قراءة فى كتاب أسباب الرحمة
رضا البطاوى البطاوى
Ýí
2022-03-25
قراءة فى كتاب أسباب الرحمة
مؤلف الكتاب عبد الله بن جار الله آل جار الله وهو يدور حول تنوع الرحمة الإلهية بالناس وغيرهم فى المجالات المتنوعة وسبب تأليف الكتاب هو تذكير الإخوان برحمات الله من خلال الأدلة وفى مقدمته قال:
"أما بعد فقد تنوعت رحمة الله بعبده في جميع المجالات من حين كونه نطفة في بطن أمه وحتى يموت بل حتى يدخل الجنة أو النار {الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم} ومن ذلك إنزال المطر وإنبات النبات وخلق الحيوانات لمنافع العباد وكل ذلك من رحمة الله بعباده ومن ذلك بل هو أهمها إنزال الكتب وإرسال الرسل والهداية للإسلام والإيمان والعمل الصالح ...ولما كانت رحمة الله تعالى بخلقه بهذه المنزلة العالية رأيت أن أجمع فيها رسالة لأذكر إخواني المسلمين برحمة الله المتنوعة ليحمدوه عليها ويشكروه فيزيدهم من فضله وكرمه وإحسانه فذكرت ما تيسر من أسباب رحمة الله المتنوعة بخلقه بأدلتها ...وهذه الرسالة مستفادة من كلام الله تعالى وكلام رسوله (ص)وكلام المحققين من أهل العلم"
وقد استهل المؤلف الكتاب بتفسير آية الرحمن الرحيم فقال ناقلا من كتب التفسير :
"تفسير قوله تعالى {الرحمن الرحيم}
قال ابن جرير المعنى الذي في تسمية الله بالرحمن دون الذي في تسميته بالرحيم: هو أنه بالتسمية بالرحمن موصوف بعموم الرحمة جميع خلقه وأنه بالتسمية بالرحيم موصوف بخصوص الرحمة بعض خلقه إما في كل الأحوال وإما في بعض الأحوال فلا شك – إذ كان ذلك كذلك – أن ذلك الخصوص الذي في وصفه بالرحيم لا يستحيل عن معناه في الدنيا كان ذلك أو في الآخرة أو فيهما جميعا
فإذا كان صحيحا ما قلنا من ذلك – وكان الله جل ثناؤه قد خص عباده المؤمنين في عاجل الدنيا بما لطف بهم من توفيقه إياهم لطاعته والإيمان به وبرسله واتباع أمره واجتناب معاصيه مما خذل عنه من أشرك به وكفر وخالف ما أمر به وركب معاصيه وكان مع ذلك قد جعل جل ثناؤه ما أعد في آجل الآخرة في جناته من النعيم المقيم والفوز المبين لمن آمن به وصدق رسله وعمل بطاعته خالصا دون من أشرك وكفر ...فربنا جل ثناؤه رحمن جميع خلقه في الدنيا والأخرة ورحيم المؤمنين خاصة في الدنيا والآخرة
فأما الذي عم جميعهم به في الدنيا من رحمته فكان رحمانا لهم به فما ذكرنا مع نظائره التي لا سبيل إلى إحصائها لأحد من خلقه كما قال جل ثناؤه: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}
وأما في الآخرة فالذي عم جميعهم به فيها من رحمته فكان لهم رحمانا في تسويته بين جميعهم جل ذكره في عدله وقضائه {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما} {وتوفى كل نفس ما عملت}
فذلك معنى عمومه في الآخرة جميعهم برحمته الذي كان به رحمانا في الآخرة
وأما ما خص به المؤمنين في عاجل الدنيا من رحمته الذي كان به رحيما لهم فيها كما قال جل ذكره {وكان بالمؤمنين رحيما}
فما وصفنا من اللطف لهم في دينهم فخصهم دون من خذله من أهل الكفر به وأما ما خصهم به في الآخرة فكان به رحيما لهم دون الكافرين فما وصفنا آنفا مما أعد لهم دون غيرهم من النعيم والكرامة التي تقصر عنها الأماني "
وهذا التفسير هو التفسير المعروف لدى المفسرين وهو اختصاص الرحمن بالدنيا والرحيم بالآخرة وهو ما يخالف ما فى كتاب الله نفسه فكلمة الرحمن سأل عنها الكفار فقالوا "وما الرحمن "فأجاب الله "الرحمن خلق الإنسان علمه البيان"إذا فالرحمن هو الرب الذى علم وخلق كل شىء أى هو الذى أعطى كل شىء النفع اللازم له فهو فاتح الرحمة أى معطى النفع مصداق لقوله "ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها من بعده" وأما كلمة الرحيم فتعنى النافع للناس لقوله "إن الله بالناس لرءوف رحيم "وفى سورة أخرى خص المؤمنين برحمته فقال "وكان بالمؤمنين رحيما "
ومن ثم الكلمتين لا تختص إحداهما بالدنيا والثانية بالآخرة ففى الآخرة قال فى الرحمن " يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا "
وتحدث المؤلف عن أسباب الرحمة فقال :
"أسباب الرحمة:
أما بعد: فإن الله تعالى أرحم الراحمين وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها فبرحمته خلقنا وبرحمته رزقنا وبرحمته عافانا وأطعمنا وسقانا وكسانا وآوانا وبرحمته هدانا للإسلام والإيمان والعمل الصالح وبرحمته علمنا ما لم نكن نعلم وبرحمته دفع عنا شر الأعداء {إن الله يدافع عن الذين آمنوا} وبرحمته أنزل المطر وأنبت النبات وبرحمته يدخل عباده المؤمنين العاملين الصالحات الجنة وبرحمته ينجيهم من النار فالأشياء كلها برحمة الله ولرحمته بخلقه أسباب كثيرة نذكر منها:
1 - الإحسان في عبادة الله في إكمالها وإتقانها ومراقبة الله فيها بأن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك والإحسان إلى الناس بما تستطيع بالقول والفعل والمال والجاه قال تعالى: {إن رحمة الله قريب من المحسنين}
2 - ومن أهم أسباب الرحمة تقوى الله تعالى وطاعته بفعل أوامره واجتناب نواهيه بما في ذلك إيتاء الزكاة إلى مستحقيها والإيمان بآيات الله واتباع رسوله فيما أمر به ونهى عنه قال تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون * الذين يتبعون الرسول النبي الأمي}
3 - ومن أسباب رحمة الله بعبده: رحمة مخلوقاته من الآدميين والبهائم قال (ص)«الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» رواه أبو داود والترمذي ويتأكد ذلك في حق الفقراء والمساكين والمحتاجين والجزاء من جنس العمل فكما تدين تدان
4 - ومن أسباب الرحمة: الإيمان والهجرة والجهاد في سبيل الله قال تعالى: {إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم} فهؤلاء المؤمنون رجوا رحمة الله بعد أن عملوا موجبات الرحمة وهي الإيمان والهجرة والجهاد في سبيل الله والهجرة تشمل الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام وترك ما نهى الله عنه ورسوله كما قال عليه الصلاة والسلام: «والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه» متفق عليه والجهاد يشمل جهاد النفس في طاعة الله كما قال النبي (ص)«والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله» رواه البيهقي كما يشمل جهاد الشيطان بمخالفته والعزم على عصيانه وجهاد الكفار وجهاد المنافقين والعصاة باليد ثم باللسان ثم بالقلب
5 - ومن أسباب الرحمة: إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الرسول (ص)كما قال تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون} ولعل من الله نافذة المفعول
6 - ومن أسباب الرحمة: دعاء الله بحصولها باسمه الرحمن الرحيم أو غيره من أسمائه الحسنى كأن تقول: يا رحمن ارحمني اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لى وترحمني إنك أنت الغفور الرحيم {ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا} قال تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} فيسأل لكل مطلوب بالاسم المقتضي لذلك المطلوب المناسب لحصوله {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} {وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين} فقد أمر تعالى بالدعاء وتكفل بالإجابة وهو سبحانه لا يخلف الميعاد
7 - ومن أسباب الرحمة اتباع القرآن الكريم والعمل به قال تعالى: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون}
8 - ومن أسباب الرحمة طاعة الله ورسوله كما تقدم قال تعالى: {وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون}
9 - ومن أسباب الرحمة الاستماع والانصات لتلاوة القرآن الكريم قال تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم
10 - ومن أسباب الرحمة الاستغفار وطلب المغفرة من الله تعالى: {لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون} "
هنا ذكر المؤلف عشرة أسباب للرحمة وهو فى ذلك لا يفرق بين أسباب الرحمة الدنيوية وأسباب الرحمة الأخروية فالرحمة الأخروية جعل الله سبب واحد ذكره الله بألفاظ مختلفة لها معنى واحد فمرة افحسان فى العبادة ومرة طاعة الله ورسوله(ص) ومرة اتباع ومرة الاستماع له ومرة دعوة الله ....ومن ثم ما ذكره وهو العشرة اه معنى واحد وليس عشرة وكلها تتعلق بسبب الرحمة فى القيامة وليس الرحمة الدنيوية
وأما الرحمة الدنيوية فسببها هو أن الله كتب على نفسه الرحمة والمراد أوجب على نفسه أن يختبر الناس بالرحمة وهى الخير كما يختبرهم بالشر فقال :
" قل لله كتب على نفسه الرحمة"
كما قال :
" ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
وتحدث عن وجوب رحمة المخلوقات فقال :
"وجوب رحمة الخلق وفضلها
تعتبر الرحمة من المبادئ الأساسية في الإسلام ومن لوازمها العطف والمواساة والمشاركة الوجدانية وميل القلب لمساعدة الآخرين كقضاء دين عن معسر أو إنظاره أو مساعدة محتاج أو معونة شيخ كبير أو إرشاد ضال أو نحو ذلك: والرحمة واجبة وضدها القسوة والغلظة ومن الرحمة الخاصة العطف على الأيتام والأرامل والمساكين والقيام عليهم وهذا بمثابة الجهاد في سبيل الله ومن الرحمة الخاصة أيضا توقير الكبير كالأب والعالم ونحوهما والعطف على الصغير وجزاء ذلك كله عند الله عظيم حيث يقول (ص)«الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي
قال القرطبي: «أتى بصيغة العموم ليشمل جميع أصناف الخلق فيرحم البر والفاجر والناطق والبهيم والوحوش والطير» انتهى وفي هذا وردت أحاديث منها ما رواه جرير بن عبد الله في صحيح مسلم: «من لا يرحم الناس لا يرحمه الله تعالى» وحديث أبي هريرة في الصحيحين «جعل الله الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءا وأنزل في الأرض جزءا وحدا فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه» "
الرجل يتحدث هنا عن فرض رحمة الخلق على المسلمين وقد تناسى أن هناك شدة أى غلظة مفروضة على المسلمين تجاه الكفار المعتدين كما قال :
" أشداء على الكفار رحماء بينهم"
وقال :
" جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم"
ورواية رحمة من فى السماء لمن فى الأرض تتعارض مع عدم حلول الله فى مكان الخلق وهو ما يتعارض مع قوله :
" ليس كمثله شىء"
وتحدث عن أهمية الرحمة خالطا الدنيوى بالأخروى فقال :
"ومعظم التشريعات التي تقوم على التعاون والتحابب والتآخي مصدرها هذه القاعدة العظيمة وأعظم الرحمة وأعلاها ما كان من الله وهي تطلب بدوام الإحسان والاستغفار {لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون} ولعظم الرحمة وبيان أهميتها وصف الله بها نفسه مرة باسم الرحمن ومرة باسم الرحيم فهو رحمن الدنيا رحمة تعم المؤمن والكافر ورحيم الآخرة حيث تخص رحمته المؤمنين وحدهم {وكان بالمؤمنين رحيما} وقال تعالى: {فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه} ورحمة الله قريب من المحسنين الذين يحسنون في أهليهم ومع الناس كافة ومع كل ذي روح {إن رحمة الله قريب من المحسنين} والرحمة تكون للأصغر والأضعف أما رحمة الكبير فهي معرفة حقه من الإكرام والمواساة لحديث عبدالله بن عمرو في سنن أبي داود ومسلم «من لم يرحم صغيرنا ولم يعرف حق كبيرنا فليس منا» وما ورد في الصحاح «كبر كبر» أي يتكلم أكبركم وفي حديث الإمامة «وليؤمكم أكبركم» ورحمة الصغير بأن يعطف عليه ويرق له ويتأكد ذلك أيضا بالنسبة للوالدين لقوله تعالى: {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} كما يتأكد لذي الشيبة المسلم والعاجز الذي يحتاج لمعونة والطفل الذي يطلب مساعدة وهلم جرا"
وتحدث عن رحمة الحيوان فقال :
"الرفق بالحيوان
ومن الرحمة الرفق بالحيوان والإحسان إليه لحديث أبي هريرة عن النبي (ص)قال: «بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ بي فنزل البئر فملأ خفه ثم أمسكه بفيه فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له» فقالوا يا رسول الله وإن لنا في البهائم أجرا؟ قال «نعم في كل ذات كبد رطبة أجر» ومعنى رطبة يعني فيها الحياة ولحديث «دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض» ومن الرفق عدم اتخاذ ما فيه الروح غرضا للرمي فقد لعن رسول الله (ص)من اتخذ ذلك هدفا: ومنه الإحسان في الذبح لقوله (ص)«إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليرح أحدكم ذبيحته وليحد شفرته» وفي الحديت «لا تنزع الرحمة إلا من شقي» حديث حسن أخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه ومعناه لا تسلب الشفقة على خلق الله إلا من شقي وفي الحديث أيضا «من لايرحم الناس لا يرحمه الله» حديث حسن صحيح أخرجه الترمذي قال ابن بطال فيه الحض على استعمال الرحمة لجميع الخلق فيدخل فيه المؤمن والكافر والبهائم والمملوك منها وغير المملوك ويدخل في الرحمة التعاهد بالإطعام والسقي والتخفيف في العمل وترك التعدي بالضرب انتهى
ويظهر أنه لا يستثنى من الرحمة إلا من عليه قصاص أو حد أو الدواب المؤذية التي أمرنا الله بقتلها وترد الرحمة حتى في القتال يقول الله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا} والاعتداء يعني البدء في القتال بدون مبرر شرعي أو قتل امرأة أو طفل أو شيخ أو متعبد في صومعته وكذا قطع الشجر"
والخطأ فى الكلام هو أن الحيوان المستثنى من الرحمة هو الدواب المؤذية والحيوان المؤذى لا يعرف إلا بعد أن يؤذى فالحيوانات المرباة فى البيوت أو فى المزارع أحيانا ما تؤذى الناس بالعض والرفس دون أن يؤذيها الناس فمثلا بعض الحمير قد تلقى من يركبها عن ألأرض بسبب قرصة من ذبابة أو قرادة أو ما شابه ومع هذا لا يجب أن نؤذيها إلا لكى تترك أذانا
ثم تحدث عن رحمة الله الخلق كافة فقال :
"رحمة الخلق كافة:
والرحمة في الإسلام عامة لأهل الأرض قاطبة فالمؤمنون نحبهم ونوقرهم ونعطف عليهم والعصاة نعظهم ونرفق بهم وأهل الضلال ندلهم على طريق الحق ونرشدهم لما خلقوا له وفي الحديث «لا تنزع الرحمة إلا من شقي» والرحمة كذلك تكون من الأب لصغاره ومن السيد لخادمه ومن رئيس العمل لمرءوسيه ومن رئيس الدولة لشعبه وكل بحسب منزلته
وأوكد الرحمة رحمة اليتيم لقوله تعالى: {فأما اليتيم فلا تقهر} ويدخل في ذلك الضعفاء والنساء والقصر والعجزة والمكروب والمضطر حيث يدفع عنهم ما حل بهم
ومن الرحمة إطعام الجائع وكسوة العريان وإنقاذ المشرف على الهلاك ودفع ظالم عنه وإرشاد حيران وتعليم سائل عن أصل الدين ونحو ذلك وعن عبدالله بن عمرو عن النبي (ص)قال: «الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» "
والفقرة السابقة تتعارض مع الاستثناء الذى قال به فى الفقرة قبلها فالرحمة للكافة هى من الله وليس من الناس حيث أوجب عليهم الرحمة فى حالات وأوجب عليهم القسوة فى حالات أخرى
وتحدث عن رحمة الله للمؤمنين فقال :
"سعة رحمة الله وحصولها للمتقين الذين يتبعون الرسول (ص)ويؤمنون به:
قال تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي ..}
يقول تعالى مخبرا عن كرمه وإحسانه رحمته {ورحمتي وسعت كل شيء} من العالم العلوي والسفلي البر والفاجر والمؤمن والكافر فلا مخلوق إلا وقد وصلت إليه رحمة الله وغمره فضله وإحسانه ولكن الرحمة الخاصة المقتضية لسعادة الدنيا والآخرة ليست لكل أحد ولهذا قال عنها {فسأكتبها للذين يتقون} أي يجتنبون المعاصي صغارها وكبارها {ويؤتون الزكاة} أي يزكون أنفسهم بطاعة الله ويخرجون زكاة أموالهم إلى مستحقيها {والذين هم بآياتنا يؤمنون} أي يصدقون ومن تمام الإيمان بآيات الله معرفة معناها والعمل بمقتضاها ومن ذلك اتباع النبي (ص)ظاهرا وباطنا في أصول الدين وفروعه {الذين يتبعون الرسول النبي الأمي} وهو محمد (ص)وصفه بالأمي لأنه من العرب الأمة الأمية التي لا تقرأ ولا تكتب وليس عندها قبل القرآن كتاب {الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل} باسمه وصفته التي من أعظمها وأجلها ما يدعو إليه وينهى عنه ...ولما دعي أهل التوراة من بني إسرائيل إلى اتباعه وكان ربما توهم متوهم أن الحكم مقصور عليهم أتى بما يدل على العموم فقال: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا} عربكم وعجمكم أهل الكتاب وغيرهم ..."
وما كتبه المؤلف فى تفسير الآيات به عدة أخطاء هى :
الأول أن محمد (ص)وصفه الله بالأمي لأنه من العرب الأمة الأمية التي لا تقرأ ولا تكتب وهو ما يخالف أن نسبه هو إلى أم القرى كما قال " لتنذر أم القرى "
كما يخالف أن من يصفهم بالعرب كان الكثير منهم يقرئون ويكتبون ويخالف أنه لم يرسل للعرب وحدهم بدليل قوله فى الفقرة "عربكم وعجمكم أهل الكتاب وغيرهم"
الثانى أن الآية " قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذى له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيى ويميت فأمنوا بالله ورسوله النبى الأمى " لم يقلها محمد(ص) وإنما موسى(ص) فمحمد(ص) لن يقول فآمنوا بالله ورسوله النبى الأمى وإنما سيقول فآمنوا بالله وبى انا النبى الأمى كما قال الله "وإذ أوحيت إلى الحواريين أن أمنوا بى وبرسولى"
واستخلص الرجل التالى من الآيات فقال :
"ما يستفاد من هذه الآيات الكريمات:
1 - سعة رحمة الله وشمولها لكل شيء
2 - بيان من يستحق رحمة الله وهم المؤمنون بالله وآياته المطيعون لله بفعل ما أمر واجتناب ما نهى والمتبعون لرسوله محمد (ص)المزكون لأنفسهم وأموالهم
3 - أن الرسول محمد (ص)موصوفا في التوراة والإنجيل
4 - أنه (ص)يأمر بكل معروف وينهى عن كل منكر
5 - أنه (ص)يحل جميع الطيبات النافعة ويحرم الخبائث الضارة
6 - أن دينه سهلا سمحا ميسرا لا عسر فيه ولا مشقة
7 - تحريم الخبائث المأكولة والمشروبة المسكرة وغيرها
8 - تحريم شرب الدخان لأنه من الخبائث المضرة بالصحة والدين والبدن والمال وكذلك تحرم قيمته وبيعه وشراؤه لأن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه
9 - فلاح من آمن بالرسول محمد (ص)واتبعه ونصره وخسران من لم يؤمن به ويتبعه
10 - عموم وشمول رسالة محمد (ص)إلى العرب والعجم واليهود والنصارى والإنس والجن
11 - انفراد الله بملك السموات والأرض والتصرف فيهما وتدبير شئونهما
12 - أنه لا يستحق العبادة أحد غير الله سبحانه وتعالى
13 - قدرة الله على الإحياء والإماتة وحده لا شريك له
14 - هداية من اتبع الرسول (ص)إلى مصالح دينه ودنياه
15 - ضلال من لم يتبعه وخسارته
16 - أن الجزاء من جنس العمل في الخير والشر"
والغريب فيما سبق هو اختصاص المؤلف شرب الدخان بالذكر مع أن الله قال كلمة جامعة وهى" ويحرم عليهم الخبائث" فلم يحدد شىء لكثرتها
وتحدث عن فوائد رحمة الخلق مكررا كلاما كثيرا سبق وأن قاله فقال :
"فوائد الرحمة والشفقة على الخلق:
كم في كتاب الله من الآيات وكم في السنة من النصوص المحكمات التي فيها الحث على الرحمة والشفقة على الخلق صغيرهم وكبيرهم وغنيهم وفقيرهم قريبهم وبعيدهم برهم وفاجرهم بل وعلى جميع أجناس الحيوان وكم فيها من الترغيب في الإحسان وأن الراحمين يرحمهم الرحمن والمحسنين يحسن إليهم الديان وأن الله كتب الإحسان على كل شيء حتى في إزهاق النفس من إنسان والحيوان وشرع الله كله رحمة وحكمة وبر وفضل وامتنان لقد وسعت رحمة الله كل شيء وأمر بإيصال المنافع إلى كل حي أما أمر بإعطاء المحتاجين وحث على إزالة الضرر عن المضطرين وعلى الحنو على الصغار والكبار وجميع العاملين؟ أما قال (ص)مرغبا غاية الترغيب في الإحسان «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء؟»وقال «إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته»
أما ندبك أن تعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتحسن إلى من أساء إليك؟ وقال: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم}
أما أباح للمظلوم أن يأخذ حقه بالعدل وندبه إلى طريق الإحسان والفضل فقال: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين}{وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله}
أما أمر الله بشكر نعمه المتنوعة وجعل من أجل شكره الإحسان إلى الخلق؟ قال بعد ما ذكر منته على نبيه بشرح صدره ووضع وزره ورفع ذكره {فأما اليتيم فلا تقهر * وأما السائل فلا تنهر * وأما بنعمة ربك فحدث}
أما حث المتعاملين على أعلى المناهج فقال: {ولا تنسوا الفضل بينكم} وهو البذل والسماح في المعاملة؟ أما شرع عقوبة العاصين وقمع المجرمين المفسدين بالعقوبات المناسبة لجرائمهم رحمة بهم وبغيرهم ليطهرهم ولئلا يعودوا إلى ما يضرهم وردعا لغيرهم؟ ولهذا قال في عقوبة القتل الذي هو أكبر الجرائم: {ولكم في القصاص حياة} وقال بعدما شرع قطع أيدي السارقين صيانة للأموال: {جزاء بما كسبا نكالا من الله} فالشريعة كلها مبنية على الرحمة في أصولها وفروعها وفي الأمر بأداء حقوق الله وحقوق الخلق فإن الله لم يكلف نفسا إلا وسعها
وقال: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} ولما ذكر أحوال الطهارة وتفاصيلها قال: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون}
وإذا تدبرت ما شرعه في المعاملات والحقوق الزوجية وحقوق الوالدين والقرابة وجدت ذلك كله خيرا وبركة لتقوم مصالح العباد وتتم الحياة الطيبة وتزول شرور كثيرة لولا القيام بهذه الحقوق لم يكن عنها محيص ثم من رحمة الله بالجميع أن من أخلص عمله منهم ونوى القيام بما عليه من واجبات ومستحبات كان قربة له إلى الله وزيادة خير وأجر وكان له ثواب ما كسب وأنفق وقام به من تلك الحقوق قال (ص)«إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعله في في امرأتك»
فإذا كان هذا في القيام بمؤونة الجسد وتربيته فما ظنك بثواب القيام بالتربية القلبية بتعليم العلوم النافعة والأخلاق العالية؟ فهذا أعظم أجرا وثوابا قال (ص)«لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم» «وأفضل ما نحل والد ولده أدب حسن» وكذلك رحم الله المعلمين والمتعلمين للعلوم النافعة الدينية وما أعان عليها فالمعلمون جعل نفس تعليمهم أجل الطاعات وأفضلها ثم ما يترتب على تعليمهم من انتفاع المتعلمين بعلمهم ثم تسلسل هذا النفع فيمن يعلمونه ويتعلم ممن علموه مباشرة أو بواسطة فكل هذا خير وحسنات جارية للمعلمين ونفع مستمر في الحياة وبعد الممات قال (ص)«إذا مات العبد انقطع عمله من ثلاث: صدقة جارية أوعلم ينتفع به من بعده أو ولد صالح يدعو له» وكذلك رحم الله المتعلمين حيث قيض لهم من يعلمهم ما يحتاجونه في أمور دنياهم ودينهم ويصبر على مشقة ذلك ولهذا وجب عليهم أن يكافئوا المعلمين بالقيام بحقوقهم ومحبتهم واحترامهم وكثرة الدعاء لهم وعلى الجميع أن يشكروا الله بما قيض لهم ويسر من الأسباب النافعة التي توصلهم إلى السعادة
ومن رحمة هذه الشريعة توصيتها وحثها على الإحسان إلى اليتامى والمضطرين والبائسين والعاجزين والحنو عليهم والقيام بمهامهم وإعانتهم بحسب الإمكان وأوصى الله ورسوله بالمماليك من الآدميين والحيوانات أن يقام بكفايتهم ومصالحهم وأن لا يكلفوا من العمل مالا يطيقون ففي هذا رحمة للمماليك والبهائم ورحمة أيضا للملاك والسادة من وجهين:
أحدهما: أن قيامهم بما يملكون هو عين مصلحتهم ونفعه عائد عليهم فإنهم إذا قصروا عاد النقص والضرر الدنيوي على الملاك ولهذا كثير من الملاك لولا هذا الوازع الطبيعي النفعي لأهملوا مماليكهم وبهائمهم ولكن المصلحة الدنيوية وخوف الضرر على أنفسهم ألجأتهم إلى ذلك رحمة من الله وجودا وكرما
الوجه الثاني: أن الملاك إذا احتسبوا في نفقاتهم على ما يملكون ونووا القيام بالواجب ورحمة المملوك والبهيمة أثابهم الله وكفر به من سيئاتهم وزاد في حسناتهم وأنزل لهم البركة في هذه المماليك فإن كل شيء دخلته النية الصالحة والتقرب إلى الله لابد أن تحل فيه البركة كما أن من أهمل مماليكه وبهائمه وترك القيام بحقهم استحق العقاب ومن جملة ما يعاقب به أن نزع البركة منها فكما حبس وقطع رزق من يملكه قطع الله عنه من الرزق جزاء على عمله وهذا مشاهد بالتجربة وكل هذا من آثار الرحمة التى اشتملت عليها الشريعة الكاملة ولهذا من أوى إلى ظلها الظليل فهو المرحوم ومن خرج عنها فهو الشقي المحروم لقد وسعت هذه الشريعة برحمتها وعدلها العدو والصديق ولقد لجأ إلى حصنها الحصين كل موفق رشيد ولقد قامت البراهين أنها من أكبر الأدلة على أنها من عند العزيز الحميد كيف لا يكون ذلك وأكبر من ذلك وقد شرعها البر الرحيم العليم الكريم الرءوف الجواد ذو الفضل العظيم؟ شرعها الذي هو أرحم بعباده من الوالدة بولدها بل رحمة جميع الوالدين وحنانهم جزء يسير جدا جدا جدا من رحمة الله الذى أنزل بين عباده رحمة واحدة وأمسك عنده تسعا وتسعين رحمة فبها تتراحم الخليقة كلها حتى أن البهائم والسباع الضارية لتعطف على أولادها وتحنو عليهم حنوا لايمكن وصفه فلا يمكن الواصفين أن يعبروا عن جزء يسير جدا من رحمة الله التي بثها ونشرها على العباد فتبا لمن خرج عن رحمة الله التي وسعت كل شيء وزهد بشريعته واستبدل عن هذا المورد السلسبيل بالمر الزعاف والعذاب الوبيل طوبى لمن كان له حظ وافر من رحمة الله ويا سعادة من اغتبط بكرم الله وسلك كل سبيل ووسيلة توصله إلى الله علما وعملا وإرشادا ونصحا ودعوة وإحسانا إلى عباد الله فإنه تعالى لما ذكر أن رحمته وسعت كل شيء ذكر أهل الرحمة الخاصة المتصلة بالسعادة الأبدية والنعيم السرمدي فقال {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون * الذين يتبعون الرسول النبي الأمي}
وقال: {وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون} فذكر تعالى الطرق العظيمة الكلية التي تنال بها رحمة الله والفوز بثوابه ورضوانه وهي الإيمان والتقوى واتباع الرسول وطاعة الله والرسول وتفاصيل هذه الأمور هو القيام بجميع الدين أصوله وفروعه وأعمال القلوب والجوارح وقول اللسان فمن لم يقم بهذه الأصول لن يكون له نصيب من هذه الرحمة الخاصة المتصلة بسعادة الأبد وعلى قدر اتصافه وقيامه بهذه الأمور يكون له نصيب من هذه الرحمة فكما أنه تعالى واسع الرحمة فإنه شامل الحكمة"
وما سبق من كلام معظمه تكرر فى ثانيا الكتاب السابق وهو كلام عام لا يفيد القارىء بشىء مع جمعه كلام من هنا وكلام من هناك ففوائد رحمة الناس بعضهم فى الدنيا هو :
الولاية كما فى قوله تعالى :
"ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم"
وهى بألفاظ اليوم الود والحب أو حتى الاحترام إن لم يكن هناك حب وأما رحمة الحيوان والنبات فلها فوائد دنيوية فمثلا فى الحيوانات الكلاب تحرس الناس وتصيد لهم والنبات يعطى الثمر الكثير وهكذا
وأما رحمتهم للناس وبقية المخلوقات فهى فائدة أخروية وهى دخول الجنة
وتحدث عن سبب دخول الجنة فقال :
" ومن حكمته أن الأمور متعلقة بأسبابها وطرقها والأسباب ومسبباتها كلها من رحمة الله قال (ص)«لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله» قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل» متفق عليه "
والحديث مخالف لما فى القرآن من كون دخول الجنة بعمل الإنسان كما فى قوله تعالى :
" وتلك الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون"
فرحمة الله هى أنه أوجب إدخال الإنسان الجنة بعمله حيث أوجب على نفسه العفو عن السيئات وقبول الحسنات كما قال :
"وهو الذى يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات"
ثم قال :
"وقال (اعملوا فكل ميسر لما خلق له) ولهذا على العبد أن يشكر الله على الخير والثواب ويشكره على التوفيق لمعرفة الأسباب وسلوكها التي رتب عليها الثواب قال تعالى عن أهل الجنة {الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله} وفي الحديث الصحيح يقول الله: يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم وهذا يشمل الهداية العلمية والهداية العملية وقد أمرنا الله أن ندعو في كل ركعة من ركعات الصلاة بحصول هاتين الهدايتين في قوله {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين}
تنبيه: كثير من الجهال اعتمدوا على مغفرة الله ورحمته وكرمه فضيعوا أمره ونهيه ونسوا أنه شديد العقاب وأنه لا يرد بأسه عن القوم المجرمين
وأعظم الخلق غرورا من اغتر بالدنيا وعاجلها فآثرها على الآخرة ورضي بها بديلا من الآخرة وهذا من أعظم تلبيس الشيطان وتسويله وينبغي أن يعلم أن من رجا شيئا استلزم رجاؤه ثلاثة أمور:
أحدها: محبة ما يرجوه
الثاني: خوفه من فواته
الثالث: سعيه في تحصيله بحسب الإمكان
وأما رجاء لا يقارنه شيء من ذلك فهو من باب الأماني
فحسن الظن بالله إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة كما قال تعالى: {إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم} فانظر كيف قدموا أمام الرجاء الإيمان والهجرة والجهاد في سبيل الله وقال تعالى: {إن رحمة الله قريب من المحسنين} أي المحسنين في عبادة الله المحسنين إلى عباد الله ولم يقل إن رحمة الله قريب من العصاة والفسقة والملحدين وقال تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون * الذين يتبعون الرسول النبي الأمي} فهؤلاء المؤمنون المتقون لله بطاعته وترك معصيته المتبعون لرسوله محمد (ص)هم أهل رحمة الله"
رجاء رحمة الله الذى تحدث الرجل عنه هو مقيد بطاعة الله وحسن الظن به
اجمالي القراءات
4244