رقم ( 1 )
مدخل

هى نفس القصة فى كتاب " القرآن وكفى مصدرا للتشريع " والمقال البحثى " الاسناد فى الحديث " . هما معا أقل من 150 صفحة من القطع الصغير, وفيهما أرد على أطنان من المؤلفات التراثية والأبحاث المرتبطة بها فى الأحاديث وما يسمى بالجرح والتعديل وعلم المصطلح . كل تلك الأطنان من المؤلفات لا أساس لها فى الاسلام أو العقل لأنها تحاول اقناعنا أن النبى قال ذلك الكلام المناقض للقرآن الكريم والمختلف فيه والمتناقض مع بعضه. اعترافهم هم بأنه عليه السلام منع كتابة أى شىء فى الاسلام عدا القرآن يثبت أن كتابتهم لتلك الأحاديث عصيان للنبى حتى لو كانت صحيحة مكتوبة فى عهده وبيد أصحابه، فكيف اذا كانت أكاذيب كتبها - بعد موت النبى محمد بقرون - المفترون أعداء الله تعالى ورسوله لتناسب أهواء عصورهم. بدأت كتابة هذه الأكاذيب المفتراة على استحياء فى القرن الثالث فى صورة عدة مئات من الاحاديث ثم أخذت فى التزايد فى نفس القرن الثالث لتصل الى مئات الألوف فى عصر البخارى . واستمر التزايد بعده فى الكذب وادعاء التنقية على أساس الهوى والتعصب المذهبى . ولأن تلك الأحاديث أكاذيب فى نسبتها لخاتم النبيين ولا أصل لها فى الاسلام أو العقل أو المنهج العلمى كان سهلا الرد عليها ببحث صغير ومقال أصغر منه. ولكن بهما معا زالت تلك الخرافة من العقول الناضجة التى كانت تتهيب الخوض فى الموضوع. هذا لايمنع استمرار تلك الأكاذيب لأنه قامت عليها دول ومصالح وأرزاق ومعاهد وجامعات وأجيال من علماء السلطان وشيوخ الشيطان ممن يرتزقون بالخرافة ويجعلون الدين حرفة، لذا لابد للدين أن يكون صعبا مطلسما على الآخرين ليدعوا أن مفاتيحه بأيديهم فقط ليضمنوا لأنفسهم الجاه والسلطان على قطعان البشر الخاضعين لهم.
فى "التأويل " - بمعنى تحريف المعنى القرآنى - أضاع علماء التراث قرونا و كتبوا فيه أطنانا من المؤلفات فى الرد والرد المضاد ، واستمرت تلك المعارك الخائبة تضيع وقتهم وتبعدهم عن الاسلام ودعوته فى التقدم والمنهج العلمى التجريبى، فصحونا على التخلف بينما تقدم الآخرون فى الشرق والغرب . كل أطنان المجلدات المكتوبة فى التأويل بين الفرق "الاسلامية" رددت عليها بمقال "التأويل ".
هذا البحث عن "التأويل " كتبت معظمه من الذاكرة وفى ليلة واحدة لأقدمه فى ندوة استغرقت ساعتين فى القاهرة. ومع ذلك فهو البحث الوحيد الذى قدم رؤية قرآنية فى التأويل تخالف أطنان المؤلفات التى كتبها ارباب الفرق الاسلامية فى التأويل وترد عليهم معا، وهو البحث الوحيد الذى يكتشف التأويل فى التشريع الفقهى السنى ويثبت عداءه لله تعالى ورسوله ، ويرد على التأويل العلمانى المعاصر، ويسير مع التأويل فى تاريخ المسلمين من بدايته الى عصرنا الراهن يوضح أرضيته التاريخية والسياسية فى كل عصر.هذا بالاضافة الى صياغة موضوع التأويل الأصولى المعقد فى لغة سهلة مقروءة يفهمها المثقف العادى غير المتخصص وفى ايجاز مختصر يعطى الفكرة الرئيسية لمن لا علم له بالموضوع . كل ذلك فى أقل من ثلاثين صفحة من القطع الصغير.
لا أقول ذلك لادعاء العبقرية ولكن لاثبات سهولة التناقض بين القرآن ومعظم الفكر التراثى للمسلمين ، وسهولة الرد عليهم بالقرآن الكريم ، هذا اذا طلبنا الهداية فيه وحده وأعطيناه بعض حقه علينا من الايمان والتوقير والتدبر والقراءة العلمية المتعقلة ، التى تفهم مصطلحاته من خلال آياته وليس من مصطلحات التراث التى تناقض مصطلحات القرآن ، كالنسخ الذى يعنى فى القرآن الاثبات والكتابة فجعلوه فى التراث بمعنى الحذف والالغاء .
وفى الطريق أبحاث اخرى صغيرة ترد على أطنان أخرى من المؤلفات التراثية فى الفلسفة والعلوم التجريبية والتصوف ، والتى كانت محصلتنها النهائية صفرا ضخما حمل وزره العصر العثمانى بعد عشرة قرون من التفكيرالهزلى فى الغيب الممنوع البحث فيه وما نشأ عنه من التأليف فى الخرافات والكذب والتدليس،مع اهمال المنهج التجريبى الذى دعا اليه القرآن الكريم حين جعل من فرائضه على المسلمين السير فى الأرض والنظر العلمى فى كيفية بدء الخلق ، والنظر فى السماء والأرض وكل ما سخره الله تعالى لنا لنزداد علما بقدرة الخالق جل وعلا.
ان المسلمين حين تنكبوا المنهج العلمى العقلى المنصوص عليه فى القرآن الكريم تخبطوا بين المنهج الارسطى والمنهج الأفلوطينى الاشراقى وانتهوا الى لاشىْ على نحو ما سيأتى شرحه وتفصيله في مقالات تالية . بينما صححت الحضارة الأوربية منهجها تاركة المنهج اليونانى فوضعت نفسها والعالم معها على عصر التقدم الذى لا يزال يترقى بالبشرية فى دنيا المخترعات منذ القرن التاسع عشروحتى الآن. والآن اذا ظهرت حقيقة علمية أو مكتشف جديد ضج الشيوخ الأفاضل يتحدثون عن اشارات القرآن الكريم فى هذا الشأن دون أن يسأل احدهم نفسه : اذن لماذا غفل علماء التراث عن ما فى القرآن من منهج علمى واشارات علمية ؟ ولماذا استمرت هذه الغفلة حوالى 1400 عام . الاجابة انهم انشغلوا بالعداء للقرآن وصناعة الأكاذيب المنسوبة للنبى عليه السلام . التفاصيل كانت فى كتابى " دراسات فى الحركة الفكرية فى الحضارة الاسلامية " أحد الكتب الخمسة التى ألفتها سنة 1985 للحصول على درجة أستاذ مساعد فتسببت فى تركى الأزهر الشريف جدا جدا.!! .

قبلها سنة 1984 طلبوا منى تدريس مادة " أثر المسلمين فى الحضارة الأوربية " فرفضت لأنه ليس للمسلمين فضل على الحضارة الأوربية يستحق أن يكون لها مادة دراسية . قلت أن المسلمين قاموا فقط بتعريب الفلسفة اليونانية الاوربية وشرحها والتعليق عليها دون ابتكار أو تجديد وظلوا اسرى للمنهج اليونانى الى أن تخلفوا به، وبدأت النهضةالأوربية الحديثة بقراءة المترجمات العربية للتراث اليونانى وشروحها العربية ، الا انهم مالبثوا أن نبذوا المنهج اليونانى والتزموا بدلا عنه المنهج العلمى التجريبى فانطلقوا بالحضارة الحديثة. فما هو الفضل العربى المسلم هنا على أوربا ؟ هل مجرد تعريب حضارة أوربية قديمة – هى الحضارة اليونانية الآغريقية – وجعلها متاحة لأوربيين آخرين يعتبر فضلا على أوربا الحديثة؟ هى حضارتهم الاوربية وبضاعتهم التى ردت اليهم. ثم انها بضاعة قديمة انتهت فترة صلاحيتها ولم تعد صالحة للاستهلاك الآدمى للبشرية فى تطورها ، وكان أولى بالمسلمين قراءتها قراءة نقدية للبناء عليها مهتدين بالمنهج العلمى التجريبى فى القرآن كما فعلت أوربا الحديثة برغم عدم معرفتها بالقرآن . لكنهم لم يفعل المسلمون ذلك بسبب العداء الشديد بينهم وبين القرآن الكريم . الدليل على هذا انهم حاربوا القرآن الكريم بأكاذيب شتى منها الحديث والتفسير والتأويل والنسخ بمعنى الحذف والالغاء .
مالم يجدوه فى القرآن موافقا لأهوائهم صنعوا له أحاديث وجعلوها تنسخ أى تلغى أحكام القرآن. وما يخالفهم من آيات القرآن الكريم لم يستطيعوا حذفها لأن الله تعالى هو الذى تولى حفظ كتابه فقاموا بتحريف المعنى بادعاء النسخ أى الحذف والألغاء ، أوبدعوى التأويل ، أو التفسير. وتحت اسم "علوم القرآن " وضعوا أكاذيب لا تخطر الا على بال ابليس نفسه. يكفى انك اذا قرأت بضع صفحات من " الاتقان فى علوم القرآن " للسيوطى أو الباقلانى لتشككت فى سور القرآن ، واذا كنت لا زلت محتفظا بعقلك لتساءلت عن تعليل تلك الكراهية الشديدة للقرآن. ثم تغضب بعض الماعز اذا هاجم بعض المستشرقين الاسلام مستشهدين بما يقوله أولئك الأئمة المقدسون ! اذا كنتم – ايتها الماعز- تحبون الاسلام فادفعوا عنه أولا الظلم الذى الحقه به اولئك المنتسبون اليه قبل أن تحتجوا على الغرباء .
لقد آن الأوان للوقوف موقفا فكريا حازما من شياطين الانس أعداء النبى محمد عليه السلام الذين افتروا عليه كل هذا الافك والذين حرفوا معانى آيات القرآن وألغوا أحكامها . لقد بدأت أوربا نهضتها بوقفة حازمة مع الكنيسة والمسيحية ، ومع انه ليست فى الاسلام مؤسسة دينية فان لدى المسلمين كنائس أكثر ضلالا من كنائس أوربا العصور الوسطى.
لقد آن الأوان ليعمل كل العقلاء على تبرئة الاسلام من عصيان المسلمين بالاحنكام الى القرآن والآعتصام به.
وهذا هو طريقى منذ سنة 1977 الى أن تحين المنية ان شاء الله تعالى .
أحمد صبحى منصور
فبراير 2005
 

لا ناسخ ولا منسوخ فى القرآن الكريم
صدر هذا البحث الصغيرعن النسخ فى القرآن الكريم ليرد على احدى الأكاذيب الكبرى فى التراث: أكذوبة النسخ فى القرآن الكريم بمعنى الحذف والالغاء. والذى كتب فيه السلف – غير الصالح – مؤلفات تبلغ الآف من المجلدات ، واختلفوا فيها كالعادة واضاعوا قرونا طوالا فى جدال اجوف فى قضية لا أصل لا فى حقائق الاسلام. ولأن النسخ بمعنى الحذف والالغاء يناقض القرآن والاسلام فان التدليل على هذه الحقيقة لا تحتاج الى اكثر من هذا البحث الصغير لكى تهدم باطلا استمر قرونا طويلة من الشجار والنزاع الذى ملأ آلاف المجلدات وأنهك أعمارعشرات المؤلفين من الأئمة الكبار الذين لم يجدوا من يناقشهم ويرد طعنهم فى الاسلام والقرآن.
more

اخبار متعلقة



مقالات من الارشيف
more