حالات الاغتصاب وصلت إلي 20 ألفا سنويا
فتح مشروع تعديل قانون العقوبات الذي تقدم به محمد خليل قويطة عضو مجلس الشعب والذي يجيز اجهاض الانثي التي تم اغتصابها الجدل الفقهي والشرعي مرة أخري حول مشروعية هذا الأمر، ففي الوقت الذي يري فيه عدد من علماء الدين إجازة هذا الأمر ما لم تكمل الانثي - المغتصبة 120 يوما من حملها أي قبل نفخ الروح في الجنين، رفض الكثير هذا الأمر موضحين أن الخطأ لا يتم إصلاحه بخطأ أكبر.
الفريق الأول يري أن الكثير من الأضرار النفسية تصاب بها الأنثي التي تم اغتصابها وأنها لا تحس مع الطفل المولود بعاطفة الأمومة في حين أكد أنصار الفريق الثاني أن الاجهاض جريمة وجناية داعين إلي ضرورة معالجة المشكلة من جذورها بدلا من اختلاق بدع قد تزيد من الكارثة.
'قويطة' في مشروعه طالب بتعديل المادة '290' من قانون العقوبات بجواز اجهاض الانثي التي تم اغتصابها، ونص التعديل علي أنه إذا نتج عن جناية المواقعة 'حمل' جاز للنيابة العامة أن تأذن بإسقاطه بناء علي تقرير من الطبيب الشرعي الذي أثبت الجناية وقبل انقضاء المدة الشرعية اللازمة لذلك الاسقاط.
أشار قويطة في طلبه إلي أن المفتي الأسبق الدكتور نصر فريد واصل قد أفتي عام 1998 بالموافقة علي جواز اجهاض المغتصبة في 120 يوما من الحمل أي قبل نفخ الروح فيه وأيده في ذلك الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر وعدد من العلماء، مؤكدا ضرورة وضع الضوابط التي تضمن حسن تنفيذ الاقتراح بحيث لا تستفيد منه إلا الانثي التي يثبت علي وجه قاطع أنها اغتصبت عنوة وكرها دون أن يكون لها أي ارادة أو اختيار.
كان الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر قد أثار الموضوع منذ عدة أشهر عندما أعلن موافقته علي استصدار قانون يبيح للمرأة المغتصبة إجراء عملية إجهاض حتي لو كان بعد مرور أربعة أشهر من الحمل، أي بعد نفخ الروح في الجنين، وقتها اثار ذلك جدلا كبيرا حيث رآها البعض أنها محرمة بإجماع الفقهاء في حين ذهب آخرون إلي أن فتوي شيخ الأزهر تراعي الأمور النفسية للمغتصبة التي لحقت بها أضرار كبيرة من الاغتصاب، إضافة إلي تحملها عبء هذا الوليد القادم ونظرة المجتمع إليها ووليدها.
برر شيخ الأزهر فتواه بأن المرأة المغتصبة لن تشعر بعاطفة الأمومة تجاه هذا الوليد لأنه سيذكرها بما حدث لها وقد يكون سببا في عدم زواجها مرة أخري، وقتها رفض الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية هذا الأمر قائلا: 'إنه لا اجتهاد مع النص الذي حرم الله به قتل النفس إلا بالحق' مؤكدا أنه يحرم اجهاض الجنين بعد نفخ الروح فيه إلا لضرورة قصوي كأن يكون بقاؤه خطرا علي حياة الأم بسبب مرض ما، موضحا أن المرأة المغتصبة لا ذنب لها، كما أن الجنين لا ذنب له، فالمرأة التي حملت سفاحا لا يكون لها الحق في اجهاض الجنين فمن باب أولي ألا تفعل ذلك المغتصبة.
كما أن الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر السابق كان قد أكد أن اسقاط الجنين حرام في كل حالة حتي وإن نتج عن اغتصاب إلا إذا كان خطرا علي حياة الأم.
وها هو الجدل يعود مرة أخري مع المشروع المقدم لمجلس الشعب، خاصة وأن هناك أكثر من 20 ألف حالة اغتصاب سنويا تحدث للاناث في مصر وفقا لاحصائية بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، وهو ما أكده أيضا الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء حيث وجدت في عام 2006 ، 20 ألف حالة زواج في أقسام الشرطة ناتجة كلها عن حالات اغتصاب كانت تبحث فيها الأسر المصرية في الأحياء الشعبية عن ستر عرض بناتهم، وفي هذا السبيل تضغط العديد من المنظمات النسائية بتمرير هذا المشروع مؤكدين أن الانثي المغتصبة لا ذنب لها في طفل يؤرق باقي حياتها وقد يدفعها للانتحار ويحرمها من الزواج.
ففي دراسة للمركز المصري لحقوق المرأة أوضحت أن طالبات المدارس هن الأكثر عرضة للتحرش الجنسي ٢٢٪ من المبلغات سن ٨١ سنة ولا يمنع ذلك الزي المدرسي وأن ٩٢٪ من المغتصبات من ٥٢ - ٠٤ ، ٤١٪ منهن يمارسن البغاء بعد ذلك لعدم تقبل المجتمع لهن.
ومن خلال مركز قضايا المرأة العربية أكد أن ٠٩٪ من الجناة عاطلون و٠٢٪ منهم ارتكب اكثر من جريمة اغتصاب وهذا يرجع لأحد سببين إما عدم الابلاغ أو عدم وصول الأمن إلي الجناة.
وأضافت منظمات المجتمع المدني إلي مشروع القانون بتعديل المادة ٠٩٢ من قانون العقوبات تعديل المواد ٧٦٢، ٩٦٢ الخاصة بجرائم الشرف والاغتصاب بحيث لا يكون هناك مجالات لتخفيف العقوبة وسرعة تنفيذ الأحكام وتعديل القوانين الخاصة بالاغتصاب بدلا من أن تكون مدة السجن من ٣ - ٧ في القانون الحالي لتصل إلي فترة أطول تصل إلي ٥١ سنة مع الاشغال في حين طالب قويطة مقدم المشروع بالقصاص العادل من الجناة والذي يري أنه لابد وأن يكون الاعدام.
إلا أن عددا كبيرا من علماء المسلمين رفضوا الأمر مطالبين اعضاء مجلس الشعب بضرورة ايجاد حل لمشاكل الشباب بدلا من اختلاق قضايا فرعية لن تؤدي للحل.
الدكتور منيع عبدالحليم محمود عميد كلية أصول الدين أكد أن الاسلام لا يبيح علي الاطلاق التخلص من أثار جريمة بجريمة أكبر، فاجهاض المرأة هو قتل لروح بشرية، فالاسلام حرم ذلك منذ بدء حمل المرأة وجعل روح الجنين في ضمان المجتمع والأسرة ولا يجوز اجهاضه خلال أي فترة.
وطالب منيع أعضاء مجلس الشعب والجهات المسئولة أمام ما يروع الناس من حالات الاغتصاب وكثرتها بألا تبرر حالة الاغتصاب وتطالب باسقاط الحمل، فالأولي للجهات الرسمية المسئولة عن المجتمع أن تحمي أبناء المجتمع من هذه الجريمة، فلا يصح أن تتأثر بمسلسل اجتماعي مشيرا إلي مسلسل 'قضية رأي عام' الذي تعرض لمشكلة الاغتصاب وتم عرضه مؤخرا علي عدد من القنوات.
وقال عميد كلية أصول الدين إنه يجب علينا إعمال عقولنا بالتعاون مع علماء الاجتماع والنفس والدين والأسر في سبيل القضاء علي ظاهرة الاغتصاب، مشيرا إلي أن الروح تبدأ منذ وصول الحيوان المنوي إلي المرأة فلا يجوز الاجهاض في هذه الحالة علي الاطلاق في مقابل أن تجد حلا هو الأصعب لهذا الأمر بتكاتف الجهود للقضاء علي الظاهرة، فأسهل الأمور هو التحليل والتحريم ولكن الأصعب مقاومة الانحراف.
نفس الشيء أكدته الدكتورة فايزة خاطر استاذ العقيدة والدراسات الاسلامية بجامعة الأزهر رافضة الاجهاض تحت أي مسمي خاصة أن جموع الفقهاء من الحنابلة والشافعية والحنفية والمالكية اعتبروها جناية علي الجنين، مشيرة إلي أن الجنين يتخلق خلال 42 يوما، كمال قال رسول الله 'ص': إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث إليها ملك فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ثم قال :يا رب أذكر أم انثي؟ فيقضي ربك ما شاء فيكتب الملك، ثم يقول: يا رب أجله فيقول ربك ما شاء ويكتب الملك، ثم يقول: يارب رزقه فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك، ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده فلا يزيد علي أمر ولا ينقصه.
وأشارت خاطر إلي أن الاجهاض جناية ومحل الجناية عند جموع الفقهاء هو اجهاض الحامل والاعتداء علي حياة الجنين أو كل ما يؤدي إلي انفصال الجنين عن أمه، ومراحل الجنين ذكرت في القرآن الكريم في قوله تعالي: 'يا أيها الناس ان كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الارحام ما نشاء' فإذا وجد الجنين بمشيئة الله سبحانه وتعالي سواء كان من الزنا أو من زواج شرعي فلا يجوز أن نتعدي علي الجنين باجهاضه ولكن علي مجلس الشعب أن يناقش أسباب الزنا ومحاولة علاجها من الأساس وأن يراجع القانون الوضعي الذي يبيح الدعارة ويضعوا بدلا منه بنود شرع الله، فمبدأ إباحة الاجهاض بدعة لانها وضعت في كتب الفقه ومراجع تحت بند الجنايات، واباحة الاجهاض هي بدعة تزيد من جرائم الزنا.
في حين أكدت الدكتورة مواهب المويلحي أستاذ أمراض النساء أنه مهنيا لا يمكن التفرقة في حالة الاجهاض بين من تعرضت للاغتصاب وبين التي حملت بإرادتها وبطريق غير مشروع خاصة إذا كان الاجهاض بعد ٠٢١ يوما أي أربعة أشهر كاملة لأن ضغط الحمل لا يساعد علي هذه التفرقة بسهولة أما إذا كان الاجهاض من قبل ذلك بشهرين علي الأقل فإن المغتصبة يمكن معرفتها من خلال الكشف علي غشاء البكارة ومعرفة مدي التهتك الذي تعرضت له.
أما الدكتور نبيل السمالوطي استاذ الاجتماع بجامعة الأزهر فأوضح أن ممارسة العنمف ضد الطفلة نتيجة لأزمات أخلاقية تعاني منها المجتمعات مثل الأمية الدينية والفكرية كذلك تعاطي المخدرات والبطالة وغياب الوعي والرقابة، ولذلك فأحد الحلول المطروحة هي زواج المغتصب من المغتصبة مشيرا إلي أنه حل مكروه ولكنه افضل من المعايرة للأم وللطفل إذا تمت ولادته حيث يكون طفلا بلا نسب.
فالاحصائيات تشير إلي أن ٧٪ ممن تعرضت للاغتصاب متزوجات من الجناة بعيدا عن تدخل الأمن وفي عام ٠٠٠٢ تم الابلاغ عن ٠٩ حالة في ثلاثة أماكن فقط أما ٥٠٠٢ فتم الابلاغ عن ٠٦٧ حالة اغتصاب مع الأخذ في الحالات المبلغ عنها أنها لا تمثل سوي ٢٪ من الحالات وذلك طبقا لاحصائيات معهد التخطيط القومي.
ويضيفد. السمالوطي قائلا الخوف من أن يفتح مشروع القانون الباب الخلفي للعيادات الخاصة للبغاء والساقطات وبيزنس الاطباء وليس كرسالة انسانية لتخلص المجتمع من طفل غير مرغوب فيه ومن خلال بحث أجراه المركز القومي للبحوث الاجتماعية أوضح أنه حتي عام ٣٠٠٢ يوجد ٧٤٪ من &٧ الاف سيدة أجرين عمليات اجهاض في عيادات خاصة وجدت ٠٩١ حالة وفاة لكل ٠٠٠١ حالة اجهاض وتلك العينة كانت السبب الرئيسي في الاجهاض هو المتاجرة في الفتيات في الموسم الصيفي للعرب من خلال عقود زواج ويسافر الزوج مطلقا الفتاة تاركا جنينا في أحشائها ولا يكون أمامها حلا إلا الاجهاض ويتم الاجهاض غالبا بأساليب بدائية أو في المنازل وهو ما يؤدي إلي حالات الوفاة ويطالب د. السمالوطي بأن تكون هذه العيادات التي تقوم باجهاض المغتصبة تحديدا تحت اشراف طبي وقانوني وديني وتكون معلومة لنقابة الأطباء.
اجمالي القراءات
4660