احمد صبحى منصور في الثلاثاء ٢٢ - يونيو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
مقدمة :
تولى المادرانيون شئون الخراج فى مصر و الشام فيما بين الدولتين الطولونية والإخشيدية .. وخدموا الدولة العباسية فيما بين مصر وسوريا .. وجمع المادرانيون بين الثروة و الكرم والمهارة فى الكتابة والوزارة وحُسن القيام بخدمة الولاة والإحسان إلى ذوى الفضل و اصطناع أصحاب المروءات .
المادرانيون بين سطور التاريخ :
1 ـ بسبب شهرتهم كتب ابن زولاق فيهم مؤلفا خاصا بهم أسماه " سيرة المادرانيين " ولم نعثر له على أثر سوى ما نقل عنه المقريزى فى الخطط فى بعض مآثر لبعض المادرانيين .
2 ـ على أن أعيان المادرانيين أختفوا بين سطور مبعثرة فى كتب الحوليات التاريخية تواروا فيها خلف الصراع الذى اشتد بين الطولونيين و الدولة العباسية ، حتى أن تاريخ الطبرى الذى عاصرهم لم يذكر إلا واحدا منهم هو إبراهيم ابن أحمد حسين المادرانى وقال انه جاء إلى الخليفة المعتضد فى بغداد من دمشق فى ذى الحجة سنة 282 ــ فأخبره بمقتل خمارويه بن أحمد بن طولون على يد خدمه فى دمشق .
وعرض الخطيب البغدادى لترجمه مختصرة فى كتابه " تاريخ بغداد " لأحد أعيان المادرانيين وهو أبى بكر المادرانى ( محمد بن على ) .
كما أن خليل بن أيبك الصفدى فى كتابه ( الوافى بالوفيات ) قد نقل ترجمة لأبى على الحسين بن أحمد المادرانى .
3 ـ وكنت أظن أن البلوى الذى جمع سيرة أحمد بن طولون سيتحدث عن المادرانيين ..فقد عاصر أعيان المادرانيين وتعامل معهم وشهد تاريخهم الحىّ مع أحمد بن طولون وابنه خمارويه ، إلا أن البلوى لم يذكرهم إلا فى كلمة واحدة فى سياق مدحه لابن طولون وما شيّده من مفاخر ومآثر , فيقول عن إحدى العيون المائية التى استنبطها ابن طولون " ولقد اجتهد المادرانيون وانفقوا الأموال الخطيرة ليحاكوها فأعجزهم ذلك " .. ومع تلك الإشارة القليلة والوحيدة للمادرانيين فهى تشير إلى حرص المادرانيين على أعمال البر والخير ، ولكن تجاهلهم البلوى فى تأليفه لسيرة أحمد ابن طولون ، كما لو أراد أن يعاقبهم لسبب لا نعرفه بالتحديد ، ولكن يمكن فهمه ـ تخمينا ـ فى ضوء ما يقع بين أصحاب الأقلام من تنافس وصراعات وضغائن .
وقد يقال أن البلوى فى تاريخه لابن طولون قد ركّز على مناقب ابن طولون دون غيره ، ولكن يمكن الرد على ذلك بأنه يمكن إضافة مناقب المادرانيين إلى مناقب سيدهم ابن طولون فقد تعلموا على يديه البذل والكرم وساروا على نهجه، والبلوى نفسه يشير إلى أنهم كانوا يحاكونه فى حفر العيون المائية .
على أن الملاحظ أن البلوى قد أهمل تماما دور المادرانيين فى خدمة ابن طولون مع أن الصابّى فى كتابه " تاريخ الوزراء " يؤكد أن على الحسين ابن أحمد المادرانى وابن أخيه محمد بن على المادرانى قد " دبرا أمور بنى طولون فى المال والرجال ولهما فى الكتابه قدم وبالتدبير دراية " .(والصابى مؤلف كتاب تاريخ الوزراء هو هلال بن المحسن بن إبراهيم بن هلال بن إبراهيم بن زهرون بن حبّون الصابئ الحراني ولد سنة 359 وتوفي سنة 448 هـ. وكان من أسرة نبغت في العلم والأدب والتاريخ والطب. )
وتلك المشاركة الفعلية فى السياسة المالية و الوزارية للمادرانيين أغفلها تماما البلوى فى سيرة ابن طولون مما يدل على موقف مسبق من المؤرخ أبى محمد عبد الله بن محمد المعروف بالبلوى الذى مات بعد سنة 330 هجرية , أى أنه عاصر كبار المادرانيين , حسين بن أحمد المادرانى المتوفى سنة 317هجرية , ومحمد بن على المادرانى المتوفى سنة 345هجرية...
مجمل تاريخ المادرانيين السياسى
ونحاول أن نستخلص الإشارات مما ورد بين سطور التاريخ لنتعرف على مجمل لتاريخ المادرانيين فى القرنين الثالث والرابع من الهجرة ...
1 ـ عندما وفد أحمد بن طولون إلى مصر واليا عليها اصطحب معه أحمد بن حسين بن عيسى بن رستم المولود فى بلدة بالعراق تعرف ماذراء , فكان لقبه المارائى ، وبالتصحيف غلب على لقبه المادرانى بدلا من الماذرائى .
وكان لأحمد بن حسين الماذرائى أو المادرانى ثلاثة أبناء من الكتاب ( على ) و ( حسين ) و ( إبراهيم ) وقد عملوا مع أبيهم فى خدمة ابن طولون وخمارويه بن أحمد بن طولون فى مصر والشام .
2 ـ واشتهر ابنه ( حسين بن أحمد المادرانى ) بلقب أبى زنبور البغدادى ، وكان مولده فى بغداد سنة 232 هجرية , ودخل مصر في صحبة أبيه وأخيه ( على بن أحمد ) ، وعمل كاتبا لابن طولون ، وكسب ثقته فولاه خراج الشام ، وظل فيها إلى أن مات أحمد بن طولون .
وبتولى أبو الجيش خمارويه بعد أبيه احمد بن طولون عمل ( حسين المادرانى ) فى خدمته وقام على تدبير دولته , وكان حليما عاقلا له دهاء وكرم وأفعال جميلة , وظل مع أبى الجيش خمارويه إلى أن مات خمارويه مقتولا بدمشق فأرسل حسين أخاه ( إبراهيم بن أحمد المادرانى ) ليخبر الخليفة العباسى المعتضد بمقتل خمارويه , بينما قام بمبايعة ابن خمارويه ، ولبث ينتظر عما تنجلى عليه أمور الطولونيين ، وكان المعتضد العباسى قد تزوج قطر الندى بنت خمارويه تأكيدا على عقد الصلح بين الدولة العباسية ودولة الطولونيين فى مصر والشام . وحافظ حسين المادرانى على علاقته بالخلافة العباسية وبما تبقى للطولونيين من نفوذ ، لذا نراه قد بايع لابن خمارويه الطولونى واستمر فى خدمتهم حافظا للشام ، فلما ذهبت دولة الطولونيين عاد إلى مصر حيث كان أخوه ( على بن أحمد المادرانى ) وابنه ( محمد بن على ) يتمتعان ببعض النفوذ .
وحين عادت مقاليد الأمور فى مصر للدولة العباسية بعد انقراض الدولة الطولونية أصدر الخليفة المعتضد قراراً بتولية ( الحسين المادرانى ) خراج مصر , واحتفظ بهذه الوظيفة في خلافة المكتفى ابن المعتضد .
ومع امتلاء عهد المقتدر بن المعتضد بالتولية والعزل فقد تولى ( الحسين المادرانى ) الخراج فى مصر عدة مرات إلى أن مات بعد أن أكل بطيخاً أصابه بالمرض والهلاك ..
3 ـ وهناك مادرانى آخر اشتهر هو ( أبو بكر المادرانى ) أو ( محمد بن على أحمد ) وأبوه (على ابن أحمد ) كان يتولى خراج مصر لخمارويه. وكان مولد ( محمد بن على) سنة 257 هجرية وتوفى بمصر سنة 345 , وكان شيخا جليلا عظيم الجاه , وبرعاية أبيه توطدت صلته بخمارويه حين كان أميرا ، إذ أقنع أحمد بن طولون بأن يعمل كاتبا لدى خمارويه. وساعدت تلك الصلة بينهما أن وثق به خمارويه بعد تولى السلطة فأعطاه مسؤلية الخراج بعد موت أبيه على بن أحمد المادرانى .
شهرة المادرانيين بالكرم
1 ـ وبسبب طول بقاء المادرانيين في السلطة وإدارة الخراج بمصر و الشام فقد كان لهم ثراء ظهر وانتشر بما كانوا يفيضون منه على الناس وفى وجوه البر والخيرات , مما حدا بالمقريزى في الخطط لأن ينقل بعض حكاياتهم نقلا عن كتاب " سيرة الماد رانيين " لابن زولاق لكى يؤكد أن الفسطاط فى ذلك الوقت كانت ترفل فى النعيم وكان عصر المادرانيين عصر رفاهية وكرم..
2 ـ ويحكى المقريزى أن القائد العباسي مؤنس الخادم حين جاء إلى مصر عزم الحسين المادرانى على أن يقوم بضيافته ، فاستدعى واحدا من الطحانين وقال له : أن لى بقرية مشتول ستين ألف أردب قمحا فإذا وصل الأستاذ مؤنس مصر فقم له بواجب الضيافة . ووصل مؤنس وجماعته فأقاموا فى الضيافة مدة شهر ، وفى نهايته قال كاتب مؤنس للطحان : كم لك علينا حتى ندفعه إليك ؟ فأخبره الطحان بأنهم في ضيافة الحسين المادرانى . وأعلم الكاتب سيدة مؤنس بالأمر فاستنكف ان يكون ضيفا على المادرانى و أمر بدفع تكاليف الإقامه إليه ،وأخبر الطحان الحسين المادرانى بالأمر فذهب مسرعا إلى مؤنس وأكب على يديه و رجليه يقبلها ليسمح له بأن يقوم بشرف ضيافته , فاحتشم منه مؤنس وقال لن أدفع لك الشهر الماضى ولكن لا تعاود ، ولكن المادرانى أمر الطحان بأن يستمر فى إقامة الضيافة . وبعد انتهاء الإقامة جاء إليه الطحان بما تبقى من القمح وأربعمائة دينار فأعطاها له الحسين المادرانى ...
ويعلق المقريزى على تلك الحكايه قائلا (( فتأمل ما اشتمل عليه هذا الخبر من سعة حال كاتب من كتاب مصر , كيف كان له فى قرية واحده ستون ألف أردب من القمح , وكيف فاض له من إيراده ما جعله يقوم بضيافة القائد وجماعته , وكيف لم يعبأ بالباقى وتركه للطحان ومازال إلا من كثرة المعاش .. وقس على ذلك باقى الأحوال .. )!!
3 ـ وينقل المقريزى عن أبى بكر محمد بن على المادرانى أنه حج اثنين وعشرين حجة متوالية أنفق فى كل حجة مائة ألف دينار وخمسين ألف دينار, وأنه كان يخرج معه بتسعين ناقه لخدمة حريمه وسقياهم باللبن بالإضافة إلى أربعمائة ناقة أخرى للسائرين معه من أتباعه , ومعه محامل فيها أحواض البقول واحواض الرياحين وكلاب الصيد , وفى طريقه للحج ينفق على الأشراف وذرية الصحابة . وقد أنفق فى خمس حجات أخرىِ ( 2.2 ) مليون دينار. و كانت جاريته المحظية تواصل معه الحج ، ولها لنفسها ثلاثون ناقه ومائة وخمسون محملاً لجهازها ونفقتها ..
وكان يعطى جراية عينية من الخبز فى كل شهر أكثر من ثمانين ألف رطل يوزعها على حاشيته وأصدقائه ..
4 ـ وحدثت له محنة حين استأثر الأخشيد بحكم مصر والشام ، إذ توالت مصادرات الأخشيد لأمواله وممتلكاته بمصر والشام بالإضافة إلى عزله عن الولايات ..
وقد حكى لجلسائه أن الأخشيد صادر منه نقدا وعينا ما يبلغ مقداره ألفا وثمانين ويبة دنانير . والويبة مكيال للحبوب أقل من الكيلة .. أى كان يكيل الدنانير بما تكال به الحبوب . وحين قال أبو بكر المادرانى ذلك استعظمه السامعون فقال له ابنه : إن الذى أخذه منك أكثر من ذلك وأنا أخبرك به . وأخَذ يعد له مفردات ما صودر منه ؛ فقد صادر ضياعه بالشام وثمنها ألف ألف دينار وضياعه بمصر وهى تبلغ نحو ذلك وما صودر من الأموال السائلة والممتلكات العينية والأحجار الكريمة والنفائس أكثر من ذلك , وبعد جمع الحصيلة كلها زادت القيمة عن ثلاثين أردبا من الذهب !!!
ويعلق المقريزى فيقول : فانظر ما تضمنته أخبار المادرانى وقس عليها بقية أحوال مصر يومئذ. فما كان المادرانى سوى كاتب للخراج , وكانت تلك أمواله ..
5 ـ ويذكر المقريزى أن المادرانى كان يصنع نوعا خاصا من الكحك المحشو بالسكر ويسميه (( إفطن له )) وكانت العادة ان يحشوه بالفستق و السكر والمسك , ثم جعل مكان ذلك قطع الذهب فى أكثرية الكحك , فإذا جاء حظ بعض الآكلين إنه وقعت فى يده كعكه محشوة بالذهب قام أستاذ السماط بالتنبيه عليه قبل أن يأكل قائلا : (إفطن له ).!! وكان من العادة أن يخرج بعض الأكلين بحصيلة من الذهب تغنيه ، وكان المادرانى يتعمد أن يجعل الكحك المحشو بالذهب موضوعا فى أطباق معروفة حتى يتناولها الضيوف ، فإذا أشار أستاذ السماط إلى كحكه فى طبق بأن "إفطن له " عرف الضيوف أن كل الأطباق المماثلة تحتوى " الكحك الذهبى " فاختطفوه .. ويتحول الحفل الى مرح وهرج ومرج وسرور وحبور ، فالضيوف يخرج كل منهم من فمه الذهب ويأكل الكحك ويضع الذهب فى جيبه ..
أخيرا :
1 ـ بالكرم والعطاء وأفعال الخير أرغم المادرانيون التاريخ على أن يفتح لهم أبوابه رغم انهم من حيث الأهمية مجرد كتبة وأعوان للحاكم فى مصر التابع رسميا أو فعليا للخلافة العباسية .
ولكن البطل المجهول صاحب المسرح الذى تدور عليه الأحداث والمصدر الذى يحصلون منه على الغذاء والمال هو الشعب المصرى الذى كان (يكدّ )فى انتاج (الخير) (للغير ).
كان ( يكدّ ) عملا مضنيا تحت نيران الشمس سخرة لينتج (خيرا ) لا يتمتع به هو واسرته بل يتمتع به (غيره)!.
ومن هذا (الخير) ازدهرت العاصمة المصرية وقتها ( الفسطاط )
ومن هذا ( الغير ) أثرى كبار الظلمة والحرامية ، وهم أنواع .
بعضهم كان يستر نفسه بالكرم والبر مع أصدقائه المترفين المتخمين وأتباعه الأثرياء و من يخدمهم أو من يخشى منهم ، وهذا ما كان يفعله المادرانيون ، ولا نعرف هل كانوا بهذا الكرم وعلو الأخلاق مع الفلاح المصرى الحافى العامل فى خدمتهم ؟أم لا ..
الذى نعرفه ونتأكد منه أنه لولا عمل وتعب وعرق وشقاء الفلاح المصرى ما اكتنز أولئك الذهب بالأرادب . ومع هذا لا نعرف آلاف الفلاحين العاملين فى خدمة المادرانيين ..
ولأن الظلم نسبى فإن هناك من عتاة الظالمين من كان يجمع بين البخل والظلم ، وهم أحقر البشر. والى هذا الصنف الواطى ينتمى حاكم مصر الحالى حسنى مبارك وحاشيته ، تضاءل فيهم فعل الخير فلا يعرفون سوى السلب والنهب والبخل والشح والأذى والفساد .
2 ـ وفى النهاية ذهب المادرانيون إلى ما ينتهى إليه كل البشر .. ولكن بقى لهم ما قدموه من مآثر .. حفظها لهم التاريخ .. ومهما أنفقوا من مال وذهب فإنه لا يساوى ما كتبه عنهم ابن زولاق فى " سيرة المادرانيين " ..
وفى النهاية سيذهب حسنى مبارك الى نفس المصير حيث سيقال عنه ( ما أغنى عنه ماله وما كسب ) ، وسيظل ملعونا فى كتب التاريخ .
والعادة أن القلم يبقى والمال يفنى ، وسيفنى حسنى مبارك وأمواله وستبقى لعناتنا عليه ما بقى فى الناس من يقرأ ومن يكتب .
ولذلك أقسم رب العزة بالقلم وما يسطرون .. ولكن أكثر الناس لا يعلمون ...
إبنان لعمر بن الخطاب ضلا الطريق
الشاعر العرجى صناعة أموية
التحقيق فى جريمة قتل غامضة حدثت عام 99 هجرية
الطبرى والقرامطة وآل سعود
تعظيم سلام للصوص مصر العظام
الخليفة المأمون وإمرأة مصرية ..وأشياء أخرى
بداية محاكم التفتيش فى تاريخ المسلمين
البوليس السرى فى عهد أحمد بن طولون
بين بلال الأشعرى وحسنى مبارك
بولس الراهب الحبيس
عضد الدولة البويهى (2)
عضد الدولة البويهى
الخوارج
الصاحب ابن عباّد
عبد الله بن المبارك ..شيخ الحديث
الخلفة العباسى ..القاهر المقهور
هل قطعوا خصيتيه ..أم لا ؟
فى أروقة الحريم العثمانى (3 ) الصراع بين أم السلطان ومحظ
فى أروقة الحريم العثمانى (2) (روكسانة وترويض النمر العثم
فى أروقة الحريم العثمانى (1) طقوس الحريم العثمانى
دعوة للتبرع
ابن ماجه والأجير : ما رأيك في الحدي ث المنس وب للرسو ل ...
اثقال وثقيل: ما معنى ثقيل وجمعه ا اثقال فى القرآ ن ؟ هل هو...
طرف تطرف شطط غلو: من الكلم ات الشائ عة فى ثقافت نا كلمة...
شكرا لك : من ذ ثلاثة أيام وأنا منهمك بكليت ي في...
رجال وذكور: قال تعالى " {إِنّ كُمْ لَتَأ ْتُون َ ...
more
الطولونيون، بنو طولون: سلالة من الأترك المستعربة حكمت في مصر، الشام وفلسطين سنوات 868-905 م.
المقر: القطائع وتقع في القاهرة الآن.
مؤسس السلالة "طولون" كان من الجنود الأتراك في جيش العباسيين. تدرج في الرتب حتى أصبح رئيس الحرس الخاص بالخليفة العباسي في بغداد. ورث ابنه أحمد (868-884 م) هذه الرتبة سنة 854 م. ثم أصبح سنة 868 م واليا على مصر من قبل الخليفة. فور توليه أبدى أحمد بن طولون استقلالية كبيرة في حكمه. منذ 877 م وعن طريق مناورات سياسية مع القادة العسكريين استطاع أن يضم إليه الشام وفلسطين، بنى "أحمد ابن طولون" مدينة (القطائع) لتكون عاصمة لمصر بجوار (الفسطاط)، بنى مسجده المعروف الذي ما زال موجودا حتى الآن في (القاهرة)، ضم إلى مصر بلاد الشام حتى جبال طوروس ونهر الفرات، كما ضم برقة غربا.
وبعد وفاة "أحمد ابن طولون"خلفه إبنه خمارويه (884-895 م) في حكم مصر وملحقاتها، وأقر بذلك الخليفة العباسي الذي زوجه إبنته "قطر الندى"، وقويت صلة "خمارويه" بالخلافة العباسية. بدأت الدولة تتهاوى في عهد ابنه هارون (896-904 م)، كانت الصراعات مع القرامطة قد أنهكتها فانتهز الخليفة العباسي في بغداد الفرصة، وأرسل جيشا كبيرا إلي مصر أسقط به الدولة الطولونية، وعادت مصر إلي سلطة العباسيين مباشرة سنة 905 م.