بحث عمر الشفيع
( ووجدك ضالا فهدى)
يشتغل هذا البحث على الآية
( ووجدك ضالا فهدى) محاولا معرفة ماذا تعني؟ ويحاول البحث أن يقدم مشروع إجابة لبعض الأسئلة مثل ما معنى الضلال في هذه السورة؟ وما معنى الهدى؟ وهل يعني الهدى العصمة المطلقة؟ وهل هناك احتمال لضلال النبي بعد النبوة والوحي؟
للإجابة عن هذه الاسئلة فسوف يناقش البحث النقاط التالية:
المنهاج التوحيدي والمنهج اللساني: وفيها لا يفصل البحث المنهاج التوحيدي وإنما يشير إليه فقط ثم يحاول أن يقارب دلالة ضل في لسان القرءان. والإشارة لهذا المنهاج.تمثل المقدمة لطريقة البحث.
سورة الضحى وسورة الشرح: في هذه النقطة إشارة عابرة لقضية السورتين. (،) (( فاصلة بدلاً من النقطة لترابط مابعد الفاصلة مع ما قبلها )) ويتساءل البحث عن من هو الرب الذي وجد محمدا يتيما( يتيماً) وضالا ( وضالاً ) وعائلا( عائلاً) ؟ ولا يصل إلى نتيجة حاسمة.
تدبر "الضلال" في القرءان: في هذه النقطة تم بحث الضلال في القرءان من حيث الصياغة والإرتباط وفاعل الضلال ثم بعض خصائص مجموعة الضالين وأين موقع محمد قبل النبوة؟
ملخص "الهدى" في سورة البقرة: القرءان هدى وتكثر فيه ألفاظ جذر (هدى) ولذلك حصر البحث نفسه في سورة البقرة مثالا.
احتمال الضلال بعد الهدى: هنا تلخيص نتائج البحث عن هذا الإحتمال وهي أن محمدا لم يضل بعد الهدى لأنه اتبع ما أوحي إليه وإن كاد في بعض الأوقات أن يركن إلى الذين كفروا من قومه.
الختام: وفيه خلاصة مركزة لإجمال سورة الضحى وحاشية عن ما تفردت به من جذر واحد وصياغات متعددة.
ـــــــــ
"اللفظ": هاتان العلامتان لكتابة اللفظ المراد التركيز عليه ولأرقام بعض الآيات.
<الآية>: هاتان العلامتان لكتابة آية أو جزء منها.
{المجموعة}: هذه هي علامة المجموعة في الرياضيات الحديثة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ووجدك ضالا فهدى
البحث
بقلم عمر محمد سعيد الشفيع
القرءان العظيم النازل ( المنزل لأنه نزل بأمر الله تعالى ) على قلب محمد (عن طريق التلقي من لدن حكيم عليم) هو مرحلة التيسير الأخيرة (ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر ـ 4 مرات في سورة القمر) من مراحل تيسير القرءان. الأصل هو القرءان الحكيم في أم الكتاب وقد جُعل عربيا؛(،) وجعله عربيا لا علاقة له بجنس العرب بل الإعراب هنا وفي كل آيات القرءان يعني في دلالة تقريبية الوضوح؛(،) وجعله عربيا يسري على المراحل اللاحقة من عملية التيسير. (،) ويُسِّر القرءان الحكيم إلى القرءان المجيد في اللوح المحفوظ. (،) والقرءان المجيد يُسِّر هو أيضا إلى القرءان الكريم في الكتاب المكنون.(،) ثم يسر القرءان الكريم إلى القرءان العظيم.
القرءان العظيم خطاب من الله تعالى للعالمين؛(،) نزل به الروح الأمين على قلب محمد ليكون من المنذرين. (،) إنه كلام الله وقول الروح الأمين ونطق محمد.(،) وهذا يعني أن كلام الله للعالمين جاء عبر رسول من الملائكة ورسول من البشر.
القرءان خطاب وسيلته النص للحفظ.(،) وأقرب ترجمة لمعنى القرءان في تداولنا المعاصر هي "المحاضرة" التي هي خطاب بصوت مسموع وحاضر بين محاضر ومستمعين من حقهم الإستماع والإنصات والإستيضاح والنقاش والإعتراض.(،) ولفظ "القرءان" يطلق على القرءان كله وعلى المجموعة (أو الحزب) منه وعلى المثناة (سورتان متكاملتان) منه وعلى السورة وعلى الآية.
المنهاج التوحيدي والمنهج اللساني
والمطلوب ممن يؤمن بالقرءان أن يتدبره لا أن يفسره إذ التفسير من الله؛ (،) وهذا التدبر يحتاج إلى منهاج قد يتغير من عصر إلى عصر.(،) والأفضل أن يكون منهاج التدبر توحيديا ينظر إلى القرءان في كليته ليوحد بين كل القضايا المراد مناقشتها ويربطها مع قيم ومقاصد القرءان (الدين القيم) لتجعل المتدبر لآية أو سورة أو موضوع أن ينظر إلى ما يتدبره في إطار شبكة القرءان الكلية.
المنهاج1 التوحيدي يتكون من مناهج تجمع بين حقلي الطبيعة (عالم الخلق ـ الكلمات) والشريعة (عالم الأمر ـ الكلام). وليعمل هذا المنهاج في مجاله فقد يسعى في تدبره لما يبحثه من قضايا عن طريق النهج الترتيلي لجمع ما يخص القضية في كل القرءان أو النهج التسويري بمناقشة قضية سورة بعينها أو غيرها من النهوج المختلفة. والأصل الذي ترتكز عليه هذه المناهج هو المنهج اللساني لأن الإنطلاق في التدبر دون معرفة الدلالات التقريبية (أو الدقيقة إن أمكن) للألفاظ والجمل والآيات سوف يؤدي إلى تدبر يكون بعيدا عن سياق شبكة القرءان وقد يكون منحرفا. والمنهج اللساني وظيفته ضبط الدلالة وتصويب التداول لتوفير المرتكز الذي ينطلق منه بقية علماء التدبر الذين يتفاعلون مع علماء المنهاج اللساني في عملية تأثير وتأثر متبادلين. وضبط الدلالة عملية متحركة هدفها الكشف عن طرق جديدة وفعالة لمعرفة أعماق جديدة لألفاظ القرءان وآياته. وحتى يتأسس المنهاج اللساني لابد في البدء من التفريق بين لسان القرءان ولسان العرب.(،) ولنأخذ مثالا للتوضيح من الجذر الثلاثي "ضل".
الضلال في لسان العرب
اللسان نظام يضبط الكلام الذي نطلق عليه اللغة ولو كان الأمر بيدي لاستبدلت باللغة مصطلح اللهجة لأن اللغة لغو يخرب اللسان بينما اللهجة هي تلهيج بالكلام واخراجه تبعا للّسان في معناه الأصلي كنظام قبل أن يسمى به أحد أعضاء جهاز النطق. والآن ما هو اللسان العربي؟
اللسان العربي يشمل بالإضافة إلى لسان العرب كل لسان يتوافق مع أو يجري حسب اللسانيات العربية وإن لم يتداوله العرب في الواقع مثل اللسان الكامن2 أو يستعمل العرب معظمه في دلالات تقترب أو تبتعد عن دلالاته مثل لسان القرءان.
اللسان العربي = {لسان العرب، لسان القرءان، اللسان الكامن}
اللسان العربي كُلُُّ ولسان العرب جزء منه3.
لسان العرب المقصود به اللسان الذي تكلم به العرب فعلا في فضائهم التداولي في الماضي والحاضر (وليس المقصود به معجم لسان العرب المعروف). ولسان العرب يتمايز عن اللسان العربي في أن لسان العرب هو ما مارسه العرب فعلا ويمثل الجزء التداولي ـ الإستخدامي ـ من اللسان العربي الذي يشمل لسان العرب ولسان القرءان واللسان الكامن.
إذا أردنا أن نعرف معنى الضلال في لسان العرب فليس أمامنا إلا أن نتعرف على جزء من تداول العرب لمعنى الضلال لأن ما سجلته المعاجم لا يتعدى بعض تداول عرب الجزيرة لهذا المعنى وينحصر معظمه في تداول اللهجة العدنانية الجزيرية. والمعاجم تسجل المعنى إما إنطلاقا من مستوى التداول كما فعلت كلها إلا واحدا ومثالها معجم لسان العرب الذي تجد فيه تسجيلا دقيقا لتداول معنى الضلال في فترة محددة متأثرة بلسان القرءان؛ وإما إنطلاقا من مستوى الجذر كما فعل معجم مقاييس اللغة الذي أورد أن "الضاد واللام أصل صحيح يدل على معنى واحد، وهو ضياع الشيء وذهابه في غير حقه. وكل جائر عن القصد ضال."
والنتيجة أن البحث في المعاجم العربية لن يفيد كثيرا في معرفة دلالات الألفاظ القرءانية بل قد يكون أحيانا مضرا.(،) والمثال على ذلك أن هذه المعاجم لم تفرق بين الضلال والضلالة والتضليل ولم تذكر شيئا عن مجموعة الضالين وعلاقاتها بغيرها من المجموعات وخاصة مجموعة المكذبين. ونحن لا نلوم هذه المعاجم لأن ذلك خارج حدود مجالها ولكن المشكلة تنشأ من اعتماد من يبحث ويتدبر في القرءان عليها.
الضلال في لسان القرءان
لسان القرءان هو الجذور والألفاظ والأدوات الواردة في القرءان العظيم من أول سورة الفاتحة وحتى آخر سورة الناس. ويشترك هذا اللسان مع لسان العرب في أنه يمثل مجموعة جزئية من مجموعة اللسان العربي. ولكن يمكن أن توجد بعض الجذور في لسان القرءان غير مستخدمة في لسان العرب أو لها معنى تداولي يختلف عن المعنى الفطري لهذه الجذور في القرءان.
ولسان القرءان يتميز بالمحدودية والتناهي فهو محدود في جذوره وصياغاته التي يمكن إحصاؤها عددا ولكنه متناه في امتداد معانيه عبر الزمان والمكان. وعلينا أن نلتزم الدقة في تدبر لسان القرءان طبقا لأصواته وجذوره لا أن نحيد عنها فهو لسان يتميز بالإعراب والإبانة ومثال على ذلك استخدامه "المنسأة" مع سليمان من الجذر نسأ لأن وظيفتها إنساء (تأخير) علم الجن بموت سليمان بينما جاءت العصا مع موسى في وظيفة أخرى طبقا لجذرها وأصواتها.
ولعدم التمييز بين لسان القرءان ـ وصفته اللسان العربي المبين ـ ولسان العرب فإن المعاجم التي وضعت لمعاني ألفاظ القرءان سلكت ذات المنهج المتبع في معاجم لسان العرب في التعامل مع لسان القرءان؛(،) أي الإنطلاق نحو دلالة اللفظ القرءاني إما من مستوى التداول في غالبها وإما من مستوى الجذر في أقلها.(،) ونتج عن ذلك مشكلتان خطيرتان هما أن مستوى التداول يرجع فيه دائما إلى تداول عرب الجزيرة المتأخرين لأشعارهم وفرض ذلك التداول على المفردة القرءانية في حين أن القرءان نفى عن نفسه وعن مبلغه الرسول الشعر في إشارة واضحة لإختلاف المجالين؛(،) مجال تداول الشعر ومجال تداول القرءان. والمشكلة الأخرى هي تكبيل الفضاء التداولي القرءاني بالفضاء التداولي لما أنتجه "الفقهاء" من مصطلحات في مسيرتهم الطويلة.(،) ولا مجال للتفصيل ويكفي مثالان.(،) المثال الأول لاحظه سبيط النيلي في استخدام القرءان لفظ "مسنون" مع الحمأ ليدل أن الحمأ وضع في سنة ربانية توصله لمرحلة الصلصال لأن الجذر هو "سنّ" بينما "مسنون" تعني في لسان العرب "نتن" التي قد تقترب من الفعل "سنه" إذ الطعام يتسنّه. والمثال الثاني هو السؤال الذي أسأله دائما لنفسي عن دلالة "الصور" و"الأجداث" و"ينسلون" في الآية <ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون>. لنترك لفظ الصور ونسأل لماذا تكون دلالة الأجداث مساوية لدلالة القبور مع أن أصوات اللفظين مختلفة والقبور مذكورة في القرءان؟ ولماذا تكون دلالة ينسلون مساوية لدلالة يقومون؟
والآن ماذا يعني الضلال في القرءان وما معني أن محمدا كان ضالا؟
الضاد واللام المضاعفة هي حركة عامة بدايتها ضاد ووسطها وآخرها لام وهي الحركة التي تكون الجذر الذي تنبني عليه الصياغات المختلفة لهذا الجذر.(،) ولنحاول معرفة معنى هذين الحرفين في ما كتب عنهما حتى الآن وحسب علمي بما نشر في هذا المجال4.
الضاد عند سامر اسلامبولي صوت يدل على دفع شديد جدا متوقف واللام صوت يدل على حركة بطيئة لازمة. وحسب هذا المقترح فإن الدلالة المحورية للضلال ومشتقاته هي حركة تتصف في بدايتها بالاندفاع الشديد ثم يلازمها البطء في ثلثي مجالها.
وتحية عبد العزيز لم تحدد المعنى الدقيق لحرف الضاد ولكنها ذكرته ضمن الأزواج الستة من الحروف الأضداد وهو من مجموعة الحروف ذات القوة أو الحركة العنيفة. وفي هذه الأضداد فإن حرف الضاد ضد حرف الدال حيث أن كل واحد منهما يقابل الآخر ويكمله لأنه يملأ الفرغ الذي لا يملأه ذلك الآخر. المثال الذي جاءت به هو الفرق ضدا بين ضل (فقد الطريق) ودل (رشد إلى الطريق). وحرف اللام يدل على لقاء أو اتصال. والنتيجة أن الضلال حركة قوية أو عنيفة ومتصلة.
و باستقراء القرءان يستبين أن الضلال هو الحركة المضادة لحركة الهدى حيث أن الهدف هو الصراط المستقيم الذي تتجه إليه حركة الهدى وتبعد عنه حركة الضلال. والضلال حركة عامة قد تتخصص بالإبانة أو بالبعد أو بإقترانها بحدث أو شخص أو زمان.
سورة الضحى وسورة الشرح
الآية المراد تدبرها "ووجدك ضالا فهدى" هي الآية رقم 7 في سورة الضحى التي تتكامل مع سورة الشرح في مثناة واحدة والسورتان تتحدثان عن محمد؛
(أ) مفتاح السورة الأولى هو الآية (ما ودعك ربك وما قلى) بينما مفتاح السورة الثانية هو الآيتين (فإن مع العسر يسرا؛ إن مع العسر يسرا
(ب) سورة الضحى تتحدث عن الإيواء بعد اليتم والهدى بعد الضلال والإغناء بعد الإعالة وسورة الشرح تتحدث عن شرح الصدر ووضع الوزر ورفع الذكر.
(ج) الخطاب في السورة الأولى من الله وفي الثانية من الملائكة بدلالة ضمير الجمع؛ إذ أن الله أحد صمد يتكلم بالضمير المفرد ولا دليل على ما يقوله السلف من أن عظمة الله يناسبها أحيانا ضمير الجمع بل العظمة له سبحانه في الإفراد.
(د) في الأولى سؤال <ألم يجدك يتيما فآوى؟> وفي الثانية سؤال <ألم نشرح لك صدك؟>. (صدرك) ومثال ذلك في القرءان <ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل (أو بعاد)>.
وما يهمنا من هذا التدبر هو آية الهدى بعد الضلال. وقبل أن نتدبر الضلال في القرءان لا بد من السؤال عن "ربه" الذي وجده ضالا.
من هو "ربك": هل هو الله أم الملك؟
السؤال من هو "ربك" المذكور في آية < ما ودعك ربك وما قلى > والذي وجد محمدا يتيما
وضالا وعائلا؟
هل هو الله رب الخلق والأمر أم أنه مَلَك يَرُبُّ محمدا بصفته واحدا من الملائكة التي لا تعصي الله ما أمرهافعل "وجد" لم يأت في القرءان مقترنا بالله فاعلا لهذا الفعل لأن الله لا يسهو عن شيئ أو يضيعه حتى يجده
بل جاء هذا الفعل مرتبطا بالملائكة عندما وجدت أيوب صابرا وذلك في الآية 44 ـ43 في الدوري ـ "...إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب" بدلالة ضمير الجمع.
والآية 102 من الأعراف هي مثال لآية أخرى ارتبط الفعل فيها بالملائكة <وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين> وكذلك الآية 36 من سورة الذاريات .
"ألم تر كيف فعل ربك بـ" تركيب لافت للإنتباه ورد مرتين في القرءان العظيم؛ مرة مقترنا بعاد ومرة مقترنا بأصحاب الفيل.والسؤال ما زال قائما من هو "ربك" في هاتين الآيتين؟
والرب جاء في بعض آيات سورة يوسف دالا على البشر فلماذا لا يدل على الملك الذي هو ساجد للبشر؟
ما سبق يرجح أن "ربك" ملك ولكن من أي نوع من الملائكة؟ وهل هو الملك نفسه الذي فعل بعاد وبأصحاب الفيل
تدبر الضلال في القرءان
صياغات "ضل" في القرءان
الجذر الثلاثي للضلال ورد في القرءان في صياغة الفعل و صياغة الاسم؛ أما الفعل فقد ورد في صيغتي ضل وأضل ماضيا ومضارعا في ارتباطات مختلفة بالضمائر واقترن أحيانا بالسبيل وسواء السبيل؛(،) وأما الاسم فقد جاء في صياغات الضلال والضلالة والتضليل والضال مفردا وجمعا والمضل مفردا وجمعا.واسم التفضيل أَضَلّ.
الفعل "ضل" في الزمن المستمر جاء دائما في القرءان العظيم معلوم الفاعل إلا في آية التوبة 37 (يُضَل) في رواية حفص ولكننا في السودان نقرأ الفعل في هذه الآية معلوم الفاعل (يَضِل) برواية الدوري.والفاعل هو مجموعة {الذين كفروا} التي تضم بعض المجموعات الجزئية مثل مجموعة
{الكافرين ـ جمع كافر} ومجموعة {الكُفّار ـ جمع كَفَّار} ومجموعة {الكفرة ـ جمع كفور}.
الضلالة ارتبطت بالهدى والتضليل جاء مرة وحيدة حيث ارتبط بالكيد في حادثة الفيل
ويحسن بنا أن نعرف جزءا من حديث القرءان عن ارتباطات الضلال وعن مجموعة الضالين.
ارتباطات الضلال في القرءان
جاءت ارتباطات الضلال وعلاقاته في القرءان موزعة على:
أولا ـ في ضلال حيث أن كيد الكافرين في ضلال (غافر 25) ودعاء الكافرين في ضلال (الرعد 14 وغافر 50) ومجموعة الكافرين هي المجموعة المرتبطة عبر الدعاء والكيد بـ"ضلال" منكرا غير معرف.
ثانيا ـ ضلالا دعا بها نوح على الظالمين في آية نوح 24 „...ولا تزد الظالمين إلا ضلالا".لأنهم أصلا في ضلال مبين.
ثالثا ـ الضلال وردت مرة وحيدة في آية يونس 32 مقابلا للحق„...فماذا بعد الحق إلا الضلال...".
رابعا ـ في ضلال مبين الذي وصف به ما كان عليه المؤمنون والأميون <وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين> قبل بعثة الرسول من أنفسهم (آل عمران.164 والجمعة 2) ومحمد كان منهم إذ أنه من أنفسهم.
ووصف الظالمون( الظالمين ) استمرارا( إستمراراً ) بأنهم في ضلال مبين (مريم 38 ولقمان 11). ووردت "ضلال مبين" أيضا وصفا لآخرين مثل نوح من قبل الملأ ويعقوب من قبل أبنائه وأمرأة العزيز من قبل نسوة المدينة وغيرهم.
خامسا ـ ضل ضلالا مبينا جاءت مرة وحيدة في آية الأحزاب 36 „...ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا".
سادسا ـ في ضلال بعيد وصف به (أ) الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا (إبراهيم 3) و(ب) الذين يمارون في الساعة (الشورى 18) وفي آية ق 27 „قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد"
سابعا ـ ضل ضلالا بعيدا (نكرة منصوبة) ـ ضلوا أو يضل ـ جاءت فقط في أربع آيات من سورة النساء هي الآية 60 "...ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا" والآية 116 "...ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا" والآية 136 „...ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا" والآية 167 „إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله فقد ضلوا ضلالا بعيدا". إذن "ضل ضلالا بعيدا" هي صفة الفئات (أ) من يشرك بالله و(ب) من يكفر بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر و(ج) الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله.
ثامنا ـ ذلك هو الضلال البعيد جاء وصفا لمثل الذين كفروا أعمالهم كرماد ...(إبراهيم 18) وجاء أيضا في وصف من يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه (الحج 12). والضلال البعيد من غير اسم الإشارة والضمير جاء مقترنا بالعذاب في سبأ 8 „...بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد".
تاسعا ـ في ضلال كبير في أية الملك 9 ـ رقمها 10 في رواية الدوري ـ وفيها تتهم مجموعة (الذين كفروا بربهم) النذير بأنهم في ضلال كبير „قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نَزَّل الله من شيئ إن أنتم إلا في ضلال كبير".
عاشرا ـ في ضلال وسعر وردت فقط في آيتي القمر 24 التي يتكلم فيها قوم صالح عن أنفسهم و47 „إن المجرمين في ضلال وسعر".
وبرجوعنا إلى الآية محل البحث "ووجدك ضالا فهدى" عبر العلاقات السابقة نرى أن محمدا كان من أولئك المؤمنين أو الأميين الذين كانوا من قبل في ضلال مبين.(أتحفظ على هذه الجملة ولا أوافقك عليها أبداً أبداً وفيها جرأة شديدة على رسول الله عليه الصلاة والسلام ))) وضلال مبين جاءت وصفا للمجموعة وليس شرطا أن يكون كل عنصر فيها في ضلال مبين. وتفيد آية الضحى أن محمدا لم يكن في ضلال مبين بل كان ضالا في فترة من مرحلة ما قبل النبوة
تدبر "ضالا"...و"مضل"
والمهم هنا تدبر لفظ "ضالا" في سياق سورة الضحى التي ـ كما أشرنا ـ تتثانى مع سورة الشرح في الحديث عن محمد
وقد سبقت الإشارة أن الله سبحانه وتعالى يتحدث في خطاب سورة الضحى عن الملك وعن محمد بينما المتحدثون في خطاب سورة الشرح هم الملائكة التي قامت بشرح الصدر ووضع الوزر ورفع الذكر.
"ضالا" جاءت نكرة منصوبة تدل على العموم المطلق الذي ذروته غياب الصراط المستقيم. و"فهدى" التي لا مفعول لها ظاهرا جاءت بعد أن وجد الله (عن طريق الملك) محمدا بفترة قصيرة (الفاء) وذروتها الإهتداء إلى الصراط المستقيم. ولنوضح الفرق بين المضلَّلين والضالين والمضلين فسوف نأخذ آية <إنما النسيئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا ...> لنرى ثلاث قراءات للفعل يضل وهي: يُضَل (رواية حفص) ويَضِل (رواية الدوري) ويُضِل (رواية ...).
1. نتيجة القراءة الأولى للفعل المبني للمجهول هي أن الذين كفروا مضلَّلِين ( مضلّلون ) ولا نعرف من الذي أضلهم.
2. ونتيجة القراءة الثانية هي أن الذين كفروا ضالين(ضالون ) ؛ (،) أي أن ضلالهم ذاتي فلم يضلهم أحد ولم يُضِلوا أحدا.
3. أما نتيجة القراءة الثالثة فهي أن الذين كفروا مُضِلِّين( مضلون ) ؛(،) أي قاموا بإضلال غيرهم وهم أيضا ضالون.
وحسب هذه الفروق فالنبي محمد صلى الله وملائكته عليه5 كان ضالا ولم يكن مضللا ولم يكن مضلا. وبالتالي فلم يكن كافرا لأن مجموعة {الضالين} تقع بين مجموعتي {الذين كفروا} و{الذين آمنوا} والإنتقال بين هذه المجموعات في حركة دائمة.
والخلاصة أن الضال هو من اتصف بصفة الضلال وفعله ضل(،) والمضل هو من يضل غيره وفعله أضل. والشيطان عدو مضل مبين والمضلين( المضلون ) لا يتخذهم الله عضدا.(،) ومن يضلل الله فلا هادي له ومن يهده فلا مضل له.(،) وهذا يقودنا إلى أن محمدا لم يضله الله بل هداه الله عن طريق الملك ونتيجة ذلك أنه لا يمكن لأحد أن يضله <والله يعصمك من الناس> بيد أن الضلال الذاتي ما زال إحتماله قائما لأن الله لم يعصمه من نفسه وسوف نتطرق لهذا الإحتمال لاحقا.
مجموعة {الضالين} في القرءان
ذكرت سورة الفاتحة ثلاث مجموعات هي مجموعة {الذين أنعم الله عليهم} ومجموعة {المغضوب عليهم} ومجموعة {الضالين}. آية النساء 69 ذكرت المجموعات الفرعية لمجموعة الذين أنعم الله عليهم وهي مجموعات {النبيين} و{الصديقين} و{الشهداء} و{الصالحين}.
(أ) صفات الضالين انطبقت على المجموعة التي ذكرتها آية آل عمران 90 „إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون".
(ب) في آية الحجر 56 ذكر إبراهيم صفة من صفات الضالين "قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون".
(ج) أما سورة الواقعة فقد ذكرت مجموعة جزئية من مجموعة الضالين هي مجموعة {الضالين المكذبين} في الآية 51 بينما ذكرت الآية 92 مجموعة أخرى هي {المكذبين الضالين} التي هي جزء من مجموعة المكذبين.
(د) وهناك مجموعة {من أضل الله} التي تحوي أيضا مجموعة جزئية أصغر هي مجموعة {المنافقين} (النساء 88) وهي جزء أيضا من مجموعة {الخاسرين} (الأعراف 178) وصفات {من أضل الله} أنه لا سبيل لهم ولا هادي لهم ولا أولياء لهم من دون الله؛(،) والأسوأ أن الله يحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما ... الأسراء 97.
يمكن لمجموعة الضالين أن تضم مجموعات جزئية مثل (1) مجموعة الأضل ـ. الأعراف 179 ـ التي تتقاطع مع مجموعة {الغافلين} و(2) مجموعة الآباء المذكورة في عدد من الآيات و(3) مجموعة الأميين قبل البعثة كما يمكن لها أن تحتوي أشخاصا معينين في أزمان مختلفة مثل (أ) آزر (أبو إبراهيم وليس والده) و(ب) موسى لحظة أن قتل و(ج) محمد قبل الهدى.
الهدى في سورة البقرة
الهدى إلى الصراط المستقيم جاء في سورة الفاتحة مرتبطا بمجموعة الذين أنعم الله عليهم. ثم جاءت تفاصيل عن الهدى في سورة البقرة نذكر هنا بعضا منها:
1. قررت سورة البقرة أن الكتاب (ألم) هدى لمجموعة {المتقين} التي هي مجموعة جزئية من مجموعة {المفلحين}.
2. وعرفت سورة البقرة هدى الله بأنه الهدى <...قل إن هدى الله هو الهدى ...120>.والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
3. وترجع بداية الهدى إلى آدم ومن معه عندما آتاهم الله الهدى بعد الهبوط.(،) ومن يتبع هدى الله فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
4. تكلمت الآيات 153 ـ157 عن مجموعة {الصابرين} وأوضحت هذه الآيات أن الصابرين مجموعة جزئية من {المهتدين}. وصفات الصابرين هي صفات للمهتدين.
5. القرءان الذي أنزل في شهر رمضان هو هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان (الآية 185).
6. والله لا يهدي القوم الظالمين (258) والذي كفر جزء منهم.
7. والله لا يهدي القوم الكافرين (264)
الضلال هو فقدان الصراط المستقيم والهدى حركة قاصدة نحو الصراط المستقيم.
إحتمال الضلال بعد الهدى
لنعرف هذا الإحتمال لا بد أن نعرف الفرق بين "إنْ" و"إذَا6" في التداول القرءاني. الفعل بعد "إن" محتمل الوقوع أي يمكن له أن يقع ويمكن له ألا يقع؛(،) أما بعد "إذا" فهو مؤكد الوقوع وتراجع في ذلك آيات القرءان العظيم.
هنا مثال واحد للفعل بعد "إذا" في الآية 45 من سورة الإسراء <وإذا قرأت القرءان جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا>. قراءة الرسول للقرءان حتمية.ونتيجتها حجاب لا يرى بينه وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة.
وهنا بعض الأمثلة للفعل بعد "إن":
1. هذه الآية <وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ. يونس 106:105> فإن جملة "فإن فعلت" فتحت إحتمال الفعل الذي يقود فاعله إلى مجموعة الظالمين وإحتمال عدم الفعل بأن لا يدعو من دون الله ما لا ينفعه ولا يضره وهذا ما فعله محمد الذي أقام وجهه للدين حنيفا.
2. وهذه الآية <وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ. الأعراف 116> ففيها جملة "وإن تطع ..." التي عمل محمد بإحتمالها السلبي ولم يطعهم.
3. وهذه الآيات <قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ . قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ . الأنعام 16:14> والتي يحذره فيها الله ألا يكون من المشركين وهو نفسه يخاف "إن عصى ربه" عذاب يوم عظيم.
ومع أن محمدا كان من قبل القرءان من الغافلين (يوسف 3) إلا أنه جاهد نفسه في مقام النبوة الذي هو مرتبة من {الذين أنعم الله عليهم} وفي مقام الرسالة التي هي وظيفة البلاغ.(،) وفي مقام الإنسان بصفته بشرا.
وختام ذلك أن محمدا بعد النبوة اتبع الهدى على الصراط المستقيم ولم يضله أحد لأن الله هداه ومن يهده الله فلا مضل له.(،) ومع أن احتمال الضلال الذاتي قائم فإنه لم يقع فيه بل اتبع ما أوحاه ربه إليه <اقُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ. سبأ 50>.
ومحمد النبي (صلى الله وملائكته عليه) والرسول هداه الله ولا يوجد من يضله <من يهدي الله فلا مضل له> حتى الشيطان العدو المضل المبين ولكن يمكن للشيطان أن يهمز محمدا(محمداً) أو أن ينزغه ولذلك فهو يستعيذ بربه منه كما في
1. هذه الآية <وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ . وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ . المؤمنون 98:97>
2. وهذه الآية <وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ . إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ . الأعراف 200:201>.
3. وقد حذره الله في كثير من الآيات أن يتبع أهواء الذين أوتوا الكتاب حتى لا يكون من الظالمين؛ وألا يطيع أكثر من في الأرض حتى لا يضل عن سبيل الله؛(،) وغيرها كثير.
الختام
الضحى والليل الساجي من كلمات الرب الكونية وارتبطا في هذه السورة بالوداع والقِلَى مما يدل على التأثير المتبادل بين السنن التي تحكم الكون وتلك التي تحكم الناس.وكما يغير الرب في ظواهر الكلمات من حالة إلى حالة فكذلك يغير الأنفس وما فيها من حال إلى حال مثل أن يبدل الأولى (يتيما وضالا وعائلا) إلى الآخرة (الإيواء والهدى والإغناء) التي هي خير لمحمد من الأولى. الضحى والليل والليل الساجي تقابل يتيما وضالا وعائلا؛ إذ أن محمدا كان يتيما في ضحى حياته قبل أن يرشد وضالا في طور قصير من حياته يقابل الليل قبل سُجُوِّه ثم أصبح عائلا في طور أطول وهي الفترة التي كان يعول فيها عليا ابن عمه ولا تعني حسب الصياغة أنه كان فقيرا. والملاحظ أن أفعال آوى وهدى وأغنى لا مفعول أو مفاعيل لها.ولكن هذا لا يعني أن الإيواء والهدى والإغناء هنا عام الإطلاق بل ترتبط هذه النعم بالسياق الخاص بحياة محمد.
وما يخص الضلال فمحمد كان ضالا وغافلا بين قومه الأميين الذين هم في مجموعهم في ضلال مبين. ثم هداه الله إلى الصراط المستقيم وبهذا فلا سبيل لأحد من الإنس أو الجن أن يضله لأن من يهده الله فلا مضل له. وفوق ذلك فقد عصمه الله من الناس ولكن لم يعصمه من نفسه. ومن هنا ينشأ احتمال الضلال حتى للأنبياء مثل يونس الذي أبق حتى دخل في مجموعة الظالمين إلا أنه وحد الله وسبحه فخرج من تلك المجموعة <لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين>. وقد وردت آيات كثيرة في القرءان العظيم تدل على مجاهدة محمد نفسه بإتباع ما أوحي إليه لأنه كان على بيِّنة من ربه حتى لا يركن إلى المشركين والذين كفروا من قومه وإن كاد.
حاشية
وحسب إحدى طرائق المنهاج اللساني التي يحاول عبرها أن يكتشف الخصائص التي تتفرد بها كل سورة على مستوى الجذر ومستوى الصياغة وغيرها من المستويات اللسانية فإن سورة الضحى تتميز على مستوى الصياغة بالآتي:
1. الضحى (هكذا معرفة) لم ترد إلا في هذه السورة. ووردت نكرة (ضحى) مرتين ومنسوبة (ضحاها) ثلاث مرات وفعل (يضحى) مرة وحيدة.
2. الفعل (سجى) لم يرد إلا في هذه السورة وارتبط بالليل (مستوى جذر وهو من فرائد القرءان).
3. الفعل (ما ودعك) وبهذه الصياغة متفرد في سورة الضحى.
4. الفعل (قلى) ورد فقط هنا وجاء الاسم منه القالين في سورة الشعراء.
5. السؤال (ألم يجدك ...) لم يرد إلا هنا.
6. والفعل (وجد) لم يرتبط بالرب إلا هنا.
7. الفعل (آوى) بهذه الصياغة ورد هنا ومرتين مع يوسف: (آوى إليه أخاه) و(آوى إليه أبويه).
8. اسم الفاعل (عائل) ورد فقط هنا والسؤال هل تساوي دلالته نفس دلالة فقير؟
9. الفعل (تقهر) لم يرد إلا هنا وجاء منه القاهر والقهار في آيات أخرى.
10. الفعل (لا تنهر) جاء هنا مرتبطا بالسائل وجاء أيضا مرتبطا بالوالدين في سورة أخرى.
11. الارتباط (نعمة ربك) جاءت هنا وفي القلم <ما أنت بنعمة ربك بمجنون>.
12. فعل الأمر (حدِّث) جاء فقط هنا.
ــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
1 هناك تمايز بين المنهاج (الجمع مناهيج) والمنهج (الجمع مناهج) والنَهْج (الجمع نُهُوج).
2 اللسان الكامن.يتكون من (أ) الجذور غير المستخدمة والناتجة عن تباديل الجذر الثلاثي و(ب) الدلالات الكامنة في الجذور المستخدمة.
3 أحد الفروق بينهما يحدده فرق الدلالة بين المركب النعتي (اللسان العربي) والمركب الإضافي (لسان العرب).
4 أظن أن أنضج من كتب في دلالات الأصوات هو عالم سبيط النيلي في سفره القيِّم (اللغة الموحَّدة) ولكن للأسف لم أحصل عليه وإنما رأيت ملخصا له لا يحتوي على هذين الحرفين.
5 يلاحظ أن الله وملائكته يصلون (صلاة فقط) على النبي وليس على الرسول والمطلوب من الذين آمنوا ومن ضمنهم المؤمنون أن يصلوا على النبي ويسلموا به تسليما؛ صلى الله وملائكته عليه.
6"إذَا" تتمايز عن "إِذْ" و"إِذَاً" في القرءان في دلالة الموقف
اخ عمر.رغم أنه موضوع بحثك واضح وصريح وبسيط جدا ،إلا أنك إستخدمت لغة الفلسفة السودانيه (او بالمصرى الفذلكه ) مما ادى إلى أن جعلته صعبا على نفسك وعلى القارىء .وانا عن نفسى قاومت نفسى أكثر من مره حتى أكملته من كثرة ما فيه من فلسفات لا داعى لها ابدا .وكان الآولى بك أن تتحدث عن الموضوع من القرآن مباشرة وبلغة سهلة ومباشره . .
..وأخطر ما فى البحث أنك تقدم لنا لغة ومفاهيم القائلون (بأن هناك الله وهناك الرب وكلاهما يختلف تماما عن الآخر ولا علاقة بينهما .وأن الله جل جلاله خلق الخلق وترك تسييره للرب وللملائكة والملأ الأعلى ، وأن القرآن هو صيغة من صيغ الرب والملائكة نطق بها محمد عليه الصلاة والسلام .وأن الله جل جلاله بعيد عن ذلك تماما ،وانه سبحانه أعلى وأكبر من أن يدير مثل تلك الأمور وأن يتدخل فيها ) ....
ويا صديقى إن ما تقوله عن الفصل بين صيغة الخطاب الجمعى أو الجماعى المتعلقة بالمولى عز وجل وبين صيغ الخطاب الفردى عنه سبحانه وتعالى ، بينهما بحجة أن الله جل جلاله فرد صمد وواحد أحد وبالتالى لا يليق به أن يتحدث بالجمع عن ذاته سبحانه ،لهو تفكير غريب وشاذ ومعوج ،ومن يقول به عليه أن يراجع نفسه مع القرآن الكريم مرات ومرات .
..وفى النهايه نرجو لك التوفيق فى الأبحاث القادمه .على أن تصيغها بإسلوب سهل بسيط ومباشر تصل فيه إلى هدفك مباشرة دون فلسفات لسان أهل السودان الأشقاء .
أخي الكريم محمود دويكات أشكرك جزيل الشكر على تعليقك الباهر الذي يدل أنك فهمت المقال وتفاعلت معه. أصدقك القول أردت أن أعدل هذا المقال وأن أختصره بعد أن أرسلته للدكتور منصور ولكني تراجعت عن ذلك وقلت لأترك المقال يأخذ مجراه.
1. بالنسبة لسؤالك عن اللسان الكامن فسوف تجد الإجابة عنه في مقال عن التمايز بين لسان العرب ولسان القرءان في القريب العاجل.
2. مفتاح السورة أخذته من العالمة الجليلة الدكتورة تحية عبد العزيز اسماعيل إذ أن لها مجموعة كتب في تدبر القرءان العظيم وأحدها عن مفتاح السورة وعندها أن لكل سورة آية مفتاحية تلخص قضيتها. ويمكنك أن تستعين أيضا بالعالم الأستاذ أمين أحسن إصلاحي الذي بنى تدبره للقرءان على عمود السورة.
3. وأما سؤالك عن الملائكة والتمايز بين المتكلم الفرد والمتكلمين الجماعة فانتظر البحث فيه (مني ومن غيري) في المدة القادمة ولكن أرجو أن تساعدني بملاحظة أن الله هو أحسن الخالقين وليس الخالق الوحيد وأن لفظ الملائكة يحتاج إلى تحرير في القرءان العظيم. وأسألك بدوري ما معنى الصافات وما علاقتها بخلق الإنسان وأنا لا أعرف الإجابة.
والله أعلم
أشكرك مرة أخرى مع تأكيدي أني سوف أتعلم منك.
فقه الهداية ـ صلاح النجار
حث يوسف المصرى ( لفظ محمد فى القرآن )
مناقشة بحث خالد حسن (فقه الهداية )
بحث رضا عبد الرحمن على ( القضاء والأمر )
بحث ناصر العبد (هل يغفر الله تعالى لمن
دعوة للتبرع
المقام المحمود: قرات فى موقعك م عن معنى مقاما محمود ولكن لم...
رسولا ـ ورسول: جاء فى سورة ( طه ) : ( فَأْت ِيَاه ُ فَقُو لا ...
يختصمان / يختصمون: قال جل وعلا : ( هَـ 48;ذَا ِ خَصْم َانِ ...
البخارى : عندي ملاحظ ة في سياست كم المنه وجة ضد...
مسألة ميراث: توفي عمي وله ولد 6 بنات تم توفي الولد وعمي له...
more
شكرا لك أخي الكريم عمر على هذا المقال العميق و على المجهود الطيب المبذول فيه ، أما بعد فعندي بعض الملاحظات البسيطة:
- ذكرت مصطلح " اللسان الكامن" ، لم أدر الى ماذا تشير بهذه الكلمة ، هلا شرحت لنا المقصود منها ، مع أمثلة تقارن بين الالسنة الثلاث.
- تقول (ويشترك هذا اللسان مع لسان العرب في أنه يمثل مجموعة جزئية من مجموعة اللسان العربي. ولكن يمكن أن توجد بعض الجذور في لسان القرءان غير مستخدمة في لسان العرب أو لها معنى تداولي يختلف عن المعنى الفطري لهذه الجذور في القرءان) .. لم أستطع أن افهم ما تقول هنا: إن كان اللسان القرءاني جزء من اللسان العربي فكيف توجد في اللسان العربي جذور غير موجودة في اللسان العربي؟ ماهي العلاقة بين اللسانين؟ نحن نعلم أن الله قد وصف القرءان على أنه لسان عربي ، هل يشتركان في الجذور؟ في طريقة التصريف؟ هل يمكن أن نجد لجذر كلمة واحدة عدة تصاريف في القرءان ليست موجودة في اللسان العربي؟.
- تقول (مفتاح السورة الأولى هو الآية (ما ودعك ربك وما قلى) بينما مفتاح السورة الثانية هو الآيتين (فإن مع العسر يسرا؛ إن مع العسر يسرا) ... مالمقصود بقولك "مفتاح السورة" ؟ هلا أعطيت أمثلة أخرى – خاصة من طوال السور – مثل البقرة – هل لها مفتاح واحد؟
- تقول ((ج) الخطاب في السورة الأولى من الله وفي الثانية من الملائكة بدلالة ضمير الجمع؛ إذ أن الله أحد صمد يتكلم بالضمير المفرد ولا دليل على ما يقوله السلف من أن عظمة الله يناسبها أحيانا ضمير الجمع بل العظمة له سبحانه في الإفراد.) ... هذا الكلام بحاجة الى توضيح و إسناد .. كيف نفهم الاية التالية بناءً على كلامك ( وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ) أعراف/11 .. هل نفهم أن الملائكة خلقت آدم و من ثم أمرت نفسها بالسجود له؟ أم هل كنت تقصد أن الله عندما يستخدم الجمع فإنه يكون هناك أعضاء آخرين ساهموا بالفعل؟ و بالتالي فإن هناك ملائكة ساهمت بالفعل مع رب العالمين؟ أرجو توضيح هذه المسألة. و مثال آخر (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ «1» أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ «2» وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ «3» تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ) إذا تمعنا في الاية نجد أن الذي أدي الى هلاك مباشر للقوم إنما خي الطير الابابيل ..و بالتالي المهلك للقوم كان الله (+الطير الابابيل ) ... لكن جاء الفعل "ألم تر كيف فعل ربك " مفردا .. و هنا قد نقول أنه متى تحدث الله عن الارادة فإنه يقصد نفسه فقط لكن عندما يذكر أعمالا أخرى فقد تشترك فيها عناصر أخرى. .. بناءً على هذه المعلومات نرجو إعادة التدبر بقولك (ما سبق يرجح أن "ربك" ملك ولكن من أي نوع من الملائكة؟ وهل هو الملك نفسه الذي فعل بعاد وبأصحاب الفيل)
المقال ممتاز و فيه عمق و يطرح الكثير من الافكار.. و نرجو من الكاتب أو الباحث أن يسهم في توضيح الكثير مما جاء فيه عبر مقالات مخصصة في الموقع... جزاه الله خيرا و ندعو له بالتوفيق
و الله من وراء القصد