاش في عصر وفي بيئة تحتفل بالنسب العربي وبالولاء لغير العربي. فهناك اختلاف في اسمه فيقال له أشعب الطامع ويقال له شعيب ـ ويقال أنه أشعب بن جبير ـ ويقال أنه أشعب بن حميدة المدني ـ ويقال انه مولى لعثمان ، ويقال بل هو مولى لسعيد بن العاص، ويقال مولى لعبد الله بن الزبير ، ويقال مولى لفاطمة بنت الحسين ـ ، ويقال أن أمه هي أم حميدة وأم حميدة بفتح الحاء وضمها، ويقال أن أمه جعده مولاة أسماء بنت أبي بكر.

ـ ويقال أنه خال المؤرخ الواقدى، ويقال أيضاً انه خال الأصمعي، على ما بين الواقدي والأصمعي من تباعد..

ـ ويقال أن فاطمة بنت الحسين هي التي كفلته و قامت بتنشئته، ويقال أيضاً أن بنت عثمان بن عفان هي التي كفلته وقامت بتنشئته..

ـ والواضح م هذه الاختلافات أن أشعب شغل الناس بنوادره عن البحث في أصله ونشأته، ولم يهتم هو بأكثر من أن يكون سميراً ومنادماً لأولي الجاه والمأكل الطيب كي يشبع نهمه للطعام  في مقابل نوادر يتفوه بها يضحك لها السادة، ورضي هو بهذه الحياة ورضيت به تلك الحياة..

أشعب مطرب في أرذل العمر!!

ـ ويذكر الخطيب البغدادي ـ ويذكر قبله ابن جرير الطبري ـ أن أشعب قد زار بغداد في خلافة أبي جعفر المنصور فطاف به فتيان نبني هاشم يغني لهم ـ وكان أشعب وقتها في أرذل العمر، ومع ذلك وجدوا الطرب في ألحانه، وادعى أنه أخذ الغناء عن معبد وان معبد أوصى بأن يؤخذ عن أشعب اللحن وادعى أن معبداً اعترف بأنه أي أشعب أحسن تأدية للحن منه!! .. ولأن معبد قد مات فإن العهدة التي على الراوي ـ أي أشعب ، والواضح أن تلك الموهبة التي طرأت على أشعب فجأة في بغداد في زيارة لها إنما هي طريقة جديدة وذكية من أشعب يتذوق فيها أموال مترفي بغداد وطعامهم، وأولئك لم يكونوا يحفلون بمقدرة أشعب على الغناء والتلحين في أرذل العمر قدر ما يعنيهم أن يروا ذلك الرجل الذي شغل آباءهم بنوادره عشرات السنين..

التسول في قصة حياة أشعب

بدأ أشعب حياته بمجالسة العلماء ورواية الحديث عنهم إلا أنه سرعان ما تنكب الطريق إلى التسول الذي احترفه إلى نهاية العمر. وكان يختار أشراف المدينة ليتسول منهم، وبدلاً من أن يأخذ العلم مثلاً ويروي الحديث عن سالم بن عبد الله بن عمر كان يتسلق جدار بيته ليتسول منه مالاً فيقول  سالم : ويلك يا أشعب لا تسل .. وبدلاً من أن يأخذ العلم عن القاسم بين محمد بي أبي بكر فإنه كان أيضاً يدخل على بستانه بدون إذن ويطرده القاسم لأنه يكرهه فيقول له أشعب أسألك بوجه الله لما أعطيتني عزقاً من الفاكهة فيعطيه ، ومفهوم أن القاسم كان يكره اتجاهه للتسول وتركه للعلم..

ـ ومنذ صغره كان أشعب يعرف كيف يصطاد الصدقة من أشراف المدينة،وهناك رواية تقول أنه رأى علَى عبد الله بن عمر كساءاً جيداً فقال له سألتك بوجه الله إلا أعطيتني هذا الكساء، فما كان من ابن عمر إلا أن رمى له الكساء، ويعترف أشعب أن ابن عمر كان يبغضه..

والواضح أن أشعب كان يتسول المال والطعام والكساء، وكان يحصل على ما يريد بسهولة ولا يعدم وسيلة من أفانين القول في حمل الآخرين على إعطائه ما يريد، وقد كان الضحاك بن مخلد سائراً إلى منزله بالمدينة فسار أشعب خلفه فضاق صدر الضحاك بسير أشعب خلفه فالتفت إليه يسأله : مالك يا أشعب؟ فقال : يا أبا عاصم رأيت قلنسوتك قد مالت فتبعتك وقلت لنفسي لعلها تسقط فآخذها لي، فأخذ الضحاك قلنسوته ودفعها إلى أشعب وقال انصرف.. وانشغل أشعب بالتسول كلية عن طلب العلم حتى مات الشيوخ الذين كان يجلس إليهم وجاء جيل جديد عرف أن أشعب كان يجالس في شبابه أولئك الشيوخ فسألوا أشعب قائلين : طلبت العلم وجالست العلماء ثم تركت ذلك وأفضيت إلى المسألة(التسول) فلو جلست لنا وجلسنا إليك فسمعنا منك، فجلس لهم وحدثهم فقال : سمعت عكرمة يقول سمعت ابن عباس يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " خلتان لا يجتمعان في مؤمن" ثم سكت ، فقالوا له ما الخلتان ؟ فقال : نسي عكرمة واحدة ونسيت الأخرى.. فتركوا الجلوس إليه وتفرغ بعدها لطريقه في التسول .. ورحل الشيوخ الذين كرهوا انصراف أشعب عن العلم إلى التسول والمجون، وجاء جيل جديد عرفه بهذه الصفة واستراح إلى  ظرف أشعب ونوادره ، وبذلك دخل أشعب إلى مرحلة جديدة في التسول كان فيها يشترط على الأعيان شروطه الخاصة حتى يحضر موائدهم ويدخل بيوتهم، ويذكر الخطيب البغدادي أن إنساناً دعا أشعب إلى زيارته في بيته فقال له أشعب : لا والله ما أجيئك أنا أعرف الناس بكثرة جموعك. فتعهد الرجل بألا يدعو أحداً في البيت سواه، فأجابه أشعب ، وعندما وضعت المائدة طلع عليهم صبي فصاح أشعب بصاحب الدار يسأله عن ذلك الصبي الذي ظهر فجأة ولماذا خالف الشرط، فقال له الرجل هذا ابني وفيه عشر خصال، فقال أشعب ما هي؟ قال الرجل : الأولى أنه لا يأكل مع ضيف قط، فأسرع أشعب يقول حسبي هذه والتسع الباقيات لك..

أشعب في موائد الطعام 

ـ وحضور أشعب في موائد الطعام كان أحد مظاهر التسول في حياته، إذ كان يفرض نفسه على الدعوات ، وكانت سمعته بالفقر والتسول تفرض على الآخرين دعوته للموائد خصوصاً بما اشتهر عنه من نوادر وظـُرف ..

ويحكي أشعب أنه دخل على سالم بن عبد الله بن عمر فقال له : يا أشعب حمل إلينا جفنة هريسة وأنا صائم فاقعد فكل . فاجتهد أشعب في أن يأكل الجفنة كلها ، فقال له سالم : لا تحمل نفسك فوق طاقتها واحمل ما تبقى منك إلى بيتك . فلما رجع إلى بيته قالت له امرأته : يا مشئوم بعث إليك عبد الله بن عمرو بن عثمان يطلبك ، فقال لها : وماذا قلت له ؟ قالت : قلت له أنك مريض ، فقال أشعب أحسنت، وصبغ نفسه بالصفرة وعصب رأسه واتكأ على عصا وادعى أنه مريض ، وذهب إلى حفيد عثمان بن عفان يدعى أنه مريض منذ شهرين وما رفع جنبه من الأرض ، ولم يعرف أشعب أن سالم بن عبد الله في البيت مع عبد الله بن عمر بن عثمان، فغضب سالم بسبب كذب أشعب ، وسأل عبد الله بن عمرو عن السبب فاعترف له أشعب فضحك مع جلسائه وأكرم أشعب وأعطاه..

وكان زياد ألحارثي رئيساً لشرطة المدينة وكان مع بخله يضطر لدعوة الناس في رمضان للإفطار عنده،فدخل أشعب ضمن المدعوين، وكان على المائدة طبق هام اسمه مصلية فأمعن أشعب من الأكل فيه وزياد ينظر إليه مغتاظاً لا يستطيع الكلام والاعتراض، فلما فرغوا من الطعام لم يستطع زياد منع نفسه من أن يقول لأشعب : ما أظن أن لأهل السجن إماماً يصلي بهم في رمضان فليصلِّ بهم أشعب، فأسرع أشعب يقول له : هناك شيء أفضل من ذلك، ألا أذوق عندك مصلية أبداً .. فخجل زياد وتغافل عنه..

ـ وروى سليمان الشاذ كوني  أنه كان له ابن في المكتب يتعلم القرآن عند المعلم وأشعب جالس فقرأ الصبي قوله تعالى" إن أبي يدعوك" فانتفض أشعب واقفاً ولبس نعليه وقال للغلام : امش معي إلى أبيك ، فقال الصبي له : إنما أقرأ في المصحف، فقال له أشعب مغتاظا : قد علمت أنك لا تفلح أنت وأبوك..

ـ وكان أشعب ضيفاً مستمراً على طعام سالم بن عبد الله بن عمر لا يكاد يفارقه، فأراد سالم يوماً أن يأكل مع بناته فخرج إلى بستان له ليأكل معهن، وذهب أشعب إلى داره فعرف بالقصة، فذهب إلى البستان وصعد على سوره فلما أشرف على البستان ورآه سالم أسرع يغطي بناته بثوبه ويقول بناتي .. فناداه أشعب من فوق السور : لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد..

الطمع فنون عند أشعب

ـ وتقبل الناس شهرة أشعب بالطمع وخلطوا ذلك بإعجابهم بنوادره وظرفه فكانوا يقصدونه يسألونه أخباره ونوادره في الطمع وآخر ما قال .. ويتناقلون رواياته ويتسامرون بها..

ـ ومنها روايات مشهورة ، مثلما روى أن الصبيان أرهقوه باللعب والأذى فأراد أن يصرفهم عنه فقال لهم : ويحكم أن سالم بن عبد الله يقسم تمراً، فصدقه الصبيان وجروا إلى بيت سالم، فما لبث أشعب أن جرى خلفهم قائلاً : وما يدريني والله لعله حق..

ـ ومن الروايات المشهورة أنه مر على صانع يصنع قفة ، فقال أوسعها لعل إنساناً يهدي إلى فيها شيئاً ..

ـ وكانوا يسألونه دائماً ما بلغ من طمعك ؟ وكان يجيبهم في كل وقت بإجابة مختلفة وجديدة تدل على ذكاء واستخلاص للمعاني.

قالوا له : ما بلغ منك من الطمع : فقال ما زُفـَّت امرأة بالمدينة إلا قلت لنفسي يجيئون بها لي قبلاً، وقال : ما زُفـَّت امرأة بالمدينة إلا كنست بيتي رجاء أن تهدى إلى، وقال في إجابة أخرى : ما خرجت في جنازة قط فرأيت اثنين يتكلمان إلا ظننت أن الميت قد أوصى لي بشيء . وقال أيضاً : ما رأيت اثنين يتحدثان إلا ظننتهما يريدان إعطائي شيئاً  .. وقال له رجل : ما بلغ من طمعك فقال : ما سألتني عن هذا إلا وقد خبأت لي شيئاً تعطيني إياه.. !! .. وقال في إجابة أخرى : أرى دخان جاري فأسرع بفت الثريد.

وسئل : أرأيت أطمع منك؟ فقال نعم، كلب أم حومل يتبعني فرسخين وأنا أمضغ ، وقد حسدته على ذلك.. والواضح أنه كان يقصد إسعاد سامعيه وانتزاع الابتسامة منهم ..

وكان ذلك يجعله يتجه بنوادره إلى معاني أخرى بعيدة عن شهرته بالطمع، فقد قال رجل : كان أبوك عظيم اللحية فمن أشبهت أنت؟ فقال له : أشبهت أمي . وحكى نفسه أنه تبع امرأة فقالت له : ما تصنع بي ولي زوج؟ فقال : تسرِّي بي .. أي تجعله جارية لها .. وجلس يوماً إلى رجل من أحفاد عقبة بن أبي معيط وقال لأحد الهاشميين يعلل سبب جلوسه : أصطلي بناره..

ـ وكانت الحكمة تخرج أحياناً على لسانه، فقد قيل له أن صلاتك خفيفة فقال : إنها صلاة لم يخالطها رياء، وقال له رجل : ضاع معروفي عندك فقال له : لأنه جاء من غير محتسب ثم وقع عند غير شاكر.

أشعب الإنسان

ومعنى ذلك أن أشعب كان يضم جوانحه على عقل واعٍ إلا أنه رضي لنفسه بالدنية ، وكان أحياناً يفيق لنفسه ويتذكر مجالسة الأولى مع كبار التابعين فيسير في طريق التوبة ويتعبد ويتنسك ويقرأ القرآن وكان حسن الصوت في قراءة القرآن، إلا أن سفهاء المجتمع ما يلبثون أن يجذبوه إلى ما سارت عليه حياته لأنه أصبح جزءاً من تسلية حياتهم الفارغة . ويروى ألمدائني أن أشعب تعلق بأستار الكعبة يقول .. إليهم اذهب الحرص عني ... ثم ما لبث أن رجع إلى حالته الأولى بعد أن مرَّ على أعيان قريش وغيرهم وأحس بالحاجة إلى عطائهم وطمع فيه...

ومع ذلك يبقى أشعب نموذجاً لضعف الإنسان ورغبته الدفينة في السمو والتطهر.

هذه المقالة تمت قرائتها 325 مرة

 


التعليقات (4)
[49544]   تعليق بواسطة  عبدالمجيد سالم     - 2010-07-22
أشعب والتجارة بالفكاهة ، بديلا عن التجارة بالدين .

 رغم أن أشعب كان يجرى وراء إشباع حاجاته ،وكان يستغل الفكاهة لذلك .. ورغم أنه يتحمل ذنب تضييع حياته هباءا وتتضييع ذكاؤه حيث أنه لم يستغل ذكاؤه فيما ينفعه  .. إلا أنني أراه خيرا ممن تاجروا بالدين وعملوا برواية الحديث المكذوب على النبي عليه السلام .. 


إن أشعب يشبه على أيامنا هذه الفنان الكوميدي عادل إمام أو غيره الذين يهدفون إلى إضحاك الناس ويضحكون على الناس أيضا .. 


لقد فشل أشعب في أن يكذب على النبي بعكس الآخرين الأكثر للباقة  وجرأة في الكذب على النبي وإختراع سلسلة الرواة ، وإختراع متن مناسب للجلسة التي يجلس فيها .. فلم يكن أشعب بمهارة أبوهريرة ، رغم حب كل منهما للطعام .. فسلك أبوهريرة التكسب برواية الحديث المكذوب على النبي .. وفشل أشعب رغم أنه قد حاول ولكن خانته لباقته ، ومن المقال السابق نفهم هذا .. فقال أشعث  : سمعت عكرمة يقول سمعت ابن عباس يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " خلتان لا يجتمعان في مؤمن" ثم سكت ، فقالوا له ما الخلتان ؟ فقال : نسي عكرمة واحدة ونسيت الأخرى.. ... 


الواضح أن أشعث لم يرد الكذب على النبي مثل غيره وهذا بالطبع لم يعجب احد من الحاضرين .. لذلك فقد سلك الطريق الأفضل له ولنا وهو التجارة بالفكاهة بدلا من التجارة بالدين ..

 

[49548]   تعليق بواسطة  كمال محمدي     - 2010-07-22
mohamedik1981@ymail.com

السلام عليكم حبيبنا الدّكتور أحمد. أنا طالب جامعي من الجزائر ومنذ مدّة وأنا أبحث عن كيفيّة التّسجيل في الموقع، لكن دون جدوى. وبمجرّد أن أعيد فتح التّسجيلات حتّى قرّرت أن أكون واحدا من أهل القرآن، مشاركا في موقعهم بالتّعليقات ولما لا بمقالات حتّى نكون الجيل الحامل لمشعل أهل القرآن حتّى يأتينا اليقين. ومن ثمّة اخترت أن أشارك بتعليقي هذا في مقالكم الموسوم أشعب الطّامع فيكون أوّل تواصل معكم راجيا أن تقبلونا كأبناء لكم فتعلّمونا ممّا فتح الله به عليكم. والشّكر موصول مسبّقا.


ممّا جاء في مقال الدّكتور أحمد فجلس لهم وحدثهم فقال : سمعت عكرمة يقول سمعت ابن عباس يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " خلتان لا يجتمعان في مؤمن" ثم سكت ، فقالوا له ما الخلتان ؟ فقال : نسي عكرمة واحدة ونسيت الأخرى.. هذا ما يدلّ على أنّ ظاهرة التّنصيص أو إنشاء النّصوص لخدمة مصالح ما عرفت أوجّها حتّى صرنا نقرأ فيما يسمّى كتب الصّحاح ما لا عين قرأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وصار الواحد منهم يكذب على رسول الله ويتحرّى الكذب. وممّا زاد الطّين بلّة التّدليل على صحّة هذه الأحاديث- التّي ما أنزل الله بها من سلطان ولا خرجت من فيه رسول الله- هو إحداث الإسناد لإثبات صحّتها، وكأنّي بهؤلاء القوم لم يشمئزّوا من كذبهم بل أرادوا أن يقوّلوا الرّسول ما لم يقل ومن ثمّة أصبح التّنصيص عمل من لا عمل له. وما قام به أشعب إلاّ النّزر اليسير من ألوف الأحاديث المختلقة حتّى قال أحدهم أنّه كان يحفظ ألف ألف حديث- لا أدري إن كانت له ذاكرة مثل الذّاكرات المصنّعة في معامل المايكروسوفت- عصرها ليخرج منها ألفي حديث.

أمّا ظاهرة التّسوّل فحدّث ولا حرج، الآلاف من النّاس يعيشون على ما يقتاتون من المزابل ومن فضلات أكابر مجرميها وأموال المسلمين تذهب هباءا في حفلات المجون وفي بناء السّجون فلا نجونا ولا هم يحزنون. وكأنّ هذه البلدان وما فيها من خيرات هي ملك لآل فلان من سدنة هيكل الطّغيان وأوليائهم من محرّفي ومخرّبي الأديان.

و السّلام عليكم

 

 

[49553]   تعليق بواسطة  رضا عبد الرحمن على     - 2010-07-22
رغم وجود كل هذه الصفات فى شخصية أشعب لكنهم قالوا (أسند عنه حديثين)

ذكر فى البداية والنهاية الجزء العاشر
 


لابن كثير
 


عن أشعب الطامع
 


أشعب الطامع




وهو: أشعب بن جبير، أبو العلاء، ويقال: أبو إسحاق المدني، ويقال له: أبو حميدة.


وكان أبوه مولى لآل الزبير، قتله المختار، وهو خال الواقدي.


وروى عن عبد الله بن جعفر: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلمكان يتختم في اليمين».


وأبان بن عثمان، وسالم، وعكرمة.


وكان ظريفا ماجنا يحبه أهل زمانه لخلاعته وطمعه، وكان حميد الغناء، وقد وفد على الوليد بن يزيد دمشق، فترجمه ابن عساكر ترجمة ذكر عنه فيها أشياء مضحكة، وأسند عنه حديثين.


وروي عنه أنه سئل يوما أن يحدث فقال: حدثني عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال: «خصلتان من عمل بهما دخل الجنة» ثم سكت.


فقيل له: ما هما؟


فقال: نسي عكرمة الواحدة ونسيت أنا الأخرى.


وكان سالم بن عبد الله بن عمر يستخفه ويستحليه ويضحك منه ويأخذه معه إلى الغابة، وكذلك كان غيره من أكابر الناس.


وقال الشافعي: عبث الولدان يوما بأشعب فقال لهم: إن ههنا أناسا يفرقون الجوز - ليطردهم عنه - فتسارع الصبيان إلى ذلك، فلما رآهم مسرعين قال: لعله حق فتبعهم.


وقال له رجل: ما بلغ من طمعك؟


فقال: ما زفت عروس بالمدينة إلا رجوت أن تزف إلي فأكسح داري وأنظف بابي واكنس بيتي.


واجتاز يوما برجل يصنع طبقا من قش فقال له: زد فيه طورا أو طورين لعله أن يهدى يوما لنا فيه هدية.


وروى ابن عساكر أن أشعب غنَّى يوما لسالم بن عبد الله بن عمر قول بعض الشعراء:


مضين بها والبدر يشبه وجهها * مطهرة الأثواب والدين وافر


لها حسب زاكٍ وعرض مهذب * وعن كل مكروه من الأمر زاجر


من الخفرات البيض لم تلق ريبة * ولم يستملها عن تقى الله شاعر


فقال له سالم: أحسنت فزدنا.


فغناه:


ألمت بنا والليل داج كأنه * جناح غراب عنه قد نفض القطرا


فقلت أعطار ثوى في رحالنا * وما علمت ليلى سوى ريحها عطرا


فقال له: أحسنت ولولا أن يتحدث الناس لأجزلت لك الجائزة، وإنك من الأمر لبمكان.


وفيها توفي: جعفر بن برقان، والحكم بن أبان، وعبد الرحمن بن زيد بن جابر، وقرة بن خالد.
 

 

[49558]   تعليق بواسطة  رضا عبد الرحمن على     - 2010-07-22
من هو أشعب ..؟؟ وما هي بعض نوادره .؟؟

من هو أشعب


أشعب هو أبو العلاء، وقيل: أبو القاسم، المعروف بأشعب الطمّاع، ويقال له ابن أم حميده، وابن أم الخلندج، لم يعرف عن اصله شيئاً، إلا أنه شخصية طريفة من أهل المدينة، عاش في العصر الأموي، وكان من موالي عبد الله بن الزبير، ومن المعروف عنه أنه كان كوسجاً، أزرق، احول العينين، أقرع، ألثع، يجعل الراء واللام ياءً، وهذه الصفات جعلت منه مهرجا هازلاً للعامة والخاصة، أضف إلى ذلك انه كان حسن الصوت بالقرآن، وأحسن الناس في أداءه لغناء كان قد سمعه، تكسب أشعب بغنائه وسرعة بداهته، فكان ينتقل في حواضر الحجاز والعراق، باثاً نكاته في كل مكان قصده، وكان البعض يعبث به، ولعل أغربها ما حصل له مع سكينة التي أجبرته على احتضان كمية من البيض حتى فقست جميعها.


من نوادر أشعب


حضر أشعب مرة مائدة بعض الأمراء، و عليها جدي مشوي ، فجعل أشعب يسرع في أكله فقال له الأمير : أراك تأكله بحرد كأن أمه نطحتك ! فقال أشعب : وأراك تشفق عليه كان أمه أرضعتك !


كان أشعب يقص على أحد الأمراء قصة بدأها بقوله : كان رجل، و فجأة أبصر المائدة قد حضرت فعلم أن القصة ستلهيه عن الطعام فسكت . فقال له الأمير : وماذا يا أشعب ؟ فقال : ومات.


خرج سالم بن عبد الله متنزها في ناحية من نواحي المدينة، ومعه أهله وحرمه، فبلغ أشعب الخبر فوافاهم يريد التطفل، فوجد الباب مغلقا، فتسور الحائط عليهم ، فقال سالم : ويلك يا أشعب معي بناتي و حرمي ! فقال له : لقد علمت ما لنا في بناتك من حق و إنك لتعلم ما نريد.


يقال إن أشعب شخصية حقيقية ، بل كان من رواة الحديث ! واسمه هو أشعب بن جبير المدني يعرف بابن أم حميدة ويُعرف بالطمع . توفي سنة 154 هـ و قيل أنه خال الأصمعي الشاعر المعروف. وله ترجمة في تاريخ بغداد وتاريخ دمشق وفي ميزان الاعتدال للإمام الذهبي ، ولسان الميزان للحافظ ابن حجر ، وذكره كذلك ابن كثير في البداية والنهاية ، رحمهم الله جميعا.


قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد :


أشعب الطامع يقال إن اسمه شعيب وكنيته أبو العلاء وقيل أبو إسحاق مولى عثمان بن عفان وقيل مولى سعيد بن العاص وقيل مولى عبد الله بن الزبير وقيل مولى فاطمة بنت الحسين وهو أشعب بن أم حميدة وقيل أم حميدة بضم الحاء وبفتحها وقيل إن أمه جعدة مولاة أسماء بنت أبي بكر الصديق عمر دهرا طويلا وأدرك زمن عثمان بن عفان وروى عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب والقاسم بن محمد بن أبي بكر وسالم بن عبد الله بن عمر وأبان بن عثمان بن عفان وعكرمة مولى بن عباس روى عنه عثمان بن فائد وغياث بن إبراهيم ومعدي بن سليمان وله نوادر مأثورة وأخبار مستظرفة وكان من أهل مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو خال محمد بن عمر الواقدي وزعم أبو عثمان الجاحظ انه قدم بغداد في أيام المهدي.


قال الاصمعي : حدثني جعفر بن سليمان قال : قدم أشعب أيام أبي جعفر بغداد فأطاف به فتيان بني هاشم فغناهم فإذا ألحانه طربة وحلقه على حاله وقال أخذت الغناء عن معبد وكنت آخذ عنه اللحن فإذا سئل عنه قال عليكم بأشعب فإنه أحسن تأدية له مني وقيل إن اسم أبيه جبير ، ويقال أشعب بن جبير آخر وليس هو أشعب الطامع ، والذي عندي أنهما واحد والله أعلم عن عثمان بن فائد عن أشعب الطامع عن عكرمة عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لبى حتى رمى جمرة العقبة قال محمد بن عمر القاضي أشعب الطمع اسمه شعيب ويكنى أبا العلاء وكانت بنت عثمان ربته وكفلته وكفلت بن أبي الزناد معه قال الحافظ ابن حجر في اللسان : أورد القاضي عياض في ترجمة الواقدي في المدارك وتعقبها فقال : لا أدري من أشعب هذا فإن الطامع متقدم من زمن الواقدي يسمع من سالم بن عبد الله بن عمرقال : وقال أهلم العلم بهذا الشأن لا يعرف بهذا الاسم غيرهذا ، هذا كلامه أما شكه فيه لا أثر له فإن الطامع لا شك فيه فقد أدرك الواقدي من حياته خمسا وعشرين سنة وسيأتي قريبا أن أبا عاصم سمع منه وقد تأخرت وفاته عن الواقدي مدة وأمادعواه أن اسمه فرد فهو كذلك فما ذكروا غيره والله أعلم.

 

اجمالي القراءات 25010
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   السبت ٢٤ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[49619]

المدح بالشعر افضل أم قص النوادر

"  ومنذ صغره كان أشعب يعرف كيف يصطاد الصدقة من أشراف المدينة،وهناك رواية تقول أنه رأى علَى عبد الله بن عمر كساءاً جيداً فقال له سألتك بوجه الله إلا أعطيتني هذا الكساء، فما كان من ابن عمر إلا أن رمى له الكساء، ويعترف أشعب أن ابن عمر كان يبغضه.."


ولا أرى عجب في أن يسترزق أشعب  من وراء نوادره ، فالشعراء في عصور كثيرة كانوا يتكسبوا رزقهم من مدح الأمراء والخلفاء ، ولا ينتقدهم الكثير من الناس ، بل كانوا محط إعجاب منعظم الناس يتناقلون أشعارهم ولهم مكانة مرموقة عنهم ، كما أنهم يحظون بعطايا كبيرة من الخلفاء والأمراء ، أما أشعب فكان بنوادره مادة فكاهة لهم ، يضحكهم ويأخذ المقابل وهو بسيط بمقارنته بعطايا الشعراء  وهو دعوة على الموائد ! وهذا أفضل من أن يمدح االخلفاءبالشعر  بما ليس فيهم ، بل وبشكل مبالغ أيضا ، حتى قيل أن أجود الشعر أكذبه !!  فأيهما أفضل الكذب شعرا  أم قص النوادر وإضحاك الناس ؟ 


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
باب دراسات تاريخية
بقدمها و يعلق عليها :د. أحمد صبحى منصور

( المنتظم فى تاريخ الأمم والملوك ) من أهم ما كتب المؤرخ الفقيه المحدث الحنبلى أبو الفرج عبد الرحمن ( ابن الجوزى ) المتوفى سنة 597 . وقد كتبه على مثال تاريخ الطبرى فى التأريخ لكل عام وباستعمال العنعنات بطريقة أهل الحديث ،أى روى فلان عن فلان. إلا إن ابن الجوزى كان يبدأ بأحداث العام ثم يختم الاحداث بالترجمة او التاريخ لمن مات فى نفس العام.
وننقل من تاريخ المنتظم بعض النوادر ونضع لكل منها عنوانا وتعليقا:
more




مقالات من الارشيف
more